|
عن التشرد - إليزابيل ايبرهارت ، ترجمة مازن كم الماز
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 6703 - 2020 / 10 / 14 - 21:43
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
إنها قضية لم تحظ باهتمام كثير من المثقفين : حق الإنسان في ان يكون متشردًا ، حرية أن يهيم على وجهه كما يشاء . التشرد هو خلاص أيضا و العيش على ناصية الطريق هو جوهر الحرية . أن تمتلك الجرأة على تحطيم القيود التي تقيدنا بها الحياة المعاصرة ( بحجة أنها توفر لنا حريات أخرى أكبر بالمقابل ) ، ان تحمل عصى الترحال و تمضي بعيدا ! بالنسبة لمن يفهم قيمة الحرية و مذاقها ، تلك الحرية التي تقوم على الوحدة أو العزلة ( لأنه لا وجود لإنسان حر إلا ذاك الذي يعيش وحيدا ) فإن هذا هو أفضل الأعمال و أكثرها شجاعة . قد تكون سعادة فردانية أو أنوية ، ربما ، لكنها بالنسبة لمن يتذوق طعم الحرية فإنها سعادة و متعة بكل تأكيد. أن تكون وحيدا ، و حاجاتك أو متطلباتك محدودة ، ان يتم تجاهلك ، أن تكون غريبًا ، و أن يكون منزلك في أي مكان أو كل مكان ، أن تسير وحيدًا ، عظيمًا ، في طريقك لفتح العالم ، بمفردك . عابر السبيل المتعافي الذي يجلس على قارعة الطريق متأملًا في الأفق المفتوح أمامه ، اليس هو السيد المطلق لهذه الأرض ، و كل أنهارها و سماءها أيضا ؟ بأي شيء يمكن لسكان البيوت أن ينافسوا هؤلاء سواء على القوة أو السلطة أو الثروة ؟ إن أملاكه بلا حدود و لا نهاية ، و إمبراطوريته بلا أية قوانين . لا عمل يشده إلى الأرض لان هبات الأرض و جمالها ملكه أساسًا. ان البدوي في مجتمعنا المعاصر هو شخص منبوذ "بلا عنوان" . بإضافة هذه الكلمات لاسم أي شخص يبدو شكله غريبًا أو غير معتاد ، يمكن عندها لأولئك الذين يضعون القوانين و يطبقوها أو يفرضوها أن يقرروا مصير هذا الإنسان ( اعتمادًا على تلك التهمة ) . أن يكون لك بيت ، عائلة ، أملاك ما أو وظيفة حكومية ، أن يكون عندك مصدر رزق ثابت و دائم و أن تكون برغي ما أو عجلة في ماكينة المجتمع ، تبدو كل هذه الأمور ضرورية أو لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للغالبية العظمى من البشر بمن فيهم المثقفين و حتى اولئك الذين يعتبرون أنهم احرار بالكامل . لكن كل هذه الأشياء ليست الا أشكالا مختلفة للعبودية التي تأتي من التواصل مع الآخرين ، خاصة الاتصال المتكرر و المستمر . طالما استمعت بانبهار ، إن ليس بحسد ، للمواطنين الذين يتحدثون كيف عاشوا في نفس الحي او حتى في نفس المنزل طوال العشرين أو الثلاثين عامًا الماضية ، و اولئك الذين لم يغادروا مسقط رأسهم أبدًا. ألا تشعر بالرغبة المقلقة و المعذبة لمعرفة ما وراء خط الأفق الأزرق الغامض و المثير ، ألا تجد تفاصيل الحياة رتيبة ، مملة أو كئيبة ، أن تنظر في الطريق الأبيض الذي يقود إلى المجهول دون أن تشعر بالرغبة الملحة في أن تسلكه و أن تعبر الجبال و الوديان مستسلمًا لتلك الرغبة ! الاعتقاد الجبان بأنه على الإنسان ان يبقى في نفس المكان يذكر باستسلام الحيوانات التام ، حيوانات الواجب التي يتم استعبادها باستغباءها بينما هم دائمآ مستسلمين برغبة لهذا النير . هناك حدود لكل مجال و قوانين تحكم كل سلطة منظمة . لكن المتشرد يملك الأرض كلها تلك التي تنتهي فقط عند الأفق الذي لا وجود له ، و إمبراطوريته غير مرئية لان سلطته و استمتاعه بها هي أشياء روحية فقط .
نقلا عن http://www.spunk.org/library/writers/eberhard/sp000201.txt
إيزابيل ايبرهارت ( 1877 - 1904 ) ولدت في جنيف لاب اناركي و ام يعود أصلها إلى نبلاء روس رغم تساؤلات عن والدها الفيزيولوجي ، تلقت تعليما جيدا على يد والدها و أصبحت تتحدث بغات عدة منها العربية ، انتقلت للعيش في شمال أفريقيا و أخذت ترتدي ثياب الرجال و اعتنقت الإسلام الصوفي و تسمت بسي محمد الساعدي و أقامت علاقات بشيوخ محليين و كانت دائمة الترحال و أنفقت كل ما تجمعه دون اكتراث على الشرب و التجوال . كتبت عدة مقالات تعبر فيها عن تعاطفها مع أهل شمال افريقيا و سخرت فيها من الاستعمار الفرنسي و من نمط الحياة المعاصر و كذلك قصصًا عن علاقات حب و معاشرة بين أوروبيين و فتيات محليات … ماتت ضحية طوفان عام 1904
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوتو غروس ، محلل نفسي نيتشوي ، بوهيمي ، داعي للحب الحر و انا
...
-
كافكا كاناركي رومانسي - ترجمة مازن كم الماز
-
مقدمة سادية لكتاب مازوخي - ترجمة مازن كم الماز
-
لماذا الدفاع عن البورنوغرافي ( المواد الإباحية ) ؟ لداني فري
...
-
نقاش مع هشام البستاني عن المثقف الممارس و الانتهازي و الحداث
...
-
عن أبو عمشة و أبو محمد الجولاني و باسل شحادة و عمر عزيز
-
دفاعا عن الفاشية الإسلامية , إنه مصطلح صحيح , و إليكم لماذا
...
-
إلى خير أمة أخرجت إلى الناس
-
المعارضة السورية و أحرارها و ثوارها
-
الله يسامحك و يرحمنا يا ياسين الحافظ
-
إحسان الفقيه و هي تحاول أن تقدم الإخوان كأبطال العالم في الت
...
-
ما تعنيه السياسة و أن تكون سياسيا أو مثقفا سياسيا مؤدلجا
-
الأعزاء في حركة الإخوان المسلمين في سوريا , تعليقا على مطالب
...
-
الحرية و العدالة و حقوق الإنسان
-
نحو سوريا مدنية ديمقراطية
-
نحن و ما بعد الحداثة
-
أم هارون : بين شيطنة الفلسطيني و أنسنة اليهودي و مهاترات الأ
...
-
إلى عالم جديد , لا يختلف كثيرا عن العالم القديم
-
نصيحة لينين للفقراء و الفلاحين و المضطهدين في أوقات الثورات
-
خواطر رمضانية كورونية
المزيد.....
-
وصول نعشي الرئيس الإيراني ووزير الخارجية إلى مثواهما الأخير
...
-
معرض -كابسات- للإعلام يعقد في دبي
-
خان يونس.. أسواق على أنقاض الدمار
-
ملك البحرين يلتقي الرئيس الروسي في موسكو ويكشف عن تنظيم مؤتم
...
-
تشييع جثامين قتلى فلسطينيين إثر اقتحام إسرائيلي لمدينة جنين
...
-
مصر تحيي خروج -بني إسرائيل- من البلاد
-
-القسام-: قائد اللواء الجنوبي بفرقة غزة في الجيش الإسرائيلي
...
-
12 قتيلا منهم 4 أطفال حصيلة اقتحام جنين
-
الفساد يسقط ثالث جنرال روسي والكرملين: ليست حملة تطهير
-
هل يشكل حصول السعودية على تقنية نووية من واشنطن خطوة كافية ل
...
المزيد.....
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
-
سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية
/ دلير زنكنة
-
أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره
/ سمير الأمير
-
فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|