أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - المقاومة اللبنانية – نموذج المقاومة العربية الكبرى















المزيد.....

المقاومة اللبنانية – نموذج المقاومة العربية الكبرى


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1619 - 2006 / 7 / 22 - 14:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن فورة الصراع الدموي العنيف بين الحركة الاستيطانية اليهودية والمقاومة الحقيقية لقوى الحرية في العالم العربي التي يدفع لبنان واللبنانيون ثمنها الحسي المباشر، هي الوجه الآخر للعوالم الدفينة التي تغلي فيها مكونات الصراع الفعلي بين قوى الانحطاط والهزيمة وقوى الصعود والعزيمة. وهو صراع عربي داخلي من حيث الجوهر.
فالهجمة الهمجية لقوى الاستيطان اليهودي (كما نراها في مختلف نماذج الإبادة والتدمير والتخريب في فلسطين ولبنان) عرضة للزوال والانقراض، بسبب ضعفها الذاتي. وفي هذا يكمن سر العنف المفرط والدموية البشعة للاستيطان اليهودي. فهي الهمجية التي تكشف عن طبيعة الضعف الداخلي المميز للدولة الخربة. فالعنف المفرط والدموية الهائلة للأفعال الذي تمارسه الدولة (أيا كانت) هو الوجه الآخر لضعفها الذاتي. وهو ضعف متنوع الأشكال حسب تنوع مقدماته ومكوناته. وفي الحالة المعنية فانه محكوم بقوة الخوف والقلق من مكوناته الاستيطانية. وهي مكونات لا تصنع في ظروف العالم العربي بشكل عام وفلسطين بشكل خاص أكثر من "أقلية" غريبة ومغتربة، مع ما يترتب عليه من سيطرة الغريزة.
فالقوة العقلانية المحكومة بفكرة الحق والقانون عادة ما تتمتع بقدر اكبر من أية قوة أخرى في التأثير والإقناع والسيطرة والإدارة. أما استعمال القوة والعنف ومختلف نماذج الرذيلة، فهو المؤشر الفعلي على غياب العقلانية والنزعة الإنسانية. وهو مصدر الخلل والضعف المشار إليه أعلاه، لأنهما يفرغان الدولة والبشر والقوة من مصادر ديمومتهم القوية. فالعنف لا يصنع نظاما، بل فوضى تؤدي مهما طال الزمن إلى تأزم وانحلال. وتجارب الدول والأمم القديمة والحديثة جميعا تبرهن على حتمية هذه الخاتمة، التي ترتقي إلى مصاف البديهة السياسية. وهي البديهة التي شكل ظهور "حزب الله" الصيغة العربية الأولية لتمثلها التاريخي.
فقد كان ظهوره الأولي الصيغة المباشرة على غزو لبنان عام 1982 من جانب القوى الاستيطانية. وتبلور، شأن كل المقاومة اللبنانية الوطنية الأولى، من أعماق الاحتجاج المتزايد ضد هزيمة الدولة العربية الحديثة. وهي هزيمة جزئية، بسبب ضعفها التاريخي الذي رافق انحلال السلطنة العثمانية والتكالب الاستعماري وضعف تطور المجتمعات العربية آنذاك. لكنها هزيمة كانت تعلّم الجميع كل على مقدار ما فيه من رؤية ومصالح. وهي عملية تاريخية مديدة ولا تخلو من مأساوية وفضائح، بسبب طبيعة صراعها الداخلي والخارجي.
فقد كانت المقاومة العربية منذ البدء في صيرورة وتطور، ليس تدخل الجيش والانقلابات العسكرية والحروب الأهلية وغيرها سوى المراحل "الضرورية" في تكامل الوعي الاجتماعي السياسي القومي. فعندما نتأمل تاريخ الصعود القومي في أوربا، فانه هو الآخر لم يخل من كل مآسي ومأساوية الصراع الاجتماعي والطائفي والديني والحروب الأهلية والغزو الخارجي والحروب القومية والعالمية، قبل أن يأخذ في التكامل الاقتصادي والسياسي الحقوقي القومي. وهي الحالة التي تميز واقع العالم العربي المعاصر.
فالدول العربية في مجرى صراعها ضد الغزو الاستيطاني اليهودي تعرضت في البداية للهزيمة، كما جرى قبل قرون مع الغزو الصليبي. فقد تعرضت ردود الفعل الأولية من جانب الدويلات العربية إلى الهزيمة ثم ارتقت إلى المواجهة بعد أن استثارت حمية "الروح الإسلامي" بوصفه روح الانتماء الثقافي. وهي الصورة التي نعثر على رمزيتها الحالية في كفاح "حزب الله"، بوصفه النموذج الفعلي والحقيقي للمقاومة التي تمثلت في ذاتها مراحل الصراع ضد الغزو الأجنبي واحتلال الأرض. فمن الناحية الفعلية ليس ما يجري في لبنان وفلسطين سوى الصيغة اليهودية العصرية للغزوة الصليبية القديمة. بمعنى محاولة حشر النفس بالقوة وبلوغ الغاية بالسلاح. وهي عملية مآلها الفشل والاندثار.
وليس مصادفة أن نرى الآن، بعد عقود من المواجهة والتحدي والمقاومة الفعلية للغزو الخارجي أن يلتقي بوش والنظام السعودي والهاشمي ومبارك و"إسرائيل" على مواجهة "حزب الله" تحت مختلف الذرائع. بحيث يلتقي الاتهام بالإرهاب والتطرف (من جانب القوى الأجنبية الغازية) والحرص على "القوة العربية" (من جانب من ليس له قوة وحال) في إحدى اللحظات الحرجة للصراع التاريخي الفعلي من اجل الحرية والاستقلال، أي من اجل تكامل الذات. فالمقاومة الفعلية والصراع الحقيقي ضد الغزو الأجنبي هو عامل الوحدة الوطنية والتكامل القومي للفرد والجماعة والمجتمع والأمة.
فإذا كانت الهجمة الاستيطانية الخارجية وذرائع سلوكها واتهامها للمقاومة له ما "يبرره" ضمن سياق الأحداث والغايات الخاصة بها، فان "النقد" والشماتة "العربية" كما نراها في خطاب السلطات السعودية والأردنية والمصرية وإعلامها المأجور هو الوجه الآخر للانحطاط العربي الحالي. وهو انحطاط يمكن رؤية ملامحه في الأبعاد الطائفية الجلية والمستترة، كما نراها في الهجوم المفرط على احد النماذج الرفيعة للمقاومة الوطنية (اللبنانية) والقومية (العربية) والإسلامية، أي التي تجمع في ذاتها كل المكونات الضرورية والصميمية المميزة للمقاومة العربية الحقيقية. وكذلك من خلال إبراز "الدور الإيراني" كما لو انه "محور الشر" الفعلي للعالم العربي. وهي رؤية تخلو من أية أبعاد اجتماعية ووطنية وقومية وإسلامية، بل وتقف بالضد منها. وهو أمر تتضح معالمه الدفينة في تأييد "المقاومة العراقية" التي لا يتعدى كفاحها تدمير البنية التحتية للاقتصاد الوطني والاغتيال والقتل الطائفي، تماما كما تفعل إسرائيل في لبنان وفلسطين. وفي هذا تكمن دون شك إحدى مقدمات وبواعث التلاقي بين الرؤية اليهودية الاستيطانية والطائفية السياسية للممالك المتهرئة تجاه المقاومة اللبنانية كما جسدها ويجسدها حزب الله. وهو المعنى الذي أشرت إليه في بداية المقال عن أن ما يجري من صراع حالي بين قوى المقاومة اللبنانية وقوات الغزو الاستيطاني هو الوجه الآخر للعوالم الدفينة التي تغلي فيها مكونات الصراع الفعلي بين قوى الانحطاط والهزيمة وقوى الصعود والعزيمة، بوصفه صراعا عربيا داخليا من حيث الجوهر. وذلك لان استمرار المقاومة الحقيقية وقدرتها على التصدي للغزو الخارجي وتحصين النفس يعني بدء تكامل الوعي الذاتي (العربي) في مواجهة قوى الانحطاط والهزيمة. وهو الشرط الأولي والضروري لمواجهة الغزو الخارجي. وإذا كان حزب الله هو احد النماذج الرفيعة للمقاومة العربية الكبرى في الظروف الحالية، فان شدة وعنف الهجوم الخارجي (الإسرائيلي الأمريكي) والداخلي (للأنظمة المتهرئة والطائفية السياسية) هو مؤشر ودليل على طبيعة وآفاق الصراع اللاحق. وهي حالة تكشف عن طبيعة الموجة القادمة "للمقاومة" الفعلية في العالم العربي باعتبارها مقاومة الأنظمة المتهرئة التي أدى صراع حزب الله من اجل ترسيخ احد نماذجها إلى صداع ودوار الطائفية السياسية في تخبطها التافه تجاه ابسط مقومات العقل والمصلحة.
لقد برهن حزب الله فيما مضى والآن على انه قوة لبنانية عربية إسلامية مقاومة. وفي هذا تكمن قوته الروحية والمعنوية والمادية. فهو القوة الوحيدة التي تجتمع على تأييدها مختلف التيارات العقلانية بكل مشاربها، والوجدانية بكل إخلاصها، والوطنية بكل أصنافها، والعربية بكل ألوانها، والدينية بكل مللها حالما تكون أمينة للفكرة الجوهرية فيها، بمعنى الإخلاص لفكرة الحق والعدالة. وهو الأمر الذي جعل منه قوة نموذجية، يمكن الاختلاف معها، لكنها تبقى احد الأصوات الحية والصادقة للضمير العربي. أنها ليست نموذجا فريدا ولا مطلقا لكنها نموذج واقعي للمقاومة الواقعية وليست الزائفة والمنخورة بالمصالح الضيقة (من حزبية وطائفية وسلطوية). وهو الأمر الذي يجعل من مقاومة حزب الله مقاومة لبنانية رفيعة المستوى، ومن ثم نموذج للمقاومة العربية الكبرى، أي الحقيقية.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الأوهام الكبرى وبداية الأحلام الواقعية
- القوى الصغرى والأوهام الكبرى
- العلمانية العراقية – دنيوية المستقبل
- العلمانية العراقية – أوهام الأقلية وأحلام الأغلبية
- الشيطان - الملاك الضائع ودراما الوجود الإنساني
- كتاب جديد للبروفيسور ميثم الجنابي - الحضارة الإسلامية - روح ...
- تأملات مستقبلية حول العملية السياسية في العراق 2
- تأملات مستقبلية حول العملية السياسية في العراق 1
- (2) التشيع العراقي والفكرة العربية
- التشيع العراقي والفكرة الوطنية والقومية-1
- العراق - السقوط والبدائل -2
- لولا سيف الحجاج ولسان الحسن-1
- العراق - السقوط والبدائل وأزمة المرجعيات الكبرى
- حزب إسلامي أم حزب شيطاني
- النخبة السياسية ومهمة البديل الوطني في العراق
- النخبة السياسية في العراق المعاصر – أحزاب الطريق المسدود
- النخبة السياسية في العراق - أزلام وأقزام
- النخبة السياسية العراقية - زيف وتزييف
- فلسفة البديل العراقي
- أزلام السلطة ورجال الدولة 2-2


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - المقاومة اللبنانية – نموذج المقاومة العربية الكبرى