أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - تيفولي - ايطاليا














المزيد.....

تيفولي - ايطاليا


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 6720 - 2020 / 11 / 1 - 17:48
المحور: الادب والفن
    


تيفولي إيطاليا، قصور وسرايا وتاريخ عريق.

انزلقتْ أطرافِي في كُوّةٍ بعيدةٍ لا تشبهُ أيَّ قَعرٍ، حين عَزمتُ على الذهابِ إلى إحدى المدنِ الإيطاليةِ الجميلةِ والعريقةِ، والتي تُدعى تيفولي، وتقعُ على نهرِ أنييني، على بعدِ 30 كم شرقَ العاصمةِ الإيطاليةِ.
استخدمتُ حواسِّي جميعَها لأَحظَى بالمزيدِ من الرؤيةِ، فمُهمةِ السفرِ تتطلّبُ، أن تستيقظَ على عزيمةِ التّجوالِ والاكتشافِ، وجمعِ ما تستطيعُ جمعَهُ من مُشاهداتٍ ومعايناتٍ نادرةٍ.
بدأت مُهمةَ اكتشافِ المدينةِ من محطةِ قطارِ روما المتجهِ نحوَ الهدفِ، لم يكنِ القطارُ حديثا ولا مُريحا، مقاعدُ خشبيةٌ يابسةٌ وضيقةٌ، تدلتْ منه دَرفاتُ النوافذِ التي بقيتْ مفتوحةً مما دعا الريحَ إلى التفرعنِ، والتجبرِ داخلَ المقطورتين، وكلما اخترقَ القطارُ، وتوغّلَ في إقليمِ لاتسيو تكشّفَ للعينِ المزيدُ من الضواحي الفقيرةِ، لكنْ قبلَ الوصولِ إلى المحطةِ الأخيرةِ ظهرت من بعيد قلعةٌ تاريخيةٌ ضخمةٌ، استُخدِمت سجنا، وتحوّلت فيما بعدُ إلى متحفٍ، وقد قامت تلك القلعةُ على تلةٍ ارتفعت 250 مترا عن سطحِ البحرِ، وشهدتْ على تاريخٍ عريقٍ من التمّردِ والعصيانِ زمنَ الخصومِ في الدولةِ اللاتينيةِ، ثم إنّ المدينةَ أُخضِعَتِ في النهايةِ واعتُبِرَت حليفا لروما. يمكن اعتبارُ مدينةِ تيفولي أبعدَ بعدةِ قرونٍ من روما.
نشأ بيني وبينَ محطةِ القطارِ إحساسٌ غيرُ مريحٍ، بدايةً أردتُ العودةِ من حيثُ وصلتُ، لكنّ أحدَهم وقفَ أمامي، وحثّنِي على الاستمرارِ في رحلتِي قائلا: اخرُجي من المحطةِ المُهملَةِ، واسلُكِي طريقَ النهرِ، وعند عودتِكِ مساءً أخبريني عن انطباعاتِكِ، وللعلمِ، فإنّ آخرَ قطارٍ يعودُ إلى روما في الثامنةِ مساءً.
عبَرتُ جسرا مُعلّقا، تسَرّبَ إلى مَسامِعِي صوتُ كمانٍ، بحثتُ عن العازفِ فلم أجدْهُ، وإذ بصبيٍّ يُلوّحُ لي من بعيد يدعُوني إلى الاقترابِ، كان قد اعتمرَ قبعةً صُنِعت من القَشِّ، وحملَ بعضَ المِظلاتِ، أخبرني أنني قد أصبحتُ داخلَ مِنطقةِ ( سوق البرغوث )، سوقٍ شعبيٍّ أسبوعيٍّ عُرِضَت فيه جميعُ ما تشتهِيهِ العينُ، وقال لي: لقد حجزتُ لك مكانا، وها هي الشمسيةُ، وثمنُ المَقعدِ صورتان لأوريليوس، (قصد فئة 50 سنتا، مرسومٌ عليهما تمثالُ الإمبراطورِ ماركوس أوريليوس وهو على ظهرِ الخيلِ)، حسابُكِ الكُليُّ كما تريدين من دافنشي، قصدَ يورو، (اعتمد عمل من دافنشي على اليورو).
نَقدتُ الصبيَّ بيدِهِ ما أرادَ واستمررتُ في رحلةِ الاكتشافِ، سلَكتُ طريقا اكتظّت بفيلاتٍ رائعةِ الجمالِ زُوِّدت بحدائقَ مُورِقةٍ، وأخِذْتُ بمشاهدِ الشلالاتِ، والجداولِ، والبِركِ، والقصورِ المُكتنزةِ بالتُّحفِ والنوافيرِ القَيمةِ، وعرفتُ خلال ذلك التَّجوالِ أنَّ الإمبراطورَ الحاكمَ قد أقامَ في قصرٍ من تلك القصورِ.
شُيّدَتْ كنائسُ تاريخيةٌ عديدةٌ بمُحاذاةِ بيوتِ الأثرياءِ، وتحولتْ بعضُ القصورِ إلى قاعاتِ أفراحٍ تُطِلُّ شُرفاتُها المُشرَعةُ على حقولِ الزيتونِ التي أحاطت بالأماكنِ الأثريةِ الرومانيةِ.
عندما وصلتُ إلى فيلا المحاربِ أدريانو، بدا لي وكأنني دخلتُ الجنةَ المَوعودةَ التي يتحدّثونَ عنها، ففي كلِّ جدارٍ ارتسمت حِقبةٌ من التاريخِ، وفي كلِّ سقفٍ نُقشتِ الصورُ العريقةُ التي تروي أحداثًا كثيرةً حصلتْ.
في نهايةِ النهارِ عزَمتُ على تناولِ طعامِ العَشاءِ، فاحترتُ بانتقاءِ المطعمِ من سلسلةِ مطاعمَ أقِيمَتْ في المِنطقةِ الأثريةِ للمدينةِ، ببنائِها القديمِ الذي يعودُ إلى أكثرَ من 300 سنةٍ قبلَ الميلادِ، جلستُ في مكانٍ أثريٍّ امتدّ فوقَ قمةِ الوادي العميقِ، وكان المكان يضجُّ بالسّياحِ، وبخريرِ الشلالاتِ، والينابيعِ المتدفقةِ الرائعةِ.
من يزُرْ إيطاليا ويُفوّتْ زيارةَ تيفولي، يخسرْ كثيرا من المشاهدِ الحضاريةِ والتاريخيةِ التي تُعرف بها أوروبا.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يافا إلى بيروت
- منطقة كانغرو بوينت
- فظاظة اللسان
- مش غلط أتذكر
- رحلة إلى جزيرة جيمس بوند - تايلاند.
- رحلة الهجرة، إصرار وواقع.
- حملت البومة الأمنيات
- رحلة إلى شلالات هوكا - نيوزيلاندا
- الساعة المقدسة
- الأقصر وأسوان وحِكَم أحيقار - سقطة برديات يمكنها أن تغيّر ال ...
- أقاوم النّوم بالنّعاس
- زِند طائِر البوم
- دينا سليم حَنحَن.. هجرة أسترالية فجّرت ينابيع الأدب
- كورونا عصر وزمان - نَبتَ الضّحك وخرج من قيده.
- بتعرفوا شو ؟
- جيل ضائع بين أهل الكهف والمجرات.
- حكاية البئر والراعي
- الطريق إلى حيث نريد ولا نريد – تايلاند.
- طفلة أيلول 1948 قصة حقيقة من قصص النكبة
- فضة - حكاية تراث من السّلط


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - تيفولي - ايطاليا