أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - رسالة لشيخ الأزهر














المزيد.....

رسالة لشيخ الأزهر


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 6718 - 2020 / 10 / 29 - 21:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تحياتي لكم..وهذا ليس خطابا مفتوحا ولكنه استدراك لتصريحك الشهير منذ أيام أن على فرنسا والعالم تشريع قانون لعدم (ازدراء الأديان)

لن أفتش في أصول علمكم بالثقافة الفرنسية، فالمشهور أنك خريج جامعة فرنسية وهذا غير صحيح فالدكتوراه التي حصلتم عليها من الأزهر في العقيدة والفلسفة، وهي لا تخص فلسفة العالم الحداثي بل عقيدة اللاهوت الإسلامي (علم الكلام) أي أن تخصصكم لا دراية له بالحداثة ولا الثقافة الفرنسية ولا التطور الحضاري للعالم منذ 100 عام، وكل ما حصلتم عليه من شهادات هي في علوم التراث الأشعري لا غير..

وقد تجلى ذلك في ترجمتكم الخاطئة لخطاب ماكرون، فهو لم يهاجم الإسلام كدين ورسالة، بل هاجم التنظيمات المسلحة ودعاة الكراهية والعنف، وأستغرب أن 6 أشهر لديكم في تعلم اللغة الفرنسية وترجمة كتب منها للعربية ومع ذلك عجزت عن ترجمة كلام الرئيس الفرنسي..

سيدي مع كامل الاحترام لجنابكم: هل تعلم أن دعواك بعدم ازدراء الدين تصيبك أولا بصفتك رجل دين تقول على المسيحية كافرة واليهودية أحفاد قردة وخنازير؟..هل تعلم أن دعواك هذه تصيبك أولا لوصفك السابق للمذهب الشيعي بالخطورة والضلال على المسلم؟..وهل تعلم أن حلقات الرد على الإمامية الإثنى عشرية التي عقدتها في التلفزيون منذ سنوات تضمنت سبا وتجريحا لبعض علماء الشيعة الكبار؟..هل تعلم أن أول من سيُضار من هذا القانون الذي تريده هو أكثرية فقهاء وشباب الأزهر الذي لا هم له الآن سوى تكفير وإباحة دم من ينتقد البخاري أو يسخر من الدين الإسلامي في صحيفته؟

مجمل ما تريده أن (على فرنسا ألا تكون فرنسا) و (على الحضارة الإنسانية المعاصرة أن تعود لعصر ما قبل مارتن لوثر من تأليه البشر والحكام بصفتهم حراس العقيدة)..

فرنسا وأوروبا بنوا حضارتهم ليس على جثث المسلمين كما ترددون دائما في المحافل، إنهم مروا بتجارب أليمة وفقدوا الملايين في حروب وثورات فاشلة وأخرى ناجحة قبل أن يخرجوا بميثاق حقوق الإنسان الدولي الذي بات يحكم تشريعات كافة الدول، بينما أنتم قفزتم على هذا الميثاق وتحصرون جرائم الفرنسيين فقط ضد المسلمين، وتنسون أن هذه الدولة الاستعمارية قتلت من الفرنسيين والأوروبيين والروس أضعاف من قتلتهم من شعوب الشرق الأوسط..

إنها حقبة تاريخية مظلمة تبرأوا منها..ولولا (حرية التعبير) التي ترفضها ما أدركوا أنهم مخطئين، فالحرية تعني النقد الذاتي وتصويب كشاف الإصلاح على النفس وشيوع كافة قيم الشجاعة والإيجابية في مواجهة الأخطاء..بينما القانون الذي تريده سيجعل من الشيوخ ورجال الدين (أصناما تُعبَد) لاسيما أن منع انتقاد الدين سيتضمن في جوهره منع انتقاد رجل الدين بصفته الممثل والشارح الأصلي للعقيدة..وهذا الذي وقعتم فيه بازدراء المذهب الشيعي والعقيدتين المسيحية واليهودية لسبب وحيد هو أن رفضكم لتلك المعتقدات تضمن رفض واحتقار لعلمائه وكهنته..

الحرية سلاح ذو حدين..فمثلما هي تقدم صورة سيئة عن النبي، أيضا هي تقدم صورة جيدة..فيمكنك في المقابل أن تصنع صورة جيدة عن النبي موجهة للأوروبيين، وهذا سيحدث بأمرين اثنين، أولا بمراجعة التراث الديني والصحاح الروائية..هذا شئ سهل وبسيط في مقدور مجمع البحوث الإسلامية أن يُنجز كتابا للحديث يدرسه تلاميذ الأزهر في الفصول بدلا من ترك هؤلاء الشباب أمام نصوص الحديث التي تهين النبي وتُظهره كقاتل مغتصب عديم الضمير، ثانيا: بخطاب تسامح عام موجه لكل الأمم دون شروط.. وهذا أيضا يمكنك تحقيقه..

فالأزهر ليس جهة سياسية ليكون مسئولا عن تصرفات المسلمين، بل هو جهة تعليمية..وتصريحكم منذ أيام بإدانة فرنسا سجل كتبرير لعملية اليوم وتحريضا ضمنيا عليها بقتل الأبرياء في مدينة "نيس" فالحكمة كانت تتطلب منكم الصمت والتروّي والتعامل مع الحدث بعقلانية وهدوء، لا أن تصبوا الزيت على النار وفي علمكم أن تنظيمات الجهاد والسلاح متحينة للفرصة وتنتظر أول إشارة بتعميم سلوكها الدموي ليصبح ثقافة للشارع الإسلامي..

باختصار: عليكم الآن التعامل مع أحداث فرنسا بمسئولية وبصفتكم عضو سياسي قديم في الحزب الحاكم فبالتأكيد لدى حضرتكم حس سياسي

أخرج للعلن وقل..أن سيدنا محمد عليه السلام برئ مما رسمه الفنانون بفرنسا ، هذه أفعال الكذابين في الروايات نستنكرها على رسولنا المعصوم، وأن عقوبة سب الرسول ليست القتل بل الصبر والاستغفار وطلب الرحمة لمن يخطئ، هذه أول خطوة ستساهم في تحجيم هؤلاء شعبيا ورفع الدعم عنهم اجتماعيا ودوليا، وستُظهر المسلمين بشكل جيد..

أما بهذا الشكل الذي نراه فتلك الصحيفة وهؤلاء الرسامون حصلوا على شعبية وأرباح لم يحلموا بتحقيقها يوما..وكافة جماعات العنف والجهاد رسخت وجودها أكثر في المجتمع بتصوير ما يحدث على أنه مؤامرة كافرة يلزمها جهاد الدفع ورد الصائل، وكل الدول الداعمة للخلافة والإسلام السياسي استفادت من تصريحكم ومن مؤسسة الأزهر ككيان تعليمي..وبات الأزاهرة ليسوا مجرد معلمين للشريعة والفقه بل نشطاء سياسيين يخدمون الجماعات وتصوراتهم الدموية عن الدين..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة في سيكولوجيا المرأة والجنس
- خرافات حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية
- فرنسا وصراع الوجود
- العلمانية ..ضرورة حياة
- مسلمو فرنسا وجريمة الشيوخ
- برلمان مصر والشريعة الإسلامية
- قصة الأشاعرة والماتوريدية
- الوساطة الروسية في ملف كاراباخ
- في ذكرى حرب أكتوبر..حقائق فاصلة
- شرح مشكلة إقليم ناجورنو كاراباخ
- حقيقة سفر أخنوخ ومعراجه
- أغزوا تغنموا بنات الأصفر
- أصول قصة السندباد البحري
- كيف نفهم الوحي؟
- في عشق المراهقين والكبار
- قصتي مع أبي طالب عم رسول الله
- اليهودية ديانة تبشيرية كغيرها
- الدليل العقلي في الإيمان
- أكذوبة وأد العرب للبنات
- المعالم الحديثة للإرهاب الفكري


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - رسالة لشيخ الأزهر