أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - قصتي مع أبي طالب عم رسول الله















المزيد.....

قصتي مع أبي طالب عم رسول الله


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 6666 - 2020 / 9 / 3 - 22:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدأت القصة منذ كنت في الإخوان وأسمع دائما حديث "الجمرتين والضحضاح" سواء في الجلسات الخاصة أو على المنابر، وبغض النظر عن صحة السند فلم أتعامل يوما مع الحديث بناءً على سنده أو رأي الفقهاء فيه حتى في عز انخراطي مع الجماعات..

كان حديث النفس وقتها محفزا لي على الأسئلة:

1- لماذا أبو طالب بالذات ذكر مصيره في النار وطريقة عذابه دونا عن بقية المشركين كأبي جهل مثلا أو أمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وعتبة بن أبي ربيعة..وغيرهم؟..لماذا أبو طالب بالذات تعمد الرسول ذكر عذابه في النار دونا عن هؤلاء؟ اجتماعيا وأخلاقيا فمن ساعدك ودفع عنك الأذى حتى لو كان مشركا ففعله محمود، ومنزلته في نفسك أكبر من هؤلاء الصناديد الذين حرصوا على قتل النبي في مكة، فمعنى أن يتعرض النبي لعذاب عمه في النار وقتها سيكون ممن قابل الإحسان بالإساءة، أو يصمت عن ذكر منزلته وذلك أضعف الإيمان..

2- القرآن يشكل بناءً متصلا من المواضيع والأحكام والقصص، فلو كان أحد من آل بيت الرسول حُسِم أمره بجهنم فسيذكره..وهو ما تحقق بالفعل في أبي لهب، ومعنى ذكر مصير أبي لهب دونا عن بقية أقارب الرسول يعني أن الأمر محسوم بشخص واحد لا اثنين، فلو علمنا ما فعله أبي لهب وحرصه على قتل الرسول وإيذاءه فما بالنا بمن دافع عنه وعرّض حياته للخطر؟..خصوصا وأن حياة النبي وقتها كانت تساوي حياة الإسلام..فما فعله أبي طالب في الحقيقة بحماية ابن أخيه لم يكن فعلا قبائليا مجردا من العقيدة والمشاعر..بل هي حماية أيضا لمعتقد..

3- لقد عفا الرسول عن مشركي قريش الذين حاربوه طوال عمره وحرصوا على قتله في وقعة (اذهبوا فأنتم الطلقاء) فهل يمثل عفو الرسول عن المشركين شهادة بصلاحهم؟ أم هو التزام فقط بأخلاق الدين الذي بعث من أجله؟..هذا يعني أن وقعة الطلقاء لا تمثل شهادة بصلاح أو إساءة..ولكن إعادة هؤلاء المشركين لنقطة الصفر والبدء معهم من جديد، لكن الأحاديث قالت شيئا آخر، لقد جعلت أبو سفيان بن حرب زعيم مشركي قريش الذي كان أحرصهم على قتل الرسول جعلته (صحابيا جليلا ) بينما جعلت أبي طالب الذي حمى الدعوة وزاد عنها (مشركا في النار)..!!

4- النبي لا يعلم الغيب ولا مصير أحد في النار إلا من علم عنه بشخصه وإسمه كأبي لهب مثلا، فكيف يُصرّح بمصير آخرين في جهنم بأسمائهم وهو مجرد نبي بشير ونذير لا إله يُعبَد له حق الثواب والعقاب..

توسعت بعدها في الاطلاع فوجدت الشيعة الإمامية يقولون أن أبي طالب كان رجلا صالحا وأن أحاديث ذمه ومصيره في النار من وضع الأمويين الذين أرادوا قتل النبي في السابق ورفض طلبهم أبي طالب..فتوسعت أكثر لدى الصوفيين وجدت نفس الأمر وأن كثيرا من أهل السلف وفقهاء السنة شهدوا بإيمان أبي طالب كالسيوطي وغيره، وأن أحاديث الضحضاح وغيرها التي حسمت مصيره موضوعة لأسباب سياسية وقبائلية..

توسعت أكثر في رؤية الظرف التاريخي الأموي فقد كان صراعا سياسيا وقبائليا كبيرا بين الأمويين والهاشميين، فمن الطبيعي أن يحتكم الهاشمي لزعماءه وكبار القبيلة كعليّ بن أبي طالب وأبيه، فيكون الرد بشتم هؤلاء جميعا على المنابر لتقبيح ذكرهم وإشاعة بُغضهم وحمل ضعفاء النفوس على البُعد عنهم ومقاطعة نسلهم..وقد نجحت الخطة بالفعل فكان قتل الهاشميين في معارك كربلاء والتوّابين والمختار الثقفي وغيرها..فهزيمة هؤلاء كانت مضمونة لقُبح ذكرهم وابتعاد القبائل عنهم بأثر الشتائم والتخوين..في المقابل حماس القبائل في التجنيد ضمن جيوش الخليفة الأموي لردع هؤلاء ممن ساء ذكرهم..

إنما عليّ كان صحابيا لم يجرؤ الأموي على تكفيره في النهاية، ولكن احتجوا عليه بالقبائل المعادية للهاشميين وممن وقفوا في وجه الدعوة بالبداية، والتاريخ هنا يقف على ثغرات لم تُسَدّ ومسائل لم تُحَلّ..منها مثلا: هل توجد علاقة بين القبائل الحليفة للأمويين وبين القبائل التي ارتدت بعد موت الرسول؟..وهل توجد علاقة في المقابل بين الهاشميين وبين القبائل التي رفضت دفعت الزكاة لأبي بكر كبني يربوع؟..مبحث تاريخي مهم سيحل معضلات كثيرة في التاريخ ويؤسس على قواعد أكثر فهما لهذه الحقبة الغامضة..

المهم: ومنعا للاستطراد فقد قررت إجراء مناظرات حول أبي طالب خلال عامي 2010 و 2011 وقد حدث بعقد تلك المناظرات في مواقع الإخوان وشبكة الدفاع عن السنة، لكني وقتها لم أظهر بإسمي الحقيقي فأجريت المناظرات تحت إسم مستعار وهو (أبو الفضل عزام) وقدمته على أنه شيخ طريقة صوفية لكي أقطع تهمة التشيع المرافقة لأي ناقد للأمويين وقتها، وقد تقمصت الشخصية جيدا وظلت هي المرافقة لكل مناظرات أبي طالب حتى أذكر أنني بدأت في موقع حضرموت الوهابي وآخر جزائري في أوائل 2012

كانت النتيجة أكثر من 350 مقال وتعليق في هذه المناظرات، وبالنسبة لي (طُرِدت من هذه المواقع جميعا عدا موقع الإخوان لكوني ما زلت عضوا في الجماعة ولوجود من هم على رأيي من طاقم الإدارة) والشيخ عبدالرحمن دمشقية لم يكتف بطردي بل حذف المناظرة وكتب تحت إسمي (جهمي كذاب) وهي تهمة منهم ضد الأشاعرة، وحصلت تلك المناظرات على عشرات الآلاف من المشاهدات ومثّلت نقطة تحول في حياة آخرين كانوا يدعموني على الخاص، أما المناظرة التي عقدتها في موقع الإخوان فحصلت على 18 آلف وحدها وظهرت في رانك الجوجل كخيار رابع عند البحث عن أبي طالب وظلت فترة حتى سقط الموقع في 2014

كانت كمية معلومات وداتا وتحليلات فكرية وتاريخية عن أبي طالب لا تقدر بثمن، فهي محورها الاستدلال الفكري والعقلي أولا، ثم النصي من كتب السيوطي والبرزنجي والسبكي والقرطبي وغيرهم، وأخيرا: مقاربات قرآنية في تفسير معنى القرابة للنبي والحض على مودتهم والحذر من أذيتهم لأعراف قبائلية وقتها وأخلاقية كانت تحتم على أهل التنزيل الاحتكام إليها لمردود ذلك النفسي على الرسول، فقد كنت وقتها أتبنى رأيا وسطا في تفسير آيات القربى وآل البيت في القرآن، أن المقصود منها عدم إيذاء النبي نفسيا ولضرورة أن يوجد محيطه الاجتماعي القِبَلي كحائط صد ضد أعدائه في بداية الدعوة، لا المقصود منه تقديس أقربائه أو جعلهم أولياء على المسلمين بالنسب والوراثة..ولا مشاحة في ذلك ما دام النص القرآني له أسباب نزول عجز الفقهاء عن ردها ..بل أقصى ما يمكنهم فعله هو تأويلها أو التغاضي عنها لأسباب مختلفة..

الخلاصة: أن علم الاجتماع والنفس كانا يُحتّمان على النبي وقتها أن يحب عمّه أبي طالب، ليس فقط لجهة القرابة ولكن لجهة الإحسان والفضل، وأن صفات الأنبياء ليس من بينها أن يُقابل الإحسان بالإساءة..ولو كان أبي طالب مشركا حقيقيا – وهو ليس موضوعي بالمناسبة – فالأولى بالنبي أن يصمت عن مصيره، كذلك من جهة أبي طالب فعلم الاجتماع والنفس كانا يُحتّمان عليه أن يدافع عن الرسول ليس لشخصه وعشيرته ولكن لدعوته وأفكاره، فقد كان الرجل يحمي دعوة دينية كبيرة تهدد القبيلة والعرب كلهم..فلو كان يدعمه من جهة القبيلة فالأولى أن يقتله أيضا من جهة القبيلة لأنها الأولى عنده..وأتحدى أي شيخ أن يفكر بهذه الطريقة أو خطرت هذه الفكرة على عقله يوما..

أبو طالب مؤمن أو مشرك هذا ليس مهما..فشأنه ومصيره عند الله، لكن الأحاديث التي وضعت فيه لها آثارها السلبية في (تقبيح الفعل الحسن) و ( تلميع الفعل السئ) وهي قاعدة استند عليها الدواعش والشيوخ لاحقا فيما عرف بفعل القبيح بالنوايا الحسنة، وأظن أن تحرير ملف أبي طالب تراثيا وفكريا سيحل كثير من هذه المشكلات، ويعيد الاعتبار مرة أخرى للعمل الصالح وتصديره في الواجهة كمعيار للحكم على الناس لا مجرد عقائد نظرية الله نفسه في القرآن قال أنها ليست معيارا ولن يدخل أحد الجنة بمجرد الإسم والعنوان..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليهودية ديانة تبشيرية كغيرها
- الدليل العقلي في الإيمان
- أكذوبة وأد العرب للبنات
- المعالم الحديثة للإرهاب الفكري
- الدين الوجودي والإيمان الأعمى
- متلازمة سيفر والسياسة التركية
- في ظاهرة الشيخ عبدالله رشدي
- كيف تتحول الدول للحُكم الديني ؟
- العرب كمشروع تركي إسلامي
- مستقبل العلمانية في تركيا
- أرض اليسار المأزوم
- صفحة من جرائم التاريخ..خالد ومالك بن نويرة نموذجا
- العثمانيون وخطايا التاريخ في آيا صوفيا
- جدلية التحرش بين المثقف والشيخ
- مقدمة في دواعش الفن المصري (5)
- مقدمة في دواعش الفن المصري (4)
- مقدمة في دواعش الفن المصري (3)
- مقدمة في دواعش الفن المصري (2)
- مقدمة في دواعش الفن المصري (1)
- إشكاليات السرد التاريخي لروايات الملاحم


المزيد.....




- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - قصتي مع أبي طالب عم رسول الله