أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - ذكرى حركة 20 فبراير / بأية عيد عدت يا عيد / بما مضى ام في امرك تجديد .















المزيد.....


ذكرى حركة 20 فبراير / بأية عيد عدت يا عيد / بما مضى ام في امرك تجديد .


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6814 - 2021 / 2 / 14 - 14:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بحلول العشرين من شهر فبراير من كل عام ، تحل ذكرى حركة 20 فبراير التي إعْتبرت كحركة نوعية في تاريخ الهبّات الشعبية ، التي عرفها الشعب المغربي طيلة تاريخ نضاله ، لانتزاع حقوقه ، وفرض كرامته المهانة ..
اعتبرت حركة 20 فبراير نوعية ومتميزة ، لأنها من جهة حافظت على الضبط العام الذي كان مفقودا في كل الهبّات الاجتماعية السابقة ، منذ 23 مارس 1965 ، مروراً بالتاسع من يونيو 1981 ، فانتفاضة الشمال ومراكش في يناير 1984 ، وانتفاضة فاس 1990 ، الى الحراك الذي شب بالريف وبجرادة .. ومن جهة فجل الخرجات والمسيرات المنظمة ، كانت مؤطرة من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة ، للتحكم في ايقاعها ، وللحيلولة دون خروجها عن الاطار العام الذي كان يسابق الزمن للانتهاء منها ، وباقل الخسائر ، ومن جهة نجاح النظام في السيطرة على الحركة والدفع بها لخدمته ، وللاستفادة من الزخم الشعبي للالتفاف عليه ، وجعل نتيجته تصب في خدمة النظام لا العكس ، ومن ثم النجاح في تحييد كل الأصوات والجماعات التي كانت تحاول السير بالحركة ، الى نوع من الاناركية ينتهي بإسقاط النظام ...
فحركة 20 فبراير خدمت النظام جيدا ، وجعلته يتماشى مع طلباتها الإصلاحية التي تم استيعابها ، والالتفاف عليها ، وتوظيفها بذكاء بما جعل اصل الحركة يؤمن بالنظام كموحد للشعب ..
حركة 20 فبراير لم تكن فكرة وابتكار مغربي خالص ، لكنها كانت تقليدا للحركات الشبابية والشعبية التي عرفتها جل البلدان العربية ، للمطالبة بالإصلاحات الديمقراطية ، ووضع حد لأنظمة العسكر الدكتاتورية ، لكنها وباستثناء المغرب ذي النظام الملكي ، فالنظام السياسي الملكي العربي ، في الوقت الذي قدم المساعدات المالية لنظام المغرب لإخراجه من عنق الزجاجة ، انخرط وبشكل هستيري في دفع الهبات الشعبية التي عرفتها أنظمة الجمهوريات العربية ، الى الإطاحة بتلك الأنظمة كليبيا واليمن ، وفي الإطاحة برأس النظام وليس الإطاحة بالنظام في الأنظمة الجمهورية الأخرى ، كمصر والسودان ...
لقد لعب الغرب ( فرنسا ) دورا في انقاد نظام الرباط من السقوط ، حين قدم له المشورة السياسية التي انتهت بتعديل الملك لدستوره الذي حافظ فيه على كل السلط ، لان التعديل كان في اصله مقلبا سينتهي بتبني دستور غير الدستور المستفتى عليه ... وسيكون خروج جماعة العدل والإحسان بسبب الكوْلسة مع وزارة الداخلية التي فضحتها نادية ياسين بمقبرة ( الشهداء) ، آخر مسمار يدق في نعش حركة 20 فبراير ، لان نزول الجماعة وبتلك القوة البشرية ، قد طرح بعض الشك بعد الانسحاب ، حول التنسيق بين الدولة والجماعة ، لامتصاص أي انزلاق سيأتي على الأخضر واليابس ... ان خروج الجماعة المفاجئ سيترك حليفها حزب النهج الديمقراطي عاريا بسبب ضعفه التنظيمي ، كما سيجعل من الحزب الاشتراكي الموحد يفقد لسانه الذي كان مخصصا لتجريح الجماعة ، وسيصبح حزب الطليعة رغم قوة الشعارات التي رفعها ، دون مستوى الفعل للحفاظ على زخم الحركة وقوتها عندما انطلقت في اول انطلاقتها ...
هكذا سيتضح ان قوة الشعارات التي تم رفعها ، لم تكن مجانية ولا تلقائية ، وكانت بهدف التحكم في الحركة لتلجيمها ، وتوظيفها لساعة الانتهاء منها ، اي اعتماد التضخيم لفرز القوى الحقيقية المناهضة للنظام ، والقوى المعادية له ، والقوى الإصلاحية التي مصلحتها مندمجة مع مصلحة النظام ، كالأحزاب مثل حزب التقدم والاشتراكية ، والاتحاد الاشتراكي.. فكل شيء وكأنه كان منسقا بين الدولة وبين الجماعة ، في حين ان الأحزاب الأخرى كانت ( تابْعَ جيلالَ بْلَمْنافخْ ) ..
فهل كانت حركة 20 فبراير بالفعل حركة ثورية ؟ وهل كانت تهدف الحكم كمعارضة الستينات والسبعينات ، وليس فقط الحكومة كالأحزاب منذ يناير 1975 ( المؤتمر الاستثنائي ) ؟ بل هل كان لحركة 20 فبراير من هدف سياسي استراتيجي ، ام كانت مجرد جذبة شبابية املتها ظروف محيطية ، شارك فيها حتى عبدة الشيطان ... ؟

انّ رفع شعار الملكية البرلمانية من قاعدة الحركيين ، وانّ تجاوز شعار ومطلب الملكية البرلمانية ، الى درجة الجمهورية التي كان مختزلا في ان جماعة العدل والإحسان ، وحزب النهج الديمقراطي ، لا يتمسكان بسقف معين من المطالب السياسية .. ، كان في صميه من جهة الاستمرار في الاستفراد بالساحة ولو مظهريا بالتضخيم ، ومن جهة كان استنباطا لقياس مدى تجاوب الناس العاديين مع المطلبيْن ، مطلب الملكية البرلمانية ، ومطلب الجمهورية ... ومن جهة كانت تلك المطالب ولو في عرضها المكيافيلي ، لخلق نوع من الخوف والرعب ، بالإسراع بالإصلاحات لتفادي السقطة السورية ، والليبية ، واليمنية .. رغم ان كل شيء كان يمر تحت يد النظام الضابطة للتوازنات ، بما يحافظ على ديمقراطية الواجهة في التعامل مع الحركيين ، وبما يفرغ الحركة من زخمها الإصلاحي حين ستنسحب الجماعة بتنسيق مع الدولة ، وحين سيقبل الجميع بالتعديل الذي اقترحه الملك على دستوره ، الذي حافظ على قوة النظام الضاربة ، التي هي الجمع بين دستور الملك الممنوح الذي يمنحه ، ولوحده حكم الدولة ، وعقد البيعة الذي يعطيه سلطات استثنائية تعلو حتى على دستور الملك الممنوح ، لأنها مستمدة من القرآن ، بحيث سيتحول رئيس الدولة من ملك ( عصري ) ، الى امير وامام ، وراعي تقليدي ، في امارة محنطة بالخرافة ، وكثرة الطقوس البالية ، ومنغمسة في التقاليد المرعية التي تجعل من سكان المغرب مجرد رعايا ، وليسوا بمواطنين لهم حقوقا وواجبات ، فأحرى ان يرتقوا الى مصاف الشعب ..
لقد رفعت حركة 20 فبراير شعارات فضفاضة تنهل من كل فن طرف ، فالمزاوجة بين مطلب الملكية البرلمانية الذي كان مطلب الأغلبية ، وفي نفس الوقت طرح سقف الجمهورية اذا دعا الى ذلك الشعب ، والشعب لن يدعو الى ذلك اطلاقا ، بسبب ثقافة الخوف التي غرسوها فيه لقرون ، لم يكن من وراءه تكوين أيديولوجي متين ، او منبع عقائدي ، بل كانت جحافل الحركيين تردد الشعارات كموضة ، فرضتها الظروف دون الغوص في فهم المقصود بالملكية البرلمانية ، ولا بالجمهورية البرلمانية ، التي لم تكن في حقيقتها غير شعارات للاستهلاك ، للالتفاف على الحركة ، وتصفيدها حتى لا تخرج عن الطريق الموصد لها ، وحتى تكون نهايتها تصب في خدمة الملكية ، وهذا بالفعل ما حصل عند نهاية الحراك ..
ان مطالب النهج الديمقراطي ، خاصة حين رفع شعار عدم التقيد بسقف معين من المطالب السياسية ، وهي مطالب كانت اكبر منه بكثير ، ونظرا لان الجماعة الإسلامية رفعت نفس الشعار الذي يزاوج بين النظامين فيما اذا قرر الشعب ذلك ، وهي هنا الجماعة ، كانت تنتظر افراغ حركة 20 فبراير من زخمها ، ومن قوتها المبعثرة والغير منظمة ، حيث اين مالت الريح مالت معها ، بدون تحليل للإفرازات التي عرت عنها التناقضات التي بدأت تطفو فوق السطح ، و التي سيفعل فيها طول الوقت ، والمراهنة على العياء والملل ... وعندما حل وقت الضربة الموجعة ، وبتنسيق وكولسة مع الدولة ، ستنسحب الجماعة من الحركة ، وبرّر احد قادتها الانسحاب ، بالضرورة ( المنطقية ) ، لان حركة 20 فبراير في نظر الجماعة قد استنفدت زخمها ، والبقاء في الشارع باسمها يعني اسالة الدماء ، وهنا هل من ثورة نجحت في التاريخ دون دماء تروي تربتها ، في حين فضحت نادية ياسين كولسة وتآمر الجماعة مع النظام في مقبرة ( الشهداء) اثناء دفن زوجة ابيها ..
ولو طرح الفبراريون السؤال بعد تحليل الوضع عن المغزى من طرح مطلب الملكية البرلمانية ، وفي نفس الوقت وبطريقة مكيافيلية ، طرح مطلب الجمهورية الموزية .. ، هل كان لهم الانصياع وراء جماعة العدل والإحسان التي استفادت لوحدها من الحركة ، حين سمح لها النظام بالتعريف بها ، وبتعريض قاعدتها بما لا يؤثر على اصل الحكم كممثل شرعي وحيد للشعب المغربي ( الدستور ) ، وامير للمؤمنين باحتكاره لوحده الحقل ، والمجال الديني في المغرب ( امارة امير المؤمنين ) ..
فعندما كانت الحشود تردد مطلب الملكية البرلمانية ، ومعهم الحزب الاشتراكي الموحد ، وحزب الطليعة ، فهم ، أي الحشد الإصلاحي الذي كان يتطلع لملكية على الطريقة الاوربية ، لم يطرح السؤال عن نوع الملكية البرلمانية التي كان يطالب بها الاشتراكي الموحد والطليعة ، ولا طرحوا السؤال ، هل حقا ان جماعة العدل والإحسان تشتغل على ملكية برلمانية ؟ وانْ كان الامر كذلك ، هل ستكون ملكية اوربية ، او ملكية برلمانية بخصوصية مغربية ، او انهم ، أي الجماعة في مطالبها المشكك فيها هذه ، كانت تصبو الى اهداف ومرامي لا علاقة لها اطلاقا ، لا بالملكية البرلمانية على الطريقة الاوربية ، ولا بالملكية البرلمانية المغربية ، وستكون هنا الجماعة تتدحرج بين مطلب الملكية البرلمانية المغربية التي تعني استمرار الملكية المطلقة التي تركز على الدين ولو في صورة ظاهرية ، وهنا فالجماعة الصوفية التي تتعلق بالأحلام والخرافة هي مع الملكية المطلقة ، ومعارضتها لها هي معارضة شكلية بما يبقي للجماعة مكانة وسط الصوفيين ، وأصحاب الاحلام المغفلين ، وهذا دليل تأكيدي عمّا فضحته نادية ياسين بمقبرة ( الشهداء ) حين نددت بكولسة وتآمر الجماعة مع النظام للخروج من حركة 20 فبراير ، ونظرا لان هذا الاختيار يستجيب لمطلب الدولة الدينية المتعارضة مع الدولة الديمقراطية ... امّا من كان يعتقد ان الجماعة صادقة في مطلبها بالملكية البرلمانية الاوربية ، فهذا يفنده ويبطله مشروع الجماعة الذي يرفض ، ويكفر الديمقراطية الاوربية سواء في شكل ملكية برلمانية ، او في شكل جمهورية برلمانية . وهذا البرهان الساطع على الاعيب وكولسة الجماعة ، كان سيجعل الحراكيين الذين انساقوا يرددون شعارات اكبر منهم باسم الجماعة ، كان سيجعلهم ضحية شعارات وهمية فارغة ، لامتصاص الزخم والحشد ، ومن حيث لا يشعرون سيجدون نفسهم امّا في ظل استمرار الملكية المطلقة ، او ربما عند تلويح الجماعة وبطريق ميكيافيلي وفلكولوري ، هذا اذا كانت صادقة في شعاراتها ، يعيشون في جمهورية ثيوقراطية اثوقراطية الحكم فيها للمرشد ، او لرجل الدين ، او للفقيه ، او لأهل الحل والعقد ... أي الخروج من نظام مطلق الى نظام اكثر منه دكتاتورية ، واستبدادا ، وطغيانا .. أي ان نزول الجماعة الإسلامية بكثرة ، وبتغطية النظام ، لم يكن الغرض منه الديمقراطية ، بل كان الهدف منه ضرب الديمقراطية الحقيقية التي تروج لها الجماعة كاستهلاك وليس كاستراتيجية ، لان الدين يتناقض اطلاقا مع الديمقراطية المحلية ، فأحرى ان يتناغم ويتعايش مع الديمقراطية الكونية ... وانّ من اكبر الخاسرين الذين انساقوا وراء شعارات الجماعة الخادعة والمخادعة ، والتي لا علاقة لها بالديمقراطية ، حزب النهج الديمقراطي الذي ستفطر به قبل الغداء ، على شاكلة الثورة الإسلامية الإيرانية التي قضت على كل القوى الحية التي شاركت في الثورة ، وحاربت على طول التاريخ نظام الشاه ، بأجهزته الفتاكة وعلى رأسها جهاز السّافاك وما ادراك من السّافاك ..
مخطأ من يردد انّ حركة 20 فبراير قد غيرت من بنية النظام كنظام سلطوي ، بل ان الحركة وبتآمر كل المكونات التي انخدعت بالشعارات التي رددتها جماعة العدل والإحسان ، التي انسحبت دون اخبار منْ المفروض فيهم انهم حلفاءها ، أي النهج الديمقراطي ، فهي زادت من سلطوية النظام ، ومن قوته ، وخدمته مثل الوحش كورونا من حيث لا يحتسب .. فالساحة بعد الفشل المريع للحركة ، أصبحت فارغة الاّ من النظام ، ومن جهازه البوليسي الفاشي الذي يتفنن في تزوير المحاضر البوليسية لرمي المنتقدين ، والمعارضين ، والمثقفين ، والكتاب ، ، وفاضحي الفساد في غياهب سجون الملك ، ومنْ جهازه السلطوي التقليدي الموغل في الوحشية ، حين بدأنا نشاهد جلد الناس في الشوارع ، وهذا المظهر والممارسة المرفوضة والمقززة ، والتي لم تكن بهذا الشكل حتى في حكم الحسن الثاني ، أي جلد الناس في الشوارع ، هي من الممارسات الصادية ضد المواطنين ، الذي كان يمارسها الجهاز السلطوي من قياد ، وباشوات أيام الاستعمار الفرنسي ... فما الفرق بين الامس وبين اليوم ...
ان من اكبر الجرائم التي تسببت فيها حركة 20 فبراير ، هي حين مكنت اكبر عدو للشعب المغربي ، حزب العدالة والتنمية من دخول الحكومة التي اصبح فيها عبدالاله بنكيران وزيرا أولا ، وهو الذي لم يكن يحلم حتى بمنصب مدير لثانوية عمومية ... وما ترتب عن ذلك من قرارات خطيرة ، لم يتجرأ من قبل أي حزب او وزير أول ، ان اتخذها مثل مشكلة التقاعد .. ضرب الوظيفة العمومية ليحل معها نظام التعاقد المرفوض ، الاجهاز على صندوق المقاصة ، الاغتناء الغير مشروع وفي ظرف وجيز لوزراء الحزب ، ضرب المدرسة العمومية ، ازمة المستشفيات ، الوضع الاجتماعي والاقتصادي .. البطالة .. التسول .. الفساد .. تهريب الدولار واليورو من المغرب الى خارجه .. لخ
فلو لا حركة 20 فبراير التي ناهضها بنكيران وحزبه ، واكنوا لها العداء ، هل كان بنكيران وحزبه ان يتصور يوما دخولهم الى الحكومة ، وهل كان بنكيران يتصور يوما ان يصبح وزيرا أولا ، لحكومة الملك خاصة محمد السادس .. ؟
إذن لقد تاهت القاعدة العفوية لحركة 20 فبراير ، بين مطلب الملكية البرلمانية على الطريقة الاوربية التي لم يسحبها حزب النهج الديمقراطي كمطلب من مطالبه لبناء الدولة الديمقراطية ، وهي ملكية لن تكون في المغرب ، ساكنته تقليدية ومحافظة ولو نفاقا ، وبين الملكية البرلمانية المغربية التي جوهرها وبشكل سلس ، هو استمرار وتأبيد الملكية الحالية كملكية مطلقة ، تركز الحكم في يد الملك وحده دون غيره ، من برلمان او حكومة ، لان البرلمان هو برلمان الملك ، ( افتتاح الدورة التشريعية في كل جمعة ثانية من شهر أكتوبر ، والقاء خطاب تقليدي لن تتبعه مناقشة ) ، والوزراء وهم موظفون سامون في إدارة الملك ، مهمتهم السهر على تنفيذ برنامج الملك الذي لم يصوت عليه احد ، ولا عرض للمشاركة في الانتخابات ، الى جانب برامج الأحزاب التي منها شكل الملك حكومته ..
والسؤال الذي كان على حشد حركة 20 فبراير طرحه على دعاة الملكية البرلمانية المغربية ، لان الاحتفاظ للملك كأمير ، وامام ، وراعي بالسلطات الاستثنائية التي يمنحها له عقد البيعة ، هو تناقض صارخ مع الدولة الديمقراطية ... مع منْ سيتم بناء الملكية البرلمانية المغربية التي هي الملكية الحالية التي تحتفظ بالحكم ، مع التغيير الذي قد يكون في الاسم والعنوان فقط.... هل مع محمد السادس ؟ هل مع ابنه الحسن عندما سيصبح الحسن الثالث ؟ هل مع أخيه رشيد ؟ هل مع ابن عمه هشام ؟ هل مع أحد افراد العائلة الملكية الحاكمة ، الذي قد يكون مطواعا ومستجابا ، وحتى خنوعا لمطلب الملكية المغربية التقليدية ، ولو بتغيير مجرد العنوان ..... لخ
واذا كان النظام يرفض التنازل على مكتسباته وسلطاته ، ولو في حدودها الدنيا باسم ملكية برلمانية مغربية الذي تغير فيها هو العنوان ، فكيف يتصور هؤلاء ، أيْ الحشد ان يقبل النظام بالسماع ، ولا أقول النقاش ، لمطلب الملكية البرلمانية الاوربية التي تعني تجريد النظام من الحكم ، والاحتفاظ للملك بدور فقط رمزي على شاكلة الملكيات الاوربية .... بل أيّ نوع من الملكية البرلمانية الاوربية كمطلب يرفعه النهج الديمقراطي . هل الملكية الاسبانية ، او الإنجليزية التي يحتفظ فيها الملك بدور تقريري فيما يخص اعلان الحرب ، وفيما يخض وحدة الارض ، والتراب ، والشعب ، او الملكية البرلمانية على شاكلة الملكيات الاسكندنافية ، والهولندية ، والبلجيكية ...
واذا كان من المتعذر تصور قبول النظام تغيير الملكية الحالية ولو في العنوان ، فكيف يتصور قبول الملكية البرلمانية الاوربية التي سيعتبرها القصر ، بمثابة ثورة بيضاء ستخطف الحكم من يد الملك ، لتضعه في يد أحزاب رغم انها أحزاب الملك ...
وبتعبير صريح ، ولنفرض انّ لنا أحزاب ديمقراطية . هل سيقبل الملك ان يتنازل عن سلطاته التي يعطيها له عقد البيعة ، لصالح أحزاب قد تبدو ( علمانية ) ولو شبه ( علمانية ) ، وليس لائيكية ...
ان تصور هذا السيناريو الفاشل ، يعني نزول الشعب لاحتلال الشارع والساحات العمومية ، وهذا يعني انتظار تدفق الدم .. فهل في المغرب يوجد شعب قادر على فرض الملكية البرلمانية الاوربية ، وهو شعب غارق حتى النخاع في الامية ، والجهل ، والخرافة ، ومتيم بزيارة الاضرحة ، والقبور ، ومخزني اكثر من الملك ...
ثم كيف يتصور هضم مطلب الملكية البرلمانية الاوربية ، والساحة فارغة الاّ من الأحزاب التي هي أحزاب الملك ... مع العلم ان مطلبا ثقيلا ولو حلما بهذا النوع من الحكم ، يقتضي أحزابا جديدة لا علاقة بتاريخ الحزبوية المغربية، منذ ستينات القرن الماضي وحتى اليوم ... فمن هي الأحزاب التي تستحق ان يسلمها الملك الحكم ؟ وانظروا ملياُ الى الساحة الفارغة .. اللهمّ الأناركية التي تعني التدمير من اجل التدمير ، والتخريب من اجل التخريب ، وهذا لن يكون ابدا في المغرب ، لان المغربي الغارق في التقاليد المرعية ، والمتدين ولو نفاقا ، يرفض أي تغيير لنظام يدعي رئيسه الانتماء الى النبي ، لصالح نظام يصفونه بالكفر ، وبنظام النصارى ، واليهود .. وهو تمني يحلم به النظام الجزائري عندما ساند من تحت الطاولة انفصال الريف ، ويساند ومن دون خجل انفصال الصحراء عن المغرب ... لأنه متيقن كامل اليقين ، انّ انفصال الريف سيسرع انفصال الصحراء ، وانفصال الصحراء سيسرع تشتيت المغرب ، وتحويله الى دويلات قزمية ، سيكون مفروضا عليها التبعية والخضوع للجزائر ..
والسؤال : هل يستحق مطلب الملكية البرلمانية الاوربية انْ تسال الدماء من اجلها ؟ واذا لم يكن من حل آخر غير إسالة الدماء ، فلتسل من اجل الجمهورية التي يطالب بها مجرد اشخاص ، ولا تطالب بها منظمات او أحزاب وازنة .. فعن اية جمهورية يتحدثون والفشل كان من نصيب الملكية البرلمانية المغربية التي تعني التغيير في العنوان ، ولا تعني التغيير في الحكم ... أي هل بوادر الجمهورية بادية ، وتطل لتغيير نظام بنظام ، دعاة جمهوريته يحسبون على رؤوس أصابع اليد الواحدة ، وليس أصابع اليدين الاثنين ...
ومثل النهاية التي انتهت اليها حركة 20 فبراير المغربية ، فان كل الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي انتهت الى نتائج اقبح ... لقد نجحت الحركات في ابعاد ، وليس في اسقاط رأس النظام ، لكنها أبقت على النظام الذي انتج الرأس المنسحب ، والذي لم يتردد في انتاج رأس اقبح من الرأس المنسحب ( مبارك .. مرسي .. السياسي ) ، ولو كان ما حصل في السودان ثورة ، هل كان للثورة ان تقبل سيطرة نفس النظام ، مجلس السيادة على الحكم .. وهل من ثورة ترسل جيوشها لقتل شعب اليمن الفقير والبسيط .. وماذا عن العلاقات مع إسرائيل ..
انّ المظاهرات والمسيرات ، مثل مسيرات الكرنفال التي كانت تخرج فقط يوم الاحد ، ولا تخرج طيلة الأسبوع ، وخاصة يوم الجمعة ، لن تسقط النظام . ومن يعتقد ان الانزال الشعبي الى الساحات العمومية ، واحتلالها ، وإعلان العصيان المدني سيسقط النظام ، فانه يُنظّر داخل غرفة مظلمة ، لا علاقة لها بالواقع وبالحقيقة ...
انْ حصل الانزال بالطريقة المنتظرة ، فعوض الدعوة ورفع شعارات يسقط الملك ، ويسقط النظام ، ، و(الشعب ) يرييييد ... تأكدوا وتيقنوا ، انه سترفع شعارات عاش الملك ، عاش سيدنا ، وعاش المغرب ، عاش النظام الملكي ، عاش الدستور ، عاش البرلمان ، عاش الانتخاب ، عاش المخزن ، عاش وزارة الداخلية ، وعاش الجيش ، والجدرمة ، والبوليس ... لان التركيبة النفسية التي صقلها النظام في نفوس الرعية ، يسيطر عليها الخوف ... الخوف ليس من النظام .. بل الخوف من السقوط في المجهول ، والخوف من ضياع المغربي ولو قشة ، او دراجة هوائية ، وهو الخوف من المستقبل ومن الظلامية .. لان المغاربة لن يقبلوا الحالة السورية ، او اليمنية ، او الليبية في المغرب .. انه الخوف .. وبما ان النظام الملكي في نظر الرعية هو الضامن للأمن ، فمصلحة الرعية تقتضي الالتصاق بالنظام وبالدفاع عنه ، لأنه هو جزء منها ، ومن تاريخها وحتى هويتها ..
النظام لن يسقط الاّ في حالة واحدة ، هي فقدانه وضياعه للصحراء ، لأنها ضامن وجوده ، وهي من انقدته من السقوط بسبب المؤامرات التي تعرض لها طيلة الستينات والسبعينات من القرن الماضي .. فالصحراء بالنسبة له هي النظام الذي استمراره من عدمه ، مرهون ببقاء احتفاظه بالصحراء ، وبضياعها الذي سيكون سبب ضياع حكمه .. فالصراع بين النظام المغربي وبين النظام الجزائري ، هو صراع وجود قبل ان يكون صراع حدود .. والحرب جارية على أشدها ، وفي كل مرة تأخذ لها شكلا تعبيريا يستجيب لتطورات الصراع .... فالمنطقة إمّا النظام الجزائري ، وإمّا النظام المغربي .. والباقي مجرد توابع لهذا النظام او ذاك ..
واذا أضاع النظام الصحراء ، فسقوطه لن يكون من جانب الرعايا التي ستخرج الى الشارع تبكي ضياع الصحراء ، بل سيكون من قبل الجيش وبضوء اخضر امريكي فرنسي .... فهل فرنسا وامريكا سيضحيان بالنظام الملكي المغربي الحليف الاستراتيجي في السراء والضراء ، لصالح نظام عسكر الجزائر ؟ وهل إسرائيل التي تحكم أمريكا ، والتي هي من زمان وليس فقط الآن ، سمن على عسل مع النظام ، ستسمح بسقوطه في منطقة جيوبوليتيكية حساسة للأمن الإسرائيلي ، والاسباني ، والفرنسي ...؟ وهل جنرالات الجيش الملكي ، واردّد الجيش الملكي ، الذين منحهم الملك محمد السادس كل الامتيازات ، والجاه ، والمال ، والنفود ، ووهبهم المغرب ، سينقلبون على وليّ نعمتهم الذي لن يجدوا مثله سخاء في الاعطية ، والهدايا ، والامتيازات ..
فشل كل شيء .. تمخزن كل شيء .. ابحثوا عن الأسباب .. وان تعرفتم على الأسباب ، تيقنوا سيحكمكم الحسن الثالث بكل سهولة ... ومن دون مشاكل ، ولا حرج .. انها الخاتمة .. انها الحقيقة ..
وداعا 20 فبراير .. وداعا ( الربيع العربي ) الذي لم يكن ابدا عربيا ..
بأية عيد عدت يا عيد / بما مضى / ام في امرك تجديد



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إختطاف شفيق العمراني من المطار
- اختطاف معارض من مطار الرباط سلا
- المعارضة
- ماذا يحضر للصحراء ؟ - وثيقة عقيدة الاتحاد الافريقي - ..
- هل ستندلع حرب امريكية ، اسرائيلية ، ايرانية ؟
- توزيع وتشتيت سجناء حراك الريف الستة
- المناضل الديمقراطي
- المؤامرة الكبرى ضد الشعب المغربي
- ماذا تريد جبهة البوليساريو ؟
- حين يصبح رئيس أكبر دولة في العالم ، بلطجي شمْكارْ -- السقوط ...
- هل رفعت اجهزة البوليس المغربي ، دعوى محلية ، ضد مغاربة معارض ...
- الديمقراطية
- الدولة العميقة والحكومة العميقة -- من يحكم ؟
- هل اذل النظام المخزني سعد الدين العثماني ؟
- نزاع الصحراء ألعوبة أممية
- - ماذا تريد منّي يا محمد السادس - . البوليس الفاشي والجهاز ا ...
- فرض سيادة الشعب
- هل كان اعتراف دونالد ترامب بمغربية الصحراء الغربية ، فخ سقط ...
- الجهاز البوليسي والسلطوي في المغرب
- مغاربة يعارضون مغربية الصحراء


المزيد.....




- قائد أوركسترا إسرائيلي يفاجىء الجمهور بكلمة مؤثرًة عن غزة.. ...
- تحليل لـCNN.. خطابات قوية لقادة قمة قطر ضد إسرائيل ولكن ماذا ...
- هل ينهي الاجتياح البري لمدينة غزة مسار مفاوضات وقف الحرب؟
- الهجرة من وإلى إسرائيل.. من يغادر ومن يأتي وما هي الأسباب؟
- ألمانيا: السجن مدى الحياة لأفغاني قتل شرطيا في مظاهرة مناهضة ...
- اتفاق اللحظة الأخيرة.. هل ينهي النزاع وينقذ تيك توك في أمريك ...
- نافذة على فلسطين ومئوية يوسف شاهين في الدورة الثامنة من مهرج ...
- هاكابي يلمح إلى أن واشنطن لن تعارض تعزيز إسرائيل احتلالها لل ...
- توقعات بالتئام أسطول الصمود العالمي خلال يومين في المتوسط
- مشاهد الاجتياح البري لغزة تثير غضب النشطاء العرب


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - ذكرى حركة 20 فبراير / بأية عيد عدت يا عيد / بما مضى ام في امرك تجديد .