أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - في قلوب الناس باقٍ - الفنان سلمان زيمان: أشعل ذاكرة لن تنطفىْ أبداً















المزيد.....

في قلوب الناس باقٍ - الفنان سلمان زيمان: أشعل ذاكرة لن تنطفىْ أبداً


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6668 - 2020 / 9 / 5 - 00:50
المحور: الادب والفن
    


الفنان سلمان زيمان: أشعل ذاكرة لن تنطفىْ أبداً

في صيف العام 1976، أتيتُ بغداد كثاني محطة من محطات الغربة، وضمن من التقيت من أصدقاء ورفاق لم أكن أعرف الكثيرين منهم من قبل، سلمان زيمان، الذي كان يدرس يومها الهندسة في جامعة التكنولوجيا، وهو التخصص الذي لم يتح له التخرج فيه، لأنه حين عاد إلى البحرين في الإجازة الصيفية، منع من السفر كي لا يعود لدراسته، شأنه شأن العشرات من الطلبة والطالبات البحرينيين الدارسين في الجامعات العربية والأجنبية يومذاك، والناشطين في فروع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين. ومنذ ذلك الحين كان سلمان محطّ محبة زملائه، فمعدنه الإنساني الطيب يشفّ عن نفسه بكل تلقائية وعفوية.
الوطن والموسيقى توأمان
مذ عرفته عرفتُ فيه تعلقه بالموسيقى. كان الجيتار يلازمه في الشقة التي شاركتهم العيش فيها لفترة في منطقة الأعظمية ببغداد، عليه يعزف ويغني الأغاني الوطنية، والأغاني اليمنية التي تعلٌق بها، وقدّم فيما بعد مجموعة منها في ألبوماته بصوته العذب الحنون، مضفياً عليها روحه، فأحبّها الناس، الذين عرفوا الكثير منها، لأول مرة، بحنجرته.
بعد شهور قليلة أتانا، خلال أقل من اسبوعين، ونحن في بغداد، الخبران الفاجعان باستشهاد كل من محمد غلوم والشاعر سعيد العويناتي تحت التعذيب، في واحدة من موجات الإرهاب الأسود ضد الحركة الوطنية البحرينية.
في أحد أعداد جريدة "طريق الشعب" التي كان يصدرها، يومياً، الحزب الشيوعي العراقي، طالعتنا قصيدة في منتهى الرّقة والشجن والأمل للشاعر العراقي كاظم الرويعي، مهداة إلى ذكرى الشهيد سعيد العويناتي. سحرت كلمات الأغنية المكتوبة باللهجة العراقية الجميلة التي نحبّ الشاب سلمان زيمان، ولا انسى الأوقات التي كان يقضيها وهو يعمل على تلحينها، بدندنات على جيتاره وتمارين على صوته، وهكذا ظهرت أغنيته التي ذاع صيتها في حينه: "دمع الدفاتر حبر".
بعد الصيف التالي لم يعد سلمان إلى بغداد، وأخذتني المصائر إلى ديار أخرى. لكن أخبار سلمان، وتالياً "فرقة "أجراس" وأغانيها التي كانت تصلنا على الكاسيتات ظلت حاضرة معنا. حتى قبل أن تؤسس "أجراس" لحّن سلمان أناشيد وأغان ثورية سجلت سراً ووزعت، وكانت، حين نسمعها، تزيدنا حماساً وأملاً وثقة في صحة خياراتنا في الحياة.
"أجراس" ذاكرة مضيئة
نجح سلمان زيمان ورفاقه في "أجراس" وبينهم أشقاء وشقيقات له، والتي تأسست في مطالع الثمانينات، ولم تنقطع فعالياتها حتى مطالع هذه الألفية، في أن يجعل من الفرقة علامة فنية ونضالية فرضت نفسها في البحرين وخارجها، وباتت جزءاً من ذاكرة مضيئة في الحياة الفنية والوطنية في بلدنا والخليج، وكان لها شأن كبير في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، يذكرنا بالدور والمكانة اللذين كانا لفرقة "ناس الغيوان" في المغرب، مع اختلاف التفاصيل، حيث كانت القاعات التي تحيي فيها حفلاتها تكتظّ بالجمهور من البحرين والبلدان الخليجية المجاورة.
نشأت «أجراس» واستمرت قريبة من مشاعر الناس وتوقهم وفرحهم وشجنهم، ووسط محيط من الإسفاف والفن الاستهلاكي، وحافظت على تميزها وعلى صدقيتها الفنية في تقديم موسيقى وأغان معبرة عن الوجدان الشعبي، وقاومت المحيط المُحبط والقيود الكثيرة التي فرضت عليها، لذلك استحقت محبة الناس وتقديرهم.
بعد خروجه من المعتقل في العام 1986، الذي دخله مع عشرات من مناضلي جبهة التحرير الوطني، في حملة إرهابية جديدة، انضمّ فيها المناضل الدكتور هاشم العلوي إلى قافلة شهداء الحركة الوطنية الذين قتلوا تحت التعذيب، أضطر سلمان لمغادرة البحرين، وبعد حين استقرّ في دولة الكويت الشقيقة، التي عاش فيها عدة سنوات، فكان له هناك أيضاً حضوره الغنائي والموسيقى الواسع، وأصبح وجهاً وفنياً معروفاً فيهأ وكان محل تقدير واحترام كبيرين في الأوساط الوطنية والفنية والثقافية فيها، التي تذكرته بحزن بعد رحيله المباغت.
البحريني – الفلسطيني
بعد سنوات الإقامة في الكويت عاد سلمان زيمان إلى البحرين، ليواصل عطاءه مع فرقة أجراس التي لم يتوقف نشاطها فترة غيابه، وأقامت عدة مهرجانات. ولم يقتصرسلمان في انتقاءه لكلمات أغانيه على النصّ البحريني وحده، وإنما اختار نصوصاً عربية، الجزء الأكبر منها لأبرز شعراء فلسطين المعاصرين، وفي مقدمتهم محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد، حتى أصبح له ولفرقة "أجراس" تراث غنائي وموسيقي تضامناً مع القضية الفلسطينية يبلغ عشرات الأغاني، بشكل جعل البحرين في مقدمة الدول العربية التي غنت لفلسطين.
ومن كلمات الشعراء الفلسطينين ذاعت لسلمان و"أجراس أغنية "ولي في ربوع الشمال غرام"، و"أم الجدائل" من أشعار توفيق زياد، وغيرهما الكثير، كما كتب هو نفسه كلمات بعض الأغاني التي لحنها وغناها.
الرحيل السريع لسلمان زيمان الذي باغت المشاعر المطمئنة لكل رفاقه وأصدقائه ومحبيه، أشعل ذاكرة لم تنطفأ أبداً عن سلمان الفنان الذي يظل فنه حاضراً معنا ومع الأجيال القديمة، فالإبداع الصادق والحقيقي حي لا يموت. الزيف والتفاهة والابتذال هي التي إلى زوال، أما إبداع كالذي خلّفه الراحل بأفقه الإنساني الرحب وإنحيازه للإنسان فسيظل شاهداً على مرحلة هي من أخصب مراحل الإبداع في تاريخ وطننا.
آخر مرة ظهر فيها سلمان أمام الجمهور، كانت في منتصف فبراير الماضي، في احتفالية أقامها المنبر التقدمي في مقره، وبحضور ضيوف منتداه الفكري السنوي من الدول الخليجية الشقيقة، بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لتأسيس جبهة التحرير الوطني، حيث أدى، رغم مرضه، أغنيته الأشهر: "يابو الفعايل". كأنه بهذه الإطلالة الأخيرة كان يُلّوح لنا، بابتسامته الصافية التي لا تغادر محياه، مودعاً.
في قلوب الناس لن تبقى فقط ذكرى سلمان زيمان الفنان، وإنما، أيضاً، ذكرى الإنسان الرائع، الحنون، المتواضع، صاحب الخلق الرفيع، المحبوب من الجميع، والقريب من الجميع، سلمان الوطني الملتزم، النزيه، المتفاني الذي تفخر حركتنا الوطنية التقدمية أنه كان أحد أجمل وجوهها المشرقة، الذي لم يكتف فقط بدوره الفني، فاهتمّ، ضمن أعمال كثيرة اهتمّ بها، بذاكرة الحركة الوطنية، من خلال ما سجله من مقابلات مع بعض رموزها ومن بينهم الراحلين أحمد الذوادي والفنان مجيد مرهون الذي ظلّ سلمان لصيقاً به منذ خروج مجيد من السجن، ولازمه في مرضه، حتى وفاته.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأطباء الحفاة
- «كورونا » يكشف عاهات العالم
- محنة المثقف
- سمير أمين
- فيلتسيا لانغر.. وداعاً
- هكذا تكلّم أحمد سند في الأول من مايو
- معاقبة موسكو أم ترامب؟
- بين البحرين وتونس
- الروس والعرب
- إرهاب عابر للقارات
- ترامب الأوروبي
- المهم وغير المهم
- المرأة الحديدية
- سعيد العويناتي .. رجل ضد النسيان
- مقدمة كتاب علي دويغر
- بين القيصر والسلطان .. بندقية
- عبدالله خليفة في مبحثه عن الاتجاهات المثالية في الفلسفة العر ...
- لماذا لم يلتقِ تولستوي وديستوفسكي؟
- ناظم حكمت وبابلو نيرودا.. قدر القلوب الكبيرة
- الثقافة في مجتمعات الخليج العربي من العزلة إلى النفط


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - في قلوب الناس باقٍ - الفنان سلمان زيمان: أشعل ذاكرة لن تنطفىْ أبداً