أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو قمر - السودان














المزيد.....

السودان


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6670 - 2020 / 9 / 7 - 09:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يطرح السودانيون قضية إصلاح الخطاب الديني وإنما دخلوا مباشرة إلي أصل المشكلة ، فسخوا العلاقة المشبوهة الغير شرعية بين الدين والسياسة ، بين ما هو ثابت وما هو متغير ، تلك العلاقة التي نتج عنها تقسيم السودان ، والانخراط في حرب أهلية أكلت أرواح الأبرياء وشردت الكثيرين وحولتهم إلي لاجئين في بلادهم ، فضلا عن كثير من حالات القهر والعسف والنصب والتدليس والاحتيال السياسي والديني وانتشار الخرافات وإذلال المرأة وتوطين التخلف إلي درجة الخروج من مسيرة الحضارة الإنسانية خروجا مشينا ومذلا.

اكتشف السودانيون أن قضبة إصلاح الخطاب الديني قضية عبثية ، إذ هي تعني فقط تعديل بعض التشوهات التي تسيء إلي سمعة الدين ، بينما يظل الدين مختلطا بالسياسة ، يظل الثابت المقدس ممزوجا بالمتغير الذي يتحرك ويتغير ويتطور في كل لحظة ، الأمر الذي يفرز تلقائيا دولة مشوهة تتناطج فيها الخرافة مع العلم فيفسد العلم وتصير الخرافة علما ويكتسب رجل الدين بذلك قدسية مزيفة وتصير سلطته فوق سلطة القانون وأعلي من سلطة الدولة .

الدولة التي يتداخل الدين في دستورها تضطرب قوانينها ويصبح من المستحيل النظر في تطور هذه القوانين تبعا لتطور الحياة وتطور وتنوع العلاقات ، الدولة المشوهة التي يمتزج فيها الثابت بالمتغير تنهار ثقافاتها وتتفسخ فنونها وتتجمد معارفها ويتجاوزها التاريخ .

اكتشف السودانيون أن المزج بين الدين والسياسة يفرز خطابا عنصريا يؤسس للكراهية والتكفير والارهاب وينكر العقل والعلم وحركة الزمن ، ويحتقر المرأة ويحولها إلي مجرد وعاء جنسي ، ويجعل الرجل مجرد ذكر تحركه فقط شهواته ورغباته الجنسية ، اكتشفوا أن الخطاب الذي تفرزه العلاقة الآثمة بين الثابت والمتغير هو في الأساس خطاب سياسي يتم تغليفه بالنصوص المقدسة ويتشارك رجال الدين ورجال السياسة معا في استخدامه واستغلاله للاستحواذ علي عقل وضمير ووجدان ووعي وروح الأمة لهدف واحد هو البقاء في صدارة المشهد والدوران حول السلطة.

كم من المآسي والجرائم والمساخر نتجت عن تلك العلاقة الغير شرعية بين الدين والسياسة!! ، وأهم من ذلك كله فإن هذا المزج المتعمد والمشين أفسد الاثنين معا ، فلا الدين أصلح السياسة ولا السياسة أصلحت الدين ، والاثنان معا شوها وعي الناس وصارت الممارسة الدينية شكلية خالية من الضمير ، وصار الدين بضاعة قابلة للبيع ، وكم من رجال الدين والدعاة الذين غلفوا المساخر والمفاسد والأضاليل بالدين ، وصارت السياسة ضربا من العشوائية التي يعتريها الاضطراب والتوهان ، وكم من رجال السياسة الذين تمترسوا خلف الدين وغلفوا به القهر والكذب والتدليس والغش.

السودان لم يلجأ إلي ذلك الإجراء الذي لا جدوي من حدوثه ، وإنما نفذوا إلي أصل المشكلة فقالوا : الدين لله والوطن للجميع ، حرية العقيدة ، حرية الممارسة الدينية ، لا سلطة سياسية بعد الآن لرجل الدين ، ولا سلطة دينية لرجل السياسة .
هل أقول إن ما أعلنه السودانيون هو اختيار فعلي حقيقي أم هو مجرد إعلان من الإعلانات العربية التي سرعان ما تزول آثارها وتعود ريمة إلي الضياع الذي تغرق فيه الأمة العربية بكاملها حتي أنوفها؟؟!!.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غفوة عاشق
- الفأر السمين
- شرط ، أم قيد ، أم نكتة مملّة
- الصنف الثالث
- أوهام وكوابيس
- ليلة سوداء في حياة امرأة
- الهوي هوايا
- الحلوة برموشها السودا الحلوة
- ما يحيرني!!
- الغنوشي والفريضة الغائبة
- مسلم بالوراثة
- وجهة نظر
- المستشفيات الخاصة في مصر وحلاق الصحة
- حزني عليك لن ينتهي إلا بموتي
- هل يستوي الأعمي والبصير؟؟!!
- إبعد شوية يمكن نفوق
- صدر زوجتي
- البالوعة
- العربجي
- الحمار له ذيل


المزيد.....




- بعد تحريك ترامب لوحدات -نووية-.. لمحة عن أسطول الغواصات الأم ...
- مقبرة الأطفال المنسيّة.. كيف قادت تفاحة مسروقة صبيين إلى سرّ ...
- الوداع الأخير.. طفل يلوح لجثامين في جنازة بخان يونس وسط مأسا ...
- مستشار سابق للشاباك: حرب غزة غطاء لمخطط تغيير ديمغرافي وتهجي ...
- نفاد تذاكر -الأوديسة- قبل عام من عرضه.. هل يعيد كريستوفر نول ...
- بين الرخام والحرير.. متحف اللوفر يستضيف معرض الكوتور لسرد قص ...
- أزمة حادة بين زامير ونتنياهو بشأن استمرار الحرب على غزة
- فورين أفيرز: لماذا على تايوان إعادة إحياء مفاعلاتها النووية؟ ...
- فيديو الجندي الأسير لدى القسام يثير ضجة في إسرائيل
- بلغراد تندد بتثبيت حكم على زعيم صرب البوسنة


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو قمر - السودان