الدولة وثورة الجوع والغضب التشرينية

فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 6765 - 2020 / 12 / 19 - 11:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يقول الفيلسوف الألماني نيتشه : (ليست العظمة عندي أن تخضع لأحكام الضرورة وتطيعها وتحبها ولكن وا أسفاه ما أسهل القول وأصعب العمل).
إذا كانت الدولة عاجزة عن تلبية مطاليب ثورة الجماهير السلمية العفوية، المفروض بها حمايتهم من الخطف والقتل !!؟؟.. بعد أن استعملت الوعود (تداف في عسل الكلام) وخدرتهم ورقدتهم من يقظتهم ورفع خيام الاعتصام من الساحات التي كانت تعبر عن روح الثورة ورمزها وفتح الساحات والجسور وانسحابهم منها في الوقت الذي كانت هذه الإجراءات عاصية على الدولة إلا أن مصداقية رجال الثورة استجابت للوعود التي أطلقتها الدولة في تلبية مطاليب الثورة المشروعة وقد كانت تلك الفترة والتصريحات بتلك الوعود التي أطلقها السيد الكاظمي قد حدت من عمليات العنف والخطف والقتل ضد الناشطين، إلا أن السكوت والانسحاب المفاجئ للسلطة حتى عن الكلام والزيارات لعوائل الشهداء من نشطاء الثورة أعطت ضوء أخضر للفصائل المسلحة ونشطت بشكل كبير في القتل والخطف بحيث لم يمر يوم بدون قتل أو خطف .. إن الدولة مؤسسة خدمية للشعب لها حقوق وعليها واجبات ... ومن هذه الواجبات حماية أبناء الشعب وتوفير حياة مستقرة ومطمئنة لهم وتوفير كل ما يضمنه الدستور من حرية التعبير والتظاهر والآن تتعرض هذه القوانين إلى الخلل والاختراق وحينما تصبح السلطة عاجزة عن حماية ورعاية تلك القوانين يعني ذلك أن الدولة عاجزة عن الالتزام بمسؤولياتها وتقديم خدماتها ومسؤولياتها التي هي من واجباتها تجاه الشعب ... كما أن ما قامت به الجماهير في احتجاجاتها حق مشروع ضمنها لها الدستور وليس منحة أو عطاء من الحكومة التي هي السبب في هذه الاحتجاجات لأنها هي التي أخلت في شروط عقدها مع الشعب وتقصيرها وإهمالها فاستعمل الشعب حقه في الاحتجاجات من أجل الوفاء في تلبية مطاليبه المشروعة .. إن السيد الكاظمي يتحمل كامل المسؤولية فيما آلت إليه ثورة الجوع والغضب في عمليات الاغتيالات والخطف لنشطائها أولاً : لاندفاعه الكبير وتعاطفه مع الثورة والوعود التي أطلقها لهم في محاسبة ومعاقبة القتلة للمتظاهرين ثم تجرده من التزاماته .. وثانياً باعتباره رئيساً للسلطة التنفيذية التي من واجبها ومسؤوليتها تنفيذ قوانين الدستور في حماية أبناء الشعب .. وكلا الحالتين لم تطبق وتنفذ مما فسح المجال وشجع القتلة بعد أن أمنوا العقاب على القتل والخطف.
كما أن من أسباب ضعف موقف النشطاء من قادة ثورة الجوع والغضب التشرينية التشتت والتمزق والتفكك الذي تعرضت له وحدة وإرادة الثورة هو استعجالهم ومبادرتهم إلى تمزيق لحمة الثورة إلى واحد وثلاثين حزباً الذي فرط شملهم ووحدتهم وفسح المجال لتسلل الأحزاب السياسية من أجل إضعافهم في الوقت الذي لم ينفذ حتى مطلب واحد من مطاليبهم المشروعة وفي الوقت الذي لم يستطع الرصاص والعنف المفرط من النيل من إرادتهم وصمودهم.
المطلوب الآن من القوى الحية ومن أصحاب الأقلام الحرة مؤازرة ونصرة تلك الانتفاضة العفوية والسلمية الجريئة والجسورة ودعمها في تلبية مطاليبها المشروعة ودعوة السلطة لحمايتهم من القتل والخطف .. لقد تراكمت الظروف إضافة إلى تزامن قانون جريمة المعلومات سيء الصيت الذي يكمم الأفواه والحريات. مع الإفلات من العقاب والفاعل مجهول الهوية وبهذه الصورة تصبح الطريق سالكة إلى الانتخابات !!؟؟

#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل