أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عذري مازغ - نهر -مربيع-: نحت انتروبولوجي في الدلالة















المزيد.....

نهر -مربيع-: نحت انتروبولوجي في الدلالة


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 6642 - 2020 / 8 / 10 - 19:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


"أيري أمان الفقير
ايري امان
أورييسريذ مربيع
ايري أمان"
أغنية شعبية امازيغية غالبا ما كانت تغنى بالأطلس المتوسط تذكرني بمرحلة بدوية جميلة تحيل إلى نمط خاص عرف بالأطلس المتوسط
الإحالة الأولى: غالبا كان الناس يسكنون في خيم على شكل دائري او نصف دائري، وغالبا قرب واد او ينبوع مائي نسميه العنصر واحيانا في مناطق "أزغار" (المناطق السهلية) كانوا يسكنون قرب بئر وافر المياه بجانبه "لابروان" (مقتبس منAbrevoir الفرنسية) وهي خشبة محفورة لوضع الماء فيها لسقي البهائم كما بجانبه أيضا صخرة مسطحة تستعمل لغسل الملابس .
الإحالة الثانية: حالة السكن في مجموعات سكنية (قرى صغيرة) قرب منبع (عنصر) أو وادي توجد به أحجار مسطحة كبيرة الحجم تستعمل للغسيل، كان الغسيل يدوي واحيانا بالشتف بالأرجل حسب حجم الرداء وهنا ياتي القصد من "أيري امان": شخص يشتف برجليه على الغسيل ويطلب رمي الماء من الآخر
ترجمة البيت الغنائي:
"ارمي لي الماء أيها الفقير" (الفقير قد تعني الفقر بالفعل وقد تعني رجل شيخ بالأمازيغية "أفقير")
لن يكفيني مربيع (لن يكفيني ماء ام الربيع، النهر الذي حرف اسمه بالمغرب من مربيع إلى أم الربيع).
ايري امان (إعادة جملة : ارمي لي الماء)
الخلل: في كل حياتي تساءلت عن مغزى ومعنى "مربيع" ولم أكن يوما مقتنع باسمه في كتب الجغرافية، في كتب الجغرافية يسمى "ام الربيع" وهو اسم يختزل معناه في العربية، ليس معقول أن يكون اسم عربي لنهر ليس عربي وبالتالي لم يسكن بالمنطقة عرب في كل التاريخ وحتى في النطق المحلي ليس "أم الربيع" بل اسمه الحقيقي هو مربيع، يمكن ان استأنس بالأندلس في تسمية نهر بها هو نهر الواد الكبير لكن هناك فرق شاسع في وضع النهرين تاريخيا، فواد الكبير كان يمر عبر مدن تاريخية حكمتها الممالك الطائفية الأموية بالخصوص ونسجت حوله الكثير من الشعر والأدب بينما أم الربيع وعبر كل تاريخه السحيق كان نهرا موحشا إلى حد ما وكان كتاب التاريخ في حقه حددوه كونه يفصل إقليمين في المغرب : إقليم فاس وإقليم مراكش.
وحتى التحول في الأسم بين النهرين مفارق جدا: الواد الكبير كان يسمى قديما قبل الدولة الاموية وملوك الطوائف ب"بيتيس" وتداوله الآن ك"واد كبير" ليس فيه هذا التناغم الحرفي (من الحروف) كما لنهر أم الربيع أو كما لمدينة غرناطة مثلا، ف"غرناطة" تعني بالإسبانية فاكهة الرمان بينمي ينتفي فيها المدلول عربيا (كلمة غرناطة لا تعني شيئا في القاموس العربي ) بل هي فقط كلمة تعرضت للتعريب، بينما "مربيع" و"أم الربيع" نلاحظ فيهما تناغما في الحروف سهل عملية تحويل معنى أمازيغي لنهر بالمغرب إلى معنى أمازيغي وهذا التحول حدث فقط في مرحلة المد القومي العربي بداية استقلال المغرب من فرنسا (أو شبه استقلال، او سميه ماشئت). أي انه بفضل تناغم الحروف بين الكلمتين تحول "مربيع" الذي يعني شيئا في الأمازيغية إلى "أم الربيع" الذي يعني شيئا آخر مختلف تماما أو متقارب من زوايا تأويلية عربية استنادا إلى حال النهر نفسه (حالته الجغرافية) كون تعدد عيونه من جهة (رقم الأربعين)، ومن حيث تأثيره في خصوبة السهول تحت منبعه (الخضرة والربيع) وهذا ما اعتمدته الجغرافية الرسمية في المغرب في تحديد دلالته وتزوير اسمه
ترمز الدلالة في الشعر أعلاه إلى أمر مسكوت عنه، فالقصد من "أورييسريذ مربيع" لا يعني حجم تدفق وصبيب النهر بقدر ما يعني كثرة عيونه على مقاس تمثيلي في عملية الغسيل من رمي الماء، أي ان الذي يشتف لا تكفيه عين واحدة من عيون مربيع والقصد مجازي بالطبع إذا استحضرنا دلالة "مربيع" الأمازيغية
يكتب اسم النهر باللاتينية بالأشكال التالية: Morbeia, «Morbea» و«Morbia
بالفرنسية حاليا يكتب: «Oum-er-Rbia ولا أستغرب أن أحدهم نقله إلى العربية في الفضاء المفترض الفايسبوك: "أم ربيعة".!
على أن الأمر في اللاتينية مثير للأهمية أكثر من خلال ضم حرف الميم وهذا له دلالة كبيرة في الأمازيغية وهذا سنراه عند تفكيك كلمة مربيع الأمازيغية
إن كلمة "مربيع" تعرضت في التداول إلى نحت خاص في اللغة المتداولة عندنا بسبب طبعا تأثيرات ثقافية أخرى لا يمكن نفيها بجرة قلم أو بسبب التخفيف في اللسان المعروف في الثقافة الإنسانية عامة بحيث تحتفظ بالرمز وتمشكله في التداول بشكل مختلف عن سياقه الأصلي، فأصل كلمة "مربيع" هي كلمة "موربيع" كما في النقل اللاتيني للكلمة، وهنا استنادا إلى اللغة الامازيغية الأطلسمتوسطية تكتسب الكلمة معناها الحقيقي فهي كلمة مركبة من حرف ميم الإنتساب للمؤنث، وكلمة أربيع الامازيغية تعني عربيا الجمع أو الجموع و"مو أوربيع" تعني عربيا: ذات الجموع، لكن لماذا ميم الإنتسابية للإناث وليس حرف الباء الإنتسابي للذكور "بو أوربيع" والجواب بسيط للغاية لأن عين الماء في الأمازيغية مؤنث وليس مذكر: عين (كلمة مذكرة بالعربية): هي تيط بالأمازيغية ( لكنها تأخذ صفة التأنيث في الأمازيغية) وتأنيث النهر نابع من تأنيث عيونه في الأمازيغية لأن منبع النهر ليس من عين واحدة بل عيون متدفقة متباعدة قليلا (متر مترين إلى عشرة) من مكان واحد أي هو مجموع عيون (تاربيعت انتيطاوين)
كلمة "أم الربيع" تحمل بالفعل دلالة أن النهر يسقي سهولا جنوب غرب منبعه ويضفي عليها خضرة (ربيع) لكن هذا يمكن قوله في زماننا بحيث شيدت سدود تسقي بالفعل سهولا شاسعة كما هو يسقي مدنا بأكملها
يمكننا أيضا أن نستند إلى وثائق تاريخية تنسب اسم النهر إلى قرية كانت تسمى أربيع او ربيع حسب المصادر العربية ، لكننا نشك في تلك الوثائق إلى سند الدلالة، فمثلا هناك مستشرقون غربيون طرحوا اسما قديما مثل كلمة "وينسيفن" كما أدرجها الإتنوغرافي الفرنسي ميشيل دو فوكو لكن الارجح أمازيغيا هي كلمة "وين إسافن" وتعني النهر صاحب الأنهار ربما نسبة إلى روافده الكثيرة لكن أغلب الظن انها كلمة للنهر كان سكان جنوب وغرب المنبع يسمونه بها ومع ذلك فالوثائق التاريخية تشير أكثر إلى الإسم التناغمي بين مربيع والربيع والأرعين.
ويبقى استعادة النهر لاسمه الحقيقي في المغرب أمانة للتاريخ وامانة للشخصية المغربية التي أصابتها الشيزوفرينية بشكل مرع تجلى في تغيير الكثير من الأسماء فيه.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بواب العمارة المؤقت
- دعهم يسرقون
- مريرتيات
- حكومة الكفاءات غير كفأة
- رئيس النزاهة غير نزيه (بخصوص فضيحة الرميد في المغرب)
- تأملات في زمن الحجر الصحي 4
- تأملات في زمن الحجر الصحي 3
- تأملات في زمن الحجر الصحي 2
- تأملات في الحجر الصحي
- -تاكموست- (العقدة) او مجتمع -تاكموسين-
- ذاكرة زهايمرية
- حين تبتلع قنوات الإعلام عقولنا
- رسالة مفتوحة إلى بشار الأسد
- الحب في زمن كورونا
- نيتشة في الترجمات العربية: الملحد في الغرب مومن في الشرق (فل ...
- نيتشه والترجمة العربية
- صراع أجيال
- صفقة وحيد القرن
- أشجار الأطلس ليست كأشجار -لاندوشين-
- هل انتهت الأزمة الامريكية الإيرانية؟


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عذري مازغ - نهر -مربيع-: نحت انتروبولوجي في الدلالة