أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الطفو على سطح الأحداث














المزيد.....

الطفو على سطح الأحداث


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6741 - 2020 / 11 / 23 - 12:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عن العبث والحرية
٨ - اهمية الجريمة
الكتاب كله مبني على المشهد الرئيسي وهو قتل العربي والذي يقع في نهاية الجزء الأول المقسم إلى ستة فصول والمكون من حوالي ٩٠ صفحة، ونفس عدد الصفحات في الجزء الثاني الذي يحتوي خمسة فصول، وكأن كامو يبحث عن نوع من التناظر والتقابل الشكلي بين حياة ميرسو قبل وما بعد عملية القتل.أندريه مالرو، الروائي الفرنسي الذي سيصير لاحقاً وزير ثقافة في حكومة شارل ديغول، والذي أطلع على مخطوطة الرواية، في ملاحظاته الإيجابية إلى كامو، نصحه التركيز على مشهد القتل؛ حيث طلب من الكاتب أن "يُقوّي حدّة الشمس ولمعانها على المعدن وتأثيرها على ميرسو".
فالأحداث الأولى يسردها ميرسو بطريقة موضوعية محايدة لدرجة الرعب، بينما في الفصل الثاني نفس الأحداث تحكى من زاوية نظر جديدة، القاضي والمحامي العام ومحامي ميرسو والشهود. ونلاحظ أيضا من الناحية الزمنية، الجزء الأول والذي يبدأ بموت والدة ميرسو وحتى إغتيال العربي تدور أحداثه خلال ثمانية عشرة يوما من أيام الصيف، أما الفصل الثاني والذي ينتهي بدوره بموت ميرسو فإنه يأخذ عاما كاملا حتى الصيف التالي. الموت هنا محطات أساسية لزمن الرواية، موت الأم، قتل العربي، ثم إعدام القاتل، وكأن القضية هي قضية الموت، ليس الموت كقضية وجودية عاشها ميرسو وإنما كإشكالية ميتافيزيقية أو كتراجيديا يونانية تجريدية. الأم ماتت قبل بداية الرواية ولا نعرف عنها سوى القليل، العربي بدوره لا نعرف عنه شيئا، بل ولا نعرف حتى إسمه. هذا الملخص السريع لأحداث القصة لا يمكن أن يعطي صورة واضحة عن كل جوانب النص الشكلية والفنية وخلفيتها السياسية والإجتماعية. لقد أراد كامو أن يقدم لنا ويعرفنا على نموذج الإنسان العبثي أو الإنسان الذي يعيش مواقف عبثية ووصف ظاهرة العبثية ذاتها من خلال تجربة الشخصية الرئيسية في الرواية "ميرسو"، الذي يدفن والدته التي وضعها في مأوى العجزة منذ سنوات، ثم يلتقى بماري في اليوم التالي ويسبحان معا ثم يذهبان للسينما ويمارسان الحب في تلك الليلة، وبعد عدة أيام يطلق خمسة رصاصات على رجل على الشاطيء لا يعرفه ولا يعرف حتى إسمه، ثم يقضي عدة شهور في السجن وتحكم عليه المحكمة في النهاية بالإعدام، ولكنه في نهاية الأمر لقد كان راضيا بحياته. ميرسو يعيش كل هذه الأحداث بطريقة هادئة وشديدة البرود وبدون أي إنفعال وكأن الأمر لا يعنيه مباشرة، إنه يعيش خارج حدود العالم الإجتماعي، وكأنه يطفو على سطح الأشياء والأحداث دون أن يلمسها. الواقع عنده هو تتابع الأحداث دون رابط بينها وكل حدث مستقل عما قبله وما بعده وكأنه ألغى تتابع الأحداث وقوانين السببية. تسأله ماري إن كان يحبها، لم يضحك، فقط قال أنه لا يعتقد ذلك. وعندما تطلب منه أن يتزوجها يقول لها بأنه لا يؤمن بالزواج، وأن الزواج والحب أشياء لا معنى لها، ولكنه سيتزوجها إذا أرادت ذلك. وكأنه لا يريد أن يلتزم أو يأخذ أي قرار من شأنه أن يغير حياته الروتينيه. حتى في العمل، عندما يعرض عليه رئيسه في الشركة أن يرسله إلى باريس لأنه يريد أن يفتح فرعا جديدا للشركة هناك، فإن ميرسو يرفض العرض قائلا بأنه لا يجد مبررا لتغيير حياته وأنه مقتنع وراض بحياته كما هي. وأثناء المحاكمة بدأ يستمع إلى الأحداث التي مرت به في هذه الأيام الصيفية قبل عملية الإغتيال من وجهة نظر قاضي التحقيق والمحامي والشهود، بدا له الأمر كأنهم يتحدثون عن شخص أخر لا علاقة له به.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاكمة
- ميرسو وإغتيال الشمس
- ميرسو - اللامبالي
- المسامير والعودة المضنية
- الغريب .. والسرد العبثي
- نهاية كامو العبثية
- ألبير كامو وأسطورة العبث
- عن الحرية والعبث
- فردة الحذاء والكورونا
- عدو الوطن
- جففوا المطر
- تحب تفهم تدوخ
- الشاعر لا يحب الأزهار
- الله غني عن الكينونة والوجود
- الله والخياط
- قط شرودنجر
- التمرد على الكلمات المتشيئة
- بين الكلمة والصورة
- وتبعثرت قشور الليل
- الجسد المكهرب


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الطفو على سطح الأحداث