أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البقالي - الجحيم الأن














المزيد.....

الجحيم الأن


عبدالله البقالي

الحوار المتمدن-العدد: 920 - 2004 / 8 / 9 - 08:41
المحور: الادب والفن
    


كم سنة مرت به وهو هنا ؟ و أي شئ مهول ذاك الذي كان ثمنه أحلى سنوات عمره ؟ حلم سرمدي أم سراب خادع ؟..وهم تستر بجلالب الواقع أم حقيقة شقت طريق المستحيل ؟
يتساءل , يمارس وظيفته الوحيدة التي امتهنها منذ عقود خلت والمقرونة دوما بقياس مختلف المسافات لأبعاد المكان. وحدة القياس تختلف كل مرة .فحينا تكون خطوة قد تطول أو تقصر , و أخرى باطن قدمه أو راحة يده أو أنامله...
عملياته تلك جعلته على دراية تامة بأدق تفاصيل المكان دونما حاجة الى الكوة الضيقة المنتصبة في أعلى الجحر , و التي ان كانت قد ضنت عليه بالنور , فقد جادت عليه بالبرودة او الحرارة والحشرات .الا أنه مع ذلك فقد كان لهذه الأشياء دورا مهما . فعلى الأقل كانت تمكنه من معرفة تعاقب الفصول في العالم الخارجي .لكن ماذا يفيذ ذلك ان كان عمره بشطريه المنصرم والمتبقى قد صودرا منه . و أنه عاش فيما يعاش أياماو سنوات مزيفة ؟
صوت مرتل سورة الكهف يأتيه خافتا على غير عادته و يقطع حبل تفكيره. من المخطئ ؟..لقد واظب هذا القارئ على ترتيل هذه السورة في نفس التوقيت من صبيحة كل يوم جمعة على امتداد عشرين سنة لكن في تلك اللحظة لم يكن قد انقضى أسبوع بكامله على ترتيل المرة الأخيرة ..
ينتابه الشك ..ينادي زميلا له في جحر مجاور .يكرر النداء ثانية وثالثة ورابعة .. تنطلق صيحات التأبين من جحور متفاوتة البعد . يقرفص تحت الكوة و يخترق نفقا مداه عشرين سنة من الظلمة و الرهبة والخوف .يعبره السؤال . كم كانوا في البداية و كم صاروا الآن ؟....
انه يستطيع أن يتذكر بتجل تام أن الرحلة كانت في بدايتها مغرية
رياح المد كانت تعصف يقوة اتجاه الشطآن. كان من السباقين الذين جروا إلى هناك . أبهرته الأمواج العاتية . كانت محتلفة تلك المرة . فيها مزيج من الألوان و غن كان الأحمر يغلب عليها .

ااقترب أكثر ..شدته اليها .. أمعن النظر ..رأى على بسائطها انعكاسات لصور شتى .أطفال متحلقون حول صحون فارغة ..سلالم بلا أدراج..راكضون اتجاه خط وصول وهمية ..
لمس الموج , تحول الى بساط , ركبه .لم يكن وحده
.رجالا عتاة كانوا .في عيونهم كان أمل وعلى محياهم عزم و اصرار وفي جوفهم ظمأ راكمته الدهور .
انطلقوا مع الموج الكاسح . مجالات كثيرة اخترقوها ..قلاع وحصون ..حدران وأسلاك..جميعها تهاوت وتلاشت . وفي غمرة الزحف انفتحت أفواه أسطورية انصبوا داخلها مع الموج الزاحف ليفرغوا في النهاية في صقع لم يكونوا وحدهم من جهلوا موقعه . أشياء مريعة مرت بهم في رحلتهم التي امتد مسارها عبر تقاطع الوجود والعدم . سئلوا عن أشياء كثيرة ..عن علاقتهم بالبحر ..عن اجتياح الموج للقلاع والقماقم ..لم يجيبوا بشئ لأنهم لم يعرفوا من كان السباق لعشق الآخر هم أم البحر ؟
صيحات التأبين ترتفع من جديد ..سقط مرتل سورة الكهف ..وقف ينظر الى انهيار تحصينات ما عادت قادرة على الصمود في وجه سؤال ملح . ماذا يفعل المقاتل حين يصاب في معركة ؟...هل ينزوي لركن آمن يضمد فيه جراحه و يتحسس المنفذ الذي قد يتسرب عبره الموت ، أم يتابع القتال بشراسة و ضراوة بلا مثيل ..؟هل يتمكن منه نداء الحياة ويسحبه الى الخلف حيث وجوه يحبها تقف في انتظار عودته ، أم أن الاحساس بالألم يحوله الى ثور هائج يدفعه باصرار نحو متاريس عدوه باحثا عن طلقة رحمة ..؟ أي النوعين هو ا ذن ..؟
يتوقف عند منتصف الجحر شاخصا ببصره في الجدران . قلبه يخفق بشدة ..أنفاسه تتلاحق بسرعة .. دماؤه تفور . ثور هائج هو اذن . أين متاريس عدوه ؟.. انها تبدأ من هنا , من هذا الجدار . يتجه صوبه , يهوي عليه بملء يديه , يضرب ويضرب ويضرب .. تخور قواه , ينهار ملتصقا بالجدار مردد ا بلوعة ..
ارجوكم . فتحوا أبواب الجحيم كي ألقي بنفسي فيه ... افتحوا أبواب الجحيم كي أنصهر في حممه .. افتحوا .. افتحوا .. افتحوا ..
صوت هادئ يأتيه عبر الكوة . آسفون .. لم نبخل عليك بشئ .. ليس لدينا أكثر مما أنت فيه الآن .. انك في أعلى مراتب الجحيم



#عبدالله_البقالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هزم غيوم .الحياة أم الأحياء؟
- حزيران مرة أخرى


المزيد.....




- جينيفر لوبيز تحدثت عن زياتها للسعودية وكواليس دورها بفيلم Un ...
- من منبر مهرجان مراكش.. الممثل الأميركي شون بن يفتح النار على ...
- ورد الطائف يُزهر في قائمة التراث العالمي لليونسكو والحناء تل ...
- معرض العراق الدولي للكتاب يستقطب الشخصيات الثقافية والرسمية ...
- فايزة أحمد الفنانة الجريئة التي مُنعت أشهر أغنياتها لأكثر من ...
- صور| إبداع فوق الخشبة: طلبة معهد فنون الكرخ يتألقون في معرض ...
- دار مزادات ألمانية تعرض لوحة فنية -فارغة- بمليون ونصف دولار! ...
- -الشتاء في ضواحي موسكو- يقدم مواعيد عروضه الجليدية
- لماذا يتقاتل البشر؟ سوسيولوجيا الحرب والعنف وصعود الوحشية ال ...
- صور| إبداع مسرحي في معرض العراق: تربية الكرخ تُبهر الزوّار ب ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البقالي - الجحيم الأن