أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل ساكر الرفاعي - وجها العرب في عالم اليوم














المزيد.....

وجها العرب في عالم اليوم


اسماعيل ساكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6662 - 2020 / 8 / 30 - 10:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اكثر شعوب الارض غراماً بالشكوى هي الشعوب العربية : العراقي يشكو من انتشار الفساد وتردي الأمن والخدمات ، والسوري يشكو من سقوط العملة وانهيار المدن التاريخية مع حرفها القديمة ، وتغول الساسة ، واستعبادهم للناس . ومن الموضوعات نفسها يشكو اللبناني واليمني والليبي ، ويضيف اليها أهالي الجزيرة العربية وخلجانها : الشكوى من انحراف الانسان العربي عن خط الدين القويم وتردي اخلاقه ...

اول المبشرين بالشكوى هم اصحاب التاكسيات ، فانت قبل ان تصل الفندق يكون صاحب التاكسي الذي يقلك من المطار : قد قتل لديك حلم الاستمتاع بما ستشاهد من جديد في البلاد العربية التي تزور . صاحب التاكسي : سفير لبلاده فوق العادة ، ومهمته تشويه حقيقة هذه البلاد وتنفير السياح منها ...

لا تسمع في اي بلد من هذه البلدان حديثاً عن العلم والابتكار والاختراع وعن الانتاج ، او عن الاقتصاد او عن المعارض التشكيلية او عن مسابقة للجمال او عن آخر عرض لدور المسرح والسينما وقاعات الحفلات الموسيقية : وحين تحاول ان تزداد معرفة ببشر البلد الذي ستزور ، وتذهب من اجل ذلك الى محطات التواصل الاجتماعي : فستطالعك رايات ومنشورات سود ، ومشاهد معارك مجللة بالغبار ، وبقعاً ارضية ممهورة بالدماء ، مما يؤكد لك بأن هذه الشعوب تجيد التعبير عن المأساة لا عن الفرح ، وأنها حسمت اختيارها في الانتماء الى عالم ما وراء الموت لا الى أوجه ونشاطات الحياة . كل ما تسمعه لا يخرج عن اطار : الشكوى التي تصل في بعض الحالات حد : البكاء . ليس الشيعة وحدهم من يبكون الحسين في عاشوراء ، بل جميع الشعوب العربية تشاركهم البكاء ، حتى الذين هم السبب الحقيقي للشكوى : وهم عادة ساسة البلد ورجال دينه : يبدأون حديثهم معك : بالشكوى ، ممن ؟ من تآمر العالم الامبريالي على ( عبقرية ) الامة العربية ، أو تآمر اليهود والماسونية على الدين الإسلامي ...

يترافق مع الشكوى لدى الشعوب العربية إيمان غريب : بالمعجزات ، ومع انهم ابعد شعوب الارض عن المشاركة بالمعجزات الحقيقية التي حققتها شعوب الحضارة الصناعية : في اجتراح ثورات المواصلات والاتصالات ، والسفر الى الفضاء الخارجي او ما تحقق في ميدان البيولوجيا او معجزة علم الآثار في بعث الحضارات القديمة وفك شفرات كتاباتها ، ومع ذلك فانهم اكثر شعوب الارض حديثاً عن المعجزات ...

المعجزات التي يتحدث عنها العرب لا علاقة لها ولا صلة بالمعجزات الحقيقية التي حققتها شعوب الحضارة الصناعية من اجل الارتفاع بشروط عيش الناس في الحياة ، كإيجاد علاج لفيروس كورونا مثلاً . معجزات العرب التي يتحدثون عنها ما ورائية يبدعها ويمارسها ابطال حكاياتهم في العالم الآخر : عالم ما بعد الموت وليس في عالم الحياة . فهي معجزات خاصة بالاموات لا بالأحياء . تتحدث هذه الحكايات عما يمتلكه البعض من الموتى من قوة هائلة تستطيع تحريك الجبال وتجفيف البحار واثارة العواصف ، وتتحدث هذه المرويات عن سلطتهم في مشاركة الله يوم القيامة في تقرير مصائر الموتى بالخلود في الجنة او في النار . كما ان هؤلاء الموتى يمتلكون بعد الموت قدرات خارقة تصل حد مشاركة الخالق في ادارة الكون وانهم يستطيعون اختراق النواميس التي استقرت عليها الطبيعة ، وحتى تعديلها او تغييرها ...

تتحدث حكايات العرب عن معجزات وقعت في الماضي ، أو ستقع في العالم الآخر : عالم ما بعد الموت ، ونحن بحاجة ماسة الى من يحقق لنا المعجزات الآن : فينصب لنا مولدات كهربائية تعمل 24 ساعة ، او ان يكتشف علاجاً لفيروس كورونا ، فيحل اكبر مشكلة تواجه الإنسانية اليوم ...

الشكوى هي الوجه الاول للعرب في الأوان الذي نعيش ، اما وجههم الآخر الذي يحاولون من خلال إبراز قسماته اخفاء ضعفهم المشين : فهو ادعاء القدرة على اتيان المعجزة ، لكن ليس في عالم اليوم بل في العالم الآخر ، هكذا يربون اولادهم : لا على ايجاد الحلول لمشاكل حياتهم وتحسين ظروف العيش فيها ، بل على الاستغراق في التفكير بعالم ما بعد الحياة ...






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انه عاشوراء
- تبيح السلطة الفلسطينية لنفسها ما لا تسمح به لغيرها
- الاتفاق الصعب
- عن بعض قناعاتي الشخصية
- انبعاث فيروس الطائفية مجدداً
- بيروت
- طاحض هيچ وحدة وطنية
- ألعاب الطفولة في العراق
- قيمة الأوطان من قيمة بنيها
- كل شيء جميل هذا اليوم
- ليبيا - تركيا
- هل الكاظمي في الطريق الى وعي دوره التاريخي ؟
- ما زلت احتفظ بها ككنز ثمين
- لا حل لمشاكل تركيا خارج حدودها
- لا املك الا ان اقول لك
- تركيا : من صفر مشاكل مع العالم العربي الى ...
- لكن
- تصبح حرامي حين لا يسند أفعالك تشريع او قانون
- راتب الدولة الريعية
- في الطريق الى المقهى


المزيد.....




- في خطوة غير مسبوقة... غواصتان نوويتان أمريكيتان تتحركان نحو ...
- الولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تغمر الشوارع وتشل حركة السف ...
- إيران تعيد 1.5 مليون أفغاني إلى بلادهم، وتتهم بعضهم بـ -التج ...
- ماذا قال ترامب عن بوتين والعقوبات على روسيا بعد نشر الغواصتي ...
- اتهامات أمميّة لإسرائيل بتحويل نظام المساعدات إلى -مصيدة موت ...
- باريس توقف إجلاء غزيين بعد كشف تصريحات معادية للسامية لطالبة ...
- هل ستمنح غيسلين ماكسويل الشريكة السابقة لجيفري إبستين عفوا ر ...
- كامالا هاريس تكشف عن موقف -لم تتوقعه- في ولاية ترامب الثانية ...
- ايه آي2027: هل يمكن أن تكون هذه هي الطريقة التي قد يدمر بها ...
- مصادر أممية: إسرائيل قتلت في يومين 105 من الباحثين عن المساع ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل ساكر الرفاعي - وجها العرب في عالم اليوم