أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رضا محافظي - وداعا .......لالة مغنية














المزيد.....

وداعا .......لالة مغنية


رضا محافظي

الحوار المتمدن-العدد: 1269 - 2005 / 7 / 28 - 10:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لكل بداية نهاية ، و لا بد للفراق يوما أن يحل محل اللقاء . تلك هي طبيعة الحياة .

مرت ما يقارب التسع سنوات على وجودي بين أحضان مدينة مغنية الحدودية ، الواقعة بين الجزائر و المغرب ، في إطار أدائي لمهامي المدنية ، و الآن حان وقت الرحيل و آن أوان توديع الزملاء و الأصحاب . أتيتها شابا أعزبا في بداية العشرين من عمري ، و أنا الآن أحضر نفسي لتوديعها شابا في بداية الثلاثين من العمر و أبا لبنتين صغيرتين تطبعتا بطبائع أهل هذه المدينة الصغيرة .

تسع سنوات ، هي مدة احتضان مدينة عريقة لي ، سميت على اسم امرأة انتهى بها المطاف – بعد سفر طويل - بالتوقف النهائي في هذه المنطقة . و لا يزال أهلها يتبركون بهذه المرأة و يقصون أساطيرها يروون حكاياتها . كان حظ تلك المرأة التي جمعت – حسب ما يروى - بين الجمال و العلم و التقوى و قدرها أن يكون مثواها الأخير هنا ، و كان قدري أنا أن أمر مر الزائرين الذين قد يعودون يوما أو قد لا يعودون .

مدينة وطأتها قدما مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ، الأمير عبد القادر الجزائري ، في خلال مقاومته للوجود الفرنسي بالجزائر ، و كانت ملجأ و ملاذا له و لأتباعه و جنوده لفترة من الزمن . و مدينة عرفت سنة 1845 م ابرام اتفاقية التافنة الشهيرة التي أبرمت بين السلطات الاستعمارية و القصر الملكي المغربي و التي بموجبها تم وضع تفاصيل الحدود التي تفصل بين المغرب و الجزائر . مدينة اشتقت تاريخها من عمق التاريخ نفسه و عرفت قرونا طويلة من الوجود و عاشرت مختلف الحضارات و صارت منبعا لكل الهام .

كرم أهل مدينة مغنية و ضواحيها ميزة ظاهرة تبدو لكل زائر و تتأكد لكل مقيم . و تماسك أهلها الاجتماعي من الخصائص التي يتمتع بمعاينتها كل متمعن في أحوال أهل هذه المدينة . يظهر ذلك من حلال المناسبات الدينية التي يتم إحياؤها بابتهاج وفرحة كبيرتين و من خلال الأعراس و الولائم الجماعية التي تقام هنا و هناك .

بهجة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هنا لا تضاهيها بهجة . الكل يتحضر لهذه المناسبة أياما عديدة قبل حلولها . و أجمل ما في ذلك ترديد الأطفال للمدائح و الأناشيد التقليدية المتوارثة الخاصة بتلك المناسبة أمام أعتاب المنازل في ألبسة تقليدية أنيقة تجعل منهم ملائكة بشرية و تجعل من المدينة بكاملها عرسا يحلم من عاشه أن لا ينتهي .

الأعراس بدورها تعكس روح التضامن و التكاتف و التعاضد التي تميز هؤلاء الناس . الكل منهمك في التحضير للعرس بحسب استطاعته و بحسب مبلغ جهده . صورة الناس في الأعراس هنا تعبير حي عن مثاليات تغنى بها الشعراء و الأدباء في زمن مضى و لا يزالون يتغنون بها إلى غاية اليوم . الكل يخدم غيره و لا مجال للأنانية أن تجد مكانا بين الأحداث . الجو في تلك المناسبات كما قال الشاعر :

الناس للناس من بدو و حاضرة بعضهم لبعض و ان لم يشعروا خدم

هي أجواء شاءت الأقدار أن اغادرها الى اجواء اخرى لكنها ستبقى في مخيلتي ذكريات جميلة تلازمني بقية حياتي ، أعود اليها اذا ضاقت بي هموم الحياة و أتغنـى بهـا مع الأصـحـاب و الأصدقاء عند جلسات السمر و أخط تفاصيلها على الورق كلما سنحت لي الفرصة بذلك .

رضا محافظي – الجزائر



#رضا_محافظي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعد البشري للوجود الفرنسي بالجزائر :درس فرنسا لأحفادها من ...
- عصرنة الادارة أم عصرنة الاداريين ؟


المزيد.....




- تقرير: مقاتلات إسرائيلية وتركية تتجنب المواجهة فوق سوريا للم ...
- إطلاق نار في حفل عائلي بهيوستن يودي بحياة شخص ويصيب 13 آخرين ...
- الدفاع الروسية: ضرب قاذفة صواريخ أوكرانية مضادة للسفن ومطارا ...
- بعد إدانته بتهريب -الأمفيتامين-.. السلطات السعودية تعدم مقيم ...
- الداخلية التركية تكشف هوية المعتدي على زعيم المعارضة وأردوغا ...
- مدن مختلفة في عدة قارات تشهد مسيرات -الفوج الخالد-
- لبنان.. -الفوج الخالد- في شوارع بيروت
- ألمانيا.. -الفوج الخالد- في شوارع فرانكفورت
- الولايات المتحدة.. -الفوج الخالد- في شوارع واشنطن
- فلاديفوستوك.. عرض عسكري للأطفال بمناسبة الذكرى 80 لعيد النصر ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رضا محافظي - وداعا .......لالة مغنية