أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - والاس ستيفنز: الوضوح الخادع..














المزيد.....

والاس ستيفنز: الوضوح الخادع..


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 6663 - 2020 / 8 / 31 - 23:29
المحور: الادب والفن
    


كان "والاس ستيفنز" شاعرا واقعيا جافا، ودينيا صلبا. قال عن الشعر ما يقوله الآخرون عن السياسة. ففي رسالة له يقول "إنّ بعض الناس يعرفون دائما فيم يفكرون وأخشى أنّني لست واحدا من أولئك. إن الشيء نفسه يظل نشيطا في خاطري وقلما يستقرّ ويصبح ثابتا. وهذا صحيح في السياسة كما هو صحيح في الشعر". إن والاس ستيفنز هنا لا يؤكّد مبدأ في السياسة بقدر ما يؤكّد واحدة من أهمّ سمات القصيدة المعاصرة، ألا وهي: "التجريبية". فإلى جوار تلك الصرامة والجدية الفلسفية، تلك الجدية التي هي كهنوتية بالمعنى الدقيق للكلمة، نجده يجمع في عمله الشعري بين عدّة عناصر باهرة تتراوح ما بين التجريب الشكلي والتهريج اللفظي والسخرية اللاذعة ومبدأ المفارقة وتكنيك التشويش، وهذا ما كان يجرّه إلى بعض الألعاب إن صحّ التعبير مثلما فعل ذات مرة عندما أخذ واحدة من قصائد زميله ومعاصره، الشاعر الكبير "وليم كارلوس وليمز"وضمنها بكاملها قصيدة له ومن بعد ذلك وضع اسمه عليها بشكلها الجديد. فلقد كان "ستيفنز" يعتبر أنّ أية قصيدة تأخذها وتضع اسمك عليها هي في الأخير قصيدتك الجديدة. كذلك كان كثيرا ما يتداخل نصوصياً (أو بلغة هذه الأيام: يتناص) مع أنماط كتابية تكاد أن تكون بعيدة أو لا علاقة لها بالشعر إطلاقا. وقد لاحظ (ستيفنز) بذكاء لا يليق إلاّ بشاعر عظيم مثله: "إنّ واحدا من أصعب الأمور في كتابة الشعر هو أن يعرف المرء موضوعه، إن كل الناس، يعرفون موضوعهم ولكنهم لا يكتبون الشعر لأنهم واعون جدا ومدركون لذلك الشيء. إن موضوع أي إنسان كان وسيبقى دائما هو شعر، أو ينبغي أن يكون شعرا".
كان "وليم يورك تندال" الناقد الأمريكي المعروف في كتابه القيم عن شاعرنا قد قال أنّ من يقرأ شعر "والاس ستيفنز" قراءة عابرة سيظنه شعرا بسيطا. والسبب في ذلك هو سلاسة تعبيره. فقصائده من السهل الممتنع كما تقول العرب.. يضاف إلى ذلك دقة التصوير وفيه كثير من العناصر التي تدخل في تشكيل أبياته.. غير أنّ البساطة أو السهولة هذه خادعة إلى حد كبير. فبمجرد أن نبدأ في التساؤل عن مغزى معطياته ومراميها ستعترضنا صعوبات جمة. و"ستيفنز" مثله مثل العديد من شعراء الغرب في القرن العشرين يتقصّد أن يكون غامضا ويتقصّد التفنّن في ذلك. إنّه يقول بكل صراحة "القصيدة يجب أن تقاوم الفهم بنجاح تام تقريبا". ويقول في مكان آخر: القصيدة تفصح عن نفسها للجاهل فقط".. بل ويذهب إلى أبعد من ذلك عندما يقول إنّ القصيدة قد لا يكون لها معنى على الإطلاق، وهذه فكرة احتضنها المحدثون الذين آمنوا بأن القصيدة يجب أن "تكون" و" لا يجب أن تعني". وحقا نجد أنّ معظم شعر "ستيفنز" يقاوم التحليل ويقاوم العقل ويرفض أن يخضع لتفسير واحد أو لتفاسير عدة.
ثمّ إنّ الموضوعات التي يتطرق إليها "ستيفنز" هي من الكثرة بحيث يصعب حصرها وهي في تنوعها وتعددها وتداخلها يصعب أيضا تصنيفها فهو يصرّ على أنّ العالم كله هو المادة التي يصاغ منها الشعر، وهو كشاعر يكتب الشعر حول أي شيء وعن كل شيء. ومن هنا تجده يبني قصائده من كل ما يجول في خاطره الواسع.. فهنالك قصائد عن أشخاص وقصائد عن طيور، وحيوانات أخرى، ونباتات. وهناك قصائد عن الشعر وعن فن الشعر، وقصائد تجمع بين بعض أو كل ما ورد ذكره.
من جهة أخرى وجريا على خطى الرومنطيقيين، يؤمن "والاس ستيفنز" بأهمية العقل البشري وفاعليته، ويقول أنّ العقل هو أهم معطى في هذا العالم، ويقول كذلك إنّ "المخيلة" وهي إحدى ملكات العقل وهي تجسد القوة التي يتغلب بها الإنسان على المحيط الخارجي.
--------------------------------
* فصل من كتاب سيصدر لي قريبا بعنوان "والاس ستيفنز القصيدة والحياة" عن منشورات مومنت.



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل إلى التحليل البنيوي للنصوص
- جَهنَّمُ..
- سـِحْـرٌ بابـلـيٌ أو هوروسكوب..
- وأمطرت ليلة القدر شعرا وكلمات..
- الفكرُ العربي إرهاصاتٍ وأعلاماً..
- الغراب والدودة
- الكلام المستعاد: منعطف وتجاوز وصداقات..
- معجزة من تحت الأرض..
- ماطوس..
- هادي الزيادي: موتك كلام فارغ..
- بينَ حُلمٍ ومصيرٍ: خلخلةٌ وتنوعٌ في المشهد الشعريّ العربيّ
- كُنْ غيابَكَ يا قاسمْ..
- الكيخوتي أو فارس الظل الحزين_ مونودراما شعرية
- معجزة_قصيدة يانيس ريتسوس_ترجمة
- قصيد إلى حليمة (1942- 2007)
- رعد عبد القادر الشاعر الذي فوق رأسه شمس..
- الاتصال والتغيير الاجتماعي في الدول النامية
- ستانلي كونيتز: -الكذب خطيئة ضد الشعر لا يمكن اغتفارها أبدا-
- تراثنا العربسلامي: الحداثة والقطيعة..
- الْـجَازْمَانْ الـمـُذْهِل وخطواتُ القطّ الأسود


المزيد.....




- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش
- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- المقاطعة، من ردّة الفعل إلى ثقافة التعوّد، سلاحنا الشعبي في ...
- لوحة فنية قابلة للأكل...زائر يتناول -الموزة المليونية- للفنا ...
- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - والاس ستيفنز: الوضوح الخادع..