أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي عبد الجليل - لا أَخطاءَ في القُرآن: كلمة بخصوص كِتاب «أخطاء القرآن الكريم» لسامي الذيب















المزيد.....

لا أَخطاءَ في القُرآن: كلمة بخصوص كِتاب «أخطاء القرآن الكريم» لسامي الذيب


محمد علي عبد الجليل

الحوار المتمدن-العدد: 6850 - 2021 / 3 / 25 - 14:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أَدَّت جهودُ سامي الذيب في تَـتَـبُّـع ما يُـسَـمَّى بِـ«أَخطاء القُرآن» إلى إحصاء حوالي ٢٥٠٠ «خَطَأ» لُغَوي وإنشائي في القرآن، وقد صنَّفها ضِمنَ الأنواعِ التالية: ١)-الإبهام (نقيض البلاغة)؛ ٢)-الأخطاء الإملائية (كتابة الكلمة الواحدة بطرق مختلفة)؛ ٣)-أخطاء النُّسَّاخ واختلاف القراءات (نزول القرآن على سبعة أَحرُف)؛ ٤)-استعمال كلمات بغير معناها (التضمين [inclusion, insertion, connotation])؛ ٥)-ترتيب معيب لعناصر الخطاب (التقديم والتأخير [anastrophe])؛ ٦)-الالتفات [énallage]؛ ٧)-تناقض في النص؛ ٨)-الحشو واللغو (التذييل، الحفاظ على القافية)؛ ٩)-النواقص (ثقوب في النص سُمِّيَت «الـحَذف والتقدير»)؛ ١٠)-عدم الترابط والـخُـلُوّ من علامات الترقيم (تقطُّع أوصال الآيات)؛ ١١)-تقطيع معيب وعبثي في الآيات (عدد آيات القرآن المتداول في مصر والسعودية ٦٢٣٦ آية، بينما عدد آيات القرآن المتداول في السودان ٦٢٠٤ آية).
قد تكون جهود سامي الذيب في إحصاء «أَخطاء» القرآن مفيدة من الناحية الاجتماعية إذ يمكنها أَنْ تُـحَرِّكَ عُقولَ بَعض الـمُسلمين لإعادة النظر والبحث جَـدّيًا في القرآن.
لكن الأهمية الكبرى لإحصاء هذه «الأَخطاء» تأتي مِن كَونِها تَكشِف الفَوارقَ بين عربية القُرآن (كلُغة ضِمن «اللِّسان العربي» الجامع) وبين العربية الـمِعيارية الرسمية الـمُـسَمَّاة بِـ«الفُصحى» (كلُغة أُخرى عابرة للَّهَجات ضِمن «اللِّسان العربي» الجامع) (ولُغة القُرآن واللّغة الفُصحى [النحويَّة] هُما لُغتانِ تُوضَعانِ في مُقابل «العامِّـيَّات» أو «اللَّهَجات الدارجة»، أو «اللُّغات» بالـمُصطلَح القديم). وبالتالي فَـ«أَخطاء القُرآن» في الحقيقة ليست أَخطاءً بقدر ما هي انحرافاتٌ وانحيازات وفوارقُ واختلافاتٌ (écarts) عن العربية المعيارية. ورُبَّـما كان من الأَدَقِّ تسميتُها «لامِعياريَّات القُرآن» أو «الـخُصوصيات اللَّهَجاتيَّة» في القرآن. لأنَّ كلمة «أَخطاء» مُـحَـمَّلة بمعنى سلبي وإشارة إلى أنَّ هناك صواباً ينبغي الالتزام به.
إنَّ مُلابَساتِ صناعة القرآن وبيئتَه وأهدافَه وخلفياتِه الفكريةَ والاجتماعيةَ وتاريخَ تطوُّرِه تختلفُ كُلِّياً عن مُلابَسات صناعة العربية وبيئتها وأهدافها وخلفياتها الفكرية والاجتماعية وتاريخ تطوّرها. فالقرآنُ هو نوعٌ مِن تعريبٍ بتصرُّفٍ لنصوصٍ غيرِ عَرَبيَّة (سِريانية وعِبريَّة) محتفظاً بجذور كثير من الكلمات ومعانيها وبالشكل النصي والصوتي (آيات مسجوعة لِهدف تَرتيليّ طَقسيّ تَعَبُّديّ). ومَن بَدَأَ بهذه الترجمةِ "الركيكة"، الإشكالية، الغامضة وبالتالي البوليسيميائية [مُـتعدِّدة المعاني، ذات الوجوه والنَّظائر] (قَبلَ صِناعة "الإسلام" كَدِين مُستقلّ وقبل صناعة سِيرة محمد بل رُبَّـما قبل ظهورِ الشخصيات الـمرجعية التي أُخِذَتْ مِن سِـيَـرِها التاريخيةِ بعضُ عناصرِ السيرة النبوية الحالية) هُم على الأرجح مجموعةٌ من كَهَنةٍ يهود ناصريين من بيئة شامية (بلاد الشام وخاصة سوريا الحالية والأُردُنّ). وكانت هذه الترجمة العربية البدائية ذات التأثُّر السرياني والعِبري موجَّهة على ما يبدو للوثنيين العرب الشاميين [في سوريا الطبيعية] وللمؤمنين الجُدد حديثي العهد بالوثنية لإقناعهم بعقائدَ مسيحيَّةٍ غيرِ رسميَّةٍ (ربـَّما مونوفيزيّة تؤمن بالطبيعة البشرية للمسيح أو نسطورية) وليس لإقناعهم بدين الإسلام الّذي تشكَّلَ لاحقاً.
فالقُرآن، مَثَلاً، استخدَمَ كَلِمةَ «الصلاة» [وكتبها «ٱلصَّلَو ة»] استخدمها بحسب الـمَعنى الآرامي لا العربي، لأنَّ الـجَذر العربي للصلاة («صلا»/«صلو»/«صلي») يَعني الشِّواء والـحَرق وليس طَقس الصَّلاة، فالعَرَبُ كانت تُسمّي «الصلاة» دُعاءً. كما أنَّ القرآن استخدم كلمة «حَجّ» (وحتَّى كلمة «عُمرة») على الـمَعنى الآرامي والعِبري الَّذي يَدُلّ على طَقس زيارة المقدَّس، في حين أنَّ جَذر «الحجّ» العربي (حجج) يُشيرُ إلى الـجَدَلِ والـخُصومة والـحُجَّة وقَطْعِ العَظْم واستخراجِه، ثُمَّ أَشارَ فيما بَعدُ إلى الـمَجيء [القُدوم] والقَصد. واستخدَم القُرآنُ «الزَّكاة» بالمعنى الآرامي لا العربي [وكتبها «ٱلزَّكَو ة»]، لأنَّ الـجَذر العربي «زَكَا»/«زكو» يَعني «زادَ ونَـما وطابَ». فَلَيسَ خَطَأً إِذَنْ كِتابةُ كَـلِمَتَيْ «الصَّلاة» و«الزَّكاة» بِهذا الشكل: «ٱلصَّلَو ة»/«ٱلزَّكَو ة» وَاستِخدامُهما بالمعنى الطقسي للصلاة والزكاة لا بمعنى الشَّوي والنَّماء. كذلك فإنَّ الكلماتِ المؤسِّسةَ الناظمةَ للنص القُرآني («قُرآن» و«سُورة» و«آية») هي كلمات ليست عربية الجذور. وبالتالي يمكن اعتبار عربية القرآن سريانية مُعَرَّبة.
بينما عربية النُّحاة («العربية» المعيارية) كانت نوعًا مِن لِسان مُشترَك [لُغة مشترَكة] بين عِدَّةِ جماعات لُغوية عربية تَـمَّ تَقعيدُها بعد ظُهور الإسلام اعتمادًا عَلَى مَبدأَيْ الفَصاحةِ الأَساسيَّينِ، وهُما: ١الوضوح لأكبر عدد من المتكلمين [وبالتالي الخَلط والانتقاء]، ٢والصفاء والنقاء مِـمَّا لَيسَ بِعَرَبيّ. وكان القُرآن على الأَرجح مَرجِعًا غيرَ أَساسيّ مِن مَراجعِ تَقعيدِ "العربية"، أيْ مَرجِعًا ثانويًّا في فَصحَنةِ لُغةٍ عابرةٍ لِـلَـهَجاتٍ غَيرِ مَحَلِّيّة.
إنَّ عربيَّةَ القُرآنِ هي لِسانٌ عَرَبيٌّ مَشرِقيٌّ "مُــتَــسَــرْيِــنٌ" [ذو صِبغة سِريانية] و"مُـتَـعَـبْـرِنٌ" [ذو صبغة عِبريَّة] يُخالِف في أحيان كثيرة مَـبدأَيْ الفَصاحةِ اللَّذَينِ قامت عليهما العربيةُ الـمِعيارية مِن حَيثُ أَنَّ القُرآن يضمُّ كَلِماتٍ غَيرَ عَرَبيَّةٍ وكلماتٍ وعِبارات غَيرَ مفهومة.
عربية القرآن هي على الأرجح لُغة «مُحَمَّد» (كشخصية دِينيَّة ميثولوجية خَلاصيَّة [مسيحية] مُرَكَّبة مِن عِدَّة شخصيات تاريخية مُضافاً إليها بُعدًا أُسطوريًا وإعجازيًا)، وليست لُغة «قُرَيش» الحِجازية (كتكتُّل تِجاري لِعِدَّة قبائلَ مَشرقية، حيث إِنَّ الاسم "قُريش" يُشير إلى الـتَّـجَـمُّع والتجارة، وهو تصغيرُ "قَرْش": "ما جُمِـعَ مِن هُنا وهُنا"، ويشير إلى التجمُّع والكَسب [التِّجارة]). وتَـقَرَّشَ القومُ: تَـجَمَّعوا).
فـــ"الأخطاء" الّتي صنَّفها سامي الديب في باب الإبهام ليست أَخطاءً بل آثارُ النُّصوص الـمَـصدَرِيَّة الـمُترجَـمِ عَنها الّتي لَـمْ يَـجِد الـمُتَرجمون مُقابِلاً لها في اللغة الهَدف العربيَّة. وعدمُ وجود "أَخطاءِ" إبهام لا يعني أنَّ القُرآنَ بليغ. أمَّا "الأخطاءُ" الإملائية و"أخطاء" النُّسَّاخ واختلافُ القراءات فهي إمَّا فوارق بسبب تأثير اللغات الـمُترجَم عنها وإمَّا بسبب عدم وجود سُلطة لُغويَّة مركزيَّة تُقَرِّر توحيدَ الرَّسم الإملائيّ وإمّا سهوٌ من الناسخ وإمَّا بسبب تأثير الـحِقَب التاريخية لتشكُّل القُرآن. وبِـخصوص استعمال كلمات بغير معناها في اللغة الـمَنقول إليها (التضمين) فهي ليست أخطاء بل استعمالٌ للكلمة بحسب لَهَجات مُختلِفة وقد ذَكَرَ السيوطيُّ ذلك في «الإتقان». و"أخطاء" التقديم والتأخير هي إمّا تأثير لَهجات عربية مُـختلِفة أو تأثير السريانية والعِبرية. ويُـمكِن القول إنَّ "أَخطاء" الالتفات هي بصورة رئيسية آثار الشِّفاهيَّة (أو الشَّفوية) في القُران، بِـمعنى أنَّ بعض مَصادر القرآن كان كلاماً شفهياً وخِطابياً وليس مَكتوباً. وإنَّ "أَخطاء" التناقض والحَشو والنواقص في القرآن هي آثار المراحل التاريخية لصناعته (كحلقات جذع الشجرة أو الطبقات الجيولوجية) وهي آثار الإضافات اللاحقة على النص الأوَّل قبل تثبيته وآثار الصراعات السياسية وقد يكون مَرَدُّ القليل منها إلى سهو النُّسَّاخ أو فقدان الأصل.
هذهِ "الأخطاءُ"، أو بتعبيرٍ أَدَقَّ هذهِ الانحرافاتُ، هذه الانحيازاتُ، هذه الاختلافاتُ، هذه «اللامِعياريَّاتُ»، هذه الفوارقُ عن عربيَّةِ الـنُّـحاة، هي مؤشِّراتٌ تُـقَـدِّمُ لنا معلوماتٍ مُـهِمَّةً عن صناعة القرآن إذا عرفنا كيف نقرأُها.
٢٤ آذار/مارس ٢٠٢١



#محمد_علي_عبد_الجليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشكُّل العربية وحركات الإعراب
- فرضية التضاد في تقاليب الفعل الثلاثي
- في حب الوطن
- من هو النبي محمد؟
- قصيدة النباتية: كل حي شريك لنا في الحياة
- من وحي الحَجْر الصحّيّ
- سورة الوطن
- حُكَّامُ العالَمِ
- شاربُ الطِلا جَذِل
- أتانيَ وحيٌ
- أحِبّوا بعضكم بعضا
- نفحات الويسكي
- بلادي صارت مفروطة (شعر باللهجة العامية السورية)
- نحن أبناء العرب
- ألا هبي بخمرك أسكريني
- أتدرون ما الدين يا إخوتي؟
- الغزالي كارثة الإسلام
- من أسباب تراجع الوعي الحضاري لدى العرب والمسلمين
- في الخوف
- يا خمرتي يا ربتي


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي عبد الجليل - لا أَخطاءَ في القُرآن: كلمة بخصوص كِتاب «أخطاء القرآن الكريم» لسامي الذيب