أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سبتي - الطائر / قصة قصيرة














المزيد.....

الطائر / قصة قصيرة


ابراهيم سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 1602 - 2006 / 7 / 5 - 06:21
المحور: الادب والفن
    


كل صباح .. مزهوا يطير فوق البنايات العالية والبيوت القديمة وفي ذلك الزقاق الذي يتوسط الحي المزدحم .. الطائر يحط على بناية ما يلبث ان ينتقل إلى اخرى .. يسمع ضحكات واحاديث واحزانا .. أدمن لعبته هذه .. يطير كل صباح منطلقا من شجرة التوت الكبيرة المنتصبة امام الزقاق ، فيحط بعيدا عن انظار الناس ، يسمع كل شيء ثم يطير مزهوا نافشا ريشه بسعادة غامرة إلى مكان يلتقطه وهكذا يجول وكأنه وضع مخططا لتحركاته .. يعرف كل اسرار البيوت .. كل شيء يدور فيها .. يعرف كل ما يدور في خريطته التي رسمها للمكان ، لم يره احد منذ ان بدأ لعبته .. هو يرى جميع اهل الزقاق .. يعرفهم واحدا واحدا .. حتى انه يعرف متى يعود كل شخص إلى بيته .. صار لا يطيق فراق الزقاق ابدا .. في الظهيرة وتحت سياط الشمس الحارقة يرجع إلى عشه في شجرة التوت الكبيرة سعيدا وكأنه ظفر بشيء ثمين يدفعه إلى الذهاب ثانية في اليوم التالي ..
في احد الصباحات طار من شجرته متجها صوب مكانه المعتاد .. ليبدأ تجواله اليومي .. فوجيء بان الزقاق كان خاليا من الناس خاليا تماما .. دار فوق البنايات والبيوت كعادته .. لا احد .. لا احد .. دار ثانية ينظر نحو الاسفل .. لم ير أي شخص يتحرك في دائرة المكان .. ظل جاثما فوق بناية مهجورة .. ينظر من حوله بأسى .. في الصباح التالي .. توجه مسرعا ، حطّ على البيت الاول .. منتصبا على شرفته .. البيت مهجور تماما .. لا احد في الزقاق ..بينما تصاعدت زوبعة غبار من البيوت الاخرى وملأت الجو .. لم يصدق ما رآه ، فقد تصاعد زعيق الجرافات والمعدات الصفر .. ضجيجها يصم الاذان .. ظل الغبار يتعالى .. عاد إلى شجرته ساهيا حزينا لا يعلم ما يدور .. لم يعد يسمع شيئا .. لم يعد يتلقف سرا أو ضحكة طائشة .. فقد خلت احشاء البيوت وبدت مهجورة مخيفة .. في اليوم الثالث .. كان رجل يضع خوذة واقية يؤشر باصبعه نحو المعدات المتحركة .. يدير العمل من موقعه .. الطائر يحلق في الفضاء المغبر .. الرجل ذو الخوذة مازال يدير العمل باصبعه .
في الصباح الرابع .. تصاعدت رائحة غريبة .. حرارة المكان مرتفعة جدا .. لم تعد البيوت قائمة .. رائحة الإسفلت الساخن في الشارع الجديد فيما اختفى الرجل صاحب الخوذة .. عاد الطائر إلى شجرته ، شعر بان الوهن قد تسرب إلى جسده وخارت قواه .. وقف لاهثا مصدوما امام عشه الصغير .. فجأة انتفض من مكانه وطار مخترقا زعيق المحركات الصفر .. شعر بان الوهن قد دهمه تماما .. حاول ان يرتفع قليلا متحاشيا ضجيج ورائحة المكان .. لكنه ارتعش متألما وسقط على الإسفلت الساخن .



#ابراهيم_سبتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنون النار/ قصة قصيرة
- اعترافات تاجر اللحوم : رواية المنافي والانكسارات المتلاحقة
- ليل راكض / قصة قصيرة
- برج النعام / قصة قصيرة
- كمال سبتي يؤرخ لاربعينيته
- كل الطرق / قصة قصيرة
- عشر قصص قصيرة جدا
- ارض منزوعة الظلال / قصة قصيرة
- ليلة بكاء الكلب / قصة قصيرة
- امنية موتي / قصة قصيرة
- الاحتفاء بعذابات القصة
- عوني كرومي : مسافر ليل يرحل مبكرا ايضا
- رجل متضفدع / قصة قصيرة
- آخر الغروب / قصة قصيرة
- ملحمة جلجامش .. النص من فكرة الخلود الى محنة الموت
- موت المؤلف وخلود الاثر
- محنة القصة القصيرة جدا
- قصص قصيرة جدا
- قصتان قصيرتان جدا
- عين الذاكرة


المزيد.....




- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سبتي - الطائر / قصة قصيرة