أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - فردة الحذاء والكورونا














المزيد.....

فردة الحذاء والكورونا


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6718 - 2020 / 10 / 29 - 14:17
المحور: الادب والفن
    


يا أيها الذين آمنو بالوردة ودم العصفور والشفق وشقوق الجدران والرطوبة والمطر يا من رأيتم تشقق أقدام التائهين المسلوبين وعرق المسحوقين كتب عليكم الشقاء كما كتب على اللذين من قبلكم عسى النور يفتح لكم صدره وتدخلوا مدنه وتنعموا بالحب والصحو والاشتياق عنده يا أيها الذين آمنوا بالوردة ودم العصفور وقطعة الخبز هاهو النور يلبس ثوب الظلمة والشقاء يتخفى يتنكر ويتسكع في طرقات النجوم المنسية والشموس الباهتة يمشي حافيا يحمل قلب الشمس في عينيه يبحث عمن يحفر في عروقه معنى الاشياء يا أيها الذين آمنوا بالوردة ودم الاطفال وخبز الجياع النور يمضي مهاجرا هاربا تدوسه أقدام العابرين وينسى نفسه ويطفو على صوت القطارات القادمة من أعماق رموش قمر الحزن يحلم بجزر ملونة ليس فيها رموز الفقر والتفاهة يحلم بالوردة والشمعة الكابية والشعر ومياه الأنهار وصحراء القلب يرافق جلجامش في رحلته المستحيلة عبر غابات الارز البعيدة يحلم بروح الاشياء والغوص في أعماق وثنايا التفاصيل اللامرئية تنحل أشعة تنظم إليه تخترقه وتتحلل في مسامات جلده ويرحل معها إلى مدن الظلال والرمال يعانق الفراشات التائهة وسط النور المبلل بالندى والمطر يغويها وتتبعه إلى زرقة الأعماق إلى مصدر كل الألوان الظلمة تتماوج العتمة تتشكل قطرة ماء تعكس الوجود الغارق في أعماق شاعر صوفي ينشد الصمت يحتضن الموت قبل أن يحتضر وتصدمه صخرة الكآبة من وراء زجاج النافدة عمود الكهرباء المغروز وسط الرصيف شجرة الزيتون المعمرة الجريدة القديمة تحت السرير فيصحو على ذلك الصوت الرمادي لقطار الصباح الذي يغتال الأحلام ويفجرها بقرقعة الحديد ورتابة الإيقاع المميت في حجرته الثلجية في الطابق الثاني لم ينس عادة الإستيقاظ كل صباح رغم مرور الأعوام والسنين يغسل وجهه يدخل في ملابسه يربط فردة حذائه القديمة ويلعن اليوم الذي فقد فيه جواز سفره وغابت عيون أحبائه وراء الغيوم وفي مواجهة المرآة يحلق ذقنه يصفي حسابه مع نفسه عشقتها عشقتها فردة حذائي وبحت لها بكل الاسرار وسألتها الكتمان وجربت أن أنفي عنها كل الالوان وكل الاصوات جربت أن اعزلها عن عربات تفاهات الليل والنهار ولكنها في الخطوة الاولى باركت صحوها وقذفت بكل الالوان على كفنها غنت للون الازرق في عيون دوائر الصمت وحلقات الدخان تركتني وحيدا كنخلة ميتة انسلت هاربة لتلتحق بعصفور العطر النهري العائد من منفاه محملا باشعار الفقراء آه يا فردة حذائي في غيابك تعلمت لغة الصمت للرد على طحلب الشركة يسأله عن سبب تأخره أن الليل قصير وأن النور يخدعه على الدوام وبأن الزمان مجرد اختراع لإصطياد الفقراء الزمان لا وجود له خارج ساعة طحلب الشركة فلماذا كل هذا الضجيج ويسمع صوت الرتابة يمزق احاسيس الصحو عنده تغتاله اصوا ت البشر الضائعين وسط البركة الآسنة يفتح عينيه بيديه ويصب فيهما قليلا من عصير العنب المر ليفقد اتصاله بالكرسي والطاوله وكراسة يومياته المزرية ويمضي حاملا فرشاة أسنانه ويدخل الحمّام يراقب وجهه في المرآة يحدق فيه طويلا طويلا حتى تتشقق جمجمته ويسقط اللحم عن خديه وشفتيه وذقنه يرى عظامه المسودة بفعل الكلمات والدخان ليس لنا في هذا العالم العاهر غير صمت الليل وكآبة الامسيات وقيثارة وصوت شاعر مجنون تمتد رؤآه وراء جدران الزمان ليس لنا في هذا العالم سوى ألوان الفجر وتشكلات السحب المزروعة في السماء وتشققا ت الجدران القديمة المسودة بفعل الكلمات والدخان وبول البشر. أمل بشري يطفو على وجوهنا ممزوج بالدهشة واليأس ليس لنا غير ذواتنا هائمة في الفضاء الكوني الشاسع وفي أعماقنا ينمو حلم لعين نسجناه من رعب وحدتنا من رعب القوى الخفية في أعماقنا من الرعب الناتج عن موت الموت المتشكل أساطيرا تاريخا، سحرا ثقوبا سوداء تمتص الكون وجنيات ترقص وتغني على شواطيء البحار البعيدة حلم تمتد رؤآه إلى الانفجارات الكونية الأولى نحتضنه بحرائقه بمدنه المنهارة بجثته ببحاره الدموية بشموسه واقماره ونجومه باغانية واشعاره بليله ونهاره نحتضنه ونتيه به وسط العالم نخترق الدروب الوعرة ونعيد الاتصال بروح الأشياء نواجه الموت في أقصى درجات الوحدة لكي نحيا كل منا يحتضن مخدته ويحكي لها أحزانه ورؤآه قبل أن يلفه النوم في بطانية قديمة تعصرنا المدن الموبوءة بالتفاهة والملل ورجال البوليس وقذارة الكلاب والكوفيد اللعين مدن الثماتيل الميتة والمتاحف والمقابر مدن الصحف وفلسفات الكذب والنفاق المدن المحكومة بالعسكر ومهندسي الذرة ومستعمري الفضاء ونفكر في الفرار وقبل ان نتحرك يقذف بنا وسط بحير سأم قريبة ويعلنون الحجر الصحي العام



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدو الوطن
- جففوا المطر
- تحب تفهم تدوخ
- الشاعر لا يحب الأزهار
- الله غني عن الكينونة والوجود
- الله والخياط
- قط شرودنجر
- التمرد على الكلمات المتشيئة
- بين الكلمة والصورة
- وتبعثرت قشور الليل
- الجسد المكهرب
- الرنين
- كوجيتو
- قلق الزوايا
- الجريمة الأولى
- قابيل وهابيل - الإخوة الأعداء
- لقاء آدم وحواء على الأرض
- السيدة حواء
- أبجدية الخيال والعلاقة بين الدين والفن
- محكوم علينا بالحرية


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - فردة الحذاء والكورونا