أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - رحلة صيد














المزيد.....

رحلة صيد


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 6432 - 2019 / 12 / 8 - 19:36
المحور: الادب والفن
    


رحلـــة صيــــد
من قصص النكبة

حصلت الحكاية قبل سقوط فلسطين وانسحاب الإنجليز منها.
يكسو غابات فلسطين الصنوبر المثمر والسرو، اشتهرت الجبال بكثافة الأشجار والمنحدرات الرائعة التي تخلب الألباب.
قصد رشدي ربوع الوطن هربا من ضوضاء مدينة اللد، أمضى في الغابة وقتا خيرا كما تمضي السّماء إلى مَوكبِ العشاق كل ليلة، قرأ القصائد، وتأمل عظمة الكون.
في استراحة الظهيرة، أغلق الكتاب وأخذ يقارن جمال ما قرأه بين دفتيه وما يحيطه من جمال حقيقي وملموس، هيأ له خيمة صغيرة وضع فيها كل ما يلزم من أدوات القنص.
عشق الصيد كعشقه لروحه، خاوى جنان الأنهر وجنّات الليالي، تغنى بكوخ عتيق ظهر وسط الضّباب، وظلت جميلة على أبد الدهر ملهمة هذا العاشق اللهفان.
ترك خطواته للضياع على قِمَم جبال القدس، كزاهد، أودع حُلُـماً احتضنته نجمة خجلى، عشق المغامرة وما تحمله الطبيعة من أسرار، أسرار لا يعرفها إلا هو، شغف بالفجر وبالصباحات، احتضن الليل بلمسة صمت، عانق همس اليعاسيب ونصت لخرير الينابيع، ساوم ثغاء الماعز واستبدله بنقرات الطير داخل عشه.
اصطاد الصفاء وأحاجي الحفيف وأغلال السحاب، لاحق ظبية شاردة ببندقية مبصرة، صوّب نحو أعناق الطيور، لكنه لم يقنص سوى الشنّار.
ليلا والسماء مقمرة، وجّه عزمه إلى النوم، سمع جلبة وحركة أقدام تقترب منه، البندقية بعيدة ولم يستطع الوصول إليها، أمره أحدهم بأن يرفع ذراعيه مستسلما، طالبه صوت آخر بالمال، وبقي الثالث صامتا، تبعه لصوص من قطّاع الطرق دون أن يلحظ ذلك، أخبرهم بصوته الحازم عدم امتلاكه مالا، يملك بندقية ستخترق صدورهم إن تجرأ أحدهم الإقتراب، نبح الكلب بشراسة، حرره حديثا من مركز الترويض، الكارانتينا(1) الواقع في تل أبيب، أمضى (هوركوليس) الكلب فترة تدريب مكثفة، خرج محقونا بالشراسة المشبعة بالمرونة وحكمة الإقدام، تمرّن وتمرس في كيفية إقصاء المعتدي والقيام بحماية المعتدى عليه، أفشل المهمة، هجم مثل الصاعقة، فر اللصوص قبل أن ينقض عليهم، زجره صاحبه وأمره بالعودة، أتقن (هوركوليس) التقاط الفريسة من جناحها والعودة بها دون أن تتلوث بالتراب.

انتشرت شائعات حول اقتحام بعض الجنود الإنجليز بيوت المدنيين بنيّة البحث عن أسلحة، خشيت جميلة من زغب الحجل المكوّم داخل حاوية الزبالة، فكرت في إجابات مقنعة ترويها إن حصل وسألوها عن الصياد الذي اقتنص الطيور مستفسرين عن البندقية، احتارت وقلقت.
أغمض رشدي عينيه لنسمة عابرة، هبّت دون موعدها فاستسلم لها، كم هي مدهشة هذه النسمة التي دعته يبتسم برهة! لمسته لحظة سعادة، خَطْفة أمل ميسورة، لكن، فجأة، تحولت السعادة إلى غضب عارم، رمت الحنق الصامت داخله فأثارته، تسربت، اخترقت أنفاسه، اقتربت منه وقع أقدام صلدة، اقتربت أكثر، كأنها خبب ثعالب، سقط في مكيدة.
اهتاجت دواخله، صرخ بصوت شحيح، لاك شيئا من الغضب، غمرته أفكارا سوداوية، انحنى أرضا، مسّد التراب، حمل حفنة، وضعها على رأسه وصرخ:
- هذا التراب... هذا هو التراب... هذا الذي...
- ماذا بكَ... ما بهِ هذا التراب؟ سألته جميلة.
- هذا الذي سيواري أحلامنا جميعا.
...
(1) كارانتينا: استخدمتها الألسن، لفظة لاتينية وتعني أربعين، مركز صحي خاص بالحيوانات.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بُربارة ومعمودية
- بربارة ومعمودية
- عــيد لـِد - كنيسة الخضر في اللد
- لقد تبعثرت الأشياء في جميع دول العالم!
- صورة شاهدة على النكبة
- نصري رزق الله والحريق
- عروس ورصاص
- سرد أحداث حصلت
- سقطت المدينة وبقي البهلوان
- أنقاض مملكة ووجهة نظر أُميّة - الملك داوود نموذجا.
- تغطية لصدور الطبعة الثانية من رواية جدار الصمت للروائية دينا ...
- ذاكرة مكان - مدينة بريزبن
- التطهر الجسدي تقليد وتراث
- ربيع المسافات - الحلقة 13
- رموز ورقي ومعاملة ورحمة وانتحار وخلود.
- ربيع المشافات الحلقة 12
- الغائب
- الكابتن جيمس كوك والمتاهة
- أغنية في صدري
- مال وثقافة وزهو - عائلة مديتشي مثالا


المزيد.....




- وفاة الشاعر العراقي موفق محمد
- دور النشر القطرية.. منصات ثقافية تضيء أروقة معرض الدوحة الدو ...
- على -أرجوحة بالي-.. تواجه الممثلة تاراجي بيندا هينسون أكبر م ...
- قريبا.. صدور -تاريخ الدولة الروسية في قصائد- للشاعر الروسي إ ...
- فنانون يجسدون شعار -من النقش إلى الكتابة- في معرض الدوحة الد ...
- صدمة لفنان مصري بعد إيقاف معاشه الحكومي اعتقادا بأنه توفي
- حظي بالإشادة.. توم كروز يُضفي إثارة جديدة على مهرجان كان في ...
- مهرجان كان: الكشف عن قائمة الـ101 الأكثر تأثيرا في السينما ا ...
- روبرت دي نيرو ينتقد ترامب بشدة في خطابه بمهرجان كان السينمائ ...
- منع العري في مهرجان كان السينمائي.. يُشعل الجدل


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - رحلة صيد