أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آزاد أحمد علي - عبثية الحروب في رواية كهرمان














المزيد.....

عبثية الحروب في رواية كهرمان


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6685 - 2020 / 9 / 23 - 11:41
المحور: الادب والفن
    


رواية كهرمان هي باكورة نتاج الكاتب ريزان عيسى، تقع في 219 من القطع المتوسط، إصدار 2019 عمان / الأردن. الرواية ترجمة لرصد واستنساخ تجربة فتاة كوردية مراهقة (نالين) تلتحق بصفوف قوات الكريلا الكوردستانية، نالين التي انجرفت مع موجة النضال الثوري العسكري، بدءا بأوائل تسعينات القرن العشرين، تعد نموذجا نمطيا تجسد حالات عديدة من بين أجيال من الشابات والشباب الثوري المنخرطين في حركة ثورية، حركة خاصة نسيج تعقيدات الواقعين الكوردستاني والتركي: "كانت قد حسمت أمرها بالانضمام لصفوف الحزب، لم تعد نالين تطيق صبرا بالبقاء أكثر في مدينة القامشلي، دمشق هي قبلة الثوار، هنالك يمكنها أن تتلقى تدريبا خاصا في المعسكر الذي يشرف عليه القائد آبو بنفسه، صحنايا تلك البلدة الكائنة على مشارف العاصمة دمشق من جهة الجنوب..لم تكن لتودع أسرتها كانت تخشى أن تضعف أمامهم أو أن يحاولوا منعها، غادرت بصمت، تركت حقيبتها المدرسية أمام الباب ولم تعد للبيت ثانية" ص13
الرواية أقرب الى النص الوثائقي منه الى الدراما الفنية المتخيلة، أو السرد المنسوج بعناية لغوية على أقل تقدير. تتقاطع رواية كهرمان بشكل ما مع الروايات التاريخية، وان كانت فترة تناولها للحدث الرئيس ليست بعيدة، أي هي رصد لحياة فتاة مقاتلة في صفوف القوات الكوردية المناهضة للحكومة التركية في العقد الأخير من القرن العشرين، لكن ما ربط النص الروائي بشكل أوثق مع الأحداث التاريخية هو وجود مسارين خلفيين للحدث الرئيس، فالفتاة نالين تتذكر جدتها الأرمنية الأصل (مارغريت)، وتستحضر الرواية عن طريق هذه الذكريات أحداث مطلع القرن العشرين ومجازر الأرمن. عملية الاستحضار فيها الكثير من الجهد... "خاتون الكردية الأرمنية التي تحمل اسما كرديا وروحا أرمنية، مارغريت دير مانويليان هو اسمها المنسي والذي لا وجود له إلا في ذاكرتها. كانت مارغريت الابنة الصغرى لعائلة أرمنية تقطن استانبول...استفادت السلطة العثمانية من التكنولوجية الحديث واستخدمتها بشكل فعال جدا في القتل الجماعي. فطوعت القطارات والتلغراف في عملية موسعة لقتل الأرمن وتهجيرهم... غادرت مارغريت وأخواتها الثلاث مع أمهم منزلهم الكبير الذي كان بمثابة قصر مطل على البوسفور ...واقتيدوا الى معسكرات مغلقة خارج مدينة اسطنبول" ص73
قصة الجدة الأرمنية ومأساتها تتقمص حياة الحفيدة الكوردية الثائرة نالين، لتحتل القسم الأكبر من النص. ولتضفي على النص الروائي تعقيدا وبعدا سحريا، ففي لحظة ما وعندما تزور نالين قرية جدتها مارغريت في ريف دياربكر تنتظرها القروية العرافة لتتحول نالين الثائرة الكوردية أواخر القرن العشرين الى مارغريت الجدة الأرمنية الضحية أوائل القرن نفسه: "كنت أنتظر قدومك مارغريت، علمت أن ميعادك حل اليوم، فالأقدار لا تختلف مواعيدها، اقتربي مني صغيرتي لأبعد عنك أضغاث أحلامك، اقتربت منها نالين كأنها تحت تأثير السحر، وضعت يدها على رأس نالين وأخذت تهمس ببعض الأدعية والتمتمات غير المفهومة." ص 160
على مسار آخر تخترق نسيج الرواية السردي والتاريخي أحداث الحرب العالمية الثانية، عن طريق الفتاة الألمانية (كلارا)، الكاتبة المسرحية التي إلتحقت بدورها بصفوف القوات الكوردية في جبال كوردستان، لتفتح الباب بحضورها الروائي واسعا على أحداث تاريخية مرتبطة بالحرب والصراع الروسي - الألماني واحتلال مدينة والدتها من قبل الروس: "سأحدثك عن بلدي ألمانيا كيف عشت فيها منذ صغري، لكن سأبدأ بالمدينة التي ولدت فيها أمي وعاشت حتى سن العاشرة لتغادرها بعد ذلك مجبرة، لهذه المدينة قصة تستحق أن تروى وأشعر دائما أنني هنا لأسباب لها علاقة بالمدينة، وما أورثته من طباعها وملامحها لأمي والتي تطبعت بها، أنا أيضا بطريقة ما، فسرت تلك الكيمياء في دمي لأكون أنا امرأة تحمل ملامح مدينة منسية، قد تستغربين أنني حتى لم أعش فيها، لكنني مسكونة بعبق عنبرها ورونق كهرمانها، هذه المدينة المقاومة والعنيدة حد التهور، كونيغسبيرغ الألمانية التي اغتيلت في وضح النهار وجردت من اسمها وماضيها وحاضرها لتوشم باسم كلينينغراد الاسم الروسي الذي لا يشبهها..." ص 167
صنعت الرواية عالمها الخاص بقوة، لكن لغتها التقريرية تدفع بالقارئ للوقوع تحت سيادة مناخ تقريري وخطابية غير متموضعة بشكل مناسب داخل النص، وكأنه يقرأ مقال عن الحروب أو التاريخ المستنسخ، أو حوارا حول المسرح. ربما ليخرج القارئ بانطباع أن هذه الحروب والثورات ما هي إلا مسرحيات عبثية أو دراما غير موفقة.
لكن تظل الرواية مميزة بأجواء حياة المقاتلات المدهشة إلى حد الخيال والقاسية كصخور الجبال: "كنا خمس نساء نسير ببطء ووهن، لم نجسر على النظر وراءنا، تركناهم بعد أن استسلمن بهدوء لغواية جبل كاتو. خمس نساء يمتشقن بنادق ويتسورن بالذخيرة والقنابل، محنيات الظهر، لا يتحدثن إلى بعض إلا بالنظر، يثابرن للخلاص من الحتف الذي ألم بهن في هذه الجبال النائية. عشرة أيام مضت منذ أن تهنا في هذا الجحيم الأبيض... وصلنا أخيرا الى جبل الجودي." ص29
هذه المسيرة القاسية بدأت منذ فجر معاناة جبل الجودي مع الجوار، ولم تنتهي بعد، على الرغم من مسيرة المقاتلات انتهت بقسوة بتر ساق ناعمة، هذه الساق الجميلة التي كان من الممكن أن لها أن تقرع التراب لتصنع أنغتم ودبكات جميلة، كان من الممكن لرشاقة هذه الفتات وقوتها أن تصنع الفرح وتمشي قدما في دروب التعليم. "أوقدن النار في المغارة، وجوهن شاحبة ومنهكة انعكست ظلالهن على جدار المغارة بالكامل، محنية متكورة كخفافيش معلقة، تأملت الوجوه جيدا، شعرت أنني أغادر الحياة وأن هذه المغارة وتلك الظلال المنكسرة هي آخر ما أشاهده...أدرت وجهي صوب الحائط وأغمضت عيني، بدأت ببتر قصبة الساق بتلك السكين المسننة، لم يكن الألم محتملا، صرخت محاولة النهوض دون جدوى، كان صوت نشر عظم الساق يطن في أذني ويدفعني الألم المبرح للصراخ..." ص33
رواية كهرمان أثقلت بأحداث ثلاث حروب، ومآسي ثلاث أمم (الكورد، الأرمن، الألمان) لذلك ضجر النص ولم يتحمل هذا الحمل الثلاثي الثقيل.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرق مدينة أم تدمير حضارة
- الشركات تضع يدها على عمارة الفقراء
- متى تستغني الجبال عن السلاح؟
- نحو رسم ملامح المدرسة المعمارية السورية
- دولة المجاز والجماجم ...من ماردين الى عفرين
- مقاربة جديدة لمسألة الهوية والخصوصية في العمارة السورية
- هل ولد الكتاب المقدس في بابل؟
- لماذا تنعطف أمريكا نحو اليسار؟
- الحرب الأمريكية الإيرانية المؤجلة
- بعد سبعين سنة من تأسيس الناتو: الثوابت والمتغيرات
- المطلوب نقد ومراجعة لدور الحركة الكوردية في سوريا
- لماذا حلف أردوغان يشكل العدو الأول لشعوب المنطقة؟
- منطقة آمنة في إقليم مشتعل، كيف؟!
- إئتلافيّون أم أنفاليّون جدد في عفرين؟
- غصن الزيتون أم شجرة الاستيطان؟
- قصة أول بيان تضامني مع حلبجة قبل 28 سنة
- سنجار من منظور ثقافي وكتراث انساني
- لماذا تعادي بريطانيا-العظمى- كوردستان الناشئة؟
- الإنتخابات التونسية رسخت الإصلاحات أم ودعت الثورات؟
- كوباني: قصة نجاح على حافة التجميد


المزيد.....




- ترامب يدعو في العشاء الملكي إلى الدفاع عن قيم -العالم الناطق ...
- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آزاد أحمد علي - عبثية الحروب في رواية كهرمان