أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - برلمان مصر والشريعة الإسلامية















المزيد.....

برلمان مصر والشريعة الإسلامية


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 6705 - 2020 / 10 / 16 - 21:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في شهر يوليو سنة 1982 عقد مجلس الشعب المصري جلسة عامة بهدف (تطبيق الشريعة الإسلامية) وتفعيل المادة الثانية في الدستور بعد تعديل طرأ عليها في عام 80 لصالح فكرة التنفيذ بإضافة الألف واللام من "الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع إلى (المصدر الرئيسي) للتشريع" أي لا يوجد مصدر آخر وفقا لقواعد اللغة العربية..

وهو مشروع السادات بأسلمة الدولة الذي لم يكتمل لموته قبل الجلسة العامة ب 9 أشهر، فظل هذا المشروع (حُلم) قيادات الدولة ومؤسساتها لعدة سنوات حتى اغتيال رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب سنة 1990 وهو العام الذي أطلقت فيه رصاصة الرحمة على أسلمة مصر بعد توحش الجهاديين الذين لم يكتفوا بقتل رئيس الدولة بل قتلوا رئيس مجلسها التشريعي..وظلت سياسة الدولة منذ عام 90 واحدة وهي مواجهة أمنية للإرهاب مع خجل وخوف من علمنة الدولة ومحاولة استرضاء الفقهاء النافذين كل فترة لعدم الصدام..

المهم: عقدت الجلسة لتطبيق الشريعة برئاسة "صوفي أبو طالب" رئيس المجلس – ورئيس الجمهورية لاحقا – مستهلا خطابه بجملة " يسعدنى اليوم ونحن نختتم هذه الدورة من أدوار انعقاد المجلس الموقر أن يكون حسن الختام بفضل الله وتوفيقه عملا خلاقا وهو إنجاز عمل تاريخى ضم - إعمالا للتعديل الدستورى للمادة الثانية من الدستور - التى تقص بأن تكون مبادىء الشرسعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع وأضاف : أنه وإن كان الزملاء رؤساء اللجان الفرعية سيقدمون لحضراتكم بيانا عن كل هذه المشروعات إلا أنه يجدر ى أن أشير بادىء ذى بدء إلى أن وضع الشريعة الإسلامية موضع التطبيق" (الإخوان في البرلمان صـ 61)

وأضاف رئيس المجلس " نعلم أن الإسلام يكفل حرية العقيدة لغير المسلمين من أهل الكتاب.. وأن مبادىء الشريعة الإسلامية السمحاء تقررأن غيرالمسلمين من أهل الكتاب يخضعون فى أمورأحوالهم الشخصية من زواج وطلاق وغيرهما لشرائع ملتهم ، وقد استقر على ذلك رأى فقهاء الشريعة منذ أقدم العصور نزولا على ما ورد فى الكتاب والسنة" (نفس المصدر صـ 62) ثم ختم كلامه قائلا " واليوم لنا أن نبتهج بان الشريعة الإسلامية المنصوص عليا فى المادة الثانية من الدستور أصبحت حقيقة" (نفس المصدر صـ 65)

والملاحظ أن رئيس مجلس الشعب الذي يفترض أنه قائم على تشريع القوانين دون تفرقة دينية بين الناس يصف الأقباط ب "أهل الكتاب" وهو وصف ديني فقهي منافي لطبيعة الدولة الحديثة وحق المواطنة الذي يجعل من القبطي مواطنا بالكامل له كافة حقوق وواجبات المسلم، وبالتالي فتسميته ب "أهل كتاب" ما كان يجب أن تصدر من مؤسسات الدولة، ولولا أن مصر وقتها كانت "شبه دولة دينية" وفي طريقها لأن تصبح "دولة دينية كاملة" مع طرأ على وعي السيد أبو طالب هذا المصطلح، لكنه كان منسجما مع توجهات الدولة بعد حرب أكتوبر التي نسبت إنجازها معنويا للإسلام كعقيدة والثورة على الميراث الاشتراكي الناصري كسياسة، برغم عدم جرأة مسئولي الدولة وقتها على التصريح بالثورة على الناصرية لزعامة قائدها ومكانته الراسخة في المؤسسات.

علما بأن صوفي أبو طالب له توجهات دينية في الحُكم وقد انتخب عضوا في مجمع البحوث الإسلامية ورئيسا لإحدى اللجان بمؤسسة سعودية للاقتصاد الإسلامي تابعة لرجل الأعمال السعودي "صالح كامل" أي أن خطابه في أسلمة الدولة وتطبيق الشريعة ليس غريبا عليه فهو مؤلف كتاب "الشريعة الإسلامية والقانون الروماني" الذي قال فيه بتميز الشريعة وتفردها وصلاحيتها للتطبيق الآن وأنها مميزة عن أي قوانين سابقة، فهذا رئيس مجلس الشعب يؤيد خطط السادات بأسلمة الدولة أو بالأحرى (إشعال ثورة دينية) على غرار ثورة الخوميني في إيران تبدأ بالقوانين والتشريعات ثم حشد الجماهير لاحقا لها في الشوارع.

ولأن الشريعة يلزمها قوانين صناعة وتجارة لمنع دخول المُحرّمات كالكحول وصالات القُمار وبعض جوانب السياحة قام الدكتور " محمد كامل ليلة" رئيس لجنة التجارة – ورئيس مجلس الشعب لاحقا – بتأييد القانون وإعادة النظر في قوانين التجارة المصرية المأخوذة من قوانين أوروبا في القرن 19، وعندما بحث في قوانين التجارة الإسلامية لم يهتدي سوى لقوانين دولة الكويت، وأختم هنا بخطاب ممثل الحكومة "مختار هاني" ووزير شئون مجلسي الشعب والشورى قائلا " حقا إننا اليوم فى عيد .. عيد طال انتظار الجماهير له، وطولبنا به فى كل مؤتمر عقدناه وفى كل مجتمع تواجدنا فيه . كنا نطالب دائما بإعمال كتاب الله وسنة رسوله فى كل الأحكام" (الإخوان في البرلمان صـ 69)

والشاهد من كلام ممثل الحكومة المصرية أن المادة الثانية التي وضعوها في الدستور قبل سنوات جعلتهم مُحرَجين وعُرضة أكثر للضغط والإلحاح بتطبيقها، ولعله يشير إلى حقبة السبعينات بعد الحرب التي ارتفعت فيها الأصوات بتحويل مصر لدولة إسلامية دينية تكون فيها الكلمة العليا للفقهاء..

وخطة أسلمة التجارة المصرية التي أعلنها د محمد كامل ليلة، أيدها القيادي الاشتراكي الكبير ومن أشهر وزراء الزراعة المصرية "إبراهيم شكري" ولأن الطابع الاشتراكي في النفس أكثر وضوحا ها هو ابراهيم شكري يعلنها صريحة بقوله " يجب على كل الأجهزة فى الحكومة الاستعداد لإيجاد هذا المناخ ومنع كل المظاهر التى لاتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية واول هذه المظاهر ، موضوع القمار الموجود فى الفنادق الكبرى وكذلك المصانع التى تصنع الخمر فيجب تحويل هذه المصانع إلى مصانع مشروبات غير كحولية ويجب أن تواجه أجهزة الإعلام هذا المناخ حتى تسير الحياة فى مصر كما نريدها فى مصر طبقا للشريعة ألإسلامية" (الإخوان في البرلمان صـ 71)

الغريب أن كبار الأقباط في المجلس وقتها وافقوا على تطبيق الشريعة ومنهم (البرت برسوم وأسطفان باسيلي) بمشهد قريب نوعا مع بالمشهد السوداني الذي حمل البعض على نفاق السلطة دون اكتراث بتداعيات الأزمة لاحقا أو دراستها من جوانب فكرية، وبرأيي أنه ربما لو مات السادات متأخرا لكنا رأينا جعفر نميري آخر في مصر، الذي أصدر عام 1983 قوانين الشريعة الإسلامية – الشهيرة بقوانين سبتمبر - وهي بالضبط كما كان ينوي تطبيقها السادات ومات قبل أن تكتمل، فكانت سببا في اشتعال حرب الجنوب وانفصاله لاحقا عن الشمال، وموت مئات الآلاف من السودانيين إما الرافضين لشريعة النميري وإما المشككين وغير المتعاونين مع السلطة في دارفور وكردفان.

وبعد اغتيال السادات جاء مبارك ليُكمل خطة تطبيق الشريعة ، لكنه فقد الحماس بعد اشتعال أزمة السودان بإعدام مفكرين ورؤساء أحزاب رفضوا الشريعة - كمحمود محمد طه – ثم الثورة على النميري لاحقا سنة 85 ، إضافة للحرب الأهلية اللبنانية وتطور الحرب العراقية الإيرانية في الإعلام لمواجهة سنية شيعية..كلها أحداث دفعت نظام مبارك بالسلب أن يتوقف عن خطط تطبيق الشريعة الساداتية التي أعلنها صوفي أبو طالب في المجلس، علاوة على خوف مبارك من جهاديين أفغانستان الذين أيدوا قتل السادات وهم أول من يطالب بالشريعة في مصر عن طريق زملائهم في الإخوان المسلمين والجماعات..

أي لو تغير التاريخ بعد موت السادات وكان العالم الإسلامي هادئا لتشجع مبارك وأعلن نفسه إمام المسلمين على طريقة النميري، لكنه بحس سياسي سليم فطن أن هناك مشكلة في جوهر تلك الشريعة وأنها ليست حلا، وظل هكذا طوال 30 عام خائف ومتوجس من الجماعات، لكنه في ذات الوقت لا يجرؤ على إعلانه رفض الشريعة أو التصريح ضدها خشية تفسير موقفه على أنه انقلاب على دولة السادات وعلى سياسة الانفتاح..خصوصا وأن أجهزة إعلام الدولة وقتها كانت تروّج لفكرة (الشريعة والانفتاح) أي لم تكن الشريعة تعني الانغلاق وقتها بل تسير في خط موازي مع الانفتاح الاقتصادي الذي يمثل جوهر الرأسمالية الغربية، وهو ما تحقق في السبعينات والثمانينات بشركات "توظيف الأموال" القائمة في بعض ثوابتها على أفكار" آدم سميث" لكن بشعارات دينية.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة الأشاعرة والماتوريدية
- الوساطة الروسية في ملف كاراباخ
- في ذكرى حرب أكتوبر..حقائق فاصلة
- شرح مشكلة إقليم ناجورنو كاراباخ
- حقيقة سفر أخنوخ ومعراجه
- أغزوا تغنموا بنات الأصفر
- أصول قصة السندباد البحري
- كيف نفهم الوحي؟
- في عشق المراهقين والكبار
- قصتي مع أبي طالب عم رسول الله
- اليهودية ديانة تبشيرية كغيرها
- الدليل العقلي في الإيمان
- أكذوبة وأد العرب للبنات
- المعالم الحديثة للإرهاب الفكري
- الدين الوجودي والإيمان الأعمى
- متلازمة سيفر والسياسة التركية
- في ظاهرة الشيخ عبدالله رشدي
- كيف تتحول الدول للحُكم الديني ؟
- العرب كمشروع تركي إسلامي
- مستقبل العلمانية في تركيا


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - برلمان مصر والشريعة الإسلامية