معارف أم معلومات؟

حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6717 - 2020 / 10 / 28 - 13:41
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

كثيراً ما تتردد كلمة الاتصال في خطاباتنا الثقافية والفكرية والإعلامية . "نحن نعيش في عصر الاتصال" - هذه العبارة أصبحت بمثابة لازمة تستهل بها الدراسات والمقالات والتحليلات . وأصبح للاتصال بريق يغشى العيون ولا يقاوم .
خريجو الثانوية العامة يفكرون أول ما يفكرون في دراسة الاتصال والمعلوماتية، في الصحافة الاقتصادية يدور الحديث عن سوق الاتصال . لكن ما من مقولة ضبابية غائمة المعنى مثل مقولة الاتصال: ما هو الاتصال بالضبط؟ ماذا نقصد بهذه المفردة حين نكررها؟ خاصة حين يدور الحديث عن أن إنسان اليوم إنسان اتصالي.
لكن الإنسان كان دائماً كائناً اتصالياً، بل لعل إنسان الأمس كان أكثر اتصالية من إنسان اليوم الذي يفرض عليه إيقاع ونمط الحديث وطريقة ومكان السكن المزيد من العزلة والخصوصية التي ما كانت متاحة لدى الأجيال السابقة .
الحديث عن الاتصال يتجاهل، برأي مفكر مثل سمير أمين، مشكلة مضمون المعلومات والمعارف موضوع الاتصال، ويصير الاتصال هدفاً في حد ذاته، وبهذا المعنى تغدو كلمة اتصال التي يبدو أنها تشمل كل شيء وتعني كل شيء لا تعني شيئاً محدداً . وإن عنت شيئاً فإنه لن يكون سوى أن تحويل الإنسان ذاته إلى كائن اتصالي، يعني أنه هو الآخر أصبح أداة من أدوات الاتصال، يستجيب، مثله مثل الآلة لرسائل تنبع من الخارج، حتى لتكاد تصبح ضربات شديدة تشل إرادة الإنسان وتجعله عاجزاً عن أخذ المبادرة .
لا جدال في أن وسائط الاتصال والمعلومات تتطور بصورة مذهلة، وصار بوسع الإنسان أن يحصل على مقادير هائلة من المعلومات الضرورية بيسر وسهولة نسبيين بالقياس لما كانت عليه الحال قبل عقود قليلة فقط .
لكن قلّ أن يجري التفريق بين مفهومين مختلفين كلياً هما: المعارف والمعلومات . وفي هذا السياق علينا أن نلاحظ أن كمية هائلة من المعلومات يمكن أن تكون عقبة حقيقية في تشكيل المعرفة الصحيحة . إن المعلومات تصبح تفاهات تضرب رأس المتلقي بضربات شديدة حتى تجعله عاجزاً عن القيام بتحليل لمعانيها .
ثمة نوع من الاتصال له صلة بتلك الأدوات التي تخاطب الجمهور الواسع، وتعمل على توجيهه، فالتجربة تكشف عن أن التلفزيون مثلاً، هذا الصندوق الأنيق في بيوتنا، مجرد آلة صماء لا تنقل لنا البرامج المسلية ونشرات الأخبار، وإنما أيضاً الرسائل الناعمة الخفية الكامنة وراء كل ذلك .

#حسن_مدن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل