أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البقالي - السينيما














المزيد.....

السينيما


عبدالله البقالي

الحوار المتمدن-العدد: 1439 - 2006 / 1 / 23 - 09:22
المحور: الادب والفن
    


أتعرف ماذا كان يعني في تلك الطفولة البعيدة أن تسمع الاطفال يتصايحون وهم يركضون على ذلك الشارع المآكل ..السوليما..السوليما ..السوليما ؟
لقد كان يعني أن يدا تمتد من الغيب لتبطق بمنتهى القوة على تلك الرتابة المهيمنة على الحياة في القرية . ومن غبارها المتصاعد ، يتشكل جسر متين يمتد الينا الى ذلك الصقع القصي من العالم ليربطنا به .فنغوص للحظات بعيدا عن حياة الشقاء المصرة على تلوين الحياة بكل الالوان القاتمة. ونسترخي منتظرين أن تدب الحرارة في أحاسيسنا المحنطة ، وندعوها كي تلتقط بتركيز بالغ كل ما سيتناهى اليها بعد حين من أصوات وصور وأحاسيس لتختزنها بعناية ،و لتعيش عليها شهورا أو سنوات و تلجأ اليها كلما ازدادت الحياة قتامة .
هكذا كنا نترك أي شئ مهما تكن العواقب ونجري منجذبين بذلك الصوت الهائل المنبعث من مكبر ضخم مثبت على السيارة التي كانت تجوب الاحياء داعية الى حضور السهرة .مشكلين قافلة من الاطفال تلاحق االسيارة أينما حلت
لم نكن وحدنا من يفعل ذلك . حتى الكبار كانوا يجرون ، لكنهم كانوا يقومون بذلك فقط في الطرقات الفرعية التي تنتهي بالاطلالة على الشارع الكبير .ولم يكونوا ليجرؤوا على الركض خلف السيارة مباشرة ، الا اننا مع ذلك كنا نحس أنهم يشاركوننا الركض
وحتى لو فعلوا ، فلم يكن الامر ليثير استغرابا . فحدث مثل السينيما كفيل بتهميش كل شئ بما في ذلك الصراع المتوارث مع الغرباء أبناء الجنود المقيقمين في الثكنة العسكرية التي كانت من قبل حصنا للجيوش الفرنسية . اذ في مناسبة كهذه يستطيعون دخول الاحياء دون خوف من أن يعترضهم أحد.
احساس مفعم بالسلم و الامن يلف القرية وهي تفتح رئتيها لتتنفس بعمق ، وليدب في أوصالها هواء طري . لحظة تسبق ميلاد قصص وحكايات يحكيها أناس يقفزون فجأة الى الواجهة ، يصنع تألقهم قدرتهم الفائقة على رسم الذهول و الاندهاش على ملامحنا عبر حكاياتهم لأبطال افلام شاهدوها في اماكن لانعرفها
يبدأ العد للعرض ، وفي انتظار ذلك نقوم برصد كل كبيرة و صغيرة ، ابتداء بالتعرف على المكان ومتابعة نصب الشاشة الكبيرة ، الى تشغيل المحرك الذي يمد آلات العرض بالطاقة
لكن أروع الصور كانت أن تنظر من بعيد الى تلك الشاشة الضخمة المؤطرة بحواشي سوداء . كثيرون كانت تبدو لهم بيضاء ، لكننا لم نكن نجدها كذلك
كانت رحما يعبد الطريق الى الصيرورة . دعوة لتعريةالخرافات وتجريد " الغول" من جبروته الذي طالما أخرس احتجاجات طفولة على عقم محيط لم يمنح لها مكانا فيه .اكسيرا ينفجر عبر المسام ويفتح للجسدا معبرا كي لا يختنق
يبدأ العرض . ننطلق مغادرين المكان و الزمان مخترقين مسارات تستدعينا بالحاح لنجوب مجاهلها . مكتشفين عبر كل لمسة حنونة او همسة موحية ان الحياة ليست عدا تنازليا ينتهي بالموت فقط . بل هي سكة يعبرها على عجل قطار مثقل بترسبات احلام مثقلة بهدم التباين.
رحلة طويلة لم يكن يستردنا منها سوى ان تتخذ الشاشة لونا ابيض . لكننا كنا نظل مسمرين في اماكننا متمنين لو يستمر العرض ممتدا لآخر العمر .
نغادرنا الاماكن ، يمضي كل واحد في سبيله ، لكننا بشكل ما كنا نجد انفسنا نمضي في مسار واحد يفضي بنا الى اسئلة لم نكن نجد ما نداري بها مرارتها سوى كوننا كنا لا نزال نستطيع ان نحلم
حلم مصدر دفء لأجسام تتخبط في صقع حتاج الى الكثير من الحرارة كي تدب فيه الحياة
الأن وانا انظر الى هذه الوقائع التي تئن تحت حمل ثقيل من الوقائع التي تراكت فوقها في الذاكرة يهولني التحول المورع الذي تلاحق بسرعة.
الناس تساءلوا لم لم تعد السينيما . لكنهم الان يدركون ان الرحاب تحولت الى شاشة كبيرة . و الاحياء الذين يجوبونها تحولوا الى ممثلين يؤدون أدوارا متفاوتة الاهمية ، تحضر فيها كل انواع المهارة و الفنية و يغيب فيهاالشئ الاساسي في الانسان
زحف يتقدم كل يوم مساحة كتقدم اعصار ، ليجتث كل ما يرتفع من الارض ولا يخلف غير الدمار
شلال ينسكب في دواخلنا . في انحداره يجرف كل شئ . ويخلف هياكل بلا بصيرة . فهل لنا اليوم ما نتحصن به من هذه السينيما غير أحاسيس ايام السوليما ؟



#عبدالله_البقالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإمتحان الشفاهي
- فقر وغنى
- قصة قصيرة: حفلات و أزمات
- الجحيم الأن
- من هزم غيوم .الحياة أم الأحياء؟
- حزيران مرة أخرى


المزيد.....




- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البقالي - السينيما