أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البقالي - الإصرار و الترصد














المزيد.....

الإصرار و الترصد


عبدالله البقالي

الحوار المتمدن-العدد: 1533 - 2006 / 4 / 27 - 10:35
المحور: الادب والفن
    


إلى العامل المغربي المهاجر الذي حكم بثمانية عشر سنة سجنا بسبب لونه الاسمر.
يوم ضاقت رحاب الوطن من أن تسع حلمه البسيط، ركب البحر. نظر طويلا
بعينيه اللتين اكتسبتا لونهما من زرقته الى الجزء المتبقى من الوطن متوقعا أن يناديه قائلا : تعال ... ارجع ... كنت مازحا. كيف أضيق ممن تسع قلوبهم أرجائي المترامية الأطراف و لا أسع أحلامهم ؟
لم يحدث ذلك.دمعت عيناه وهو يرى اخر شبر من الوطن يتوارى خلف امتداد حدود البصر. نظر إلى الامام. رأى حلمه يسابقه و يختفي هناك . في بلاد الضباب و العنصرية و القتل المباح.
لم تحبطه الشرائع التي فصلت على قده . لم تعقه الحواجز التي تتكاثف كل يوم لإقبار أحلام البسطاء أمثاله.ثم لم يعرف من أين تماثلت أمامه صورة الشيخ "بوشتى " الذي وجد نفسه تخاطبه .
" رحماك يا شيخ. لم تكن شجاعا. بل لم تكن متبصرا بما فيه الكفاية. كنت واهما يوم اعتقدت أنك ستنصف حين تضحي بأحلامك الشخصية من أجل أحلام الوطن.أثنوك عن عزمك و قالوا:
الوطن في حاجة اليك يا بوشتى .
الوطن يستغيث بسواعدك القوية يا بوشتى .
لا تصم أذنيك عن نداءات الوطن يا بوشتى .
صدقت يا شيخ أو أرغمت نفسك على التصديق.بعدها ماذا صرت ؟ حطابا، وحين تلاشى ما تبقى من قوتك صرت متسولا .
لا تقل شيئا . لقد قرأت كل شئ في عيونك . ومن أجل ذلك .
سأمضي
سأحتمل
العيون التي ستنظر الي بريبة كلما طالعها وجهي . والقناص المتغطرس الذي سيتربص بي الدوائر.والأيادي التي سرقت منا بلا حساب و التي ستنعتني بالسرقة بالرغم من أن العرق الذي سيتصبب مني سينشف قبل أن اصرف الأجر الذي سأحصل عليه ".
يختفي و في الجهة الأخرى يظهر . متسكعا مجهول الأصل ، منبوذا يبحث عن تبن ،مهزوما مهوسا برد الاعتبار .
يبحث . في دروب التسكع. في سلال الاهمال.في فضاءات الضياع عن أشياء بخل عليه بها الوطن. البنادق صارت تبتغيه هدفا. و دمه صار بركا و غدرانا لمن يدعو للنقاء و التطهر.وقف في حيرة بين خيارين.اذلال الآخرين أم مهانة الوطن ؟
كان يقص عشب الحديقة حين أتوا.ساقوه و مضوا.حينها رأى شكلا من أشكال الوطن.أوقفوه عند منتصف ساحة نشر عليها قميص ملطخ بالدم. تحلقوا حوله.الأيادي تنعته.الشفاه تصرخ و تتوعد.سأله سائل : من أنت أولا ؟
ـ أنا ؟...أنا شئ ضاع من جوهر .
ـ لم أتيت الى هنا ؟
ـ لا أعرف،مثلما لا تعرف الفراشة لماذا تنجذب الى نور سيراج أو لهيب نار
ـ لكنك لست فراشة،أنت قد تكون صقرا ما دمت تذبح كل سنة كبشا؟
ـ لاصقرا ولا نسرا.أنا شخص بسيط وجد نفسه ذات صباح بعد أن لاح نور الفجر في الأفق أنه أتى الى هذا العالم.كبرت . خطوت خطواتي الأولى خارج البيت.تعرفت على أقران. كنا نلعب.نحول علب السمك الفارغة الى سيارات،نجرها بخيوط و نحدث ازيزا بأفواهنا. نبني منازل من طين. نصنع عرائس من قصب. ويوم كبرت،عرفت أن مشوار حياتي قد حددته أحلام و ألعاب الطفولة. جريت وراءها في كل الدروب،طفت كل الآفاق.كنت أقع. أقوم.أمسح العرق و أطوي سجلات الخيبة. وتحولت حياتي الى فتح و طي الصفحات عوض كتابتها.وفي كل الدروب التي سلكتها لم أر وجها للوطن.
ـ لا يهني شيئا من كل ما قلت،أنا أسألك بالتحديد. لم أتيت الى هنا ؟
ـ انتظر قليلا وستعرف أنك لست بريئا كما تتظاهر .
ـ هيا،أوجز.
ـ في يوم شديد القيظ ، كنت جالسا تحت ظل شجرة. هناك مر بي شيخ مسن و حكى لي قصة مثيرة عن ثروة جدي الذي صادرها منه أحد أسلافك. لحظتها رأيت أحلامي تمزق صدري و تعلو في الفضاء و تطير متخذة منحى شماليا. جريت وراءها بكل قواي حتى لا تغيب عني فأتلفها.لا أعرف كيف قطعت البحر.هل ركبت قوارب الموت ؟ هل استعملت عصا موسى ؟ المهم أني يوم نظرت للأرض وجدت نفسي هنا.
ـ تبرير سخيف لتجاوزات خطيرة. كنت سأراهن بأي ثمن على أنك كنت ستقول هذا الكلام، دائما نفس خطاب من سبقوك و من سيأتون بعدك.
ـ لا ،التجاوزات التي تمت كانت في حقنا. لقد نكبتمونا يوم كنتم هناك و الآن و أنتم تهدفون لأقباري بتهم باطلة. لكن لن يكون ذلك سهلا ـ اصمت أيها القذر و سنرى ما في امكانك أن تفعل و أنت تقضي بقية عمرك في الظلمة.
تعالى صياح و صفير المتحلقين،و امتقع وجه المحقق.أما هو فقد استدار جهة المتحلقين و قال لهم " شكرا لكم، ما يهمني الآن هو أن تعرفوا أن دماءكم ستستعمل حبرا لكتابة التمائم و التعاويذ عندما يجف دمي.



#عبدالله_البقالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 1/4رباعية الخبز:الخبز الأبيص
- أوراق على الرصيف
- قصة قصيرة: السي الخمار و الديمقراطية
- صور وصور -الى كل النساء في عيدهن الأممي .
- قصة قصيرة : سور العاطلين
- السينيما
- الإمتحان الشفاهي
- فقر وغنى
- قصة قصيرة: حفلات و أزمات
- الجحيم الأن
- من هزم غيوم .الحياة أم الأحياء؟
- حزيران مرة أخرى


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البقالي - الإصرار و الترصد