أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - براءة الغريب














المزيد.....

براءة الغريب


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6743 - 2020 / 11 / 25 - 16:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عن العبث والحرية
٠٩الغريب بريئا
أهتم سارتر برواية حين نشرها لأول مرة وكتب عنها دراسة نقدية تبقى من خير ما كتب بهذا الخصوص، حيث يرى أن العنوان ذاته يشير إلى وحدة الإنسان في مواجهة العالم، بمعنى أن ميرسو يمثل بطريقة ما الإنسانية بكاملها، وليس فقط هذا الموظف اللامبالي. الإنسان المعاصر يعيش في هذا العالم بدون هدف وبدون أحلام وفقد حتى السراب، يعيش في ظلام دامس بدون إضاءة من أي نوع، بدون ذكريات وبدون أمل في عالم آخر وفقد الجنة والفردوس والأرض الموعودة. " لو كنت شجرة بين الأشجار، ربما هذه الحياة يكون لها معنى؛ حيث سأكون هذا العالم الذي يواجهني الآن. غير أن هذا الغريب الذي يواجهني في المرآة لعدة لحظات هاربة، هذا الإنسان العبثي لا يستطيع حتى أن ينتحر "، لأن هذا الإنسان يرفض أن يتخلى عن هذا الوهم - الحياة - فهو يريد أن يحيا وألا يتخلى عن أي شيء من معتقداته، ويؤكد نفسه من خلال التمرد على الموت، والإنبهار بهذا الموت هو الذي يحرره. رواية الغريب تبدو كأنها بحث أنطولوجي بخصوص الموت وكتجل للعبث. يقول كامو في أسطورة سيزيف " أن الموت والعبث هما مباديء الحرية المعقولة الوحيدة " الحرية التي يستطيع الإنسان أن يعيشها ويعانيها كتجربة تقود نحو عالم من الإنهيار والعدم، ولذلك لا حل سوى التركيز على الحياة الراهنة وعدم الإكتراث للمستقبل والشغف باستنفاد المعطى. فالعبث بالنسبة لكامو لكي يتدعم، لا قبل له بالحل. " إنه يفلت من الإنتحار، بمقدار ما هو في نفس الوقت وعي ورفض للموت .. إن نقيض المنتحر إنما هو على وجه التدقيق، المحكوم بالإعدام " شخصية ميرسو، المحكوم عليه بالإعدام هو إذا نقيض المنتحر، ولكن من الصعب القول بأنه شخصية عبثية أو حتى أن عملية قتله للعربي عبثية. ذلك أن هذا المحكوم عليه بلإعدام - ميرسو -، هو نفسه من نفذ بدوره حكم الإعدام على إنسان بريء وبدون محاكمة وهو يعلم بأنه لن يحكم عليه بالإعدام، لأن عملية قتل عربي لا تدخل في دائرة الجرائم التي تستحق هذا العقاب الهمجي. ومن خلال غياب الله وغياب العدالة فيما يخص العربي والفرنسي وحضور الموت كحد نهائي لتجربة الفرد وكعامل يشيء هذه التجربة المستمرة ويحولها إلى قدر Destin متجمد، فإن كل شيء ممكن وكل التجارب الوجودية لها نفس القيمة ونفس المعنى - أو اللامعنى، تتساوى في الأهمية والضرورة. الهدف الوحيد الذي قد يكون مخرجا من هذا الفخ هو معايشة أكبر قدر ممكن من هذه التجارب وخوضها بنفس الدرجة من اللامبالاة وذلك لتمضية الوقت وجعل الحياة أكثر إثارة وأقل مللا. ويبدو غريب كامو كأنه يلعب دور " البريء " الأزلي الذي لا يطاله العالم بمخالبه الملطخة، فهو كجزيرة وكمحمية ميتافيزيقية من قذارة العالم. ويقارن سارتر غريب كامو بأبله دوستوييفسكي ميشكين Mychkine لإشتراكهما في نفس البراءة والحياة معلقا في الهواء طافيا فوق الأحداث وعيش " الحاضر الدائم " بدون إهتمام. ويكاد يعتذر من أن الإلتزامات الفيزيولوجية والتي لا يستطيع التحكم فيها والتي تتغلب عادة على أحاسيسه وتغيب إنفعالاته " لقد كنت أشعر بالنعاس أثناء شعائر تأبين أمي، ولم أكن أعي ما أفعله". وميرسو غريب لأنه لا يستسلم للقواعد والقوانين المتعارف عليها إجتماعيا، ولذلك يحبه البعض ويحقد عليه البعض الآخر لحريته المطلقة.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطفو على سطح الأحداث
- المحاكمة
- ميرسو وإغتيال الشمس
- ميرسو - اللامبالي
- المسامير والعودة المضنية
- الغريب .. والسرد العبثي
- نهاية كامو العبثية
- ألبير كامو وأسطورة العبث
- عن الحرية والعبث
- فردة الحذاء والكورونا
- عدو الوطن
- جففوا المطر
- تحب تفهم تدوخ
- الشاعر لا يحب الأزهار
- الله غني عن الكينونة والوجود
- الله والخياط
- قط شرودنجر
- التمرد على الكلمات المتشيئة
- بين الكلمة والصورة
- وتبعثرت قشور الليل


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - براءة الغريب