دينا سليم حنحن
الحوار المتمدن-العدد: 6551 - 2020 / 5 / 1 - 16:41
المحور:
الادب والفن
بتعرفوا شو؟
عندما تستيقظ صباحا على موعد تعرفه تماما، ما هو الشعور الذي يتملّك منك ولا تستطيع التخلص منه؟
سأتحدث عن نفسي:
كان ميلادي في فلسطين، أخبروني، أبصرتُ النور الخامسة صباحا، يومها، هطلت الأمطار غزيرة وسريعة وسببت السّيول، ذاب الحصى داخل الوديان، وسقط الحصرم ولم تطرح الكرمة عنبا. ابنة نيسان، التي هي أنا، قضت على الموسم.
أمطرت أمس في (بريزبن) بشكل فجائي وبغزارة، لكن لدقيقة واحدة فقط، أمطرت عن يوم واحد، لا بأس، لا كرمة في حديقتي!
سكتَ الغيم سريعا وصَفَت السماء، كنتُ ما زلت في سريري، مرّ شريط ازدحم بالمشاهد الثرية، صور وذكريات وأحداث مختلفة، منها الجميل والجذاب، ومنها السيء والدّميم.
أنا هنا عبر المحيطات
بعيدة عن مسقط رأسي
آلاف الأميال
لكن كل شيء حضر بثواني
قفزت بي الأيام
عدتُ إلى الماضي
تذكرتُ
عندما
سقطتُ في سلّة الحيرة
ترددتُ وارتبكت وتحيّرتُ والتبست علي الأمور
أمس
قفزت ذكرى لجوجة من خلف الكواليس
منعتني من الفرح بيوم ميلادي.
عادت المشاهد التي خاصمتها ولم تخاصمني
"يوم زفافي"
رقص الجميع أمامي فرحا
تأملتهم ولم أسمعهم
أكلتني حيرة مميتة، كنت لا أزال في زي العروس
سألت نفسي في حينه:
ماذا أفعل هنا وهل اختياري صائب؟ كيف سأترك عائلتي ومدينتي، كيف سأبتعد عن والدي الذي يشبهني في طباعي، كيف سأبني أسرة، وهل أستطيع التأقلم مع محيطي الجديد في الضيعة؟
دخلتُ في دوامة اختياري. صدمة حقيقية!
ضاع خاتم الزواج، ولم تلتصق العجينة على الجدار، وسقطت الطرحة، وماذا بعد؟
أذكر تلك الليلة جيدا...مأساة.
تكدّست الأفكار ووشوشتني، حثتني على الهرب قبل فوات الأوان، لكن إلى أين وقد
عقد القران وانتهى كل شيء.
وبقيت
أصبحتُ زوجة فجأة وأم لطفل وأنا في العشرين.
أمس:
زيدَ على المشاهد مشاهد أخرى كثيرة
وزّعت مشاهد الماضي ومشاهد الحاضر في كفتي ميزان
انهمكت في التوزيع
فالمشاهد كثيرة ولم تمحها السنين
أغرتني زقزقة البلابل
تجمعّت على شجرة عبر نافذتي
كم أنا مفتونة بها
أنزلني المشهد من السرير
ابتسمت
امتلأت بالحياة
واحتفلت بذكرى ميلادي.
#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟