أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رضا محافظي - درس من اليابان














المزيد.....

درس من اليابان


رضا محافظي

الحوار المتمدن-العدد: 1599 - 2006 / 7 / 2 - 08:08
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تناقلت بعض الصحف مؤخرا أن بنك اليابان للتعاون الدولي اعتمد آليات و تقنيات التمويل الاسلامي اللاربوي ، دون فوائد بنكية ، و توجه نحو دراسة القواعد المالية المعتمدة لدى المصارف الاسلامية مستعينا بخبراء من ماليزيا و باكستان و السعودية من أجل احداث شراكة في التعاملات بين البنوك " الاسلامية " و البنوك اليابانية الكبيرة . كما تناقلت الصحف أن اليابان يسعى لأن يصبح عضوا في مجلس المصالح المالية الاسلامية .

بين اليابان و بين الدول الاسلامية كما هومعروف فجوة كبيرة بالرغم من تواجد أعداد معتبرة من الجالية العربية و الاسلامية على ارضه و بالرغم من المعاملات التجارية الكبيرة التي تربط الجانبين . ثقافته مختلفة تماما عن الثقافة العربية الاسلامية ، و لغته بعيدة كل البعد عن اللغة العربية من حيث الكلمات و التراكيب و النطق و غير ذلك ، وذلك اضافة الى الموقع الجغرافي لليابان البعيد عن معظم البلاد العربية الاسلامية . هذه الوضعية جعلت أن سبل التواصل بين اليابان و بين العالمين العربي و الاسلامي غالبا ما تمر عبر قنوات وسيطة و لا تجمع البلدين روابط قوية مثلما هو الحال مع الدول الأوربية مثلا أو الولايات المتحدة الامريكية . لكن على الرغم من ذلك فان اليابان لم يغفل الحقائق الموجودة في هذا العالم و من بينها أنه مرتبط ارتباطا وثيقا بالدول العربية المنتجة للبترول على الخصوص و التي تزوده بمادة هي العمود الفقري لاقتصاده المزدهر و تعتمد الكثير منها على مصارف تكتسي طابعا اسلاميا في المعاملات المصرفية و هو ما جعله يتوجه بغير حرج الى اعتماد تقنيات هذه البنوك .

لو اقتصر الأمر على اعتماد اليابان استراتيجية تجارية وثيقة مع العالم العربي و الاسلامي لبدا الأمر عاديا لكونه علاقة طبيعية انسانية بين مختلف البلدان بحكم مشروعية ضمان المصالح المختلفة للبلدان ، لكن أن يلجأ الى اعتماد نظام مصرفي في بلاده غير ذلك المتوفر لديه ، من أجل ربح المزيد من التغلغل غير المباشر في العالمين العربي و الاسلامي فذلك ما يدعو الى الأنتباه و الاعجاب في آن واحد .

ما يثير الانتباه في التصرف الياباني أنه منطقي و جميل حيث أنه خطوة تهدف الى تحقيق المصالح العليا للبلد و الذي نفتقده نحن في الكثير من أمور تسيير بلداننا . و الجميل فيه ، و الذي يدعو الى الاعجاب ، أن اليابانيين لم يجدوا حرجا في تبني نظام بنكي يرتكز على قناعات دينية تختلف جوهريا عن القناعات الدينية السائدة في بلادهم . و عندما نتحدث عن القناعات الدينية فاننا نضع أصبعنا على جانب مهم في حياة الشعوب كثيرا ما كان – و لا يزال – مصدر نزاعات و صراعات و اختلالات في الكثير من نقاط العالم . لكن هذا الجانب على أهميته لم يحرج اليابانيين و لم يجعلهم يتوجسون خيفة من دخول ثقافة جديدة الى اقتصادهم و مجتمعهم بتلك الصورة الرسمية ما دام ذلك يخدم مصالحهم الحاضرة و المستقبلية . الأمر ينبع بكل تاكيد من تفكير شعب يدرك بعمق أنه لا يعيش وحده و يدرك أيضا أن متطلبات هذا العصر المزدحم السريع تقتضي الاحتكاك مع الغير و الانتفاع بما لديه و ليس رفضه و محاربته .

بالموازاة مع هذا التصرف الياباني ، نجد العالم العربي و الاسلامي يتخبط في صراعات ايديولوجية ضيقة و يغرق في خلافات بسيطة أتت على الأحلام المشروعة و ردمتها تحت انقاض الهزائم المتراكمة و أبدلتها احباطات متتالية لشعوبها المستضعفة . في الوقت الذي بنى فيه غيرنا اقتصاديات متينة و فعالة و أنظمة بنوك مبهرة ، لا نزال نحن نراوح مكاننا و نجادل بعضنا بعضا جدال الصم البكم ، نرفض في غالب الأحيان و نقبل في أحيان قليلة لكن بدون سند و بدون وعي أو منطق ، و لم نستطع أن نصل الى تصور المرتكزات الأساسية لوحدة عربية يحلم بها الكثيرون ناهيك عن تصور المشروع العربي المتكامل أو تصور مشروع أوسع من ذلك يضم البلدان الاسلامية مثلا . و الدليل على ذلك تلك القمم العربية التي لا تنعقد قبل أن تسبقها ضجة اعلامية كبيرة عن مشاركة طرف ما و امتناع طرف آخر عن المشاركة و شروط طرف ثالث للمشاركة و هلم جرا . و تنعقد القمم و ترفع جلساتها خاوية الوفاض و تدفن معها في كل مرة الأحلام في قاعات الاجتماعات ، و تخرج بصراعات قديمة في حلل جديدة ، خفية كانت أو ظاهرة ، لتترك المجال للآخرين ليغزوا أرضنا و يجوّعوا أهلنا و يمنعونا حتى من تقديم المساعدة ، أبسط المساعدة ، مثلما يحدث في فلسطين هذه الأيام .

تفكر اليابان اليوم في أن يلتحم نظام بنوكها مع النظام البنكي الاسلامي اللاربوي و تحاول أن تجمع بين المتناقضين لتوسع من امتدادها المالي و الاقتصادي الى الشرق الأوسط بطريقة قوية ، في الوقت الذي نعجز فيه نحن العرب عن ايصال حفنات قليلة من الدولارات الى اخواننا في فلسطين المحكوم عليهم بالجوع ، خوفا من ان نوصف بأننا نساند حكومة تصفها الولايات المتحدة الامريكية بالارهابية ، مبرهنين أنّنا عجزنا عن تحقيق أبسط أنواع التكامل و التلاحم في أعضاء الجسد العربي الواحد و أن الطريق أمامنا لا تزيل طويلة ان كانت لنا نيّة صادقة في النهوض .



#رضا_محافظي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ؟ GOOGLE EARTH ماذا وراء
- منا تعلموا هدر حقوق الانسان
- هجرة أدمغتنا الى فرنسا
- مصداقية المؤرخ و مهنية الصحفي
- من لافريقيا ؟
- الجزائر تعانق فلسطين
- هوان على هوان
- قوقل يقود حرب الخصوصية…فهل يربحها ؟؟؟
- تجار الموت
- تجار الموت
- التغيير من الخارج
- عندما يرعبنا … طير
- الوتر الثامن
- لا بدّ من رضاهم
- الديمقراطية الملكية
- تاريخنا يغور في الأرض عبر القبور
- أمة مسلوبة الارادة
- بأي ذنب …. أولبرايت ؟
- رسالة العقاد و رسالتهم
- لا تزال النفس العربية رخيصة


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رضا محافظي - درس من اليابان