الخطأ في الفيزياء حالياً

تولام سيرف

الحوار المتمدن-العدد: 6610 - 2020 / 7 / 5 - 14:37
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

قبل أكثر من سنة ألقت ألبروفسورة السيدة
Sabine Hossenfelder
المختصة بالفيزياء النظرية وجاذبية الكم, محاضرة بعنوان....ماذا يحدث
خطأً في فيزياء عصرنا؟....محاضرة سببت لي الفرحة والأنبهار
مختصر المحاضرة...لقد سرنا في العلم عقوداَ طويلة ونحن نحمل قناعة
بأن العلم جميل أو الفيزياء جميلة.
من هذا المنطلق نجد العلماء على مر التاريخ يضعون ولو أشارة بسيطة
لفكرة الجمال في أختراعاتهم أو أكتشافاتهم للقوانين
في الواقع...لا يوجد جميل وقبيح في العلم. العلم يشرح الظواهر فقط,
وهذا ما أرادت العالمة زابينا توضيحه في محاضرتها الرائعة.
حاليا يتحدث العلماء عن أزمة في الفيزياء, والعالمة زابينا تقول....كلمة
أزمة تعني أنهم فهموا المشكلة, وهذا غير صحيح, بل, أنه ركود, بالرغم
من أكتشافاتنا الكثيرة كأكتشاف...الهيجز بوزون...أو...أن النويترينوس يمتلك كتلة وغيرها.

لدينا في الفيزياء أتجاهين مبدأيين ما زلنا نبحث فيهما بأستمرار وهما
- الزمان والمكان......أي النظرية النسبية العامة
- البنية الأساسية للمادة أي أل
Elementary particle

قبل بناء
Large Hadron Collider
كان العلماء يتنبؤن بأكتشاف أمور كثيرة بسبب الحسابات والدراسات التي جرت سابقا مثلا
Supersymmetry
أو الثقوب السوداء الميكروسكوبية أي الصغيرة جداً
أو الأتصال بأبعاد مكانية أخرى
وغيرها من التوقعات, ولكن كل ما أكتشفناه هو فقط ال
Higgs boson
الذي جاء تسميته طبقا لصاحب النظرية
Peter Higgs
ولكن هذه النظرية جاءت في الستينات من القرن الماضي, وكل الحسابات
والتنبؤات الأخرى التي جاءت بعد الستينات لم نكتشف واحده منها في أل
Large Hadron Collider
لماذا؟
حسب رأي العالمة زابينا...لأننا دائما نفرض وجود عنصر الجمال في جميع
حساباتنا ودراساتنا. وتطرح زابينا أسئلة جبارة....مثلا...ماهي حقيقة المادة المظلمة؟
أن لم تكن مادة, ماذا سيحدث للنظرية النسبية العامة؟...لذا ترى زابينا بأننا
بحاجة ماسة لنظرية في الجاذبية الكمية.
حسب قولها...الأمر بسيط يراه الجميع ولكن لا يوجد حل له حاليا, مثلا,
كل جسيم في عالم الكم لديه صفات غريبة, كوجوده في مكانين في نفس
الزمن, ونحن نعلم بأن هذا النوع من الجسيمات يولّد حقل جاذبي
Gravitational field
وهنا يطرح السؤال نفسه....أذا كان لدينا جسيم في مكانين في نفس اللحظة,
فأين تذهب الجاذبية؟....حسب قولها....لو قلنا...الجاذبية ستتواجد في
المكانين...فهذا لا يتوافق مع النظرية النسبية العامة لأنها لا تملك صفات كمية,
ولهذا لكي نحل المشكلة نحتاج الى نظرية كمية, أو نظرية للمكان والزمان بصفة كمية.

نظرة العالمة زابينا للفكرة...بأننا نضع صفة الجمال في حساباتنا...لم تأتي من
الفراغ, وأنما من تطور تاريخي بدأ منذ حوالي ثلاثمئة سنة. يقول
Henri Poincaré
العالم في الرياضيات والفيزياء النظرية 1854-1912
العالم لا يدرس الطبيعة, لأنه عمل مفيد, أنه يدرسها, لأنه يجد أعجاب فيها,
ويجد أعجاب فيها, لأنها جميلة.
ثم يضيف
Hermann Weyl
االفيلسوف والعالم في الفيزياء والرياضيات 1885-1955
في عملي أحاول دائما, توحيد الحقيقة والجمال, ولكن لو كان علي
الأختيار بين الأثنين, فسأختار الجمال.
أما
Paul -dir-ac
العالم الفيزيائي 1902-1984 والحاصل على جائزة نوبل صاحب
المعادلة المشهورة بأسمه التي تحاول جمع النظرية النسبية الخاصة
بنظرية الكم, وهو أحد مؤسسي فيزياء الكم...فهو يضع الجمال
كشرط في البحوثات ويقول
من المفروض على الباحث بمجهوده في التعبير عن قوانين الطبيعة
رياضيا, أن يسعى بشكل رئيسي للجمال حسابياً.

وكثيرون آخرون من العلماء نلتمس بأستمرار صفة الجمال من
حديثهم العلمي عن الطبيعة وقوانينها, دائما يتحدثون عن أناقة أو
بسااطة القانون, أي هناك شيءٌ جميل خلفه, وهذا ما يدفعنا للخطأ والركود
حسب توضيح العالمة زابينا, ألتي ترى بأن العلم يشرح الظواهر كما هي
فقط لا يفهم الجمال ولا القباحة, لا الصعوبة ولا السهولة. ولهذا...حسب قول
العالمة أيضا...نجد بأن جميع تلك التنبؤات خطأ
Supersymmetry
خطأ
الثقوب السوداء الميكروسكوبية...خطأ
الأتصال بأبعاد مكانية أخرى...خطأ
وغيرها من التنبؤات العديدة جداً

ماذا يحدث أيضا حين نقوم بأدخال صفة الجمال والقباحة في العلم؟
هذه الفكرة تؤدي الى تقليص المجال في البحوثات وزيادة البطالة في
طبقة العلماء والباحثين أو على الأقل أضطرارهم بألانشغال في الاعمال الروتينية فقط...كيف؟
مثلا في الجامعات أو المؤسسات الباحثة في العلم تجد علماء في مناصب
عالية يحملون فكرة...الجمال في العلم...وعلى غرار ذلك تكون أيضا مواضيع
البحث ألتي يضعوها كمشروع...أي مواضيع تحمل صفة جميلة في رأيهم...حتى
وأن كان ذلك دون أن يشعروا....ولذلك تجد فترة البحث دائماً محدودة ولا يأتي تمديداً للعقد بعد المشروع.

ولكن ما سبب فكرة وجود الجمال في العلم؟
الجواب صادم بعض الشيء...السبب للأسف هو ثقافة التقديس وبقايا التربية الدينية في
أعماقنا.....الكثير من البشر وحتى العلماء منهم لا ينظرون للعلم بشكل مجرد, يشرح
الظواهر كما هي فقط, بل من منطلق...العلم مقدس أذاً هو جميل أو العكس, لذا تجد
صفات وتعابير كثيرة للعلم يستخدمها البشر يوميا....مثلا...العلم جميل...العلم يتطور...العلم يخطأ...في
الحقيقة لا يوجد جمال في العلم ولا قباحة, والعلم لا يخطأ ولا يتطور....نحن من
يضع تلك التعابير والصفات, ومعرفتنا نحن هي التي تتطور, ومقاييس جمالنا نحن
التي نضعها في العلم, بينما العلم والقوانين موجودة قبل مقاييس الجمال عندنا بل
وقبل نشوءنا بمليارات السنين, ولا أعلم كم ستحتاج البشرية للقضاء على آخر شائبة دينية.

تحياتي ومودتي

تولام

#تولام_سيرف (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات