|
ما زلت احتفظ بها ككنز ثمين
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6619 - 2020 / 7 / 15 - 17:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم انس ، ولا يستطيع اكبر مزور للتاريخ تشويش ذاكرتي ، وتشويه ما احتفظت به من مشاهد الفرح العميق الذي عاشه الناس صبيحة 14 تموز 1958 ...
جميع كسبة المدن كانوا يعرفون بانهم مرهونين لمزاج رؤساء القبائل القريبة من مدينتهم ، وفقاً لقانون العشائر سيء الصيت الذي جعل من المدينة تابعة للقرية - خلافاً لما عليه الحال في جميع الدول المتقدمة - اذ اصبحت المدينة بعد الثورة الصناعية 1750 هي القائدة وهي التي تضع للريف خطط تطوير زراعته والنهوض به حضارياً ، فكانت فرحة كسبة المدينة وحرفييها بألغاء الثورة لقانون العشائر عارمة ، اذ شعروا بأنهم تحرروا من مزاج شيخ العشيرة الذي كان يأمر مراكز الشرطة بنوع العقوبة التي يستحقها ابن المدينة ( نفي أو سجن او تحقير وتعذيب لساعات ) وخاصة المعارض منهم للنظام الملكي ...
وكان فرح الفلاحين بالثورة لا حدود له ، وكنت اشاهد في المدينة - وأنا ابن سبع سنين - حماستهم وهم يهتفون للثورة ولزعيمها ( الأوحد ) اذ كانوا يعبرون عن فرحهم داخل قصبات المدن وليس في قراهم كما هو المفترض . لقد كانوا يشعرون بأن قرار الإصلاح الزراعي قد حولهم من فقراء معدمين في الغالب الأعم الى اصحاب ملكيات زراعية ، ومن عبيد لا رأي لهم في أي شأن من شؤون حياتهم في القرية : الى بشر يتحملون مسؤولية التخطيط لحياتهم ومستقبلهم ...
كان اقطاعيو العراق هم رؤساء القبائل ايضاً خاصة في الوسط والجنوب : بعضهم كان واقعاً تحت تأثير تفسير وتأويل " الروزخونية " للموروث الديني والقبائلي : فكان هذا القسم منهم قاسياً ليس على الفلاحين وحدهم وإنما على اولادهم برفضهم السماح لبناء المدارس الابتدائية في الريف ، لكن بعضهم الآخر قد لامست شبابيك وعيهم بعض رياح العصر ...
اختارت بريطانيا النظام النيابي ( ان ينوب واحد عن الآلاف في التفكير والتخطيط لحاضرهم ولمستقبلهم لفترة زمنية محددة بأربع سنوات في العراق ) كنظام سياسي للعراق منذ بدء التأسيس لدولة العراق : آب 1921 ، بعد ان اختطفته بريطانيا بالقوة من الامبراطورية العثمانية . وعلى مدى أربعة عقود 1921 - 1958 لم يستطع النظام النيابي ان يستقل بنفسه وببرلمانه من هيمنة السياسيين ، وجلهم من الضباط العثمانيين . كانت شراكة السياسي البغدادي مع ملاك الارض ، وجل ملكياتهم الإقطاعية تقع خارج بغداد ، واضحة في ما كانوا يشكلونه من احزاب وتحالفات، تضمن الدعم السياسي لساسة بغداد من النواب الاقطاعيين ، ويضمن الاقطاعيون مقابل ذلك : توسيع ملكياتهم الإقطاعية التي كانت في طور التأسيس ...
كانت الارض الزراعية التي تدار جماعياً من قبل القبيلة تسمى : " الديرة " ، وكانت عرفياً ملكاً لكل أفراد القبيلة ، ولم يكن لرئيس القبيلة امتياز يفصله عن باقي أفراد القبيلة الذين هم : أولاد عمومته ويرفعه درجة فوقهم ، وقد فشل الوالي العثماني مدحت باشا 1869 في فصل شيخ العشيرة عن أولاد عمومته ، بتحويله الى إقطاعي عن طريق منحه سند الطابو أي ملكية الارض ، ( الا ثلة صغيرة من آل السعدون ) وما فشل فيه الوالي العثماني نجح فبه المحتل البريطاني اثناء احتلالهم للعراق خلال الحرب العالمية الاولى...
كانت مهمة النظام النيابي الذي فرضه البريطانيون : صناعة أرستقراطية عراقية على الطريقة البريطانية في بلد : الارض فيه " رقبة للدولة " ، أي ملك للدولة ، وهو التشريع الإسلامي الذي اقره عمر بن الخطاب بعد فتح العراق ، واقر معه : الخراج كضريبة ثابتة على إنتاجية الارض الزراعية ، ومعها : الجزية التي يجب ان يدفعها " الذميون " ( عن يد وهم صاغرون )كما تقول الآية القرانية بوضوح ، وجاء الإصلاح الزراعي لثورة 14 تموز ليعيد العدالة الى اصولها الاولى في شراكة الجميع بارض الديرة ...
لم يستطع قادة الامبراطورية البريطانية تخيل وجود نظام سياسي ذي فعالية تاريخية ينفع العراق والعراقيين أفضل من نظامها السياسي البرلماني الذي كان معظم أعضائه من ملاكي الارض والقلاع ، فكان على النظام البرلماني العراقي ان ينشط تاريخياً في التأسيس لارستقراطية عراقية تقود الدولة والمجتمع ...
وكذلك عجز قادة الامبراطورية الأمريكية عن تخيل نظام سياسي آخر للعراق بعد احتلاله عام 2003 لا يشبه نظامهم السياسي ( الرئاسي لكن المقيد نيابياً ) ، الا ان اعضاء البرلمان الأمريكي بشيوخه ونوابه العموميين من اصحاب الأموال والشركات والأراضي والبنوك فلم يكن بإمكانهم تخيل نائب في البرلمان العراقي من غير ملكيات عريضة ، ولهذا أباحوا لهم التصرف بأموال الشعب لكن بطريقة مؤدبة و ( حضارية ) ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا حل لمشاكل تركيا خارج حدودها
-
لا املك الا ان اقول لك
-
تركيا : من صفر مشاكل مع العالم العربي الى ...
-
لكن
-
تصبح حرامي حين لا يسند أفعالك تشريع او قانون
-
راتب الدولة الريعية
-
في الطريق الى المقهى
-
الكاظمي رئيساً لمجلس الوزراء
-
منهجان في معالجة جائحة كورونا
-
لحظة تكليف الكاظمي
-
برنامج : عدنان الزرفي
-
في عيد الموسيقى العربية
-
واللؤم تحت عمائم الانصار
-
هوامش كورونية / 2
-
هوامش كورونية
-
سيادة الدولة ام سيادة الحشد ؟
-
استكانات شاي صباحية
-
حق الحياة بلا وصاية
-
فيروس كورونا
-
بمناسبة انطلاق الثورة الكردية
المزيد.....
-
بعد ثلاثين عامًا في السجون الفرنسية: مصير بوعلام بن سعيد معل
...
-
-يأكل مما نأكل-.. القسام تنشر مشاهد جديدة لأسير إسرائيلي في
...
-
من رام الله - وزير خارجية ألمانيا يحذر إسرائيل من ضم الضفة ا
...
-
طهران تطالب واشنطن بالتعويض والضمانات قبل المفاوضات
-
التاكسي الطائر في دبي.. 10 دقائق من المطار إلى نخلة جميرا
-
بعد تصريحات روسية -استفزازية-.. ترامب يُعلن نشر غواصتين نووي
...
-
إسبانيا تسقط 5,500 حصة غذائية فوق غزة وتتهم إسرائيل بتجويع ا
...
-
ترامب: خطة أمريكية قيد الإعداد بهدف تأمين الغذاء لسكان غزة
...
-
كل ما تريد معرفته عن انتخابات مجلس الشيوخ المصري
-
محللون: تهديدات الضم تكشف مأزق نتنياهو في الحرب على غزة
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|