أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد أولاد الصغير - بُرعم الأمل..














المزيد.....

بُرعم الأمل..


سعيد أولاد الصغير
كاتب من المغرب

(Said Ouladsghir)


الحوار المتمدن-العدد: 6780 - 2021 / 1 / 6 - 00:57
المحور: الادب والفن
    


جلستْ تقـلّب في القِـدر طعام العـشاء، تحكي لصغـيرها الوحيد عن حياة أهل قريتهم الهادئة... كانت تحاول أن تزيل عنه مُسحة حزن شديد... لتعـينه على نسيان ذكريات أبيه المتوفى... فترسم على وجهه لحظة فرح اختفى... كان الصبيّ مسترخياً جنب أمّه، يسند رأسه على فخذها، يتابع بهدوء شديد حديثها السّاحر وهو يمسّك بأهدابها مسكاً... مـرّ وقت طويل هادئ وآمن... ومَا أنْ فرِغت من الحديث وتحرّكت من مكانها... حتى رَمَقَ الصّبي سَلّة مركُونة في زاوية البيت... استُثِيرتْ أعصابُه بشدّة وأجهـش بالبكاء، ثمّ بدأ يئِنُّ بنبرة مرتعـشة لم يسبق أن سمِعـتها منه من قبل ويقول: « أبي كان يعـدني بعناقـيد لا تُحصى ولا تُعـد... و أنا الآن، لمْ أفرح بها ولمْ أسعـد...!؟ ». تألّمتْ الأمّ المقهـورة لِما سمعـتْ، وكاد صدرها أنْ ينفجَـر... نهضت بسرعة، و أخذت السّلة واتّجهت نحو الدّالية الموجودة وراء الكوخ... لمّا وصلتْ، وجدتْ نفسها في مكان لم تعتد عليه، غريب ويكتسحه الظلام، وقفت حائرة، لا تصدّق ما ترى، تقهقـرت مرعوبة وحال لسانها يقول: « يبدو أنّ خَطبا ما قد حدَث... لِمَ الأوراق شحِـبتْ، والعناقـيد قلّتْ، وكلّ العصافير اختفـتْ..!؟ ». جثتْ على ركبتيها خافـقة القلب مَشدوهة، تُحَدِّق في أثر أقدام شبيهة بالحوافر... فجأة، شعرتْ بقبضة يد تضغـط على ذراعها الأيسر... بدأ قلبها يخفق بشدّة بين ضلوعها، حضنتْ يديها على قلبها وهي مذعورة و ترتعـش. استدارتْ، فرأت الجسد السّمين لشيخ القرية أمامها ينتصب، يترنّح وهو يُدير عـوداً للأراك بين شفتـيه، نشوان، عيناه تتراقصان وهو يبتسم... أخذ الرّجل يتجوّل بنظراته على جسدها، وبمكر، بدأ يلُوك كلاماً يميل نحو الهوى ويقـول: « أيّتها الأنثى النزقة، لقد سمعتُ العناقيد تسأل عنك الغُصنَ والفَنَن... بل، حتّى الأصنام والوثـن... فخفـت عليك مِن الظّنون... فقلت ألقـاء لعلي أفـكّ عنك الشّجن ... فهل أُخفي سـرّي هذا... أم يناسبك قولي في العلن...؟ ». فركت عينيها مِن الغـفـوة، استجمعتْ ما بقي لها من شجاعة، تمْتمَت بصوت مختنـق وتقول: « لِمَـنْ أشكو همّي، لِمَـنْ...؟ ألمغتصِبٍ جاء يهتك جثتي وهي في كَفَـن ... أم لمحتال يبيـع ستارة حزني بلا ثَمـن ... لا، لا، يا شيخَ الإفـك والبُهتـان... دَعْ لإبلـيـسَ ما لَعَـنْ...!. فحتّى وإنْ بقِـي لِي بُرعم واحد ويتيـم ... فأنا سأحمل همّي بين ضلوعـي وسأمضـي مع الزّمن... فلا أبالـي، إن في صدري حنين... أمْ في نهدَيّ لبَن احتقـنْ... ».
استسلمتْ للبكاء حتّى أفرغت ما تراكم في صدرها من ضيق وكَـرب، كفكفـتْ دموعها بظهر يدها، وتنهّدتْ تنهيدة عميـقة وأضافـْت: « فـو الله، لن أتسربل في ثوب المذلّة والفتن ... حتّى وإن صار التسوّل عندكم، مهنة كباقـي المِهن... ».
عادت المسكينة إلى كوخ حُلمها المُرتهن... دَسّـت نفسها في السّرير ... ضمّت بدفئ بُرعمها الصّغـير فسَكَـنْ.



#سعيد_أولاد_الصغير (هاشتاغ)       Said_Ouladsghir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصدٌ وقصائد..
- كأنّك ثري..
- ابن النّسب وسليل الأدب
- وجعُ السّطر السّابع
- ْحِـبـرٌ مُغـمّـس في مَـسخـرة
- همس أبي
- ثمن تلميع صورتي
- حذاء أمّي
- ضرب زيد عمراَ
- قصور وقصور
- صبر وسلوان
- زكام في ضريح مجهول


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد أولاد الصغير - بُرعم الأمل..