أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - نحن والدولة














المزيد.....

نحن والدولة


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6693 - 2020 / 10 / 2 - 00:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس القصد من فكرة «الحدّ من سلطة الدولة» نفي دورها، وإنما إعطاء مساحة أوسع للمجتمع ممثلاً في هيئاته من نقابات وهيئات ثقافية ومجتمعية وأحزاب، لتكون شريكاً ورقيباً على أداء أجهزة الدولة المنوط بها، بناء على تفويض يمنحه المجتمع لها كي تسيّر أموره.
لم تفقد هذه الفكرة صحتها ولا الوهج الذي هي أهل له، فالتجربة الماثلة في كل مكان، بما في ذلك في عالمنا العربي، تؤكد أنه كلما كانت الكلمة «الواعية» للمجتمع، وليس الغوغاء والعدمية، مسموعة من الدولة، تصبح أحوال البلدان أكثر استقراراً وانصرافاً نحو التنمية، لا النزاعات.
لكن صحة هذه الفكرة لن تثنينا عن التأكيد على الأهمية القصوى لدور الدولة في بلداننا العربية في هذا المفصل الزمني الحاسم. وتتجلى هذه الأهمية في أكثر من صعيد.
الحالمون الذين تخيّلوا عالماً بلا دولة كانوا يتوقعون أنه ستحين لحظة يتدبر فيها المجتمع أموره بنفسه بكل تآخٍ وعدالة، فالثروات تكفي الجميع، وهي تتوزع بشكل عادل، ولا مكان في هذه «المدينة الفاضلة» للنزاعات والحروب وأسلحة الموت.
لسنا متأكدين من أن أجيال المستقبل، البعيد جداً، ستبلغ هذه المدينة المفترضة، ولكننا رأينا بأم العين ما الذي يحدث حين تضعف الدولة أو تنهار وتعجز عن إدارة الأمور. ستؤول الأمور إلى الكيانات التقليدية التي قامت الدولة أساساً لتجاوزها. سيحكمنا أمراء الطوائف والمذاهب والعشائر المتصارعون فيما بينهم، ولن يجد المرء دولة تدفع له راتبه الشهري أو معاشه التقاعدي، وتدير مدارس يتعلم فيها أطفاله، ولن يجد مستشفيات تقدم له الضروري من الرعاية الصحية، ولا عمالاً ينظفون الشوارع ويجمعون القمامة من أمام البيوت.
أكثر من ذلك ستستباح الحدود من القوى الخارجية، فما من دولة وجيش قادرين على صدّها، وستؤسس ميليشيات مؤتمرة بأمرها، وتتلقى منها العون والدعم الضروري لخدمة مصالحها، لا مصالح الوطن الذي إليه تنتمي.
في مقالٍ بعنوان «وظائف الدولة» نشره الناقد المعروف محمد مندور عام 1943 يستهجن رأياً يقلل من دور الدولة ويراه سبباً في انحطاط الأمم. رأى مندور في مقاله أن هناك ثلاث وظائف لا ينازع أحد في وجوب نهوض الدولة بها، أولاها تحقيق الأمن عبر الخفراء، سلامة الوطن عبر الجيش، تطبيق القوانين بإشراف القضاء.
قال أيضاً ليست هذه وحدها وظائف الدولة. هناك التعليم، وإقامة التوازن بين الطبقات الاجتماعية، وضبط الحياة الاقتصادية من إنتاج وتداول واستهلاك.
لم ينف الرجل قابلية الدولة للاستبداد، فأكدّ أن من مسؤولياتها حماية الفرد منها، بإقامة قضاء عادل مستقل.
واحدة من كبرى العبر التي ينبغي أن تستخلص من حال الفوضى الواسعة التي تجتاح سلسلة من البلدان العربية هي ضرورة التفريق بين النظام السياسي الحاكم في بلدٍ من البلدان، والدولة في هذا البلد من حيث هي منظومة مؤسسات مناط بها تنظيم أمور العباد والبلاد.
ذلك أن النظام السياسي يمكن أن يتغير، إما بصورة ديمقراطية عبر صناديق الاقتراع، حين يختار الناخبون حزباً سياسياً أو رئيساً للدولة أو للحكومة غير أولئك الذين في الحكم، أو عبر احتجاجات شعبية قد تفضي إلى نتيجة مماثلة، حين لا تتأمن الآليات الديمقراطية اللازمة لبلوغها، أما الدولة، كمؤسسات، فيجب صونها من التصدع أو الغياب، لأن نتائج ذلك، على نحو ما نرى اليوم في غير مكان، نتائج مدمرة.
سيقول قائل إن سلطة الدولة تعبر عن الطبقات والقوى الاجتماعية المهيمنة على الثروة، ونرد بالقول: إن هذه الطبقات يمكن أن تظل مهيمنة على تلك الثروة حتى لو غابت الدولة، بل إن أبواب الأرباح قد تنفتح عليها أكثر في حال هذا الغياب، حيث لا قيود ولا ضوابط.
لم يكن الحاكم العسكري للعراق فترة الاحتلال الأمريكي المباشر له يجهل ما يفعل، حين أقدم على حل الجيش العراقي، بصفته الجهاز الأقوى والأفضل تنظيماً وخبرة في البلد، وكونه يضم في صفوفه جنوداً وضباطاً من مختلف مكونات الشعب، فعين برايمر كانت على الهدف: حل الجيش تمهيداً لتفتيت الدولة العراقية، وتمزيق الوطن العراقي على أسس مذهبية، وهو ما نجح فيه بامتياز.
صحيح أن بعض الأنظمة في البلدان النامية، وبينها بلداننا العربية، تسعى للمماهاة بين النظام والدولة: نحن الدولة والدولة نحن، وصحيح أيضاً أنه كلما تعمقت المسارات الديمقراطية ونشطت آلياتها، ازدادت الحدود وضوحاً بين الدولة والنظام السياسي، وأن ما يصح على هذه الأخيرة لا يصح بالمقدار نفسه على الأولى، لكن هذا يجب ألا يعني تجاهل أن الدولة مؤسسات ليست معنية فقط بإدارة الشأن السياسي وإنما بكافة شؤون الحياة.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنفى الجماعي
- صلاح جاهين .. اليومي والمتخيّل
- كيف صنع جمال عبدالناصر مساري
- مرقد الطاغية
- الشجاعة المفتقدة في كتابة تاريخنا البحريني
- كائنات نجيب محفوظ
- عبدالله العروي والخانات الثلاث
- أناييس نن - شظية من هنا، شظية من هناك
- عبودية الآلة كما رآها أوسكار وايلد
- قسمة ضيزى
- المشي الحر
- غواية الشحرور الأبيض
- ذبابة سقراط
- ما القضية التي تشغلنا
- في قلوب الناس باقٍ - الفنان سلمان زيمان: أشعل ذاكرة لن تنطفى ...
- الأطباء الحفاة
- «كورونا » يكشف عاهات العالم
- محنة المثقف
- سمير أمين
- فيلتسيا لانغر.. وداعاً


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - نحن والدولة