أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - جرائم تقتل الفتيات والنساء باسم الشرف.. أي همجية وأي عار على الشرف؟!













المزيد.....

جرائم تقتل الفتيات والنساء باسم الشرف.. أي همجية وأي عار على الشرف؟!


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 7092 - 2021 / 11 / 30 - 21:22
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


فتاة طفلة عمرها 14 سنة، زوّجها أبوها، رغم إرادتها، لرجل يكبرها بأربعين عامًا، لكن الزواج لم ينجح بالطبع، فكيف لطفلة فتاة صغيرة أن تُنتهك جسديًا ونفسيًا، من قِبَل رجل عجوز من عمر جدها وضد إرادتها؟! الفتاة الطفلة قاومت، وفشلت، أو حاولت الانتحار، وفشلت أيضًا، وبقيت معه على مضض وكره، ثم حاولت الهرب، فذهب إلى المأذون وطلقها بإرادته المنفردة، أمسكها وأوسعها ضربًا وركلًا، ثم أعادها إلى أبيها يتهمها بسوء السلوك، الحجة الجاهزة السهلة لأى رجل معدوم الضمير يطلق زوجته، العيب فيه، أو العجز، أو الرغبة فى الانتقام منها لعدم قبولها الذل والهوان. المهم أن الأب معدوم الضمير، منذ البداية، أمسك ابنته الصغيرة الضعيفة العاجزة عن المقاومة، كبّل يديها الصغيرتين بحبل متين، يساعده رجال الأسرة، أعمامها وأشقاؤها، لفوا حول فمها وأنفها شرائط لاصقة «بلاستر»، وألقوا بها حية فى النيل، وتم العثور على جثتها وانتشالها من الماء، وقرر الطبيب الشرعى أن سبب الوفاة هو الخنق، وليس الغرق.

عشرات، أو ربما مئات، من هذه القصص المخزية تحدث كل يوم، نقرؤها فى الجرائد والمجلات، ثم نقلب الصفحة الملطخة بدم الضحايا من الفتيات والأطفال الإناث، لنقرأ الأخبار الأهم من وجهة نظرنا. وما هى تلك الأخبار الأهم من وجهة نظرنا؟؟ كم مليونًا قتل «كورونا»، فضائح المشاهير، تنافس على كراسى تحصد السلطة والمال والنفوذ، أى انتخابات تغير من الوجوه، ولا تغير الثقافة؟! أعمدة صحفية تدعم روح التعصب الدينى، صور مرشحات ومرشحين يقدمون الوعود بالتغيير إلى العدالة الاجتماعية، والحريات العامة والخاصة، الوعود المُراقة بالحبر على ورق الصحف، المُذاعة بالأبواق على الجماهير، الوعود بالعدالة الاجتماعية تختفى مع انتهاء الانتخابات والصعود إلى العرش، هل تألم أحد المرشحين المتحمسين للعدالة الاجتماعية، لخبر مقتل هذه الفتاة الطفلة؟.

القصة نفسها تتكرر فى كل زمان ومكان، بالطريقة نفسها، وكيف تتغير، والأعمدة الأسمنتية الراسخة لا تُمس من قريب أو من بعيد؟! مازالت القيم العنصرية والقوانين الأبوية الطبقية هى التى تحكم العلاقات داخل الدولة والعائلة. الجميع (إلا القليل النادر) قلبوا الصفحة، ليقرأوا الأخبار الأهم. الجميع (إلا القليل النادر) قلبوا الصفحة، ونسوا الفتاة الطفلة البريئة المقتولة، تحت اسم الدفاع عن شرف العائلة. كلمة الشرف ينطقها الأب والأعمام والأشقاء، بصوت جهورى غليظ، مُنفِّر. يتكتل الجميع فى قوة متينة من أجل شرف الرجال وكرامتهم ضد الفتاة الطفلة، التى ليس لها شرف ولا كرامة، ليس لها أحد فى هذه الغابة، حتى أمها المسكينة ترتعد لكلمة الشرف، تساعد الرجال فى قتل ابنتها، أو على الأقل تسكت وتتستر على الجريمة، وكم من بنات صغيرات تم قتلهن فى بلادنا من أجل الشرف، دون عقاب القتَلة، أو بعقاب مخفف تعاطفًا مع الرجال المدافعين عن شرفهم.

لقد تابعنا قضية المواطن المصرى، «ياسر»، من إحدى محافظتى سيناء، والذى هاجر إلى الولايات المتحدة، تزوج أمريكية، حصل على الجنسية الأمريكية، وعمل سائقًا، وفى عام 2008 استدرج ابنتيه «أمينة» و«سارة»، واعتدى عليهما جنسيًا، ثم أطلق عليهما الرصاص، حيث ثأر لشرفه وشرف العائلة، عندما علم أن ابنتيه تواعدان شابين أمريكيين، ومن غير المسلمين. وظل هاربًا لمدة 12 سنة، منذ عام 2008 حتى قُبض عليه فى 26 أغسطس 2020، وهو هادئ النفس، فخور، بأنه ارتكب جريمة الشرف العربية الذكورية، على أرض أمريكية، لا تعرف جرائم الشرف، ويواجه الآن أبشع الاتهامات، وأغلظ وأشد العقوبات.

نعم، مازال مفهوم الشرف فى بلادنا يخص فقط سلوك البنات الصغيرات، أكثر من سلوك فطاحل الرجال، فى بورصة السياسة والمال والإعلام. مفهوم فاقد للشرف.

بعض الغارقين لآذانهم فى حلبة التنافس على السلطة والمال والنفوذ قد يسخرون من اهتمامى بفتاة صغيرة، لا وزن لها فى غابة السياسة والمال وتوازن القوى، ومَنْ يحترم حق إنسانة أو إنسان مصرى ليس له قوة؟! وهل احترموا ملايين الشعب المصرى إلا بعد ثورة جماعية مليونية أسقطت رؤوس النظام، وانتزعت حقها بقوة التنظيم والاتحاد؟! رفعت الثورة شعار الكرامة والحرية والعدالة، بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو الطبقة.

بعد تسع سنوات، أتساءل: لماذا قامت الثورة المصرية؟ ألم تقم من أجل العدالة والحرية والكرامة؟ ألم تقم من أجل هذه الفتاة وغيرها من الملايين المقهورات والمقهورين من الشعب الفقير؟ هل انطفأت روح الثورة الإنسانية العظيمة، وعادت ريما لعادتها القديمة؟ عدنا إلى حلبة الصراع بالطرق القديمة، فقدنا الإنسانية الثورية التى ترعى الضعفاء والأغلبية المظلومة، عدنا ماكينات سياسية، لها عضلات بارزة، وأبواق إعلامية زاعقة، وأموال غزيرة من أرباح السوق الحرة، أو المناصب العليا منذ عقود. كيف تتحقق الكرامة والعدالة والحرية للشعب كله، ومنه الفتيات الصغيرات اللائى يذهبن ضحايا جشع ذكور العائلة، وضحايا جرائم الشرف التى هى ضد الشرف؟! لم نرَ أبدًا ضحايا من النخبة، الطبقة المميزة فى كل العهود، من السياسيين والأحزاب الشكلية ورجال الأعمال ونساء الإعلام والماكياج؟ بعضهم ترعرعوا فى حضن النظم السابقة الفاسدة، وصمتوا على فسادها السنين والسنين، هذه النخبة تفسد كل شىء، حتى شباب وشابات الثورة الشعبية ذات المبادئ الإنسانية الرفيعة، راحت تفسدهم، وتبذر الخلافات بينهم لتقسمهم، «فَرِّق تَسُدْ»، اختارت منهم ما يتواءم معها، ويتكيف مع مبادئها المطاطة المراوغة. أطالب كل الكيانات المهتمة بإنسانية المرأة، حكومية وأهلية، بأن يتم تجريم ما يسمى «جريمة شرف»، لتكون أول خطوة عملية تنصف الفتيات والنساء فى المدن والقرى، أمام أفعال همجية إجرامية متوحشة، تجد فى الثقافة السائدة دعمًا وتأييدًا.
2020 / 9 / 21



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إن فشلت الأنوثة الصناعية أمسكت السلاح بيد والكتاب المقدس بيد
- ذكرياتي من وحي النخبة في مصر والبرتغال
- «وردة» بريقها الطفولي يبتسم للكلب الوولف وقلبها يمتلئ بالحزن
- حاكم جائر.. زوج مستبد.. غضب الطبيعة الأم.. كلها سجون
- كيف سيتم استثمار كورونا لصالح الحضارة الرأسمالية العالمية؟
- ذكريات بين كازاخستان الشيوعية وكازاخستان الرأسمالية
- ربما عاشت الخيال كالحقيقة.. عاقلة مجنونة مثل كل المبدعين وال ...
- الفساد الجنسى للرجال واحد رغم اختلاف الانتماء السياسى والدين ...
- اشتياقات أصيلة نفقدها في خضم الزيف والصخب
- رفع الحجاب عن عقل النخب الإعلامية والتعليمية
- الخوف من الموت والخوف من الضحك والخوف من كورونا
- السبب الوحيد لتعدد الزوجات يضرب الاتجاه السلفى الشبقى
- ذلك الطريق المفتوح إلى الأبد هو سر عذاب الإنسان وسر سعادته
- كلمة السر هى «الاستغناء».. المقاومة حتى النفس الأخير
- طاعة المرأة مقابل إنفاق الرجل قانون استعباد
- المأساة النفسية والجسدية التى تعيشها المرأة المختتنة
- أنكر الداعية فعلته معى ووصفنى بقلة الأدب والفساد
- مارتن لوثر كينج وحلم سقوط التفرقة العنصرية
- شهريار ذو السُلطة المطلقة ينام كالأطفال على حكايات شهرزاد
- لا ينطقون مع النَّفَس الأخير إلا كلمة «أمى»


المزيد.....




- لجنة إيرانية ترسل مسودة قانون الحجاب لمجلس صيانة الدستور لمر ...
- “فرحهم وخليهم يتسلوا”.. تردد قنوات الاطفال 2024 “توم وجيري، ...
- في جدة.. هذه السعودية تتولى مسؤولية -أهم يوم- في حياة كل امر ...
- لك ولكل الأسرة: كيفية الحصول على حساب المواطن 2024
- العراق.. السجن 15 عامًا للمثليين والعابرين
- إيه اللون الطبيعي للسائل المنوي؟ تابعونا عشان تعرفوا #الحب_ث ...
- 5 نصائح صحية للنساء للوقاية من خطر السكتات الدماغية
- “اعرفي الخطوات”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في ال ...
- spf.gov.om.. خطوات التسجيل في منحة منفعة الأسرة بعمان 2024 و ...
- دلع البيبي.. تردد قناة طيور الجنه الجديد على نايل وعرب سات.. ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - جرائم تقتل الفتيات والنساء باسم الشرف.. أي همجية وأي عار على الشرف؟!