أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - يسرا البريطانية (17)















المزيد.....



يسرا البريطانية (17)


احمد جمعة
روائي

(A.juma)


الحوار المتمدن-العدد: 6688 - 2020 / 9 / 26 - 22:25
المحور: الادب والفن
    


"أخيراً ستدخلين الزبير"
نزلت عليها العبارة وهي تستمع إلى صوت عبد الباسط عبد الصمد يتلو سورة الحشر عند الآية (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) كما لو أن السماء أطبقت على الأرض، رفعت رأسها للأعلى لتصطدم نظراتها بالسقف فوقها وترتد نحو الأسفل لتتأكد بأن الأرض تحتها لم تنهار، جاء تأثير العبارة ليزيح عن صدرها كتلة ثقيلة من الأفكار التي ظلت محبوسة منذ سنين، لم يكن معها في الغرفة المزركشة بالنقوش واللوحات البيانية سوى سمر يام تقف خلف النافذة وتنظر للطريق من دون أن تتأمل وقع كلماتها على المرأة القابعة على المقعد، تنتظر التعليق وقد طال عن الوقت الذي ساده الصمت المطبق، إلا من صوت دقات لساعة معلقة على الجدار، بدا في تلك اللحظة مقيتاً كأنه قطرات زئبق تحفر قاع رأسها ما دفعها الابتعاد عن النافذة وتتوجه نحوها وتعيد رسم العبارة من جديد.
"لا تقلقي من العودة لبيتك، كم أنت محظوظة أن اختارك القدير من بين الآخرين لتكوني من العائدين، (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). ما أن انتهت من تلاوة الآية وبلحن مجود حزين حتى مسحت على وجهها وكمن انتهت من الصلاة، رفعت رأسها وتطلعت لوجه يسرا التي كانت مأخوذة بكل ما يجري حولها، لم تر في حياتها منظر فيه من السريالية والواقعية والخيالية كهذا المشهد النوراني وقد سحرها شعاع خيل لها يتسرب من وجه المرأة المتبرجة، بشعرها البني الغليظ وبشرتها البرونزية المشعة فتنة وساقيها العاريتين وقد تحولت لشيء لا تعرف اسماً له، يفيض سحراً ربانياً، لم تشهد من قبل في أي من رجال وشيوخ الدين الذين التقت بهم في محطات الغربة واللجوء حينما كانوا يتلون القرآن ويتحدثون بالدين ولكن وجوههم لا تشع إلا بالمكر الذي سرعان ما كشفته من سلوكهم، ويكفيها أن تزوجت لبضعة أشهر من أحدهم وكان ذلك الزواج العرفي بمثابة اغتصاب لها.
"ما رأيته منك الآن بهرني"
اقتربت منها المرأة وأخذتها من يدها ودلفت بها غرفة صغيرة أخرى في نهاية الممر المؤدي لقسم آخر من المكان، كانت الحجرة صغيرة وذات نسق يدل على سريتها، وهناك جلستا معاً على كنبة تسع اثنين وفتحت لها صندوقاً صغيراً أخرجت منه بضعة صور وراحت تُفَرجها عليها واحدة تلو الأخرى حتى انتهت، ثم أعادت الصور للصندوق وأغلقته بمفتاح صغير ووضعته بقربها على الأرض وتوجهت لها بسؤال حمل نبرة التشفي من شيء مبهم يدل على غموض الصورة.
"مارأيك؟"
تطلعت يسرا نحوها ولم تفهم ماذا يحمل السؤال ولا على وماذا يدل، خشيت إن تسرعت في الرد يأتي جوابها دليلاً على حمقها رغم الإيحاء الأولي الذي أوحت به الصور، تريثت في الرد وجالت في عيني المرأة باحثة عن رد فعل لترددها فما كان من الأخرى إلا أن هزت رأسها مبتسمة تحثها على الجواب، حشدت يسرا كل ما خطر ببالها واختزلته في عبارة سريعة كمن تتخلص من عبئ ثقيل على كاهلها.
"هذه صور مجاهدات عربيات"
"هؤلاء مؤمنات"
بدأ يتسرب إليها الشك من وجود علاقة بين المرأة الرقيقة الشفافة وبين جهات مبهمة لا تريد التسرع في الحكم عليها، خليط من التوقعات والاحتمالات دفعها لتتأمل أبعاد الكتلة التي راحت تكبر وتتدحرج ككرة الثلج "لابد من سبر غورها" رغم التصعيد المشوش في الأفكار من حولها كانت موقنة من صدق المرأة من تداعيات الزلزال الذي ضربها للتو وهي تستدعي صور الأمس " لا أظنها ستغدر بي" كانت ترى في عينيها صدق لم تخلفه الكلمات ولا العبارات المنمقة، رأت في وجهها وفي سماته الحادة التي انعكست على بشرتها وهي تتورد لحظة تلاوة القرآن، وميضاً حقيقياً ينم عن ألم ومعاناة كتلك التي مرت بها هي ذاتها، وهذا ما دفعها لتتجرأ للمرة الأولى وتسألها بنبرة صارمة.
" من أنت؟"
ردت الأخرى غير مفاجأة بالسؤال.
" لم يفاجئني سؤالك، توقعته منذ مدة وقد كنت صادقة معك حين قلت لكي سمر يام، أنا هي"
ردت يسرا بمزيد من الإصرار على غير المعتاد.
"لا يطفئ ظمئي هذا،أين تعملين وماذا تريدين مني بالذات؟"
هذه المرة فاجأتها النبرة الاستفهامية الحادة ورأتها تخرج من شرنقة الخجل والحذر وتقتحم المناطق المحرمة، أصابتها في المركز ما حدا بالأخرى أن تعتدل في جلستها، دفعت شعرها للوراء وتطلعت حولها كأنها تستعير من الهواء ما تُنَفس به عن احتقانها الذي ظهر عليها، بدت باحثة عن خيط تبدأ به الرد من دون أن تنزلق إلى القاع، شعرت بها يسرا وهي تحوم حول المكان ثم تستقر بالقرب منها مشعلة سيجارتها وقدمت أخرى لها، نفذت الدخان وقالت بصوت اكتنفته المرارة.
"خسرت كل شيء كان ملكي بسبب التمييز، أملك المال ولكن لا أملك الاعتراف بوجودي وهويتي لأني خرجت عن سرب العائلة، كان يمكن أن أكون واحدة من أسرة تملك كل شيء بما فيه الوطن، كان بوسعي امتلاك الفضاء والبحر واليابسة لولا التمييز، فقط لأني من أم خارج المحيط"
توقفت برهة، نفذت الدخان واستدارت وهي تقترب من النافذة، أطلت منها لثانية وعادت مسترسلة وقد زادت نبرة المرارة في فمها.
"قصتي طويلة وخيالية ولكنها واقعية"
ضحكت بوجه ساخر واستأنفت.
"هل سمعتي قصة الأميرة التي أعدمت ذات مرة بسبب خطأ في الاختيار؟ الحب أعماها، يا للسخرية، تصوري بسبب الحب لعنة الله عليه، خرجت من الدنيا، أنا أشبهها ولكن ليس بسبب غلطتي أنا بل هو خطأ غيري، ولكن لا أحاسب أحداً، الله سوف يحاسب الجميع ولكني دفعت ثمن غيري ظلماً بخروجي من الجنة بعد أن اكتشفت أن الوطن ليس لنا فيه نصيب بحكم القانون الأرضي، فلجأت لقانون الله تعالى ومنه سوف أسترد حقي وحق كل من ظُلم في الدنيا"
تبادلتا النظرات بصمت لبرهة، رفعت رأسها لأعلى ليصطدم بالسقف ثم تعود للأرض مردفة.
" أنتِ انتزعت من بيتك بفعل قوة شيطانية طمعت في أرضك، وأنا انتزعت من بيتي بسبب قوة شيطانية من دون حق، وهناك آلاف، بل ملايين من البشر رجال ونساء خرجوا من ديارهم دون حق، وقد أجاز لهم الله الجهاد لاسترجاع حقهم سواء عاشوا ليشهدوا عودة الحق أم استشهدوا ليأخذوا حقهم بأثر رجعي في الآخرة(وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ)"
لا حساب عليك أختي يسرا، لقد ظلمنا وشردنا وطردنا من ديارنا مع حقنا في حكم هذه الديار، نحن لا ننتقم منهم بل الله سبحانه وتعالى ينتقم بأيدينا، الشهادة خير لنا من الذل"

****

في المساء ذاته، مع هبوب رياح باردة إثر تساقط قطرات المطر، ساد الشوارع هدوءاً معتماً بسبب كثافة الغيوم وبدت حركات البشر والسيارات والقطارات رتيبة انعكست بظلالها على الوجوه المندفعة بسرعة وتوتر لدى نهاية اليوم الذي بدا بطيئاً منذ الصباح، كان للطقس دوره في صنع إيقاع الحركة لدى البشر على اختلاف تنوعهم، وزادت الكآبة على وجوه البريطانيين الأصليين ذوي العيون الزرقاء، انتقلت هذه الحالة النفسية إليها وهي تعبر الشارع من شقتها إلى العنوان الذي حددته لها سمر يام بلندن داون تاون لتستلم الظرف المعين لها من قبل الجماعة كما أخبرتها، لم تطلعها على هوية الجماعة ولا على وظيفتها ولا على أي شيء يدل على ماهيتهم، أكتفت بالقول أن الجماعة هم من سيعيدون الحق لأهله ولو تطلب الأمر قيام الساعة "أي ساعة عنت؟" مرت على شارع بحي صغير متفرع من شارع "أكسفورد" وقريب من زاوية البناية التاريخية القديمة التي كلما مرت بها طوال السنوات الماضية ذكرتها بالعمارة الحلبية التي كان يقيم فيها عمها هيثم الشريف لدى إقامتها بسوريا وقت الدراسة، نزلت من السيارة التي كان يقودها ريتشارد وعبرت المسافة بين الشارع والرصيف مسرعة تهرول خشية تبلل شعرها من قطرات المطر الخفيفة التي كانت تتساقط، وأثناء عبورها كادت تتعثر، التفتت خلفها لتقع عينيها على عيني ريتشارد الذي كان يبتسم ولوح لها بيده إشارة الحذر، كانت الساعة تشير للسادسة ودقيقتين، ولدي بلوغها البناية المقصودة تأملت الورقة بيدها ثم أقحمتها في الحقيبة ودلفت المكان، وأول ما تناهى لسمعها لدى تقدمها من الباب الخشبي المطلي باللون البيج هو صوت قراءة قرآنية، على أثرها ابتسمت وهي تدرك بأنها وقعت في محيط ديني لا محالة وهو أمر واضح من كل هذه المواقف التي مرت بها في الآونة الأخيرة مع سمر يام، ساد هدوء على غير المتوقع من هيئة المكان الذي يبدو عليه من الخارج، فاحت رائحة زكية، هي خليط من العود والعطر، وانتشرت في الأرجاء قبل أن تصل المكتب الذي فتحته امرأة، ظهرت متحجبة وارتدت عباءة سوداء ولم يظهر منها سوى معصميها الأبيضين، وقد أشارت للوهلة الأولى ليسرا بالتوقف، واقتربت منها وسألتها إن كانت تحمل جهاز هاتف، وعندها طلبت منها تسليمها الجهاز ثم ولجت بها المكتب تركتها وخرجت.
"تفضلي أُخت يسرا"
بدا من هيئة القابع وراء المكتب، رجل عسكري لا ينتمي من مظهره الأولي لرجال الدين الذين تعرفت جيداً على مظهرهم، ولشدة تعلقها بوالدها منذ طفولتها ولدى تفحصها لمظهر الرجل الجالس أمامها خمنت أنه أحد أولئك القادة العسكريين الذين يماثلون جبار الشريف في طلعته ومظهره وسماته وملامح وجهه المكسوة ببعض خيوط خفيفة من التجاعيد الصلبة بين حدود الوجه والأنف، كان يرتدي بذلة رمادية أنيقة وكسا شاربه الغليظ شعيرات بيضاء، وفيما راحت بسرعة فائقة تمسح المكان بنظراتها، توقفت عند خارطة الوطن معلقة خلفه على الجدار ومعها لوحة مزينة بإطار ذهبي عريض في الجانب الآخر لرجل طاعن في السن بدا من هيئة الكوفية والعقال أنه من رجال البصرة الذين تميزهم عن معرفة تامة بالفطرة التي ولدت عليها، كانت ترى تلك الوجوه في طفولتها وتعرفت على بعضهم من خلال مرافقتها لجبار الشريف خلال زياراته للسوق ومروره بمتاجر بعضهم وأحاديثه الساخرة معهم وتدخينه للنارجيلة الزبيرية "من يكون هذا الكهل الشامخ في الصورة؟" أيقظها من تأملها صوت الرجل كأنه قادم من وراء الحدود وقد زرع فيها حنين للديار بنبرته الحادة الحنونة بذات الوقت.
"هلا بك بنيتي يسرا، وأخيراً حطت قدماك الرحال في بقعة من بقع الوطن، هنا بنيتي في هذا الرقعة الصغيرة وراء الحدود تشمين الوطن وأهله، هلا هلا بكي يا بنت جبار الشريف يا سليلة شجرة القرمزي"
انتفضت فرائضها واستيقظت كل حواسها، فاض شجنها المكبوت منذ سنين ولاحت لها رائحة الياسمين من خلف سور الحديقة الواسعة التي كانت تعبر ممراتها وهي برفقة والدها أيام الجمع خلال الإجازة، مصطحباً إياها عندما يزور الثكنة المحلية للجيش ويسلم أشياء مبهمة، لا يعلق بذهنها منها حينذاك سوى رائحة التبغ، وعبق الرازجي الذي يفوح من حديقة الثكنة وحدها العالقة في ذاكرتها عن تلك الأيام، سرت في أوصالها رعشة باردة أحست كأنها شفرة ناعمة تنعش روحها الميتة منذ الأزل، اجتاحتها بهجة سحبت من تحتها الأرض ورفعتها عالياً شعرت معها لوهلة كأنها تلتقي جبار الشريف ولا تقوى على ملامسته، كأنه حلم السنين المنتظر، لا يشبه الرجل والدها ولكنه يحمل كل سماته وملامح الرجولة فيه "ليتني أقدر على ملامسة روحه الطاهرة"
"أعرف عن والدك الكثير وهو حي يرزق"
"لا إله إلا الله"
لأول مرة منذ سنوات تنطق تلك العبارة من داخلها وقد مسها ما يعلو على السحر، طفقت بلا حواس تنظر للرجل وينظر إليها وسط صمت هائل يكاد يكسر الصمت ذاته، تصاعدت خفقات قلبها، وترنح خيالها بعيداً متجاوزاً الحدود البريطانية عابراً البحار والمحيطات والفضاء، تلبسها شك ويقين، شك أن تخدع وتستدرج من أعز ما لديها في الوجود، جبار الشريف، ويقين توحي به ملامح وسمات الرجل الذي ينظر إليها هذه اللحظة ويوشك أن يبتلعها معه في خيال جامح لا محيط يحده "مستحيل أن يكون حياً يرزق" كل الصور والمواقف والأحداث الجسام التي مرت بها عبر السنين وكل المؤشرات منذ كانت بالتاسعة من عمرها لا توحي بيقين يؤشر لوجود حياة أخرى وراء هذا الكون، لا يمكن ولا يخطر ببال المرء أن جبار الشريف الذي كان أسطورة المحارب الكاسر وهي الصورة العالقة بذهنها منذ الزبير يكون قد تجاوز الموت وعبر الأخطار الجسام كلها وهو باقٍ على قيد الحياة "كم عمره الآن؟" تكفي كل العقود التي مضت لتقضي على الرجل المحارب، كل الحروب التي خاضها، ابتداء بالحروب الداخلية مع القوميات والمذاهب إلى الحرب مع إيران إلى الحربين الكبيرتين مع التحالف الدولي، يحتمل أنه اخترق الموت وتجاوزه، وحتى لو فعل فإن سنين العمر ووهن الحياة والكفاح قد أرهقه وهده "لن أصدق ذلك بسهولة حتى لو تمنيت أن أصدق"
نهض الرجل لأول مرة منذ ولجت المكتب، خطى نحوها من الخلف وجاء أمامها، جلس مقابلها، تنفس ونظر نحوها فخفق قلبها وهي تتأمل عينيه الجاحظتين، جاءتها كلماته تحمل رنين الصدى القادم من وراء النهر الذي يشق المدينة المالحة التي احتضنت طفولتها.
" الفريق الركن حازم عبد الرحيم لا شيء أخفيه عن كريمة العقيد عبد الجبار الشريف، من فرط تتبعنا إياك كدنا نصل لليأس ولكن قدر لنا أن نمسك بأول خيط دلنا على هويتك من مصدر لا يخطر ببالك، المهم أنت الآن بيدنا ومصيرك تحدد معنا بإرادتك، لن نجبرك على العمل معنا ولكن إن قدر لك الالتحاق بنا فأكون صريحاً معك، لن تكون مهمتك سهلة أبداً لأنه عليك التنازل عن أحلام كل امرأة تحلم بالزوج والبيت والأولاد والعمل"
أخرج سيجارة من علبة فضية بجيبه وأشعلها ثم استأنف الكلام بعد أن نهض من أمامها وعاد لمكتبه.
"لن نكلفك بعمل لا اليوم ولا غداً وقد لا يأتي اليوم هذا، ولكن عندما تأتي تلك اللحظة قد تكلفك حياتك، فهل أنت مستعدة لتلك المهمة؟"
وقبل أن تفتح فمها بالرد قطع عليها الكلام مسترسلاً.
" سنهتم بك ونرعاك وستكونين تحت نظرنا"
سارعت بطرح السؤال الملح الذي قض مضجعها.
"ماذا عن أبي؟"
مرت برهة من الصمت المطبق الذي كادت خلاله تسمع صوت الجدران من حولها، تنهد وقال مبتسماً.
" هذا ما عنيته، قد تكلفك حياتك رؤيته"
"سيدي.. أنا مستعدة دفع حياتي لرؤيته ولو لساعة"
بعد ثانية من صمت مطبق، انزلقت بجرأة، موجهة سلسلة أسئلة سريعة.
"هل حقاً جبار الشريف حياً؟ أين كان مختفياً كل هذه الفترة؟ ألم يبحث عني؟
"كان مع غيره في الأسر ولدى هروبه كانت الكلاب المسعورة وراءهم، كنا بانتظار الساعة وقد حان موعد الاستحقاق، الحديقة بدأت تزهر يا يسرا"
وهي تمد يدها للرجل وتستلم المظروف المغلق بدا الدمع يترقرق في عينيها ولاح بريق يلمع لمحه الرجل فيما كانت ترتجف من شدة التأثر، اقترب منها ووضع راحت يده على كتفها قائلاً بنبرة حازمة.
"لا يناسبك البكاء، شدي عزمك وافتحي المظروف وتصرفي بما فيه على هواك وكيفما تشائين لأنك بعد مدة وجيزة ستحملين حياتك على كفك كما حملها والدك"
عندما انزوت في غرفتها وقبل أن تفتح الظرف أعدت لها كأس فودكا مع قطع من الثلج ورشفت منه بحرقة وانكفأت على السرير، فتحت المظروف واستخرجت منه ورقة بها شيك على أحد البنوك، يتضمن خمسون ألف جنيه مرفق به ورقة كتب فيها "وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ "
تحول رأسها إلى جبل مثقل بالتشويش والألغاز، كان الشيك المالي طلسماً وكانت الورقة التي تحمل الآية طلسماً آخر، دارت بها الأرض وانسحقت مشاعرها مختلطة بالكون وما يحويه، لم يعد أمامها مايك ولم تعد ترى خيال سمر يام، صغرت الغرفة من حولها حتى تحولت لثقب متناه يضيق بها وتكاد تختنق "جبار الشريف حي يرزق" لا تقوى على الاستيعاب، تغيرت كل الخطط والبرامج، ما عادت الجنسية البريطانية من أولوياتها ولم يعد الرفاه حلمها "الدنيا تغيرت يا يسرا" تنهدت ثم عادت تنظر في الصك المالي وتعيد قراءة الآية القرآنية "ماذا أفعل في هذه الثروة؟" نهضت من مكانها أخذت الحقيبة وأخرجت هاتفها النقال وأجرت مكالمة لمايك.
"أريد رؤيتك الآن"
قذفت بالهاتف على السرير وتجرعت بقية الكأس، أخذت حقيبتها وخرجت مسرعة للشارع، كانت الساعة العاشرة وتسع دقائق عندما صادفتها نوبة ذعر خاطفة حملتها موجة البرد في الخارج، سارت بضع خطوات وتوقفت تتلفت حولها"أين ذاهبة؟"
حين التقاها مايك بادرها من غير أن يسألها موضوعها وقد بدا متوتراً وهو يقول مباشرة من دون تمهيد وبنبرة حازمة.
"من الأفضل ألا نلتقي بضعة أيام، وسوف أتكفل بكل شيء يخصك، لا تخمني الأسباب، هناك من يتعقبني ولا أريد أن ألصق بك أية مشاكل..."
قاطع نظراتها حين رأى التوتر والتساؤل يعلوان ملامحها، فغير دفة الحديث قائلاً وهو يضحك محاولاً إزالة القلق من على وجهها.
"ليس الأمر بالخطورة، تعودت على الملاحقات، ثمة من يتربص بي وسوف أجتاز الحالة كالعادة ولكن من باب الاحتياط سوف أترك لك بعض الضمانات ومنذ اليوم لن نلتقي حتى أخبرك متى؟ لماذا أردت رؤيتي؟"
أمسكت بيده مكتفية بالصمت فيما راح يبحث في دولاب المكتب عن شيء يبدو قد أخفاه منذ فترة، أخرج حقيبة سمسونايت وجلس على المقعد بقرب المكتب وأشار لها أن تقترب.
"ماذا يجري من حولنا؟"
قالت تلك الجملة وهي تهز رأسها مستنكرة ما يحدث من زلزال جبار الشريف وصورة الفريق الركن الذي عادت للتو من لقائه "يا له من يوم طويل لا يكاد ينتهي" قالت ذلك في سرها وتطلعت نحو الرجل الذي ظل مستغرقاً في البحث بداخل الحقيبة، أخرج كتيباً صغيراً وسلمه مع مفتاح وهو يقبض على يدها قائلاً.
"هذا حساب خاص بك أحرصي أن تحمي نفسك به لحين أعود أو لا أعود"
"لماذا هذه الثقة العمياء بي؟" تساءلت وهي ما زالت قبضتها على الكتيب والمفتاح، راعها بالوقت ذاته أن ترى الرجل في مأزق وهي التي أوشكت بعد سنوات الكراهية التعلق به، شعرت برغبة في احتضانه وتقبله، وهالها أن تسمع في يوم واحد حدثين مروعين، كان فكرها في بلدها ووالدها الذي لازال الشك يحاصرها تجاه بقائه حياً حتى اليوم، وها هو مايك الراعي لها يوشك أن يختفي، أصبح الغموض كجبل، يلفها وهي مازالت في صدمة مما سمعته رغم عدم إفصاحه عما يجري حوله، انصب اهتمامها تلك اللحظة في شكل خوف وقلق على الرجل فلم تجد مناصاً من سؤاله.
"هل أنت في ورطة مالية؟"
ضحك، وأخذها من يدها وراح يحدثها وهو يسير معها خطوات في المكان وقد بدا غير مكترثاً بما يحدث له.
"لست مفلساً لهذا الحد وعندما تفتحين حسابك ستغيرين رأيك، المهم أن تحافظي على نصيب لي إذا قدر لي العودة"
التفتت نحوه وشدته من ياقته وقد استسلم لها كلياً وقالت بحدة ورغبة في فهم ما يجري.
"ماذا تقول؟ ماذا يجري؟ من أنا بالنسبة لك؟ أنت تقتلني بطريقتك هذه؟"
تركته وابتعدت وهي منفعلة، بعد لحظات هدأت أنفاسها فاقترب منها وقال ضاحكاً.
"دعك من العواطف، هناك ترتيبات ربما تتطلب منا نحن الاثنين السفر إلى سويسرا أو أذربيجان، ولكن قبل ذلك لدي رغبة شديدة للغاية في مضاجعتك الآن"
تبادل الاثنان النظرات، ساد صمت، لا تشعر برغبة في مسايرته إذ كانت ضربات قلبها ما زالت تحتدم، كانت تسمع أنفاسه ولا تعرف مستوى قلقه، تعرف مدى قدرته على إخفاء انفعالاته والهروب من حقيقة مشاعره "إنه مايك الباكستاني" عرفته منذ الوهلة الأولى التي كان فيها كما رأته، ذئب مفترس تهرب من أمامه الذئاب، ها هو الآن يتنازل لها عن حياته وماله بل ويسلم لها رقبته ويختفي، بدا الأمر أكبر مما تتصور وتحتمل، لم تكن لها رغبة في مضاجعته الآن، كانت منهارة من الداخل، تتقاذفها قصة جبار الشريف والفريق الركن والآن مايك، كان الحمل يوازي جبلاً تحمله فوق كاهلها وتسير به "جاء التغيير زلزالاً مرة واحدة" قالت ذلك وهي تتطلع إليه وقالت مبتسمة.
"ليست لي رغبة بعد كل ما سمعت"
"لا تهمني رغبتك، يكفي أنا أرغب فيك، وبشدة"
لم يترك لها خيار، اقترب منها وبدأ بنزع ثيابها، كانت ترتدي قميصاً أزرق من الشيفون الخشن وفوقة سترة جينز، مع سروال أسود ضيق، بدأ بخلع السترة فيما هي تبتسم وقد تركته يتصرف كم يريد، سحبها من يدها وألقى بها على الكنبة القريبة من النافذة وأزاح الستارة ليتطلع للخارج.
"بودي لو أحداً يشاهدنا من هنا نتضاجع"
"أنت شاذ اليوم بالذات"
بدأ بخلع سروالها ثم أزاح وسادة على جانب الكنبة كانت تعيقه وراح يلثم ساقيها حتى وصل لخصرها فبدأ بنزع قميصها وشعر بحرارة جسمها تنبعث منه رائحة الصابون.
"أنا متعرقة"
"هذا ما يثيرني"
انغمس بشراهة في لثم كل أطرافها حتى وصل سرتها فبدأت أنفاسه تتصاعد، كان كمن يعريها للمرة الأولى وقد بدا نهماً وهو يمر على أعضاء جسدها السائح على الكنبة.
"بدأت تثيرني"
"ستتذكرين هذه اللحظة لسنوات قادمة"
"أنت تخيفني الآن"
غرق فيها بشراهة متناهية حتى كاد يفقد وعيه، كان إحساسها تلك اللحظة أشبه بكرة من الثلج مشتعلة! كانت حواسها الجسدية معه وأفكارها في الزبير والأموال والفريق الركن ووالدها الذي إن كان ما يزال حياً، فهي معجزة.
"مايك"
رد بحسم وأنفاسه تتلاحق.
"اخرسي"
****
( 7 )
تراصت قطع الغيوم فجأة في السماء وبدت سوداء داكنة تنذر بقدوم موجة صاخبة من الأمطار التي ما انبثقت تتلاحق مع تسلل فصل الخريف وتساقط الأوراق الصفراء تملأ الأرصفة والميادين، تسربت أنباء صحفية، عن وجود خلايا إرهابية نائمة في مناطق نائية من بريطانيا لم تتسلل للندن بعد، أصابتها تلك الأخبار بالتوتر أثناء عودتها للتو من سفرة خاطفة لسويسرا وبلجيكا، تعلمت من خلالها درساً، ألا تسافر مرة أخرى برفقة محام رجل، كانت التعقيدات قد ثارت أمامها بسبب محام شاب رشحته لها سمر يام، ظل طوال الوقت يثير الشغب والمشاكسات لأسباب هامشية لمجرد أن يثير إعجابها، خلصت من تلك السفرة السريعة بتجربة مفادها، أن ألا تعتمد على الشبان الجدد ذوي العواطف الانفعالية السريعة، كانت الخريطة التي أعدها لها مايك تعتمد على الهدوء والكياسة وكانت من زاوية ثانية حائرة في حرية التصرف التي تركها لها الفريق الركن حازم عبد الرحيم، كان في قبضتها كنزان من الأموال، وفي جعبتها حسابات مصرفية هبطت عليها بمعجزة لم تكن سوى تقدير إلهي، اختارها لهذه المهمة التي بدأت تتكشف لها تفاصيلها وإن ظلت خيوطها التفصيلية غائرة في تمويه مقصود، ظهرت لها من خلال الوسائل المتسلسلة التي تتوالى وضوحاً كلما أوغلت في القاع، كان هناك من يراقبها ويرسم لها الحدود من دون أن يظهر في الصورة، ظلت تفكر في تفاصيل سفرتها وتدقق الوقائع التي مرت بها طوال الليلة، إلى أن استفاقت عند الفجر على صوت دوي الرعد وقد اخترق حيطان الشقة وأحدث رعشة فيها لم تتبين ما إذا كانت نتيجة البرودة المنبثقة من الغرفة أم نتيجة وميض البرق الحاد المصاحب لدوي الرعد الصاخب، حال شعورها بالوحدة مع إحساسها بحيازتها للأرقام المالية الفلكية من السيطرة على نفسها، لم يكن خوف بقدر ما كان قلقاً مصاحباً للعتمة الكامنة في أعماقها، تمنت لو يحدث كل ذلك، وبقى مايك، تمنت لو لم تسمع عن جبار الشريف بأنه على قيد الحياة واكتفت من الدنيا بالجنسية البريطانية والعمل خادمة بالغرف الفندقية، تتلصص على محتويات النزلاء، تتعقب عذاباتهم وتتفحص نفاياتهم وتجري وراء فضائحهم، وبذات الوقت تتخلص من كل متاعبها من خلال اللهو العبثي رغم الخوف والقلق، تكتفي بوجبتها الفقيرة وتندس في الفراش بعد كأسين من الفودكا، لا تملك من الدنيا سوى الجنسية التي كانت محطة حلمها الأخير، ليست في وارد العودة للوراء فخلف هذا العالم السميك تكمن الآن مغامرتها الأسطورية التي لا تعرف ولا تتكهن أين ستقودها "المهم أرى جبار الشريف" ظلت أسطورته مهيمنة عليها حتى بعد الأسابيع الصعبة المقفرة التي احتُجزت خلالها في بناية بضواحي لندن وتقطعت أنفاسها وكادت تخر مغشي عليها نتيجة الساعات الطويلة التي استلمتها فيها بعض الوجوه الغريبة والمتزمتة في التلقين والتثقيف والتدريب، كادت تنسى وجوههم وأصواتهم في المساء بعد أن حفظتها في الصباح الباكر، انقطعت عن الشراب وإن ظلت تسرق الوقت للتدخين، وتتملص من الأرقام والحسابات والأساليب الملتوية، والتي اكتوت على إثرها نفسيتها، كان الشيء الذي صبرها على المضي قدماً هو العودة للزبير ولو لساعة ورؤية جبار الشريف وإن خامرها الشك في ذلك لحظات اليأس والوهن.
جرت العملية كلها بسرعة فائقة وبدون حذر كما لاحظت، إذ كان كل من المدربين وأجهزة الإنترنيت قد أنهت الإجراءات كما لو جرى الأمر معها في فيلم سينمائي، لم تلاحظ أي مما درسته في الجامعة أيام حلب قد سار في هذه العلمية بحسب المعلومات التي تملكها، بقدر ما كانت الأصابع السحرية في مختلف المكاتب التي مرت بها ومن خلال الإنترنيت أصبحت هي مالكة لثروة لا تعلم كيف انتقلت إليها.
"هل هي مكونة من سبعة أرقام أم ثمانية"

****
( 8 )

علمت بأنه كان العشاء الأخير مع مايك، ودت لو غادرت قبله، حرصت على إخلاء روحها الداخلية من النسيج الذي يحيط بها من تلك الشبكة المحكمة من الأفكار والمشاعر التي انزلقت فيها، نزعت في النهاية الصور من رأسها ومضت تقطع الطريق وحدها بلا بوصلة سوى حدسها ومجازفتها التي بدأت للتو.
خلال أيام خاطفة حملت معها الحماس والتوتر، أزاحت عنها كابوس الخوف وحل مكانه شوق حميم لرائحة الزبير ومنظر بساتينها وعبق شوارعها ورافقتها صورة وجه أبيها، شدها الوله لتحمل الساعات القاسية التي خاضت خلالها تدريب شاق على أيدي خبيرة لم تعرف من لكنتهم سوى اللهجات المحلية للجزيرة العربية، كانت متوجسة في البداية، لكنها ومع الوقت بدأت تقتحم عالم معقد وخيوط متشابكة
من الشركات الواجهة لغسل الأموال، وأساليب ملتوية لشراء بضائع غير مدرجة في السوق، وعلاقات عامة للتعامل مع شركات أجنبية باستخدام أسلوب المزايدة والمقايضة، تعلمت طرق شراء السلع بسعر منخفض وإخفاء السعر الحقيقي في حسابات سرية ثم عطفت على قائمة البنوك الأقل تزمتاً في التعاطي مع الحسابات السرية، وأخيراً تدربت على كيفية بناء سياجاً محكما للسرية على الحسابات.
حتى طرق غسيل الأموال من خلال توظيف الأموال غير النظيفة في شركات التبديل عبر شراء سلع لصالح شخص مزيف أو باسم شركة غير مدرجة انغمست فيها، واطلعت على قواعد مكاتب خدمات الجمارك وفرض الضرائب وأساليب تتبع البضائع والأموال.
"لن تعملي في هذه المجالات قط، هذا لمعلوماتك فحسب"
كان الخروج من الزبير بمثابة الخروج من الجنة وأصبحت العودة إليها تتطلب رحلة دامية مثقلة بالأهوال، هكذا تخيلت الصورة وهي تستجمع شتاتها ومن حولها بضع أفراد خرجوا جميعهم من أتون باحة القاع السفلي للعالم ليرافقوها في رحلة الضباب السديمي "كيف هي الزبير اليوم؟" طرقت تفكر بأسئلة صعب الولوج لإجابة عليها "سأترك مصيري بيدي وأمضي" أغلقت حقيبتها وخرجت نحو مطار هيثرو تحمل تذكرة سفر درجة أولى مفتوحة وجواز سفر بريطاني، ضحكت وهي تعيد شريط دخولها بريطانيا من دون جنسية سوى أوراق متهرئة، قبعت وراء الأسوار أيام، احتجزت في ملاجئ حقيرة، انهالت عليها الأسئلة، كانت مشردة ضائعة سلبها الجوع روحها قبل أن يطيح بكرامتها الإنسانية، خرجت للعالم صفر اليدين ودخلتها اليوم بمعجزة من تقدير الغيب.
بدا الطريق من"كينغستون" لمطار "هيثرو" مختلفاً عنه قبل أربع سنوات، شعرت بذلك في إحساسها الداخلي، وفي نظافة السيارة التي تحملها، الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهراً، تذكرت بأنه ذات الوقت تقريباً الذي جاءت فيه بالمرة الأولى، ربما بفارق خمسة عشرة دقيقة، سرحت عينيها وهي تقترب من سور المطار، بدت شمس بريطانيا على وشك أن تغيب رغم أن الوقت كان ظهراً "وداعاً بريطانيا العظمى" قالتها في سرها وهي لا تعلم إن كانت ستراها مرة أخرى، لكنها ابتسمت وهي تعلم بأنها تعود للزبير أو لأي مكان من أرض الوطن ومعها الجنسية البريطانية "أنا يسرا البريطانية"



#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا والله وتغاني ...
- يسرا البريطانية (16)
- يسرا البريطانية (15)
- أي نحس ثقافي؟!
- يسرا البريطانية (14)
- رؤيتي المغايرة لأيلول الأصفر....!!
- يسرا البريطانية (13)
- يسرا البريطانية (12)
- يسرا البريطانية (11)
- يسرا البريطانية (10)
- نيويورك تايمز كذبت ضد صدام حسين...
- يسرا البريطانية (9)
- من مستنقع السياسة، إلى أزهار الثقافة...لنجرب!
- يسرا البريطانية (8)
- الرواية من منظورِ الحرية!
- يسرا البريطانية (7)
- يسرا البريطانية (6) رواية
- يسرا البريطانية (5) رواية
- رواية -يسرا البريطانية- (4)
- رواية يسرا البريطانية (3)


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - يسرا البريطانية (17)