أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - المواطنة وما يترتب عليها 2/2














المزيد.....

المواطنة وما يترتب عليها 2/2


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 6801 - 2021 / 1 / 28 - 09:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ضياء الشكرجي

تناولت المقالة في الحلقة السابقة المواطنة على صعيد سلوك المواطن العادي.

أما السياسي، الذي هو ليس مواطنا عاديا، بل هو مواطن مسؤول عن سائر المواطنين وخادم لهم. لذا فإنه إذا قدم هويته الجزئية (الشيعية، السنية ...) على هوية المواطنة، لاسيما في أدائه السياسي (الخطاب السياسي، الموقف السياسي)، فهذا عندها ليس مجرد خلل، بل خطأ وخطأ فادح، ويترتب عليه ضرر على الشأن العام. وإذا ما بلغ السياسي مرتبة من مراتب تقديمه لهويته الجزئية، مما ينبغي أن يحظر عليه النشاط السياسي، ذلك بتشريع قانون رادع بهذا الصدد.

نحن لا نحتاج إلى سرد الأدلة النظرية على أضرار ذلك على قضايا الوطن، بل تكفينا تجربة ما بعد التاسع من نيسان 2003 حتى يومنا هذا دليلا لا يقبل الشك.
وهناك مرتبة أرقى من كل من المواطنة والوطنية، ألا هما المواطنة الكونية، كمرتبة أعلى من المواطنة في حدود الوطن الصغير، والنزعة الإنسانية التي تعلو فوق النزعة الوطنية. هذا يعني تطبيق قاعدة أخلاق الحد الأدنى في أن يحب الإنسان لغيره ما يحب لنفسه، هو أن نحب لسائر الشعوب ما نحب لشعبنا. وما المواطنة في إطار الوطن، إلا التجسيد الممكن والمصغر للمواطنة الكونية، أي الإحساس بالانتماء إلى الوطن الكبير (كوكب الأرض).

مشكلتنا بعد 2003 إنه قد جرى التأسيس لدولة المكونات، بدل دولة المواطنة، على أنقاض ديكتاتورية صدام وحزب البعث. لذا لا بد في السياسة وإدارة الدولة من اعتماد مبدأ المواطنة حصرا، وتحويل العراق من دولة مكونات إلى دولة مواطنة.

المواطنة تعني فيما تعني المساواة، مساواة المواطنين نساءً ورجالا، مسلمين وغير مسلمين، عربا وغير عرب؛ مساواتهم أمام القانون ومساواتهم في جميع حقوق المواطنين على الدولة، كما هم متساوون في واجباتهم، لا نقول تجاه الدولة، بل تجاه بعضهم البعض كمواطنين في هذا الوطن، وما الدولة فيه إلا الإطار التنظيمي لإدارة ورعاية شؤون الوطن والمواطنين. والدولة كالأم لا تفرق بين أطفالها، لا بين الأولاد والبنات، ولا بسبب اختلاف أمزجتهم أو اختلاف أطوال قاماتهم أو اختلاف ألوان عيونهم.

أخير لنطرح السؤال، إلى أي مدى يصح زعمي التلازم بين المواطنة والعلمانية، وما هي أدلتي على ذلك. فقد يقال إنه من الممكن أن نتصور دولة قائمة على أساس المواطنة، ومع هذا هي ليست علمانية. الجواب واضح جدا، وإن كان الكثيرون لم يلتفتوا إليه. بالنسبة للعراق كواحد من البلدان ذات الأكثرية المسلمة، إذا تساءلنا ما الذي يقابل الاتجاه العلماني على الطرف الآخر، فسيكون الجواب بالبداهة إنه تيار الإسلام السياسي. أحزاب الإسلام السياسي في العراق، وهكذا في كل الدول ذات الأكثرية المسلمة، هي من حيث ما موجود على أرض الواقع، وليس من حيث افتراض إمكانية وجوده، هي أحزاب إما شيعية، وإما سنية. إذن هذه الأحزاب ليست قائمة على أساس مبدأ المواطنة، بل هي مغلقة للشيعة هنا وللسنة هناك. وعلى فرض وجود حزب إسلامي عابر للطوائف ومستوعب للمواطنين بقطع النظر عن مذاهبهم، فإنه ولكونه حزبا إسلاميا يكون بالضرورة حزبا منغلقا على المواطنين المسلمين، وبالتالي هو ناقض لمبدأ المواطنة أيضا. لذا فمبدأ المواطنة لا يتحقق تطبيقه إلا في ظل العلمانية، والعلمانية هي الأخرى لا تكون علمانية، ما لم تعتمد المواطنة، كما إن العلمانية هي الضامنة للسلم الأهلي، خاصة في مجتمع متعدد الأديان والمذاهب.

وبما أني طالما أكدت التلازم بين العلمانية والديمقراطية، فالديكتاتوريات اللادينية لا ينبغي عدها نظما علمانية، لأن العلمانية جاءت أصلا كصمام أمان إضافي للديمقراطية، وسد لثغرة من ثغراتها، التي يمكن أن يتسرب من خلالها نقيض الديمقراطية، فيكون بذلك الإسلام السياسي نقيض الديمقراطية.

وحيث إن قانون الأحزاب الحالي، مع ما عليه، يوجب اعتماد مبدأ المواطنة حصرا في تأسيس الأحزاب، وبما أني أثبتُّ التلازم الذي لا انفكاك فيه بين المواطنة والعلمانية، فكأننا بقانون الأحزاب اشترط العلمانية لترخيص الأحزاب. شرعوه ولم يلتفتوا أنه لو طبق، لكان في ذلك مقتل الإسلام السياسي ونهاية الأحزاب الخاصة بهذه أو تلك الطائفة، أو شرعوه، وهم يعلمون أنه لن يطبق ككثير من القوانين والمواد الدستورية.

ملاحظة: المقالة عبارة عن توسع في محاضرة ألقيتها مساء اليوم (25/01/2021) على الزوم في إطار البرنامج الثقافي لـ (التجمع العلماني العراقي).


25/01/2021



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطنة وما يترتب عليها 1/2
- السياسة والأخلاق
- ...بين فيدرالية العراق وفيدرالية ألمانيا
- بين فيدرالية العراق وفيدرالية ألمانيا
- شباب ثورة تشرين واختبار الانتخابات
- لماذا الانتخابات الأمريكية غير ديمقراطية
- كيف يتحول الداعية الإسلامي إلى داعية إلى العلمانية؟
- الثورة نوعا وكما والكاظمي بين الأمل واليأس
- مناقشتي لما يشاع عن العلمانية والعلمانيين 2/2
- مناقشتي لما يشاع عن العلمانية والعلمانيين 2/1
- المرجعية ولقاؤها ببلاسخارت ومسيرتها في الفقه السياسي
- لا النظام الرئاسي ولا الدوائر المتعددة يؤديان إلى التغيير
- قانون العقوبات العراقي لا يساوي بين الجنسين
- العراق بين اليأس والأمل
- أيها الميليشياويون المرجعية قد حرمت الميليشات
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات وهدفا حيويا ...
- “ثبتها فورًا للعيال” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد لمتابعة ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق-: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق-: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات ...
- متى موعد عيد الأضحى 2024/1445؟ وكم عدد أيام الإجازة في الدول ...
- تصريحات جديدة لقائد حرس الثورة الاسلامية حول عملية -الوعد ال ...
- أبرز سيناتور يهودي بالكونغرس يطالب بمعاقبة طلاب جامعة كولومب ...
- هجوم -حارق- على أقدم معبد يهودي في بولندا
- مع بدء الانتخابات.. المسلمون في المدينة المقدسة بالهند قلقون ...
- “سلى أطفالك واتخلص من زنهم” استقبل دلوقتي تردد قناة طيور الج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - المواطنة وما يترتب عليها 2/2