أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - رحلة في عقل روائي...غارسيا ماركيز














المزيد.....

رحلة في عقل روائي...غارسيا ماركيز


احمد جمعة
روائي

(A.juma)


الحوار المتمدن-العدد: 6614 - 2020 / 7 / 9 - 16:28
المحور: الادب والفن
    


منذ أن قرأت روايات غابرييل غارسيا ماركيز، وتحديدًا روايتيه، مائة عام من العزلة وأنا وغانياتي...رغبتُ بالسفرِ إلى كولومبيا، المستوحاة اسمهما من المكتشف كولومبس... والنزول بمدينةِ بوغوتا العاصمة، ومدينة قرطاجنة، والتجوال فيهما ورؤية مفاتنهما، ثم التسكع بمدنِ وقرى نائية من تلك البقاع السريالية التي احتضنتْ حوادث ووقائع، لا أحد يكاتب الكولونيل، وخريف البطريرك وحادثة اختطاف...رأيت تلك المدن والقرى والأزقة والأحياء، بقراءاتي التي تحولت إلى أحلام ليلية ثم كوابيس وإلى تفاصيل أعيشها حتى قرَّرتُ قبل عقود مضتْ زيارة بوغوتا والبحث عن ماركيز...لم تكن مسألة السفر إلى كولومبيا سهلة...طريق طويل متعرج يمر بمطارات وقاعات ترانزيت...مغامرة ليست سهلة إن كنت تقصد كولومبيا في خضم حرب تخوضها الدولة ومعها أجهزة استخبارات أمريكية والإيف بي آي...للحدِ من سلطة عصابات تهريب الأسلحة والمخدرات...بلد غارسيا ماركيز في الحقيقة والواقع أشدُّ هولًا من رواياتهِ...ليس من الحكمة أن تذهب للبحث عن الروائي الساحر الذي سحر العالم والقراء وأحدث فرقًا في الرواية، دون معرفة بالطرقِ والوسائل ودون وساطة تفتح الطريق وتعبده للولوج لدهاليز مدينة اسطورية تظهر في النهار وتختفي في الليل...
عندما صادفتُ غارسيا ماركيز!! في الخيالِ... وتحدثتُ معه حديث السحرة...وجدتني أمام خالق ينعطفُ بك نحو كهوف الأسرار البشرية التي رموزها تكمن في تلك المدن النائية بجنوبِ كولومبيا...حيث لا يجرؤ الجيش على اقتحامها، ولكن بإمكانك بلوغها وأنتَ برفقة تاجر مخدرات أو فلاح متمرد...ودون ذلك ستكتفي فقط بقراءة رواية الحب في زمن الكوليرا...لتتعرف على بحيراتٍ وجبال وأنهار...نساء وعاهرات وقواد وتجار مخدرات وماركسيين ثوريين وهم يحيون ماركس ويدخنون معه بمتعةٍالمرجوانا ويقرؤون ديوان بابلو نيرودا...ويستمعون لأغنيات جينيفر راش...
عندما بلغت حدود مقهى كان ملتقى أصدقاء بابلو اسكوبار، لم أجد من يناهض هذا المجرم العاتي العداء...هل هو الخوف أم احترام أسلوبه في الضحك على الفقراء حتى صدقوه...كلّ هذا الطريق المُتعَرج، المحفوف بالمخاطر كان هدفهُ بلوغِ كوخ العم غابرييل المكان السرّي الذي كان يلتقي فيه، بغانياته ويمارس كابته السرية التي تنضحُ بالسحر الواقعي...ليس بالسهلِ التفكير بمجرد الاقتراب من ماركيز...الوصول إلى الرفيق فيدل كاسترو كان أسهل بكثير من الاقتراب إلى غابرييل ولهذا كانت رحلتي التي بدأتها من خمسة مطارات وأربع محطات ترانزيت ومن ثم ركوب ظهر بغل لاتيني، وبعدها السير على أقدام ضارية، ثم الخوض بضافِ النهر...ثم عبور الجبال الوعِرة سوف تشعر بالتعب وهذا ما أوقعني في فخِ أحد رجال العصابات الذي فحصني من أسفلٍ إلى أعلى وعندما لم يجد معي ساعة ذهبية ولا قميص ماركة أرماني تركني وفل ولكني لحقته، لأنه فرصتي الأخيرة وسألته عن مدينة مكندو...
عندما استيقظت من تأمُّلي وجدتُ سلَة روايات يجمعها نَفَسٌ واحد هي مكندو المدينة التي نسى شعبها كلّ شيء،عناوين المنزل وأسماء الشوارع حتى أسمائهم...أدركتُ أن كولومبيا بلد الأساطير وغارسيا ماركيز صانع الأساطير...بالنسبة لي لم يرحل ولم يختفي...ففي كل يوم، بل في كلِّ ساعة تذكرني حروفه وكلماته وعناوين رواياته بأن الذين يكتبون لا يرحلون ولا يختفون...السفر إلى بلادهم واللقاء بمدنهم والعيش في مغامراتهم هو الحياة المُلهِة التي لا يتوقف فيها النبض حتى بعد انتهاء الوقت... السفر إلى الدول... وخوض المغامرة... واللعب مع المخاطر واقتحام المحرمات والمحظورات وتحدي الرقابات... تلك هي المسافات التي اجتازها أمثال غارسيا مركيز...
مائةُ عام العزلة...لا تشبه عزلة اليوم ولكنها تفتح الطريق لسلَة الأحلام والكوابيس والواقع الحي، ليتشكَّل من سحرِ المدن، سحر البشر، وسحر الروايات...لن أتوقف عن قطعِ المسافات ما دام الوقت لا يتوقف أبدًا.



#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية يسرا البريطانية- من فنادق لندن إلى سجون داعش
- رواية -حرب البنفسج- والتحالف التركي العماني القطري لغزو البح ...
- الكاظمي والساعدي - أين ينتهي المطاف بهما؟
- تفاعلات روائية، جسدية
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (30) انتهت *
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (29)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (28)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (27)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (26)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (25)
- وعي الشعوب من وعي الأمم!!
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (24)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (23)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (22)
- تجليات روائية، تشيخوفية
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (21)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (20)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (19)
- -خريف الكرز- رواية مُنعت في بعض الدول. ج (18)
- -خريف الكرز- رواية مُنعت في بعض الدول. ج (17)


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - رحلة في عقل روائي...غارسيا ماركيز