أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البقالي - أوراق على الرصيف














المزيد.....

أوراق على الرصيف


عبدالله البقالي

الحوار المتمدن-العدد: 1516 - 2006 / 4 / 10 - 05:15
المحور: الادب والفن
    


خفت الاصوات و بهتت الألوان , ووجد الناس طريقهم الى الهدوء بعد ان كانوا لمدة حطبا لذلك السعير . وبدا أنه من الممكن عبور الشارع دون أن يقتحم عالمك شخص ما مصر على أن تتسلم منه ملصقا أو فاتحا نقاشا يهدف من خلاله الى تلميع صورة شخص ما ساكبا عليها أكبر قدر من المساحيق , وملصقا به مناقب عظيمة يقسم أنها ضمانا للالتزام و الوفاء
لكن و مع كل هذا فلا يبدو أن الأمر قد استقام كليا . فثمة أشياء توحي بأن هناك مخلفات ستظل مستحكمة في علاقة الناس , تشهد بذلك التجمعات المتناثرة في شكل حشود من بقايا الفصل الانتخابي . تذكي حرارة حواراتها أحاديث و أسرار تشق طريقها الى العلن موزعة شواهد النباهة أو الغباء على هذه الجهة أو تلك
في هذا الجو تخبطت ذلك الصباح ملتمسا مسلكا يفضي بي الى ما يشبه مقهى في مكان معزول . استطلعت المكان و جلست . انتهى الى مسمعي صوت لم يكن غريبا عني قائلا
أما زلت تومن أن المساحات المكشوفة هي الأكثر أمن ؟
استدرت للخلف . طالعني الوجه النحيف و الانف النافر , لكن أجفانه صارت عميقة و كأنها تحمل ما تعاقب من نكسات . وشعره ما عاد فاحما كليل شتوي , بل اخترقه الشيب كاختراق الشكوك للقناعات .ونظرته ما عادت تنطق بذلك الاصرار و الحماس
تصافحنا بحرارة . تأملني و قال محتفظا بابتسامته المعهودة
عن أي شئ جئت تبحث في هذا المكان الهامد ؟
قلت بانفعال باد : أنا مكروب , و العالم حولي ضاق , وقلبي ماعاد يجد شيئا يخفق من أجله
رمقني صديقي بنظرة ذات معنى و قال : وهل كان من قبل يجد هذا المبرر ؟
لا من قبل كانت الاشياء واضحة . لم يكن صعبا على المرء أن يفرق بين قاطرة تتحرك و تمضي بركابها قدما الى الامام لتفاجئ الأزمنة و العصور في مهدها , وبين أخرى تمتص حرارة ركابها ثم تفرغهم حيث كانوا عند بداية التاريخ
اتسعت حدقتا محاوري الى أقاصيها ثم قال
لكن ماذا فعلت كي لا يحدث ذلك ..؟ أكنت نائما فلم تقرأ الاشارات ..؟ هل كنت مخدرا فاختلطت عليك الصور ..؟ أم كنت مكبلا فلم تنتفض و لم تجر الى حيث القاطرة لتغير المسار ..؟
زممت شفتي , تأملت محاوري مليا و أجبت : أتتوخى حقا ان أجيبك ؟ ..عجبا .. ألم تكن أنت من ركاب ذلك القطار ؟.
ابتسم محاوري وقال : لا زلت كسابق عهدي بك . دائما تحاول اشراك الآخرين المسؤولية ليكون نصيبك منها بسيطا . أتعرف أن هذا من بين ما جعل القاطرة تدبر ؟
قلت بنوع من التاكيد و دون ان ينهي كلامه : لا .. بل لن مثل تقوقعك في الخلف لاحتراف تفصيل ما مضى لهو سبب أعظم
ابتسم محاوري من جديد و قال : دعنا من هذا الآن . كيف ترى الامور الآن ؟
تريثت قليلا لأتحسس وجهة النقاش المقبلة و قلت : كل شئ يبدو مثلما توقعته
لم أفهم
ربما لأنك لا تريد ذلك
أممكن ان نتحدث بوضوح ؟
أتصدقني ان قلت أني لا أجد رغبة في الكلام ؟
لماذا ؟
سادت لحظة صمت طويلة ثم أجبت : اسمعني جيدا . أنا ان لم أجد هذا الحافز فلأن المساحة ضاقت . و الاحلام التي داعبت المخيلة طويلا قد فقدت ذلك المغناطيس الذي كان يجذب الكثيرين اليها . لقد اختلطت الاوراق فلم يعد بالامكان معرفة ما ان كانت الرهانات قد تصدات بفعل التقادم , أم لأن مريديها قد بلغوا مرحلة العقم من غير أن يعوا ذلك ..؟ هل الدافع الداخلي الذي يرمم القناعة شل مفاعله أم أن الخطأ ابتدأ قديما حين حول الانسان الى مجرد جهاز استقبال يعمل بآلة تحكم سريعة العطب ؟
امتقع وجه محاوري و أجاب بانفعال ظاهر : أراك تتحدث بلهجة واثق يمتلك الحقيقة . لكن قل لي قبل ذلك . كيف استنتجت هذا ..؟
أجبت محاولا حسم الموضوع : أرجوك , لا أريد أن أضيف أكثر . أنا متأكد من أننا لن نصل لشئ , وكيف يمكن ذلك و عقود من الجدالات تشهد اننا انتهينا الى الفراغ . وبصراحة أقول ما عدت راغبا في خوض السجالات . ما اقتنعت به هو أن الأمر قد مضى بعيدا , و أن الكثيرين مثلي و مثلك ما عادوا غير أصداف متناثرة هنا و هناك تشهد على أن موجة من مد عنيف قد مرت ذات يوم من هنا
ارتسم الاستنكار على محيا محاوري وقال : كيف حصرت العطب في اللواء الذي استظلت به ..؟ لماذا لا يكون في اليد التي حملته ..؟ثم كيف تقبر احلامك بهذه الجرأة في حين أن القليل منها يستطيع أن يوقد الكثير من الشموع في هذا الليلا الدامس ..؟
بهدوء يعكس قناعة تترسخ عقبت : لا اعتقد أن الامر يتطلب شجاعة أو جرأة بقدر ما يتطلب عيونا جاحظة و كثير من الهدوء و الحكمة , و أيمان ينمو في الداخل كالأزهار . ساعتها سيكون في وسع اي راكب في القطار اصلاح أي عطب
هممت بمغادرة المكان , أتاني صوت محاوري آمرا : توقف ..ان بحثت عني ثانية فلا تأت الى هذا المكان الجامد . وعليك ان تعرف أن الأفكار الكبرى ليس في وسع متشكك مثلك أن ينال منها , و أنها ليست في حاجة الى مرتزقة كي تستمر و لا الى مأجورين كي تعلو اعلامها . وعليك أن تعي أن أبشع موت يمكن أن يموته الانسان هو حين يتمكن الزيف من اجتياح أصالته






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: السي الخمار و الديمقراطية
- صور وصور -الى كل النساء في عيدهن الأممي .
- قصة قصيرة : سور العاطلين
- السينيما
- الإمتحان الشفاهي
- فقر وغنى
- قصة قصيرة: حفلات و أزمات
- الجحيم الأن
- من هزم غيوم .الحياة أم الأحياء؟
- حزيران مرة أخرى


المزيد.....




- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البقالي - أوراق على الرصيف