أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - ذاكرة مكان - مدينة بريزبن














المزيد.....

ذاكرة مكان - مدينة بريزبن


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 6312 - 2019 / 8 / 6 - 19:50
المحور: الادب والفن
    


ذاكرة مكان

لنزرع ورودا في شرفات بيوتنا ونوافذها فالغد آتٍ - مدينة بريزبن

بقلم: دينا سليم حنحن

يداويني النهر
ويناديني البحر
أي انشقاق هذا
إنه انشقاق جميل تسكنه الروح
صببنا دموعا على أوطان وعدتنا بالأحلام التي لم تتحقق، ووقفنا في وجه الريح الصاخبة مثل صخرة صلبة لا يزيحها سوى بركان سيبرق وسيرعد في الأرض في يوم ما، لست متشائمة لكن أصبحت حياتنا داخل واد وخالية من كل رمق، ننتظر برقة تومض في الظلام ورعدة تؤرق السماء، ويطول الانتظار، لقد أصبحنا "أشخاص فصول" نسقط ولا نعود، لسنا خالدين.
وعلى المكشوف، في يوم ما وبدون أن نخطط كثيرا أصبح جزءا منا لاجئا في أرض لا تشبهه ومكانا لم نألفه، لا فنجان قهوة على صينية مفروشة بشرشف من تطريز اليد، ولا رغيف ساخن من عجين طازج ولا هواء ملوثا بالبارود أو ضجيجا يملأ قلوبنا حقدا.
لقد استبدلنا آهاتنا إلى ضحكات وعبوسنا إلى ابتسامات وصيحاتنا إلى هدوء مثمر، واستثمرنا قوتنا من أجل بناء مستقبلنا، لقد عدنا إلى أنفسنا لنكتشف السحر الكامن دواخلنا، هذا السحر الذي لا يعترف به المجتمع الذي أشغلنا بمشاكله ونسي وجودنا.
فبدل أن نتكيء على أذرع الآخرين فتلتئم جراحنا، ومنا من يتعمد نكأها، لم نحصل سوى على التذمر والمعاداة، لذلك قررنا مداواة جراحنا بأنفسنا.
عندما وطئت أقدامنا أرضا آمنة تبدل كل شيء، فمجرد أن تسير في طريق لا يعرفك فيه أحد، يمكنك أن تخاطب نفسك وتعاتبها وتؤنبها وترممها وترسم لها طريق الخلاص وتستطيع التعفف من الماضي.
فمجرد أن تتظلل بشجرة معمرة ومعتنى بها في مدينتي الرائعة "بريزبن" ستخمن أنه لا هم ينتظرك في آخر الطريق، تتفيأ بظلها وتنتظر المزيد، وإن زارك طائر وتوقف قرب قدميك تبتهج روحك وتنهمك التأمل بمشيته المرتاحة، تستمر في طريقك فتصادفك أسراب الطيور المتراقصة في صفحة السماء، تنسج من زقزقتها قصيدة، وعندما تصل الشاطيء دون أن تدري بوجوده، تنحني بقامتك وبخشوع ثم تركض إليه وتنظر وتصمت وتتأمل وتروي له وتتذكر برهة مساند الدكة التي ساندت ظهرك تحت عريشة العنب في الوطن، هو ذاته المكان الذي تحول إلى ذكرى عتيقة.
تستمر في طريقك وتحس عينا راقبة وغير مخيفة تتبع خطواتك، تحرسك وترشدك إلى طريق العودة، وإن عدت تجد نفسك محتاطا بشعور الزهو فتقرر زيارة النهر، تقطع المسافة القصيرة الواقعة بين الشاطيء والنهر الملتف على حاله، لا شجر صفصاف ولا أشجار زيزفون هنا بل هي أشجار بعناوين جديدة ترافق رحلتك حتى يحين موعدك مع الحلم، حلم البحث عن الصبية التي انتظرها التنين في النهر، لقد غاب عصر التنين وحل مكانه عصر آخر ينأى بنا إلى حيوانات بحرية قرأنا عنها في الكتب فقط، لقد وجدنا الحيتان والدلافين في شواطيء أستراليا وفاجأنا القرش بتمرده وهو يغتال سكينتنا ونحن بانتظار صبية التنين، ورأينا سمك القرش الذي لن ينقرض طالما خاويناه.
على نهر بريزبن نبني أسطورتنا، واسمه الحقيقي Maiwar بلغة السكان الأصليين، هو نهر قائم في الجنوب الشرقي لولاية كوينزلاند، مبتدءا من خليج (موريتون) وله العديد من الروافد ويبلغ طوله 344 كم.
تقع بريزبن على الشاطيء الشرقي للقارة الأسترالية على المحيط الهاديء، وهي ثالث أكبر مدينة أستراليه، أسست عام 1824 بداية كمستعمرة بريطانية، وفي سنة 1839 حيث انتهى عصر العقاب ليعلن عنها منطقة حرة مفتوحة أمام المهاجرين العاديين، وفي سنة 1851 فصلت عن (نيو ساوث ويلز) حيث باركت الملكة (فكتوريا) ملكة بريطانيا هذا الحدث، فأصبحت ولاية قائمة بحد ذاتها. (كوينزلاند) (أرض الملكات) قائمة على نهر (بريزبن).
كلما توغلت في طرق بريزبن وجدت طرقا معبدة حديثا وأماكن جديدة فالبناء في هذه المدينة مستمر عندما بدأ عدد السكان بالتكاثر، وعندما تجلس في أي ناحية تشرف على النهر فالنواحي كثيرة، ستتأمل جمال الطبيعة وخفة ظل الناس الذين يبادلونك التحية بابتسامة تضعك في سلة الحيرة والتساؤل، وأهم شيء تقودك إلى البحث والتقصي عن تاريخ السكان الأصليين، الأؤبرجين، وتتساءل، لماذا حيثما أذهب تذهب معي الأطياف، وأجيبك، لأنك انسان والإنسان جزء من حياة وقسم من مجتمع حتى لو اختلفت اللغات.
أيها القارئ كن سعيدا مثلي في مدينة تعشق الجمال!



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطهر الجسدي تقليد وتراث
- ربيع المسافات - الحلقة 13
- رموز ورقي ومعاملة ورحمة وانتحار وخلود.
- ربيع المشافات الحلقة 12
- الغائب
- الكابتن جيمس كوك والمتاهة
- أغنية في صدري
- مال وثقافة وزهو - عائلة مديتشي مثالا
- في رحاب الجنوب الأسترالي
- أظافر الموتى مولعة بالحياة
- احتفال بالروائية دينا سليم حنحن في بريزبن أستراليا
- مداخلة الشاعرة راغدة عساف زين الدين في أمسيتي
- شاهد على النكبة يحتفل بعيدة التسعين
- براكين الدهشة
- عمتي سلوى والعربة
- البُربارة في الحكايا الفلسطينية حكاية حقيقية
- الذكريات قرينة الحياة والممات
- بمناسبة مرور 100 سنة على توقف الحرب العالمية الأولى
- مستوطنات بريئة في الشمال الأسترالي
- بيكاسو والدير


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - ذاكرة مكان - مدينة بريزبن