أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الإنتحار العقلي














المزيد.....

الإنتحار العقلي


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6760 - 2020 / 12 / 14 - 15:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عن العبث والحرية
١٤ - الإنتحار العبثي
يحلل ألبير كامو في أسطرة سيزيف رواية " ألمأخوذون " لدوستوييفسكي، وهي الرواية التي يدين فيها الحركة الثورية الروسية وينعت ألمجموعة العدمية - الثورية التي تدور في فلك نيتشاييف وباكونين بالممسوسين. وقد كان كامو معجبا بهذه الرواية ذات الطابع الرجعي وضد الثورة لدرجة أنه حولها إلى مسرحية. ودرس شخصية كيريلوف المهندس الذي نظر لفكرة الإنتحار المنطقي، أو الإنتحار العقلي الغير عبثي. يريد أن ينتحر ليحقق فكرته، والتي تتلخص في أن الله ضروري وواجب الوجود، ولكنه يعرف بأنه غير موجود ولا يمكنه أن يكون موجودا، وهذا في رأيه يشكل سببا كافيا للإنتحار ليؤكد حريته الرهيبة في غياب المتعالي، وبذلك يصبح إلها ليشغل هذا العدم الروحي والأونطولوجي. وهذه صورة مكثفة للعبث بحد ذاته، أن يقتل كيريلوف نفسه ليصبح إلها، بطبيعة الحال هو لا يتكلم عن الإله - الإنسان، وإنما عن الإنسان الذي أصبح إلها أي المسيح الذي تعذب ومات مسمرا على الصليب بدون مبرر ومن أجل لا شيء. لقد عاش المسيح وسط الكذب ومات من أجل كذبة، ولذلك يجسد المسيح المأساة البشرية والداء الذي ينخر الإنسان من الداخل لأنه حقق الوضع الأكثر عبثية. ويرى كيرولوف أن أي إنسان يمكن أن يصلب ويخدع مثل المسيح، والألوهة التي يبحث عنها هي ألوهة الإنسان الذي يرفض الرضوخ والإستسلام والطاعة والتبعية. إنه بالأحرى موقف المتمرد الوجودي أو الأناركي وليس العبثي. فإذا كان الله موجودا فهو الذي يتحمل مسؤولية ما يحدث وما نقوم به، يمكن أن نسرق ونقتل ونغتصب أموال الناس ونبرر كل ذلك بمشيئة الله ،لأن كل شيء متوقف ومرتبط بمشيئته وإرادته والإنسان مجرد أداة لتنفيذ هذا المخطط. أما إذا كان الله غير موجود فإن كل شيء سيتوقف على إرادة الإنسان وحده وهو الذي سيحمل صليبه ومساميره ومطرقته فوق ظهره ولا أحد يمكنه مساعدته. يسأل ستافروجين كيريلوف : هل تؤمن بالحياة الأبدية في العالم الآخر؟ ويجيب كيريلوف : كلا، بل أؤمن بالحياة الأبدية في هذا العالم. الإنسان ابتدع فكرة الله والحياة الأبدية وبقية الأساطير لكي لا يقتل نفسه، وكيريلوف أراد إنقاذ البشرية من الله ومن الإنتحار وذلك بإقدامه على الإنتحار هو نفسه. ورغم التناقض السطحي في هذا الأمر، إلا أن إنتحار كيريلوف ليس عبثيا، وربما لا يوجد أصلا أي إنتحار عبثي على الإطلاق، لأن الإنتحار نابع عن إختيار والإختيار هو ممارسة حرية الوجود، وهذا وحده يعطي معنى للحياة وللموت. إنتحاره يشبه التضحية بحياته من أجل أن يثبت للعالم عدم ضرورة الإله وعدم ضرورة الإنتحار لغياب هذا الإله، وذلك عن طريق التأكيد بوجود طريق الحرية، بدلا من الإنصياع والتبعية والإستسلام. ألبير كامو كان مهتما بفكرة الحرية، مثله مثل دوستوييفسكي، ويضع الحرية الفردية المباشرة في مواجهة العدالة والتاريخ، ولهذا اتخذ طريق تثمين القيم الإنسانية العامة، مثل حقوق الإنسانية وإلغاء عقوبة الإعدام وحرية التعبير والحريات البرجوازية عموما والتي في النهاية تمكنت من مسخ هذا "الإنسان الحر" المنعزل في زنزانته الذاتيه إلى مجرد "مستهلك" و"مشاهد" و"مستمع" و"ناخب"، ولم يعد له أي وجود إجتماعي حقيقي قادر على صناعة التاريخ أو تغيير العالم.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان إله أم حيوان؟
- فلتحترق هذه الأرض
- تناقض الفن والفلسفة
- العبث وخرافة اللاوعي
- بين التمرد والعبث
- الصياد وجنية البحر
- القفص الزجاجي
- براءة الغريب
- الطفو على سطح الأحداث
- المحاكمة
- ميرسو وإغتيال الشمس
- ميرسو - اللامبالي
- المسامير والعودة المضنية
- الغريب .. والسرد العبثي
- نهاية كامو العبثية
- ألبير كامو وأسطورة العبث
- عن الحرية والعبث
- فردة الحذاء والكورونا
- عدو الوطن
- جففوا المطر


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الإنتحار العقلي