أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - الفساد الجنسى للرجال واحد رغم اختلاف الانتماء السياسى والدينى والفكرى














المزيد.....

الفساد الجنسى للرجال واحد رغم اختلاف الانتماء السياسى والدينى والفكرى


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 7199 - 2022 / 3 / 23 - 00:58
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يا منْ تحاولون إعادة الزمن إلى الوراء، إلى ما قبل الثورات فى بلادنا والعالم، إلى ما قبل الوعى الجماعى بالظلم والفساد والاستبداد فى العائلة والدولة، لن تنجحوا فى مهمتكم الممولة محليا وعالميا. الطريق، حتى يضىء، يكفيه مصباح واحد، والسيمفونية المكتملة، بعد الجملة الموسيقية الأولى، تتدفق كالنهر.


يترابط الكل من قمة الرأس إلى قاع القدمين، من العالمى إلى الإقليمى إلى القومى إلى المحلى إلى العائلى إلى الفردى، من الاقتصادى الدولى إلى الجنسى الشخصى فى الفراش، من خيانة دولة عظمى لمبادئ دستورها وقيم الإنسانية لتغزو دولة غنية الموارد والبترول، مدعمة إسرائيل فى احتلالها وقتلها وضم المزيد من الأراضى المغتصبة، من تلاعب رجال الدين والفقهاء والمشايخ لترسيخ الذكورية والقهر والتبعية، من تحويل السياسة والأخلاق إلى بورصة نهب وصناعة الفتن، من خيانة أرواح القتلى بالآلاف فى ميدان التحرير تحت اسم التسامح والمصالحة والمراجعات ولم الشمل الممزق.

مازلت أذكر خيانة رئيس صندوق النقد لشريكة حياته، وإخلاصه لشركاء السوق. لم يفقد الرجل الاحترام بين الذكور رغم موت ضميره الإنسانى، مثله مثل الكثيرين من الرجال الناجحين من أهل السياسة والأدب والفن والإعلام والمال، يسرقون و«يهبهبون» بالورقة والقلم وعلى الشاشات بالحسابات الدقيقة المضبوطة فى ظل القانون، وهم ينتهكون أجساد وعقول ومصائر النساء بالقانون، دون عقاب ودون حساب أو حتى مساءلة أو عتاب. حصار من أزيار «جمع زير» النساء، يسيل لعابهم أمام الخادمات والسكرتيرات من عمر بناتهم وحفيداتهم، ويغذى هذا الفساد الأخلاقى روايات وأفلام وبرامج وأغنيات تنهمر علينا ليل نهار. والفساد الدولى والفساد الشخصى، مترابطان بأحكام لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، وكل منهما وقود يشعل الآخر.

أغلب الذكور فى بلادنا، وفى العالم، لا يفصلون بين نصفه الأعلى ونصفه الأسفل، بين شهوته للسُلطة والمال وشهوته للنساء وملذات الدنيا والآخرة. هذا الفصل مستحيل، مثل استحالة الفصل بين الدين والدولة. لم تنجح الأديان، جميعها، فى كبح شهوات الرجال. يسقط أغلب الرجال أخلاقيا من كل الأديان والأجناس والأعراق والأحزاب. وقد أثبت التاريخ أن الفساد الجنسى للرجال لا علاقة له بالانتماء السياسى أو بالانتماء الدينى أو الانتماء الأيديولوجى. وهذا الفساد ليس مسألة هرمونية ذكورية بيولوجية تتعلق بالجينات. هو قانون سياسى طبقى ذكورى دينى عسكرى، مزدوج، يرفع الحاكم على المحكوم، ويرفع الرجل على المرأة، ويرفع الأثرياء على الفقراء، ويرفع الدول الكبرى على الدول الأصغر. القانون الأخلاقى غير أخلاقى. يتبع السياسى الاقتصادى العقائدى، وهو أساس التربية والتعليم فى البيوت والمدارس والجامعات والمعاهد والأحزاب والبرلمان. يتمتع الحاكم فى ظل هذا القانون بالحصانة السياسية وإن قتل ونهب وظلم. ويتمتع الأب والزوج بالحصانة الأخلاقية والعرفية الثقافية المجتمعية وإن فسق، وقهر. الأب الذى يقهر ابنته ويدمر طموحها ويمحو شخصيتها ويمسح كرامتها، يظل محترما بين الناس فى أى مكان فى العالم. يخون الزوج زوجته مرارا وتكرارا مع خادمة فى فندق، أو سكرتيرة فى مكتبه، أو مزارعة فى الحقل، أو عاملة فى مصنعه أو متجره، أو تلميذة فى مدرسة، ولا شىء ينال من احترام الناس له. على العكس، هذا يمجد فحولته الذكورية، فى حين يحتقرون ويعاقبون الخادمة أو المزارعة أو العاملة أو التلميذة، التى وقعت تحت شهوته واغتصابه وانعدام استقامته. وإن حدث وأنجبت منه، يعتبرون الطفل البرىء طفلا غير شرعى، مدنسا بخطيئة وعار الأم اللعوب التى أطاعت الشيطان، وينضم إلى أطفال الشوارع بالملايين. يسمون الأم عاهرة وتدخل السجن فى عنبر المومسات، ويدخل الفحل سوق الانتخابات. ولم لا؟.

الرجل لا يعيبه شىء إلا جيبه، وكله بالقانون والورقة والقلم والعُرف والثقافة، وبمباركة وسائل الإعلام، وبرضاء المراكز والهيئات والنقابات والأحزاب وجميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية. الشهوات المنفلتة أخلاقيا يسمونها نزوات مغروزة فى طبيعة الرجل، لا تكفيه امرأة واحدة أو عشر. فنجد زوجات يوافقن على الخيانة، حتى لا تحدث خللا فى طبيعة زوجها، وحتى لا تنفجر الشهوات فى وجهها فيتم الطلاق وتخرب بيت الزوجية العامر. ويقول لها الزوج، وأهلها أيضا: «أليست نزوات عابرة تروح لحال سبيلها أفضل من الزواج بأخرى؟».

لا يوجد قانون دولى واحد، حتى اليوم، يعاقب دولة قوية لاغتصابها أرضا لا تملكها. لا يوجد قانون دولى واحد يعاقب جندى منتصرا اغتصب امرأة. لا يوجد قانون دولى واحد يعاقب رجلا على الخيانة الزوجية أو الجمع بين النساء. تونس ربما تضرب مثالا أخلاقيا رائعا، حيث قامت بمنع وتجريم تعدد الزوجات، وفى بلادنا تم تكفيرها من عدد كبير من رجال الدين ومن أفراد الشعب رجال ونساء، واعتبروها تحرفا فى الإسلام، وتعديا على شرع الله. وقالوا عنها الشىء نفسه، حينما قامت بإحلال المساواة فى الإرث بين المرأة والرجل.

بدأت الثورة فى مصر وفى بلاد أخرى كثيرة عربية وعلى مستوى العالم، احتجاجا على الفساد الأخلاقى والسياسى والثقافى والإعلامى والتعليمى، المحلى والدولى، العام والخاص. لن يعود الزمن إلى ما قبل هذه الثورات، إلى عهد العيش على اغتصاب الأرض والنساء والفقراء والمهمشين. ربما تحدث انتكاسة تؤخر المسيرة، لكن الوعى لا ينتكس إلى عدم الوعى، وحب العدالة والحرية لا ينتكس إلى حب الظلم والقهر. والترابط بين الأشياء والعلاقات لا ينتكس إلى التجزئة والفصل.

2020 / 6 / 1



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشتياقات أصيلة نفقدها في خضم الزيف والصخب
- رفع الحجاب عن عقل النخب الإعلامية والتعليمية
- الخوف من الموت والخوف من الضحك والخوف من كورونا
- السبب الوحيد لتعدد الزوجات يضرب الاتجاه السلفى الشبقى
- ذلك الطريق المفتوح إلى الأبد هو سر عذاب الإنسان وسر سعادته
- كلمة السر هى «الاستغناء».. المقاومة حتى النفس الأخير
- طاعة المرأة مقابل إنفاق الرجل قانون استعباد
- المأساة النفسية والجسدية التى تعيشها المرأة المختتنة
- أنكر الداعية فعلته معى ووصفنى بقلة الأدب والفساد
- مارتن لوثر كينج وحلم سقوط التفرقة العنصرية
- شهريار ذو السُلطة المطلقة ينام كالأطفال على حكايات شهرزاد
- لا ينطقون مع النَّفَس الأخير إلا كلمة «أمى»
- الرغبة فى عبادة وتقديس السلطة الفردية.. مرض مزمن عالمى ومحلى
- أحاسيس دنسة تسللت إلى جسدها غير الطاهر
- الكاتب الكبير والكاتب الحر
- كيف تتحقق ديمقراطية المجتمع فى ظل ديكتاتورية الأسرة؟
- قانون واحد للأسرة المصرية
- أعطونا كتاب الله وأخذوا أرضنا وأموالنا
- من يكون الهومو ديوس؟
- مع صديقة العمر فى هدوء الليل


المزيد.....




- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - الفساد الجنسى للرجال واحد رغم اختلاف الانتماء السياسى والدينى والفكرى