أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - المواطنة وما يترتب عليها 1/2














المزيد.....

المواطنة وما يترتب عليها 1/2


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 6799 - 2021 / 1 / 26 - 05:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثر الكلام في العراق منذ مدة غير قصيرة عن مبدأ المواطنة، بحيث أخذت تلوكها حتى القوى السياسية الناقضة لهذا المبدأ، كما أخذت تدعي المدنية، وهي على النقيض من ذلك.

في هذه المقالة سأوضح التلازم تارة بين المواطنة والمساواة، وتارة أخرى بين المواطنة والعلمانية، وسأوضح أسباب زعمي بشكل خاص بالتلازم الثاني.

«المواطنة» ابتداءً ومن الناحية اللغوية من «المُواطِن»، و«المواطن» من «الوطن». وكلمة «مواطنة» هي مصدر الفعل الرباعي (واطَنَ، يُواطِنُ، مُواطَنةً)، و«مُواطِن» هو اسم الفاعل لهذا الفعل. وعندما يقال فلان واطن، فلا بد من مفعول به، لأن فعل (فاعَلَ يُفاعِلُ مُفاعَلَةً أو فِعالاً) هو فعل متعدِّ إلى مفعول، أي إن المواطن يواطن مواطنين آخرين، أي يشاركهم في الوطن أو المواطنة.

وحتى المواطنة باللغات الأورپية لا تبتعد عن هذا المعنى، وإن اختلفت كمفردة لغوية، فهي (Citizenship) بالإنگليزية مأخوذة من City المدينة، و(Bürgerlichkeit) بالألمانية مأخوذة من Burg بمعنى القلعة، حيث كانت تسمى الكثير من المدن بأسماء قلاعها، وحتى بالعربية، كانت المدينة هي التي تعتبر الوطن، ثم اتسع مفهوم الوطن إلى ما نعرفه اليوم بالبلدان كبلد العراق.

ثم إن «المواطنة» ليس كمصطلح سياسي، بل كمصطلح فيما هي الأحوال المدنية، كان يجب أن يكون المصطلح البديل لما يصطلح عليه عندنا في الأحوال المدنية بـ «الجنسية»، فيفترض أن يقال إن فلانا يحمل (المواطنة) العراقية، وليس (الجنسية) العراقية، لأن ثقافة الأجناس لم تعد من مفردات ثقافة الحداثة في هذا المجال على وجه الخصوص. وهكذا ينبغي استخدام «التوطن» بدلا من «التجنس».

البعض يخلط بين المواطنة والوطنية، فالوطنية غير المواطنة، رغم إن هناك بكل تأكيد مشتركات بينهما. فالوطنية تعني فيما تعني حب الوطن، أو الإخلاص والولاء للوطن. لذا فالنقيض لـ «الوطني» هو «اللاوطني» وهو ما يعبر عنه بـ «الخائن»، فهناك (وطنيون) وهناك (خونة)، وغالبا ما يوسم المتطرفون المخالفين لهم بالخيانة، وهذه من إفرازات ثقافة احتكار الحق والحقيقة، ونفي الآخر. وإن كانت هناك حالات تعد من الخيانة الوطنية، لست بصدد شرح شروط انطباقها. فالمواطن ينطبق على المواطن الوطني والمواطن غير الوطني.

وليس كل من لا تنطبق عليه صفة «الوطني» هو خائن بالضرورة، فالعلاقة بين الخائن (اللاوطني) وغير الوطني هي علاقة خصوص وعموم مطلق، فكل خائن هو ليس وطنيا، لكن ليس كل غير وطني هو خائن بالضرورة.

وكذلك ليس كل وطني يعتمد المواطنة، وإن كان عدم اعتماده للمواطنة يمثل خللا بقدر يزيد أو يقل في وطنيته. فثمة وطني، أو هكذا يعتقد بنفسه، نراه يقدم بالدرجة الأولى هويته الجزئية على هوية المواطنة، فيبقى شيعيا، سنيا، عربيا، كرديا، مسلما، غير مسلم، وهكذا هو مع الهويات الجزئية الأخرى.

المواطنة لا تلغي بطبيعة الحال الهويات الجزئية، بل تكون حاضنة لها، وراعية وحامية لها، ذلك على أساس (التنوع في إطار الوحدة)، أو الوحدة المتنوعة. لكن مبدأ المواطنة يوجب جعل الأولوية للمواطنة، خاصة فيما هو الشأن العام (على رأسها السياسة وشؤون الدولة)، خارج إطار الشأن الشخصي.

وبلا شك هناك درجات للمواطنة. الدرجة الدنيا المطلوبة ألا تتقدم الهوية الجزئية على هوية المواطنة خارج إطار الشأن الخاص. لكن هناك درجة عليا، هي ألا يكتفى بعدم تقديم الهوية الجزئية (الدينية، المذهبية، القومية، العشائرية، المناطقية) في علاقاته ونشاطاته العامة، بل حتى في حياته الخاصة. وهذه الدرجة المتمناة لا يجوز فرضها على أحد، بل يروج لها ويثقف عليها، لأنها قضية مشاعر، ولا تملك الدولة أن تتحكم بمشاعر المواطنين.

ومن هؤلاء الذين تجاوزا اعتماد المواطنة في الدرجة الدنيا وفي الشأن العام حصرا، معتمدين الدرجة العليا، من يتخلى حتى في حياته الخاصة من حيث الفكر والشعور عن الهويات الجزئية، فتراه لم يعد يعتبر نفسه على سبيل المثال عربيا، بل يعتبر نفسه من الناطقين بالعربية. وهكذا تراه ربما لم يعد يشعر بالانتماء لهذه أو تلك الطائفة، لا عقائديا ولا اجتماعيا، بل لم يعد يشعر بانتمائه إلى أتباع دينه إلا بمقدار كونهم مواطنين. لكن في نفس الوقت نجد للأسف الشديد ومع شديد الغرابة الازدواجية متفشية في مجتمعنا، بحيث حتى اللاإلهي (أي الملحد) نراه لا يستطيع التخلص من إحساسه بشيعيته أو بسنيته.

هذا على صعيد المواطن كفرد، أو كعضو في جماعة (المواطنة)، أي ما نصطلح عليه بالشعب. أما سياسيا، فينبغي ألا يجوز تقديم أي هوية جزئية على المواطنة. فإذا اعتبر تقديم المواطن العادي لهويته الجزئية على المواطنة، فهذا خلل عنده في تجسيد انتمائه للجماعة (المواطنين)، لكن لا حق للدولة أن تسلبه هذا الحق، فالدولة لا تستطيع أن تفرض على مواطنيها أن يكونوا مواطنين مثاليين، حتى تعدهم مواطنين، وتعاملهم على قدم المساواة مع غيرهم.

في الحلقة القادمة تتناول المقالة المواطنة على صعيد سلوك السياسي.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة والأخلاق
- ...بين فيدرالية العراق وفيدرالية ألمانيا
- بين فيدرالية العراق وفيدرالية ألمانيا
- شباب ثورة تشرين واختبار الانتخابات
- لماذا الانتخابات الأمريكية غير ديمقراطية
- كيف يتحول الداعية الإسلامي إلى داعية إلى العلمانية؟
- الثورة نوعا وكما والكاظمي بين الأمل واليأس
- مناقشتي لما يشاع عن العلمانية والعلمانيين 2/2
- مناقشتي لما يشاع عن العلمانية والعلمانيين 2/1
- المرجعية ولقاؤها ببلاسخارت ومسيرتها في الفقه السياسي
- لا النظام الرئاسي ولا الدوائر المتعددة يؤديان إلى التغيير
- قانون العقوبات العراقي لا يساوي بين الجنسين
- العراق بين اليأس والأمل
- أيها الميليشياويون المرجعية قد حرمت الميليشات
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...
- مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعل ...


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - المواطنة وما يترتب عليها 1/2