أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - يسرا البريطانية (10)















المزيد.....



يسرا البريطانية (10)


احمد جمعة
روائي

(A.juma)


الحوار المتمدن-العدد: 6661 - 2020 / 8 / 29 - 13:52
المحور: الادب والفن
    


[لاذت عينيها بالفرار عن مواجهة ضابط الجوازات، تركت الأوراق الممزقة مع الجواز المتهرئ من قبضة يدها اللزجة بالعرق، رغم برودة الجو في القاعة الواسعة، كانت كالمختطفة تحوم عينيها في أرجاء المكان المكتظ بالجنسيات المختلفة، لا أحد يراقب الآخر الكل مشغول بتدبير أموره، شعرت بدوار وانتابتها نوبة ذعر فجأة خشية أن تتقيأ على كونتر الجوازات أمام الملأ، شغلت ذهنها بالأفكار البعيدة عن القاعة الهائلة المكتنزة بالبشر، تذكرت البصرة وأحياء الزبير، عاودتها صور وجوه الجيران وصديقات المدرسة، ثم سرعان ما تحولت الصور إلى كابوس آخر زاد من شعور الغثيان والتقيؤ ، ران لها سكان الزبير وحالهم اليوم بعد الهروب والتشرد، فكثير منهم توزعوا الكون واستقروا في بقاع الدنيا الواسعة، بعضهم لاذ إلى الموصل وبعضهم اتجه كردستان، وأغلبهم نزح خارج العراق، ومنهم من غاب تحت الثرى.
لاح لها فجأة، وجه فيصل المر، أحد رواد فندق أرماني ببرج خليفة بدبي حين كان يستميلها عارضاً خدماته وهو يشرح لها كيفية الوصول لمطار هيثرو، رأت في وجهه البراءة والمكر معاً، فمن جهة يريد اقتيادها تلك الليلة لغرفته وبذات الوقت كان لطيفاً معها وهو يعرض خبرته في الأسفار، سألته عن مطار هيثرو فتورطت، تذكرت وجهه المستطيل ذو الوسامة السمراء وثغره الباسم باستمرار وهي تقف الآن أمام الجوازات والرعب يتناولها قطعة قطعة "هل نفعتني نصائحه في شيء؟" كان صوته ناعماً وهو يتصنع الأدب معها.
" عندما تغادرين مطار دبي تذكري أن تسافري على طيران الإمارات أفضل لك، ومن هنا إلى لندن مباشرة على تيرمينل الإماراتية، ثم توجهي إلى الجوازات ومن بعدها إلى العفش، ولا تتطلعي في عيون موظفي الجوازات، اشغلي بالكِ بأي شيء".
من مطار هيثرو إلى طلب الإقامة، رحلة السندباد الزبيري، مع يسرا القرمزي أو يسرا البريطانية، هنا تنتهي الخطوة الأولى لتبدأ المعاناة الدامية مع الجنسية "لماذا لا يخطفني الموت كما فعل مع الكثيرين؟"
مرت بمراحل عدة، حدثت لها أشياء، ووقائع خلال هذه السنوات الأربع وهي تنتظر الموافقة على طلبها، ومازال ينظر فيه، لماذا هي بالذات يحدث لها ذلك؟. هل خضع الجميع لكل تلك التعقيدات؟ هل كل طلبات اللجوء بنفس الإجراءات؟
عندما سمعت لأول مرة وهي تطأ قدميها الجزر البريطانية، أنه يحق لها
الحصول على المساعدة القانونية مجاناً فى طلب اللجوء، ظنت أنها بلغت أرض النعيم بعد أن اجتازت جحيم مطار هيثرو، ومن بعده الاحتجاز القسري في أحد المعسكرات المعدة لطالبي اللجوء، لقد تم احتجازها ضمن صفقة لا دخل لها فيها، وهي ألا ترحل فوراً من بريطانيا لأنها مدانة في قضية دعارة بدبي " كيف توصلوا لهذه الحادثة المروعة التي لم يكن لي يد فيها" ظلت أيام بليالي تلوك هذا السؤال؟ وأخيرأ تم التحفظ عليها كجزء من قوانين "الطلبات السريعة".
"تعتقد السلطات أنك ربما قد اقترفت جريمة، ولهذا تقوم بالتحقيق معك تحت إشراف شرطة الجوازات، يظنون أنك خطراً على سلامة الدولة"
" أنا؟ أنا القادمة من محرقة الزبير بلا أهل ولا أصدقاء ولا مال ولا مستقبل، خطراً على بريطانيا؟" رددت العبارة طوال الوقت والدموع محبوسة في مقلتيها لا تستطيع الخروج.
بعد عودتها من المقابلة الدامية الشرسة التي سُلخ جلدها فيها، تلكأت في البداية بسبب وجود مترجم عراقي الجنسية، استشعرت منه الذعر بسبب انتمائه لطائفة أخرى، زاد من عقدتها النفسية، عندما لاذت مع الآلاف من اللاجئين من الزبير، ظنت أن اختبائها في لندن وقطع صلتها بالشرق الأوسط هو نهاية الألم، وعندما رأت المترجم الذي ذكرها بمن كان يطاردها وراء النهر وزرع فيها الخوف والفزع، شعرت بأن أرض بريطانيا تبلعها من جديد كما بلعتها حلب من قبل لدى نشوب النزاع الدامي هناك " لماذا مترجم عراقي وأنا أجيد الانكليزية؟" رأت في عينيه لغزاً محيراً عندما كان يترجم كلمات بينما كانت في طريقها لتنطقها بنفسها، عندما خرجت بعد أيام لم تفهم ما جرى لها وراء الكواليس، فحين راحت تتقصى في محرك البحث غوغل وجدت تفسيراً يتعارض مع ما حدث لها.
(فعادة تجرى مقابلة الفرز حين تقديم طلب اللجوء، إذا كان هنالك أشخاص يمكن التواصل معهم في لندن، فعليك أن تطلب الاتصال بهم قبل المقابلة، لديك الحق فى الاتصال بقريب أو صديق أو بخدمة نصح أو بمحام. كما يجب عليك التأكد من أنك تفهم مترجمك وتثق به)
بعد أن انتهت من أخذ البصمات أغمضت عينيها واسترخت على سرير المركز الذي تولى احتضانها لأيام خمسة كانت بمثابة عذاب القبر النفسي.]
****
مايك، ما أشبه الليلة بالبارحة، شعيرات ذقنه الشقراء الخفيفة، وجهه العريض الذي زادت فيه بعض التضاريس العظمية الدالة على قسوة الأيام التي مر بها، جثته المكتنزة بمنكبيه العريضين، عيناه تشعان دهاء وأنفه الحاد البارز كمنقار طير ينعكس ظله في ضوء النور المسلط من زاوية الغرفة الخاصة بالدور الثاني من المنزل، جلس بمواجهة يسرا التي وضعت في البداية قدم فوق الأخرى ثم سرعان ما أعادتها للوضع الطبيعي، بشرته المفعمة بالبياض الدهني المائل للرطوبة الشرقية، بدا وهو جالس على المقعد وكفه اليسرى على فخذه الأيسر فيما تصاعد الدخان من منفضة السجائر قبالته على المنضدة الجانبية للمقعد الجالس عليه، بدت أمامه أليفة وهي تشع بالهدوء المتحفز لأي كلمة أو إشارة تنفذ من الرجل القابع على الكرسي كأنه يتربع على عرش إدارة الجوازات البريطانية، كان عقرب الساعة يخدش السكون بصوت طرقاته المثيرة للأعصاب من حولها، شعوراً بالتيه، ظل الدخان يتصاعد من السيجارة أمامها، كانت في تلك اللحظة ومنذ أن وطأت قدماها المكان تود التدخين لولا حرجها من الرجلين السابقين المتواجدين بالأسفل، ولولا هيبة المكان الذي لم تعرف بعد ما خطوتها القادمة.
"نعم يسرا... لقد عدت أخيراً، لا شك أن الحياة صعبة في بريطانيا"
قالها واثقاً من أنها جاءت بإرادتها بعد أن انتهى بها المطاف محاصرة من كل الجهات، فهو خير من يدرك صعوبة العيش في الإمبراطورية البريطانية المنكسرة بفعل الأزمة المالية الخانقة التي شحذت همة الجميع وحولت البشر إلى دمى تتحرك من غير هدى، خبر الرجل الباكستاني الأصل ذلك كله واستغله في تمويل مشاريعه التي تراكمت عبر السنوات الطويلة الماضية من غير أن تظهر عليه علامات الثراء أو يبدو في رفاهية تتناسب مع تحصيله المالي، قال عبارته المقتضبة وراح يمعن النظر في وجهها بعينيه الثاقبتين محاولاً انتزاع اعتراف منها بالهزيمة بعد أن تخلت عنه وهربت من غير وداع.
" تعبت مايك .. انهرت، واستسلمت أخيراً وافعل في ما تشاء بما يمليه عليك ضميرك"
برزت ندبة صغيرة متناهية بجانب ذقنها من شدة التوتر الداخلي المكتوم، لاحت بشرتها البرونزية ممتقعة وتدفق صوتها مخنوقاً وهي تحاول البوح بكل معاناتها دفعة واحدة لتنهي الموقف بسرعة خشية أن تفقد موهبة التظاهر بالندم والضعف، شجعتها نبرة صوته الحانية كما بدت لها لتقول بإيقاع متحفز ومستسلمة للقدر المحتوم.
" سيتم ترحيلي قريباً، لن تجدد إقامتي، ولا أملك محامياً ولا وسيلة ولا ... "
فجأة انخرطت في البكاء، مالت برأسها للأسفل كمن تخفي وجهها، طفق الصوت يخرج مخنوقاً متقطعاً، كان ينظر إليها وهي قابعة أمامه كأنها كتلة آدمية مدمرة، لاح ضوء الغرفة خافتاً وانبعثت من الخارج في تلك اللحظة رائحة بهارات محروقة، وحين رفعت رأسها وهي تجفف دموعها رأت السيجارة قد تحولت لرماد من دون أن يستعيدها ولا مرة منذ أن أشعلها وتركها في المطفأة.
"مايك .. أنا آسفة"
نهض من أمامها واتجه نحو نضد في ركن من الغرفة وأفرغ له كأس ويسكي ثم التفت نحوها وسألها.
" أعد لك كأس؟"
"هل يعقل أن تغير الرجل؟" انتابها السؤال وهي تلتفت نحوه وترى الكأس في يده وبدا لها أنها بحاجة للكأس من غير حاجة لمسايرته فقط، هزت رأسها موافقة، فقدم لها كأسه وأعد له كأس أخرى وعاد لمقعده وقد تعمد أن يربت على كتفها وهو يجلس.
" ستحصلين على الجنسية ولا أريد شيئاً بالمقابل"
"أهذا هو مايك الباكستاني حقاً؟ هل تغير العالم بهذه السهولة، ليصبح إبليس ملاكاً؟"
الساعة المزخرفة على الجدار تشير للثانية عشرة ودقيقتين والطريق للعودة بالليل وحدها، محفوفاً بالخوف، شعر بذلك من نظرتها المقتضبة للساعة، ابتسم وزعق على ريتشارد الذي اقتحم المكان وكأنه كان ينتظر وراء الباب.
"أوصل يسرا لسكنها بسرعة وعد"
" لماذا لا يكون ستيفن أو الدكتور كما يلقب هو من يوصلني" رددت في داخلها من غير أن تشعر بالخوف من الرجل المكلف بإيصالها ما دام قد أخذ الإذن من مايك.
"نامي جيداً وسيكون كل شيء بخير وتذكري أني كنت كريماً معك بعكسك"
نهض بعد أن طلق عبارته وربت على كتفها مرة أخرى لتنهض بعده مباشرة، وقبل أن تغادر الغرفة خلف ريتشارد، التفتت نحو مايك وطبعت قبلة سريعة على خده وغادرت الحجرة كأنها تسقط في حفرة أسفل الأرض.
****
فتحت الباب وولجت الغرفة 155، كانت أشبه بمكب نفايات، الملابس الداخلية الرجالية على الأرض، وحول السرير، أعقاب السجائر متناثرة عند شرفة الغرفة من الداخل،" كيف لم يشتغل جهاز الإنذار من الدخان؟" تساءلت وهي تلقى نظرة شاملة على المكان قبل أن تبدأ العمل حيث لا تعرف من أين تبدأ؟ سوائل لا تعرف ماهيتها على الأرض وأعواد القطن المستعملة مبعثرة هنا وهناك ولا معنى لوجودها بهذه الكثرة، حبست أنفاسها وتوجهت نحو الستارة، أزاحتها ورمت ببصرها نحو الجدار المقابل لبناية سدت في وجهها المنظر الذي عادة ما تطرق ببصرها نحوه حينما يصادف أن تطل الغرفة على الخارج، كل شيء في المكان يوحي بأن ثمة معركة بشرية جرت هنا، زال شعورها بالفضول لمعرفة من يعيش هنا بمثل هذه الفوضى، جلست على طرف السرير فأحست بأن ثمة شيء وخزها، نهضت وتفحصت مكان جلوسها لتجد حلق إذن صغير على شكل ريشة طاووس صغيرة حادة، "وضحت الصورة" هكذا شعرت، ابتسمت وهي تبحث عن مكان تبدأ فيه العمل وسط هذه الكتلة من النفايات، فاتجهت نحو السرير وانتزعت الأغطية ثم قذفت بالوسائد في زاوية واجتاحتها في تلك اللحظة صورة التحقيق الذي أجري معها لدى وصولها بريطانيا، وانتابتها شكوك فيما لو أخلف مايك وعوده لها وحلت الكارثة المرتقبة عليها، تصورت أن يتم حبسها في البداية في "مركز الترحيل" وتعرف وضعه جيداً، عند كل من يتقدمون بطلب الحصول على حق الجنسية، إذا ما كانت وزارة الداخلية تجد شكاً في طالب اللجوء، أو الجنسية، حتى يتم البث فيها بسرعة، وإذا ما حدث هذا فيتم حبس المتقدم أيام حتى يتم اتخاذ قرار بشأنه، وإذا ما تم رفض طلبه فسوف يبقى في مركز الترحيل لمدة أسبوع أثناء سماع طلب الاستئناف، وإذا ما تخلى عنها مايك وكانت تلك لعبة انتقام منه، فحينها ستذهب لمركز الترحيل" أين سيقذف بي؟" تساءلت بوجوم وهي تسرح في أرجاء الغرفة المبعثرة بذهول، لا تستطيع العمل والتفكير بذات الوقت في شروع الرجل الباكستاني بتنفيذ وعوده، لقد كان صادقاً ولكن من يضمن أن يحدث شيء ؟ لقد مضى يومان حتى الآن ولم يبق على انتهاء مهلة تسوية الإقامة سوى أسبوع وينتهي بها المطاف إلى حظيرة الترحيل، إلا إذا قام مستشارها القانوني بتحويل قضيتها إلى السلطات المختصة، وهذا رهن بتحرك مايك الذي يقبع الآن في "جيستين " هو لديه مستشاره الخاص، وبإشارة من أصبعه تتغير الأمور، " فما الذي ينتظره؟" انتبهت إلى أنها بدأت تكلم نفسها والدقائق تمضي والغرفة في حالة رثة، أسرعت بإزالة الأوساخ من الغرفة وراحت تعمل بسرعة غير مهتمة بتقصي فضولها المعتاد في البحث عن أسرار النزيل.
عندما انتهت من الغرفة 155 تطلعت في جدول الجناح واختارت رقماً عشوائياً وفتحت الباب ودلفت الغرفة 146 وإذا بها أمام غرفة تم تنظيفها تماماً ولا وجود لما يمكن أن تقوم به، كما كان حال الغرفة السابقة، وقفت حائرة مرة أخرى لا تعرف ماذا تفعل وهل يعقل أن يمضي نزيل عشرين ساعة بالغرفة من دون أن يتركها بحاجة لتنظيف؟ أدركت منذ الوهلة الأولى أن ثمة أمر بهذه الغرفة يثير الغرابة، راحت تلقى نظرة على الحمام لتجد أنه لم يستعمل طوال الفترة الماضية، وبحسب الجدول المرفق بالخدمة اليومية للغرف فإن هذه الغرفة بحاجة للتنظيف، فتحت بعض أدراج الطاولات وراحت تبحث عما يمكن أن يسلط الضوء على الحالة الغريبة أمامها، بالدرج الأعلى قرب منضدة المرآة نسخة من بريد إلكتروني لتذكرة سفر مرجعة لندن تونس، ثم عثرت أسفل ملف بلاستيك شفاف حزمة أوراق بالعربية محتواها بين مسودات لمقالات صحفية وبعضها أسماء وعناوين لأماكن مختلفة بينها جمعيات خيرية من ضمنها جمعية للأيتام، أغلقت الدرج وقبل أن تتركه لمحت في جهة منه نسخة من الصفحة الأولى لجواز سفر قطري"يا للصدفة" همست لنفسها وقد تذكرت فيصل القطري الذي سبق وتحدثت معه في فندق أرماني ببرج خليفة بدبي، غير أن هذه الشخصية هنا لرجل ستيني العمر، ملتحي بعض الشيء ويرتدي بذلة كحلية اللون وتنقصه الأناقة ولا يشبه الآخر في شيء سوى في الجنسية القطرية، تركت كل شيء مكانه وابتعدت نحو الشرفة ولم تعثر على أي شيء آخر، انسحبت خارج الغرفة بعد أن مسحت بقطعة أسفنج بصماتها من فوق الأدراج وقررت أن تبلغ إدارة خدمات الغرف بأن الغرفة 146 لم تستخدم على الإطلاق، وضع الغرفة والنزيل تركا تساؤلات في رأسها "لماذا التذكرة، لندن - تونس مرجعة وجنسية المقيم قطرية؟" هل يعنيها الأمر؟
أنهت بعض الأعمال بغرف الجناح المخصص لها وهبطت إلى الردهة الخارجية للفندق وأشعلت سيجارتها وران فكرها بعيداً نحو "جينستين وما يحدث هناك، استعادت صور المكان ورائحته وما خلفه وراءها من شعور عارم بين التفاؤل والشكوك، وحين تستعيد نبرة صوته ونظرته الثاقبة وحزم قسمات وجهه يجتاحها إحساس بالسكينة ولولا مرور الوقت واختلاط الساعات بالقلق وتلويح المسافة المتبقية عن انتهاء الإقامة المؤقتة لشعرت برعب من وراء التأخير، لو جرت الأمور كما تحلم، لتفرغت لبدء حياة جديدة في بريطانيا حتى لو تحت لقب يسرا البريطانية، فمن شدة تعلقها بهذا اللقب رغم ما يحمله من سخرية إلا أنها شعرت بأنه الشيء الوحيد الذي يربطها بالواقع الذي بدأت تشعر بأنه المكان الذي تنتمي إليه عن الأمكنة التي انتهت بها خارج الحدود بما فيها مسقط رأسها الزبير.
أنهت سيجارتها وتوجهت نحو قسم الإدارة وأبلغتهم عن غرفة 146 وسجلت تقريرها عنها، وفي طريق عودتها عبر الممر صادفت مسسز ليبولد التي ابتسمت لها، وفسرت ذلك في داخلها على أنها علامة إشارة تفاؤل تدل على بدء سريان مفعول حظها الجديد المنتظر، عملت طوال الساعات الماضية على اجتذاب طالع الحظ الذي يصب في صالحها متجاوزةً الشعور السوداوي الملازم لها منذ سنوات، وضعت صورة مايك أمامها وانتظرت أن يحدث شيء.
****
( 3 )

حل الصباح الباكر بطيئاً كئيباً حاملاً معه بقايا ربيع لندن وقد باغته ندى الليل المشبع برطوبة بدايات فصل الصيف، وإن لم تغب البرودة عنه إذ شعرت بها تسري في بدنها وتتسلل لصدرها العاري، خرجت مسرعة لم يسعفها الوقت على ارتداء الجاكت، تنتظر فلين الذي تأخر بضع دقائق عن موعده وظلت تنتظره على الرصيف، راحت تتابع عن كثب حركة السيارات والدرجات العابرة من أمامها مبتدئةً يوماً جديداً أشرق على منطقة "كينغستون" التي بدت وقد أفرغت من الناس والضجيج كالذي ينتظرها بعد قليل في الداون تاون، كانت المنطقة تغرق في الهدوء والرتابة والوجوه القليلة العابرة يطبق عليها السكون هي الأخرى وكأنها تتنفس بصعوبة هذا الصباح، حرصت على الوصول للرصيف المحاذي لفندق الهوليدي إن قبل الرجل إذ دأبت على التواجد قبله بدقائق فمجرد وصوله قبلها يعني لها يوماً من الصمت المطبق من قبله، رغم ما يكنه لها من مشاعر لا تتبادلها معه، ولهذا ظلت تتجنب أي تصرف ومن بينه التأخير حتى لا تدين له بشيء ولو أسعفها الحظ وتوفرت لها وسيلة نقل للعمل أو تمكنت من الانتقال للهوليدي إن "بكينغستون"لبصقت عليه، لما يمثله من إذلال انكليزي لا يصدر إلا من قلب استعماري قديم، هكذا رسمت السيناريو في مخيلتها مع إطلالة هذا الصباح الذي أبت فيه أشعة الشمس أن تتحرر من بين كتل الغيوم المتكدسة في السماء.
بلغت الفندق في لندن على رأس آخر دقيقة قبل بدء الدوام وراحت تهرول للداخل وإذا بصوت يستوقفها عند مدخل العاملين لتلتفت وتواجه امرأة كبيرة في السن لم تتمكن من التمعن في وجهها، طلبت منها العودة معها للخارج، حاولت الاستعلام عن هويتها فبادرتها الأخرى قائلة بنبرة حاسمة.
" مايك "
وبحركة سريعة تبعتها وهي تتنفس الصعداء " أخيراً وصلني شيء من الرجل" سارت خلفها تعلوها دهشة من سرعة خطوات المرأة الستينية العمر، حتى لا تكاد تواكبها، رأتها تسير باتجاه سيارة رباعية الدفع سوداء من نوع مازدا تتدلى حقيبتها المرقطة من كتفها فيما بدت مؤخرتها الكبيرة المترهلة تتموج أشبه ما تكون بكتلة من الجلي ما أثار ابتسامة يسرا رغم تدفق مشاعرها بحرارة بعد هذا الاتصال من قبل مايك، كانت ترقد اليوم بطوله بانتظار هذا الاتصال وها هي المرأة المتعجرفة الشمطاء تقودها نحو سيارة غريبة بينما تترك هي وظيفتها مضحية بالتزامها الوقت، من حيث لا تعلم بما ينتظرها من توبيخ أو مخالفة التأخير لتكتشف ما يخبئه لها الرجل من وراء هذه المرأة ذات الوجه الصارم والتضاريس الصلبة، مع غرابة الأنف المتعجرف، كانت تبدو مزهوة وهي تجرها خلفها باقتضاب، وكأنها تمحو خطواتها كلما تقدمت للأمام حتى وصلت السيارة المركونة في زاوية من الشارع من غير اكتراث بتوقيع مخالفة لها وهي تركن السيارة بلا مبالاة، توقفت والتفتت إليها وأشارت عليها بصعود السيارة بعد أن مهدت لها بفتح الباب، لم تتردد يسرا التي وضعت نصب عينيها الجنسية البريطانية حتى لو أدى ذلك لسفر الرؤيا، كما قرأت عنه أكثر من مرة وهي تستعطف الدينيين الإسلامي والمسيحي أن ينتشلانها من قعر الدنيا القاسية التي لا ترحم أمثالها، صعدت السيارة ونست ما قد ينتظرها في الفندق من إجراء لغيابها بلا استئذان، كان القلق بادٍ على ملامحها بعد أن انطلقت السيارة في شوارع لندن وعلى أثر الصمت الذي أطبق على السيارة تنهدت المرأة الجامدة ونطقت أخيراً.
"أنت قلقة ؟"
" لماذا تسألني وهي تعلم بقلقي؟" راودتها الأفكار المشوشة بين السلبية والتفاؤل، فمن حيث مايك ووعده لها بالمساعدة ها قد بدأت الخطوة الأولى، ومن حيث الغموض الذي يلم بالواقعة الآن فهي لا تعرف أين ذاهبة ولا ما ينتظرها مضافاً عليه خروجها من العمل بلا مبرر، كانت تلتفت من حين لآخر وتتأمل وجه المرأة التي تقود السيارة بسرعة ولكن بثبات، وحين لاحت لها فرصة لترد على سؤال الأخيرة قالت بصوت خافت محاولاً الحفاظ على هدوئه.
" حياتي صعبة وهذا سبب قلقي، فأنا معلقة هنا لا أعرف مصيري"
استغرقت المرأة الكبيرة فترة قبل الرد عليها إلى أن التفتت إليها ورأت لأول مرة على وجهها ابتسامة صفراء كشفت عن أسنانها المتعرجة وهدرت بالكلام من خلال لهجة انكليزية مجوفة.
"هذه البلاد معقدة، وهي صعبة حتى على أهلها فما بالك بمن يرغب العيش فيها، لكن نصيحتي لكي هي أن لا تلتفتي لمخاوفك ولكن لا تتجاهلينها أيضاً"
جرفتها عبارات المرأة المتزمتة مظهرياً وداعبت فيها روح التعبير، أيقظت الصمت المتحجر بأعماقها الدفينة منذ أمد طويل، ما حرض مشاعرها على التحرر من الكبت الكلامي، فوجدت نفسها مندفعة تقول من غير أن تختار كلماتها.
" هذه البلاد تلتهمني، بل أشعر أنها تأكل كل من يقف في طريقها حتى لو كان عابر سبيل"
قالتها بلغة متقنة لتفاجئ بالمرأة متحمسة تقول.
" سارة.. اسمي سارة"
بدأت تدب فيها الحيوية للكلام، زال التوتر تدريجياً، لولا انحراف السيارة فجأة بعنف والانعطاف نحو مدخل المنحى الجنوبي للمدينة الكبيرة لتنزلق نحو الطريق المزدحمة باتجاه الضاحية التي لم يسبق لها أن عبرت نحوها لتستقر السيارة أخيراً أمام طريق مزدحم تقع عليه سلسلة من المحلات والورش والمكاتب مختلطة بعضها ببعض، ترجلت المرأتان ودلفتا نحو مكتب صغير وقد تركت السيارة بمحاذاة الرصيف من دون اكتراث كما لو كانت تعلم بأنها مؤمنة.
في زاوية من المكان الذي كان عبارة عن غرفة مكعبة تسودها إضاءة معتمة كما لو كانت بداخل حانة، وقعت عيناها للوهلة الأولى على مكتبين صغيرين أحدها خالٍ والآخر تقطنه سيدة بدت من هيئتها عربية، سرعان ما تعرفت عليها من لهجتها الليبية، وهي تتحدث العربية بهاتفها الجوال وقد بدت كمن تقنع الطرف الآخر بتأجيل المكوث في المدينة، لم تتضح هوية المدينة ولكنها كانت تحذره من العودة للندن الآن، وبينما أخرجت سارة كيساً بلاستيكياً صغيراً وراحت تلف لها سيجارة بانتظار إنهاء الأخرى المكالمة، راحت عينا يسرا تجولان المكان كعادتها وهي تمسح ما حولها، وقعت عينيها في البداية على لون المكان المطلي باللون البيج القاتم، ثم تحولتا نحو السجادة الأرضية البنفسجية اللون مع تقاطعات باللون الأبيض على هيئة خطوط متعرجة، بدا المكان محشوراً بالكراسي والأدراج تعلوها ملفات عدة، لفت انتباهها صور قديمة لرياضيين معلقة خلف المكتب الخالي المحاذي للمكتب الذي تجلس عليه ذات اللهجة الليبية التي ما كادت تفرغ من مكالمتها حتى استلمتها سارة، بينما كانت تعد لها كوب القهوة وبصوت أجش قالت.
" أنت تكثرين من الكلام، لا تلوميني إذا لم أزورك"
ثم غيرت من لهجتها قائلة وهي تقدم لها يسرا.
" يسرا التي حدثتك عنها آمل أن تكون أوراق الاستمارة جاهزة؟"
سرتها عبارة سارة، للمرأة الليبية رغم عدم تقديمها لها بالمقابل، بتطرقها لأوراق الاستمارة مع عدم علمها بماهية هذه الأوراق ولكنها على الأقل وقفت على خيوط قد تنقذها من مصيرها المعلق.
"سوف تتابع معك نهى الزيني مسألة الإقامة، هي من أفضل المحامين في لندن المتخصصين في موضوع الجنسيات ولها باع طويل في ذلك وأنا واثقة من تحصيلها للجنسية لكِ خلال أسابيع"
قطعت كلامها ونفذت دخان سيجارتها التي كانت في نهايتها ثم استطردت قائلة.
" لن يطول الوقت حتى تحتفلين بجوازك البريطاني ما دمت بيد هذه الملعونة"
أخيراً عرفت اسم الملعونة التي بدا أنها لم تهتم بتلك الصفة واكتفت بهز رأسها مع ابتسامة مقتضبة ثم نهضت فجأة ودارت من حول المكتب وتقدمت من يسرا التي راحت تنظر لخطواتها وتتأملها بحذر لتفاجئ بها تقول بثقة الواثقة من تخمينها.
" أنت فتاة عراقية ومن بغداد"
قالتها بالعربية ومدت لها يدها تصافحها ثم سحبتها ببرود ما يوحي بغرابة أطوراها كما استنتجت يسرا من كل هذه التصرفات.
" ماذا تعرف عني هذه المدعية؟ لكني بحاجة لخدماتها ولدهائها، بل وسأقبل مؤخرتها" ابتسمت لنفسها وهي تفكر بصوت داخلي لتتجرأ وتكذب نصف تخمينها بالقول.
"عراقية نعم ولكن من الزبير بمدينة البصرة"
ابتعدت عنها باتجاه لوحة معلقة على الجدار لقارب شراعي وأزالت عنها قطعة من رذاذ الغبار لتلتفت نحوها مرة أخرى وتصدمها بالسؤال الذي لم يسبق أن سمعته منذ أمد بعيد.
"أنت شيعية أم سنية؟"
"بحق هي ملعونة كما وصفتها سارة، لو تعرف الزبير لما سألت هذا السؤال المنحرف" قالت في صميم ذاتها، وقبل أن تجيب جاء صوت المرأة الليبية.
"اعذريني على تطفلي، عادة أهتم بهذه الناحية لأنها تؤثر على طلبنا وهناك في الدوائر البريطانية من يضع اعتبار لمثل هذه المسألة في حالة التقدم بطلب منح الجنسية البريطانية"
" لقد ظلمت المرأة" قالت لنفسها ثم استدركت في أعماقها "ورغم ذلك فهي شاذة"
كانت الساعة تشير إلى التاسعة وستة عشر دقيقة، وتنبهت للمرة الأولى لنوبة العمل التي تركتها وشعرت بأن ثمة سيناريو يتوجب عليها أن تختلقه لتتجنب إجراءً قد يفسد عليها حالة الارتياح التي اجتاحتها إثر تحرك موضوع إقامتها، وفيما تمعن النظر في ساعتها، ربتت سارة على كتفها موقنة بأن يسرا قلقة بشأن العمل، ابتسمت لها ورشفت آخر قطرة في كوب القهوة ثم نظرت لها قائلة.
" لا تقلقي ليست إلا ساعتين تأخير"
انتبهت للمرأة الليبية تقطر عينيها من قارورة صغيرة ثم تعود للكمبيوتر، زال التوتر لدى رؤية سارة تبتسم فشجعها ذلك على انتقاد إدارة الفندق بالقول.
" أنت لا تعرفينهم، يصطادون الدقيقة، الساعتين بالنسبة لهم يومين بلا عذر وقد يجر ذلك لتحقيق ثم فصل و...
قاطعتها سارة وهي تحدق في الساعة على الجدار.
" يا الهي .. هؤلاء ايرلنديون شماليون"
حملت حقيبتها التي كانت على الطاولة الفارغة وقبل أن تهم بالتحرك أردفت قائلة.
" سنتكفل بالأمر، لا تجزعي يسرا"
"أي حنان نزل على المرأة من السماء لتكون في أقل من ساعات بهذه الروح الودية؟" مر بخاطرها كم كانت ظلمتها، ثم لاحظت أن سارة طوال مدة تواجدها في المكتب لم تأت على ذكر مايك في الموضوع من بعيد أو قريب، وحمدت الله أنها لم تخطئ وتأتي على ذكره صدفة، كان من شأن ذلك تعريض سر الرجل الباكستاني للخطر، بعد ثوانٍ خرجت للشارع وهي تحمل معها رائحة المكان إذ شعرت بأن الرائحة علقت بها وهي خليط من دخان السجائر ونكهة كربون الورق الصادر من الطابعة القديمة الملحقة بكمبيوتر نهى الزيني، ولابد من حفظ هذا الاسم ابتداءً من اليوم لأنه سيكون لها معها صولات وجولات ما دامت ستترافع عن قضيتها مع سلطات الهجرة البريطانية، لم تزل الرائحة عالقة بها حتى بعد أن عبرت الشارع مع سارة نحو السيارة التي كان يستند عليها أحد الشبان وبمجرد اقترابهما منها ابتعد من غير أن يلفت الانتباه.
كان طريق العودة أقصر من المجيء ويعود ذلك لتراجع شدة الزحام التي كانت في ذروتها عند الصباح الباكر، جلست إلى جوار سارة التي راحت تقود السيارة وتنفست الصعداء وإن ساد القلق بشأن الفندق وخروجها غير المبرر " لماذا انتزعتني من عملي بدلاً من تحديد موعد مسبق، طالما أن الأمر ليس بتلك السرية ولا الخطورة ويسير بحسب المعتاد؟" عادت مع صوتها الداخلي تنسج المبررات وتوجد الأسباب لهذا التصرف "لعل مايك له أسبابه في تدبير الموعد بهذه الصورة المستعجلة الخاطفة"



#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيويورك تايمز كذبت ضد صدام حسين...
- يسرا البريطانية (9)
- من مستنقع السياسة، إلى أزهار الثقافة...لنجرب!
- يسرا البريطانية (8)
- الرواية من منظورِ الحرية!
- يسرا البريطانية (7)
- يسرا البريطانية (6) رواية
- يسرا البريطانية (5) رواية
- رواية -يسرا البريطانية- (4)
- رواية يسرا البريطانية (3)
- في الكتابة إثارة...أنت بحاجة إلى العزلة!
- يسرا البريطانية ج (2)
- يسرا البريطانية (1)
- الموجب والسالب في الرواية!
- رحلة في عقل روائي...غارسيا ماركيز
- رواية يسرا البريطانية- من فنادق لندن إلى سجون داعش
- رواية -حرب البنفسج- والتحالف التركي العماني القطري لغزو البح ...
- الكاظمي والساعدي - أين ينتهي المطاف بهما؟
- تفاعلات روائية، جسدية
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (30) انتهت *


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - يسرا البريطانية (10)