أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - أكذوبة وأد العرب للبنات













المزيد.....

أكذوبة وأد العرب للبنات


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 6655 - 2020 / 8 / 23 - 02:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


خطأ شائع في تفسير كلمة "الموءودة" في القرآن (بالأنثى)

الحقيقة: أن فعل (الوأد) أي قتل الأطفال عند العرب كان شائعا (للذكور والإناث) بدليل قوله تعالى "ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم" [الأنعام : 151]

"ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطءا كبيرا" [الإسراء : 31]

"وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم " [الأنعام : 137]

" قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله" [الأنعام : 140]

"يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن " [الممتحنة : 12]

القرآن يقول بوضوح أن العرب في عصر التنزيل كانوا يقتلون أولادهم من الفقر والعبودية بمبرر أخلاقي أن حياة هؤلاء الأطفال في كِبَرهم ستُصبح جحيما، ولن يَحيوا حياةً كريمة..فأجازوا لأنفسهم هذا العمل خشية ما هو أشرّ منه..

ولفظ "الأولاد" من وَلَد أي كل ما هو مولود ذكراً وأنثى

أما "الموءودة" فمن وَأَد أي كل ما وُئِدَ ذكراً وأنثى

والتاء المربوطة ليست علامة تأنيث، بل هي من قبيل كلمة (جثة) تطلق على الذكور والإناث، فتقول دفنت الجثة لا يعني أنها أنثى، فالجثة تطلق على الموتى الذكور أيضا..

أما دفن البنات حيّة دون الذكور فهو سلوك لم يعرفه العرب بالجاهلية، وذكر متأخرا عن طريق بعض روايات المحدثين (سنةً وشيعة)، برغم أن القرآن يقول أيضا أن العربي كان عندما يُبشّر بالأنثى لا يقتلها بل يحزن فقط ويعتزل الناس اجتماعيا:

أما قوله تعالى "وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون" [النحل 58: 59]

فهو مصدر تخصيص الوأد فقط للبنات وتفسير الموءودة بالأنثى، برغم أن الآية تقول أن العربي لم يكن يقتل بناته بل كان يفكر ويضعه مجرد احتمال، ولو فعل ذلك العربي قديما لذكره القرآن لتصبح الآية كالتالي " وإذا بشر أحدهم بالأنثى قتلها ألا ساء ما يحكمون"..برغم أن كلمة يدسّه في التراب هذه حُمِلَت في بعض التفاسير على المعنى وليس المادة، يعني الدس ليس للأنثى ولكن لإسمها وأن لا يذكرها في المجتمع..

وكلمة التراب في القرآن سبق القول فيها أنها دلالة على (الرُخص والعَدم) ضمن دراستنا منذ سنوات بعنوان "خلق الإنسان من تراب" وفيها أن الإنسان لم يُخلق من طين وتراب وصلصال مادي، بل جاءت كل آيات الخلق في سياق مقارنات بين الرُخص المادي والفعل الشرير للإنسان..مما يعني أنها تذكيرا للأشرار بأن أصلهم كان عَدَماَ رخيصا، وحكمة لفظ التراب عن غيره لرُخصه ووفرته عن غيره.

وبالتالي قوله " أم يدسه في التراب" تعني إهمالها كأنها عَدَم رخيص لا يذكرها ولا يتشرف بها، ليس بمعنى قتلها حية ودفنها بعد الولادة..ولولا جهل المفسرين والعرب بفضيلة التدبر والعقل في النصوص واعتمادهم فقط على التفسير بالرواية ما قَبِلوا هذه الأكذوبة أن العربي كان يقتل بناته أحياء وهم أطفال.

علما بأن آيات قتل الأولاد فوق يمكن تفسيرها (بالإجهاض) أي كان العرب يُجهِضون زوجاتهم خشية الفقر والعبودية والظلم الطبقي، وفي القِدم لم يكن أحد يعرف هوية الجنين سوى بعد الولادة أي أن القتل هنا لا يميز بين ذكر وأنثى، فمن يُجهِض يُجهِض لأنه يرفض أي مولودٍ كان دون تمييز..

أختم بأن دوافع القول بقتل البنات دون الذكور حدثت لسببين اثنين، الأول: إسلامي عام والثاني: مذهبي خاص:

الأول: إسلامي لإيجاد الفارق الكبير بين الإسلام وما قبله في الأخلاق، فلم يكتفِ واضعي الحديث بأن قتل الأولاد كان سلوكا شائعا للعرب، بل أضافوا أنهم كانوا يقتلون البنت بالذات لضعفها، والعربي أخلاقه لا تسمح بقتل الضعفاء إذا وضع في خيار بين ثنائية (قوي وضعيف) لكنه كان يقتل إذا كان الخيار لديه واحد لمبدأ القتل نفسه، فهو مثلما كان يقتل أولاده الصغار كان يقتل الكبار أيضا لأتفه الأسباب.

الثاني: مذهبي خاص بالشيعة الإمامية وهو ربط هذه الظاهرة بسلوك الصحابي "عمر بن الخطاب" الذي اشتهر أنه كان يأد بناته، مما يعني أن وضع أحاديث ما يسمى ب "وأد البنات" كان مصدره الشيعة الأوائل..وبرغم ضعف الأدلة التي تؤكد ذلك لكنه مجرد احتمال..

أما أكذوبة وأد البنات فهي لم تنتشر سوى بخرافات المحدثين، والقرآن ضدها تماما، والعالم قديما وحديثا عرف ما فعله العرب بقتل الأولاد خشية الفقر خصوصا في المجاعات والفتن والحروب..وفي سلوكيات القرابين والتضحية البشرية في تسمية علمية عرفت ب Infanticide أي قتل الصغار الرُضّع وقد عرفت هذا السلوك حضارات كثيرة كاليونان والرومان وفينقيا والهنود الحُمر واليابان والصين..وغيرهم، بل هناك أدلة على هذا القتل منذ العصر الحجري.

وفي تقديري أن الدين المصري القديم هو أول من نهى عن قتل الصغار ثم أخذت منه اليهودية هذه الفضيلة، وانتقلت لسائر الأديان الإبراهيمية ، وعن طريق اليهودية والمسيحية والإسلام انتقلت البشرية لسلوك معتدل يكون فيه الصغير محميّا سواء من عادات التضحية البشرية أو قتل الصغار في المجاعات والفتن..

أما وأد البنات العربية فهناك رأي محترم يقول أنه صحيح فعلا وليس غريبا على مجتمعات آسيا، فالعرب استوردوه من الصين والهند وهذين البلدين قديما كانوا يقتلون البنات الصغار دونا عن الذكور ، قلت: أن ثقافة العرب القديمة لها شقين اثنين:

الأول عقائدي: وهذا كان تابع لأي حضور أجنبي وافد عليهم، أو ضيوف ومهاجرين أعاجم كقصة عمرو بن لُحيّ في نقله لأصنام آلهة الشام كالثلاثي الأنثوي "مناة واللات والعزى" فوارد أن يأخذوا من معتقدات الهند والتاريخ ينقل أن هناك تشابها بين طقوس الدين العربي القديم وبين طقوس الهندوسية..

الثاني: عادات اجتماعية، وقصة وأد البنات ليست عقائدية بل عادة اجتماعية وعُرف قبلي اشتهروا به حسب الروايات، والإنسان في عاداته يكون جزء من المحيط الجغرافي والسياسي وبالتالي لكي تثبت أن العرب وأدوا بناتهم عليك أن تُثبت أن حضارات (مصر والعراق واليمن والشام والحبشة) فعلوا ذلك..وفي الحقيقة أن التاريخ يؤكد بأن عادة وأد البنات مصدرها في الشرق الأقصى لا في الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا..

الأكثر شيوعا بالفعل هو قتل الإناث في التاريخ إضافة لأولاد الخطيئة، ولا يزال الثاني يُمارَس بشكل كبير، لكن وأد البنات شبه مختفي لتطور البشرية في المساواه بين الجنسين، فقديما كان يُنظَر للأنثى على أنها (عالَة) و (كائن غير منتِج) فكانوا إما يقتلوها أو يبيعوها كجواري وعاهرات، ولم تتوقف هذه الآفة إلا في مرحلة ما بعد الحرب لنقص شديد في أعداد الذكور فيقرر الإنسان رحمة الأنثى حتى تلد ذكورا لتعويض الفاقد..

وأكبر دليل على ذلك أن حقوق النساء بشكل فعلي لم تُطبّق سوى بعد الحرب العالمية الثانية، قبلها كان حق الأنثى مجرد نظرية فكرية وفلسفية لكن لم يكن لها قبول شعبي وحقوقي وقانوني، والسر في أن نقص الذكور بعد الحرب مع ظهور تلك النظريات الحقوقية شجّع المسئولين على التقرّب لشعوبهم عن طريق رفع هذا الشعار من ناحية يكسب أصوات ودعم النساء..ومن ناحية أخرى يُعوّض فارق السكان الذي تضاءل بموت الذكور..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعالم الحديثة للإرهاب الفكري
- الدين الوجودي والإيمان الأعمى
- متلازمة سيفر والسياسة التركية
- في ظاهرة الشيخ عبدالله رشدي
- كيف تتحول الدول للحُكم الديني ؟
- العرب كمشروع تركي إسلامي
- مستقبل العلمانية في تركيا
- أرض اليسار المأزوم
- صفحة من جرائم التاريخ..خالد ومالك بن نويرة نموذجا
- العثمانيون وخطايا التاريخ في آيا صوفيا
- جدلية التحرش بين المثقف والشيخ
- مقدمة في دواعش الفن المصري (5)
- مقدمة في دواعش الفن المصري (4)
- مقدمة في دواعش الفن المصري (3)
- مقدمة في دواعش الفن المصري (2)
- مقدمة في دواعش الفن المصري (1)
- إشكاليات السرد التاريخي لروايات الملاحم
- غزو القسطنطينية..الوهم المقدس
- من وحي مناظرة فرج فودة
- حقيقة لقاء ابن تيمية بسلطان التتار محمود غازان


المزيد.....




- سامي الكيال: ما حصل في سوريا هو هجمة منظمة على الطائفة الدرز ...
- بالفيديو.. -بلال فيتنام- يصدح بالأذان بأكبر مساجد هو تشي منه ...
- -فخ إسرائيلي- للإيقاع بدروز سوريا... وكراهية الإسلام أضحت -ع ...
- القدس في أبريل.. انتهاكات غير مسبوقة للاحتلال في المسجد الأق ...
- الأردن: أحكام بالسجن 20 عاما ضد متهمين في قضية مرتبطة بالإخو ...
- عاجل.. أعداد كبيرة من المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماي ...
- لماذا يترك بعض النيجيريين المسيحية لصالح المعتقدات الأفريقية ...
- TOROUR EL-JANAH KIDES TV.. تردد قناة طيور الجنة على القمر ال ...
- متاحة الآن مجانًا .. أحدث تردد قناة طيور الجنة الجديد على نا ...
- ترمب مازحا: أود أن أصبح بابا الفاتيكان الجديد


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - أكذوبة وأد العرب للبنات