أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد أولاد الصغير - ثمن تلميع صورتي














المزيد.....

ثمن تلميع صورتي


سعيد أولاد الصغير
كاتب من المغرب

(Said Ouladsghir)


الحوار المتمدن-العدد: 6771 - 2020 / 12 / 26 - 23:10
المحور: الادب والفن
    


في رُكن من أركـان المقهـى... جلستُ أرتـشّف الشّاي وأتابـع حركة المارّة... أنظرُ إلى الهـاتـف وأقـلّـب أوراق صحيـفـة، حملتْ لـي بشارة سارّة... كـان ذهنـي يسبـحُ فـي فـلك مشحون... ونفسي تمـرحُ بين ثبـات وجنـون... فجـأة، وقـف بمدخل البـاب، صبيٌ بوجه فاتح السمرة، وديع ونحيف البنية... وجّـه إليّ بصـره، وعـرض عليّ خدمتـه. دعوتُـه لمـا يُـريـد... الـتفـتَ يميـناً وشمـالاً، ابتسم في وجه النّـادل... كَمَنْ يدمغ جوازاً للمرور أو تأشيرة للعـبور، ثمّ تقـدّم نحـوي، بثـقـة كبيـرة وخطى ثابتة وحرص شديـد. وكأنّه متنبّه لحركيّة ومكانة الكبار من حوله.
بسرعة البـرق، وقبـل أن يُرتّبَ أدواته البسيطـة... فتحتُ صحيفتي، تلمّستُ ربطـة عنقي الأنيـقـة... أبرزتُ ساعتي الثّميـنة... وضعـتُ قدمي على دُرج صغـيـر وقـلتُ مفاخراً: « انظـر؛ انظـر، هذه صورتي في صحيفـة الأوهام... لقد أصبحتُ مديراً لصنـدوق رعاية الأيتـام...! ». بَـدتْ عليه حالة من الغَـرابة، فتبسّـم وهو ينظر إلى قـدمي وقـال: « مـوفّـقٌ، مـولاي الإمـام...! ». تجرّعتُ شُربة ماء، لم أكنْ أرغب فيها، وقلتُ في نفسي: « حسناً، لا بأس، بل يحقّ لمثل هذا الصّبي الشّقي، كسير الفـؤاد، أنْ أطلعهُ على قصّة نجاحي أيضاً...! ». مسكتُه من كـتفه النّحيف وكأنّه جناح طيرٍ وأمرتُه أن يقرأ الخبر. رفـعَ رأسه بخجـل مُلتبس، تردّد لثوان قليلة ثمّ قـال: « يا سيّـدي المدير، أنا صبيّ فـقيـر، أعيشُ مع أهلي في كوخ صغير... نقتسمُ القَدر ونبتسمُ للقمر... ولا نهتمّ أبداً بأخبار البشر... منذ صغـري وأحذيّتـكم هي وحدها لُعـبي... أزيـلُ عنها الغُـبار وأصلحُ زلاّتهـا الكبار... طبعاً؛ أنا أيضا ظـفرتُ بصندوق خشـبيّ، ترِبتْ يدي... لكـنْ، قطعاً ما أظـنُّ المفتاح معـي...! ».
ذهـلتُ وشَرِدتُ... فتراقصَتْ أمامي روحٌ من الأرواح الزّكيّة... ولمْ يعُـد بمقدوري النّظر إلى رغبتي الغَـبيّة. على الفور، نقلتُ بصري نحو مرآة سطحها مصقـول للغـاية؛ أتفـرّسُ ملامحي لأعـرفْ... وأتفحّصُ حيرتي لتخِـف...
و قبل أن أنفـّذَ ما أمرتْ به نفسـي، وأحسّـنَ نوعاً ما موْقِـفـي... ضربَ الصّبي صندوقـه ضربـة قويـة بظهر الفُرشاة، لم يسبقْ لي قطّ، أن سمعتُها من قبل، حتّـى سقطـت منّي صحيفتـي... شعـرتُ حينها بطلـقـة اختـرقـتْ صدري... سحبـتُ قدمي... أدّيت ثمن تلميع صُورتي... وأخفـيتُ على الفور فرحتي.



#سعيد_أولاد_الصغير (هاشتاغ)       Said_Ouladsghir#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حذاء أمّي
- ضرب زيد عمراَ
- قصور وقصور
- صبر وسلوان
- زكام في ضريح مجهول


المزيد.....




- كامل كيلاني وحديقة أبي العلاء
- جمعية البستان سلوان تختتم دورة باللغة الانجليزية لشباب القدس ...
- -كول أوف ديوتي- تتحوّل إلى فيلم حركة من إنتاج -باراماونت-
- ثقافة -419- في نيجيريا.. فن يعكس أزمة اقتصادية واجتماعية
- بريق الدنيا ووعد الآخرة.. قراءة في مفهومي النجاح والفلاح
- يجسد مأساة سكان غزة... -صوت هند رجب- ينافس على -الأسد الذهبي ...
- شاهد..من عالم الأفلام إلى الواقع: نباتات تتوهج في الظلام!
- مقاومة الاحتلال بين الكفاح المسلح والحراك المدني في كتاب -سي ...
- دور الكلمة والشعر في تعزيز الهوية الوطنية والثقافية
- لا شِّعرَ دونَ حُبّ


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد أولاد الصغير - ثمن تلميع صورتي