رضا محافظي
الحوار المتمدن-العدد: 1495 - 2006 / 3 / 20 - 08:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الوقت الذي تستنفر الحكومات العربية مؤسساتها الرسمية من أجل الاستعداد للانتشار المحتمل لانفلونزا الطيور و للهلاك الذي قد يحمله معه ، و تسطر لأجل ذلك البرامج المختلفة و تسخر مختلف الامكانيات المادية و البشرية ، نجد هناك حركة مضادة من فئة من المجتمع مهتمة أولا و قبل كل شيء بربحها المادي و رواج تجارة الطيور التي يمارسونها و لو على حساب صحة الناس .
لقد سمعنا و قرأنا أنا أناسا يلجأون الى بيع لحوم الطير خلسة في جنح الليل أو بعد ساعات الدوام العادية للادارات العمومية تفاديا لعمليات المراقبة المفروضة و تخلصا من عبء اخضاع اللحوم المعروضة للبيع للخبرة البيطيرة للتأكد من سلامتها و صلاحيتها للاستهلاك . كما أن آخرين يقومون بتهريب أطنان من نفس المواد في وسائل نقل لا تتوفر على أدنى شروط الحفظ ، مثل القطارات ، و يعملون على نقلها بطرق ملتوية الى المستهلك الغافل أحيانا و المتساهل أحيانا أخرى . و هناك من له الجرأة في بعض البلاد العربية ليعلن أن الاحتياطات التي يتم اتخاذها لا تناسبه و أنه لا بد من ايجاد حل لتجارته و أنه لا يقبل الخسارة ، و هو يجهر بذلك في وسائل الاعلام المختلفة بما فيها التلفزيون .
غريب أمر بني البشر حين يتعلق الأمر بالربح المادي . في طرفة عين يتحولون الى وحوش ضارية لا يهمهم اخوتهم ، و هم مستعدون لأن ينقلوا اليهم الموت بدنانير معدودة . ماذا تساوي خسارة تجارة الطير في الأرض قاطبة مقارنة بالهلاك الذي قد يصيب البشرية من انتشار كبير للفيروس القاتل ؟ هل أعمى الجشع و الطمع الانسان الى درجة أنه صار يتاجر بالموت غير عابء أو مبالي ؟ هل اختفت معاني الانسانية لدى البشر و صار الانسان يحمل صفات غير صفات الانسان ؟ هل تحول الى خلق آخر أم أنه غلب عليه الجانب السيء فيه ؟
صورة الجشع المتحكمة في الناس تتعدى مجال تجارة لحم الطير الى ما سواه من المجالات و هي تنبيء بتحول رهيب في الطبيعة الانسانية بالرغم مما وصل إليه العالم من صور للتحضر و التمدن . صورة من الضروري أن تدفع الى التفكير في التوازن الذي يجب أن يحصل بين الرقي المادي من جهة و تحقيق القيم الانسانية من جهة ثانية . رقي يجب بقاء البشر في جلد البشر و أن لا يتحولوا الى مخلوقات أخرى تشبه كل شيء الا البشر .
#رضا_محافظي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟