أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - كلام عن البعثيين














المزيد.....

كلام عن البعثيين


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 30 - 20:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كلام كثير يدور حول قضايا ذات علاقة بحزب البعث. هناك من هو مع الإجتثاث وهناك من هو ضده. الحزب حكم العراق لمدة خمسة وثلاثين عاما وقبلها لمدة تسعة أشهر بعد شباط من عام 1963. في الفترة التي تزعمها صدام حسين كانت هناك جرائم كثيرة ليس من الحكمة نكرانها وبداية من البعثيين أنفسهم, وقد شملت هذه الجرائم كل فئات الشعب, ولم يسلم البعثيون أنفسهم لأن قياداتهم القديمة شملتها المذابح على طريق تصفية الحزب والسلطة تمهيدا لإقامة نظام دكتاتوري وقبلي وجهوي بغيض وصولا إلى حالة التوريث, بمثل ما فعلها اسد دمشق وكان ناويا عليها مبارك القاهرة ومجنون ليبيا.
وأجزم أن صدام كان قد ذبح من هذه القيادات أضعاف ما ذبحه من قيادات أحزاب أخرى كالشيوعيين مثلا. طبعا أنا لا أتحدث عن ما جرى بعد شباط, فتلك تجربة تبحث على ضوء ظرفها وخصوصياتها دون أن يمنحها ذلك جواز العبور من كونها أيضا كانت تجربة للقتل والفوضى.
في المقابل لا أحد ينكر أن تجربة صدام في الحكم كانت قد حفلت أيضا بتحولات ذات طبيعة إقتصادية وتصنيعية لم يستطع النظام الحالي بكل مدخولاته المالية أن يؤسس لواحد بالمئة من مثلها, بل أن نكران ذلك سيضع الناكرين في خانة واحدة مع كل من يحاول تبرئة بعث صدام من جرائم تلك المرحلة.
نحن نحتاج إذن إلى إقترابات موضوعية وفكرية عادلة بعيدة عن الإسقاطات الذاتية التي تنكر بالمطلق أو تؤيد بالمطلق. وقبلها نحن نحتاج أيضا إلى تأشير كل محاولة ذاتية ترمي لغسل الذنوب بمسحوق غسيل إسمه صدام حسين لأن ذلك سوف يكون من نوع كلام الحق الذي يراد به باطل.
بالتأكيد لا بد من الإعتراف أن إسقاطات المرحلة الحالية لا تسمح كثيرا بدراسة محايدة من هذا النوع, فالذين ضدها مستفيدون من بقاء الحديث عن التجربة الصدامية, ويهمهم بقاء الحديث عنها لأغراض تتعدى قضية الإدانة الأخلاقية إلى أغراض التوظيفات السياسية البينية, أو تحقيق الشرعية تحت غطاء وعباءة المظلومية. ويجد هؤلاء ان التخلي عن الحديث اليومي عن جرائم البعث كالتخلي تماما عن شرعية وجودهم في الحكم, ومثلهم في ذلك مثل كاتب سياسي معروف بات يقدر أن نيزكا لو وقع على هونولولو أو أن فيضانا قد حدث في الصين فسيكون وراءه البعثيون أنفسهم, وسترى أنك لو حذفت هجوماته على البعثيين فسوف لن يكون قادرا على الكتابة أبدا. ومن أمثاله سياسيون وكتاب بتنا نشعر تماما أن تجاربهم الشخصية مع نظام صدام هي التي تقود أقلامهم وليست هواجسهم الوطنية.
وربما على طريقة كل شيء من أجل المعركة ليس من الصعوبة تبين ان هؤلاء باتوا على إستعداد للتغاضي عن كل المفاسد والجرائم والنواقص الحالية من أجل إشباع رغبة الإنتقام الشخصي أو الفئوي من صدام نفسه. ولم يعد غريبا بالتالي ان ترى ماركسيا, لا أشك بماركسيته, يتحول ساعة الحديث عن البعثيين وعن صدام وكأنه عضوا في حزب الدعوة, بل إني أحس ان شخصا كهذا بات مستعدا لأن يكون من حزب الدعوة, ناسيا ماركسيته نفسها, لو تراه أحسّ ان ذلك سيكفل له إستمرار الحملة لغرض التنفيس عن أحقاد, لن يكون من الخطأ التنفيس عنها, على شرط أن لا ينتج عنها خلط الحابل بالنابل وأن لا تكون مجرد مشهد من مشاهد الزفة.
ولقد تيقنت في محاورات عدة أن هناك شيوعيين مناضلين لم يستطيعوا تدارك الوقوع في فخ الطائفية القاتل مدفوعين بحالة العداء الفئوي ضد البعثيين فصاروا في فترة من اشد المدافعين عن المالكي حتى إني لم أقرأ لهم تعليقا واحدا ضد سياساته الطائفية. وحتى يوم أعلن نفسه مختار العصر وقائدا لحملة الإنتصار للحسين ضد أنصار يزيد, رأيت منهم صمتا ولا صمت القبور, حتى بت أشعر أن النكتة التي رويت في بدء الإحتلال تعليقا على جلوس الشيوعي الأول بجوار ممثل الدعوة والتي اشارت إلى تأسيس حزب مشترك بينهما بإسم حزب (شدعوة) ما عادت مجرد نكتة.
لكن كل ذلك ليس معناه التغاضي عن حقائق تاريخ كانت قد جرت فيه جرائم يشيب لها راس الرضيع بعد ان تحولت دولة البعث نفسها إلى دولة المؤسسة الأمنية القمعية وتحول البعث نفسه إلى حزب يعمل في خدمة القبيلة ويخاف أكبر قياديه من اصغر مرافق لصدام حسين. ويوم نتحدث اليوم عن مجاميع الأميين الذين باتوا يهيمنون على مفاصل الدولة فإن ذلك لن ينسينا تاريخا صار فيه العريف وزيرا للدفاع وجندي الإطفاء وزيرا للتصنيع وكان العمل فيه جاريا من أجل توريث الإبن مقاليد رئاسة دولة كان إستقر الأمر بها لكي تكون دولة رجل واحد لا دولة شعب واحد.
صحيح أن النظام الحالي "بَيّضَ" وجه النظام القديم, وفق ما نُقِل عن عجوز عراقية, لكن التاريخ لا يجوز قرائته على طريقة تلك العجوز, والأحزاب التي تريد البقاء إنما تستمد قوتها من ذاتها وليس من ضعف الخصوم, فيوم يذهب هؤلاء سوف تنكشف العورات مرة أخرى ويَبان الضعف الحقيقي على المكشوف ويكون الحزب في مواجهة عجز حقيقي عن مواجهة الحالة الجديدة التي كان قد اخفى نواقصه فيها وجود الخصم. وسوف يكتشف حزب من هذا النوع أن خصومه قد إجتثوه من مؤسسات الدولة لكنه هو الذي إجتث نفسه من مؤسسة التاريخ. وعلى الطريق نفسه فإن أولئك الذين يواصلون الحديث عن بعبع البعث ويُرجِعون كل أخطاء وجرائم النظام الحالي على أساس كونها موروثة من النظام القديم إنما يساهمون من حيث لا يدرون بجعل البعث حيا في الذاكرة العراقية.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب وشمشون .. يوم كاد التاريخ أن يعيد نفسه.
- عن أمريكا وعن حزبيها وعن الترامبية أيضا.
- مقالتان لي, الأولى تنبأت بفوز ترامب, والثانية بغزوة الكونغرس
- هل إنتهت ثورة تشرين الباسلة.
- يوم كدت أشارك مريضي غيابه عن الوعي
- مقتل رئيس جامعة البصرة مطلع السبعينات
- لقاح بدهن الخنزير
- دولة البصرة ودولة الموصل
- رفع الإصبع الوسط في وجه الحاكم الغلط.
- حينما تذكرت الجلبي.
- العزيزان : عزيز السيد جاسم وطارق عزيز (2)
- العزيزان : عزيز السيد جاسم وطارق عزيز (1)
- شيطنة العدو .. بين تعنت الإيديولوجيا ومستحقات السياسة
- إنقلاب تموز عام 1968 ومشاركة عبدالرزاق النايف*
- 17 – 30 تموز ... (1)
- وقد يتعدد الجلادون وتختلف الأسواط لكن المجلود واحد
- ترامب أيضا لا يريد أن ينطيها
- ما هكذا يكتب التاريخ*.. عن العراق الملكي وهل كان طائفيا
- حرب السبعينات بين النجف وكربلاء (4)*
- العراق بين بكائيتين


المزيد.....




- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...
- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - كلام عن البعثيين