أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - واثق الجابري - لو كان الفاسد رجلًا لقتلته














المزيد.....

لو كان الفاسد رجلًا لقتلته


واثق الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 6828 - 2021 / 3 / 1 - 00:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لو كان الفاسد رجلاً لقتلته.
ما أن تَمُرُ بأحد تقاطعات العاصمة، حتى يأتيك من يستجدي لقمة العيش طالباً المساعدة، يتوسلون رجالا ونساء وأطفال، وهناك غيرهم يمسحون زجاج السيارات، ويبيعون مختلف البضائع الرخيصة، وصاحب سيارة فارهة بجواره شقراء مصطنعة يتركهم يمسحون زجاجه، ثم يقوم بغلق النوافذ ويرحل دون أن يُعطيهم ديناراً.
يقول بعضهم أن هؤلاء النساء والأطفال تأتي بهم عصابات وتجمعهم نهاية اليوم، ويتسائل كيف لأزواج لا يملكون رغيف خبر أن ينجبوا هكذا عدد من الأطفال؟
يكاد ينكسر قلبك حينما ترى شابا، يتوسل من الصباح الباكر أو تحت المطر وشمس تموز، عن بضاعة لا يساوي ربحها رغيف خبز، وملامحهم تحكي أنهم من الجنوب.
عندما تسأل أحدهم سيخبرك أن كراج النهضة والعلاوي والباب الشرقي ومسطر العمالة ممتلئة بعمال من الجنوب والناصرية تحديداً، ويخبروك أنهم يسكنون فنادق العلاوي والبتاوين، حيث يكثر السكارى وتجار المخدرات وبائعات الهوى، تحيط بهم الصراصر والجرذان، وأسرار يعرفوا منها أين تذهب أموال العراق المنهوبة، وسوق الدعارة والليالي الحمراء، يعرفون أن كل (جيكسارة) وفتاة حمراء شقراء نفخت وجهها وشفاهها وخلفياتها، من ثروة العراق وحق شبابه.
يقولون نحن مدينة المليون عريف، الذين يساقون الى الحروب كأضاحي في مقدمة الصفوف وعلى حقول الألغام، ونحن أباة الضيم والمقابر الجماعية، ومن نقول كما يقول أمير المؤمنيين عليه السلام " لو كان الفقر رجلا لقتلته" و " عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه" ودفعتنا الحاجة للبحث عن قاتلتنا وشهرنا سيوفنا أصوات إحتجاجية على الفساد والفقر والمظلومية والحرمان..
تاجر بقضيتنا نفس أولئك، الذين ساقونا للحروب العبثية، كي نكون حطبها لينعمون، ويدفعونا لحرق مديتنا كي يتقاسموا خيراتنا، وصدقناهم لأن العوز لم يترك في رؤوسنا عقولا، وقالوا الفساد عند رؤوساء المؤسسات، ودفعونا لقطع الشوارع وتعطيل المدارس، وصوروا لنا أن الفساد سينتهي بحرق بناية الدائرة الخدمية، وديوان المحافظة وحتى صور الشهداء.. هناك من يدفعنا وتدفعنا المظومية ووسائل الإعلام الصفراء، للخروج عن سلميتنا ليضيع حقنا، ويلتقطون من إحتجاجنا صورا تخالف الدين والقيم، حينما يضعون السكير ومن يضرب القوات الأمنية والمؤسسات الحكومية في طليعتنا..
صوروا لنا بأن التخلص من الفساد، بالتخلص من قيمنا وعشائرنا وعقائدنا وتاريخنا، وأنسونا أن كثير من الناس يشجعون الفاسد، حينما يقارنون النزيهة بكفافه وعفافه بالفاسد المترف، وضمن الناس من وقف إجلالا للفاسد وأجلسه في صدور المجالس..
شاهدنا بأعيننا كيف أن الفاجرات والداعرات، يخترقن المؤسسان ولا ينطبق عليهن قانون، وكيف يفترشن دولارات نهبها فاسد، عاجز عن أداء عمله الوظيفي والوطني والجنسي، فنثر أمواله على رؤوس المومسات تعويضا لنقصه.
سيفنا الكلمة والتظاهر السلمي، ولكنهم دفعونا للإقتتال بيننا، ونضرب رجل أمن ذاد عن شرف وطننا، ونفخوا في الرؤوس أن الناصرية مدينة الشعراء والأدباء والحركات الثورية ولابد أن تكون في مقدمة المضحين، ثم بعدها ينعم الجبناء بالخيرات.. وما نزال نبحث عن الفاسد لنقتله، فلم نجد رجلاً يحمل قيماً وأخلاقاً يمارس الفساد، وقابلتنا جيوش من الفاسدين ترتبط بهم حواشي وبطانات، وحتى من الشعب من ناصرهم، ومتملقين ومستفيدين، وحتى من تضرر فرط بصوته الإنتخابي وفسح المجال أمام الفاسدين وبائعي الذمم للعودة للسلطة مرة آخرى..
نبحث عن الفاسد لو كان رجلاً لقتلناه، ولكنه جيش توغل وتغلغل بين صفوفنا، ومن كان يطالب بالحق أو يدعيه أغرته وظيفة ودولار خارجي، وتمرد على قيمه وحقه الذي خرج لأجله.
الفساد ليس مفهوماً، إنما بيروقراطية وروتين، وقوانين تسمح بتفشيه ومحسوبيات، وخلل بتفسير النظام السياسي والديمقراطية، ومشاريع بلا جدوى وهدر للمال العام، والفاسد يمتلك المال والسلاح والجمهور والقرار، يمتلك القوة الداخلية والإعلام والدعم الخارجي، الفاسد ليته رجل فنقتله، ولكنه عوامل ترتبط ببعضها لا تتعلق بأشخاص فحسب، والفساد وباء بحاجة الى قيم وثوابت وإلتزام قانون وإخلاقي تجاه المسؤولية، ووعي جمعي يتحرك لتقدير المصلحة العامة لكي يكون حافز لكل الشعب بتحمل المسؤولية، والفاسد لا يموت بحرق مؤسسة أو تعطيل عمل، تقتليه وحدة المشاريع ووضوح الأهداف، وتقدير أن المصلحة الوطنية تتحقق بحوار شامل يقبل بها الكل بالكل، وحلول وسط يقبلها الجميع، ولا أحد ينكر وجود أيدلوجيات مختلفة ومصالح داخلية وخارجية متلاطمة، وحاجة فعلية لشباب يبحثون عن لقمة عيش بكرامة، وأن الواقع تغير بعد تشرين، وما بعده لابد من دراسته بعناية، وإلا سيغرق مركب فيه جميع العراقيين.



#واثق_الجابري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوامة الإفراط في التعددية
- زيارة البابا.. رسائل الى العراق
- عقد إجتماعي ومغادرة التوافقية
- الموازنة وغياب التوازن
- متى يكون العراق قوياً
- دعاة من نوع آخر
- المعارضة.. شعار لطيف وتطبيق ضعيف
- البصرة بين الأقليم والعاصمة الاقتصادية
- المحافظات بين الفضيحة والنطيحة
- بغداد.. محافظة أم عاصمة!
- شكراً ترامب!
- صراع الصلاحيات.. المركز والمحافظات
- برلماني برتبة محافظ
- أطفالنا آمال ..ضائعة
- خطوبة رومانسية بطلاق سياسي .
- إنتهى السياسي وبدأ القلم
- قصور بيضاء في منطقة خضراء
- مواطن متذمر من مسؤول مقصر
- الوسيط بين السعودية وأيران
- سبعة خضر ومئات يابسات


المزيد.....




- مشتبه به يرمي -كيسًا مريبًا- في حي بأمريكا وضابطة تنقذ ما دا ...
- تعرّف إلى فوائد زيت جوز الهند للشعر
- مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم ...
- مسؤول إسرائيلي: العملية العسكرية في معبر رفح لا تزال مستمرة ...
- غارات جوية إسرائيلية على رفح.. وأنباء عن سماع إطلاق نار على ...
- من السعودية والإمارات.. قصيدة محمد بن راشد في رثاء بدر بن عب ...
- شاهد.. أولى الدبابات الإسرائيلية تسيطر على الجهة الفلسطينية ...
- هل انتقلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى السودان؟
- فيديو: ارتفاع حصيلة القتلى جرّاء الفيضانات والأمطار في كينيا ...
- فيديو: آلاف المجريين يخرجون في مظاهرة معارضة لرئيس الوزراء ف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - واثق الجابري - لو كان الفاسد رجلًا لقتلته