أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - إذا كنت تنام جيدا فأنت مفترس جيد














المزيد.....

إذا كنت تنام جيدا فأنت مفترس جيد


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 6668 - 2020 / 9 / 5 - 18:56
المحور: الادب والفن
    


كيف تبدأ حين تنهزم في دواخلك كل الفضاءات؟ أشلاء ذكريات قديمة متناثفة كأنما أصابتها لعنة الإبادة، احلام مغناطيسية يوجهها صوت المذياع من خارج كومة نومك! خليط وسوسة يضاجع خلايا الدماغ يحتفل فيها النقيض بالنقيض..!
يا إلهي كل هذه الأمور تنشيء حصرتي!
صباح يشبه مبدأ الشيخوخة حيث يستوي نوم الليل بنوم النهار حين تتقلص مساحة النوم في عروقك: في كل استيقاظ يولد صباحك!
كم مرة تنام في حصرة يومك؟ يبدو السؤال مقلقا جدا..!
يقول لك الطبيب: "حاصر فياقك، للنوم ضرورات صحية! "
وأنا لا انام إلا قليلا، أصبح لليل عندي مساحات لانتصارات مؤجلة، أماني قديمة سكنتني
لا أنام وكأنما أخاف أن يبتلعني الموت غدا، حتى الامور التي سمعت عنها ولم أراها أصبحت في دواخلي ضرورة ملحة، يجب ان اعيشها قبل افتراس النوم، لذلك كان النوم في أعماق تخيلاتي بؤسا آخر يجب ان يموت أو ينتهي !
كان يعطل عطشي للحياة كأنما أنا في حضرة الإحتضار!
يستهويني كل شيء لم أعشه، حتى حياة البذخ التي لا انتمي إليها والتي تتيحها موسوعة التاريخ وخرافات السينما، عشت بعض العناق التافه مع أفلام لا تنتمي حتى إلى عصرنا، وعبر التاريخ كم مرة تمنيت ان اكون في حضرة آمون الفرعوني لتطفل خاص .
أجمل شيء في الحياة هو ان تعيش جميع تفاصيلها من النقيض إلى النقيض
كل الصباحات، هذه التي لا تحتفل بإشراقة الشمس الجميلة، كلها حرث، هذه التيكنولوجيا الرقمية صنعت فينا زمنا مثقوبا، زمنا من الهواجس والتخوفات العقيمة، فيها كل العالم يتآمر عليك: الأسواق والبضائع والرساميل والخوصصة والعولمة والمال والأعمال والحروب، كل هذه السموم المتفجرة في دماغك تقتل نومك، تصنع منك كائنا محترسا ينام للحظة لا يعرفها طبيبك المتخصص
نصيحة الطبيب في النوم هي أجمل رومنسية سمعتها في حياتي: "نم على الأقل ست ساعات من ليلتك" والحال أن الطبيب هو اول من يخل بهذا العقد الطبيعي.
كم هو جميل ان تنام ست ساعات من الليل لا أن تنامها في النهار.
أحيانا، من كثرة الأرق، انام الليل والنهار بشكل متناهي، في الصباح حين تستفيق، تشعر بأنك اختزلت الزمن كله في زمن ضوئي: تعتقد انك في يوم السبت فيقال لك انه يوم الإثنين، وحينها أيضا تشعر بأنك تستمعض نومك الطويل، لقد فاتتك اشياء كثيرة، تشعر باليأس مرة اخرى ويتدفق الأرق في آفاقك: فاتني الكثير أثناء نومي الضوئي!؟
يعاودك الأرق من جديد!
وطبيعي ان مباديء الحياة تغيرت كثيرا أو تعقدت كثيرا، كانت اجمل مهنة قديمة عند الإنسان هي تلك الاعمال الفطرية المرتبطة بالغذاء، كانت بالحصر هي الصيد والرعي والحرث، كانت الكائنات التي تتمتع بنوم عميق هي الكائنات التي تتوفر على مخالب جيدة للصيد، الحيوانات اللاحمة تنتظر ان تجمع الحيوانات العاشبة طاقاتها الصحية لتتناولها كفاكهة ناضجة، وكانت الحيوانات العاشبة في نفس الوقت تطور قدراتها الرائعة لضبط سيرورتها التطورية في البقاء: كانت تطور القرون والأذان بينما الإنسان طور اكثر الآلات افتراسا للأرض والبيئة وجل الكائنات: طور دماغه لينهي كل شيء جميل في الكون.
طور خاصية تفتقد لخاصية القطيع العاشب الذي يحتمي بالتجمع، طور خاصية تفترس نوعه، وطبيعي جدا ان تظهر في البشر تكييفات ميزاجية تميز في الجنس البشري نفسه بين أسود واشقر أو أصفر
تغيرت نظرتي للحياة! وتغير فيي، في نفس الوقت، سؤال الوجود المؤرق: "من أنا"، هل انا تلك الفاكهة الطيبة للمفترسين ام انا من المفترسين، والتفكير العميق في الوجود بين هذين الإحتمالين هو من يحدد طبيعتي الكينونية: ان تكون حيوانا لا يتمتع بإشراقة شمس الصباح فأنت تخضع لضبط خاص كالذي للحيوانات العاشبة، لكن للأسف بدون ضبط تام: تفتقد لآذان عميقة للصغي والإستماع وتفتقد لقرون كبيرة تحمي بها نفسك! هذا الإنسان هو الذي يصاب بالأرق، وهو الحيوان الذي ينام بشكل متقطع فترات من اليوم
أما إذا كنت تنام جيدا فأنت مفترس جيد!



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاسب نظامك قبل ان تحاسب الماركسي
- أيت الحكومة
- أمز أشال
- رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية المغربي
- نهر -مربيع-: نحت انتروبولوجي في الدلالة
- بواب العمارة المؤقت
- دعهم يسرقون
- مريرتيات
- حكومة الكفاءات غير كفأة
- رئيس النزاهة غير نزيه (بخصوص فضيحة الرميد في المغرب)
- تأملات في زمن الحجر الصحي 4
- تأملات في زمن الحجر الصحي 3
- تأملات في زمن الحجر الصحي 2
- تأملات في الحجر الصحي
- -تاكموست- (العقدة) او مجتمع -تاكموسين-
- ذاكرة زهايمرية
- حين تبتلع قنوات الإعلام عقولنا
- رسالة مفتوحة إلى بشار الأسد
- الحب في زمن كورونا
- نيتشة في الترجمات العربية: الملحد في الغرب مومن في الشرق (فل ...


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - إذا كنت تنام جيدا فأنت مفترس جيد