أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - رضا محافظي - تاريخنا يغور في الأرض عبر القبور














المزيد.....

تاريخنا يغور في الأرض عبر القبور


رضا محافظي

الحوار المتمدن-العدد: 1400 - 2005 / 12 / 15 - 07:52
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


لقد وافت المنية الأيام الماضية السيد حسين الشافعي ، النائب الأسبق للرئيس المصري بعد حياة عامرة بالأحداث على المستوى السياسي و العسكري . هو رجل لم يكن ليعرفه الكثيرون في الوطن العربي من عامة الشباب لولا مروره ضيفا على عدد من الحصص التلفزيونية التي تبثها القنوات الفضائية و التي تحدث فيها عن الأحداث التي عايشها او تلك التي كان سببا مباشرا فيها .

أمثال الشافعي رحمه الله كثيرون ممن صنعوا التاريخ أو كانوا شهودا عليه لكن مروا في صمت و انتقلوا من دار الى دار دون أن يتركوا - أو أحيانا دون أن يسمح لهم أن يتركوا - وراءهم أثرا مكتوبا او ملموسا يعطي صورة واضحة عما قاموا به أو عما عايشوه لمن جاء بعدهم من الأجيال بما يحفظ لهذه الامة تاريخها من الضياع . شخصيات كثيرة انزوت الى أركان مظلمة بعد نشاط و حركة و فضلت الموت في صمت ، و اخرى جرى قهرها و تم منعها من تسجيل شهاداتها .

لقد عملتُ في فترة سابقة - و لا ازال - على البحث في تاريخ بلادي (الجزائر) خاصة في الفترة التي كانت فيها محتلة من طرف الفرنسيين و ركزت على جوانب معينة من ذلك . و قد اطلعت في خلال ذلك على أعداد كبيرة من المؤلفات لشخصيات لا يعرف لها دور بارز في التاريخ مثل الأطباء و الفنيين و الأشخاص العاديين الآخرين دونوا فيها تفاصيل رحلاتهم القصيرة و الطويلة في الجزائر . لم يكن ليرغمهم احد على ذلك و ربما لم تكن تحدوهم من وراء ذلك الرغبة في الشهرة أو كسب شيء مادي من وراء الكتابة . كل ما في الامر هو حب ابقاء ذاكرة الامة حية منتبهة و لو في أصغر الامور التي قد تبدو في حينها غير ذات أهمية .

من لا يعرف أن العائلات في البلدان التي تحترم نفسها و تحترم تاريخها تعلم أبناءها ضرورة أن يفتحوا لأنفسهم مذكرات يومية يدونون فيها كل مساء ما حدث لهم خلال اليوم و ما اختلج صدورهم من مشاعر و ما دار في خلدهم من أفكار ؟ هل نقوم نحن بذلك على مستوى جماعي ؟ هل هي ثقافة سائدة عندنا ؟ الواقع يقول لا . نحن لا نقوم بذلك و قد يتجاوز البعض منا سن الاربعين دون أن يستطيع أن يفكر في ذلك . و يتعدى الأمر الأفراد ليخص مؤسسات بحد ذاتها في الوطن العربي و الاسلامي . مؤسسات مهمة و ذات صيت و سمعة لا تعـرف لنفسها تاريخا و ربما قد لا يستطيع موظفوها حتى تعداد الرؤساء الذين تعاقبوا على تسييرها على مدى سنين قليلة مضت فكيف اذا أريد التدقيق في التاريخ البعيد . أطنان من الكتب و نفائس التراثيات في مختلف المجالات كانت فريسة سهلة لذوي النهم العلمي من العالم الغربي، جاؤا الى بلادنا في شكل زوار و سائحين مسالمين و اقتنوها مقابل أثمان بخسة مهينة و في بعض الاحيان من دون مقابل في ظل غياب رقابة صارمة و في ظل اهامل تام لتلك النفائس من الجهات المسؤولة عن حمايتها . و في بعض الاحيان - بل في كثير من الاحيان - لم يتم الالتفات الى معالم تاريخية مهمة الا بعد أن دق غيرنا الاجراس في عواصم تتكلم لغة غيرلغتنا .

لقد قبلنا لأنفسنا ان نعيش اللحظات في وقتها ثم نرميها وراءنا دون التفات . لا نتأثر لحدث و لا نعتبر لدرس. و ان حدث أن رجعنا قليلا الى الوراء فمن اجل البكاء ، و البكاء على الأطلال عندنا من فنون الأدب . الكتابة في التاريخ و الاهتمام بها صار لدينا من صغائر الاهتمامات حتى على مستوى الاكاديمي . التاريخ هو آخر مادة علمية مهمة لدى الطلاب و لدى الادارات التعليمية في الكثير من البلاد العربية . الطلاب الذين يتم توجيههم الى ذلك الاختصاص كثيرا ما يكونون أولائك الذين يحصلون على علامات و معدلات نجاح صغيرة . غالبا ما يتم بث الحصص التاريخية التلفزيونية التاريخية في أوقات يكون أغلب الناس يغطون في نوم عميق .

الأشخاص الذين صنعوا الاحداث عندنا بعيدون تماما - بارادتهم أو بغير ارادتهم - عن مسرح الاحداث و قليلا ما تتاح لهم فرصة الكلام . و ان اتيحت لهم فرصة للكلام فان ذلك غالبا ما يكون مرتبطا بأحداث معينة مرة او مرتين في السنة . و قبل ذلك و بعده تجدهم يرقدون في سبات عميق . و الى ان تحين فرصة أخرى للكلام ، يكون الموت قد تخطف عددا كبيرا او صغيرا منهم و يكون تاريخ الامة قد تسرب معهم عبر القبور الى عالم النسيان الأبدي .



#رضا_محافظي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمة مسلوبة الارادة
- بأي ذنب …. أولبرايت ؟
- رسالة العقاد و رسالتهم
- لا تزال النفس العربية رخيصة
- لويزات ايغيل أحريز و شرف الجزائريات
- اعتراف فرنسا بالذنب ؟؟؟
- اعتراف فرنسا بالذنب ؟
- الرقابة على الكتاب ، هل هي الحل ؟
- دول لا تحمي زعماءها !!!
- قمة عالمية أم عرس لإسرائيل ؟
- لغة الجزائري
- التكنولوجيا و الفساد
- كاترينا ، أوفيليا و الدرس
- المغلوب و الغالب
- أين هم بنوا آدم الحقيقيون ؟
- - رقان - في الذاكرة
- وداعا .......لالة مغنية
- البعد البشري للوجود الفرنسي بالجزائر :درس فرنسا لأحفادها من ...
- عصرنة الادارة أم عصرنة الاداريين ؟


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - رضا محافظي - تاريخنا يغور في الأرض عبر القبور