أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - الدير عبد الرزاق - مؤسسة الأسرة و سؤال الحجر الصحي















المزيد.....

مؤسسة الأسرة و سؤال الحجر الصحي


الدير عبد الرزاق

الحوار المتمدن-العدد: 6569 - 2020 / 5 / 20 - 10:05
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


أعاد الحجر الصحي ـ الذي طبقته الدولة كإجراء احترازي لمواجهة جائحة فيروس كوفيد 19 المستجد ـ ، الأفراد إلى مؤسسة الأسرة، مما طرح عدة إشكالات و أسئلة خلقت جدلا كبيرا ، عبر عنه المجتمع بطرق متعددة، و سنحاول من خلال هذه المقالة تسليط الضوء على معاناة الأسرة مع الحجر الصحي.
في مرحلة ما قبل الحجر الصحي كانت الأسر مفككة في بنيتها الاجتماعية ، و وجدت صعوبة بالغة في تدبير الحجر الصحي الذي جاء بشكل فجائي، و سنحاول تفكيك هذه العلاقة بعد تحديد مفهوم الأسرة و أنواعها و وظائفها :
1/ مفهوم الأسرة : هناك اختلافات متعددة في تحديد مفهوم الأسرة، و سنحاول إدراج بعض التحديدات :
أ ـ من الناحية السيكولوجية : ينظر للأسرة على أنها علاقة بين رجل و امرأة تبدأ بالزواج، و فيها واجبات و حقوق ، و منها تنشئة الأطفال تنشئة صحيحة و توفير الحاجيات المادية و المعنوية.
ب ـ من الناحية الوظيفية : هناك معايير لتسمية الأسرة أسرة، و يمكن إجمالها فيما يلي :
ـ مشاركة جميع أفراد الأسرة في الموارد المادية.
ـ تقديم الرعاية الأسرية و العاطفية.
ـ تحديد الهوية لجميع أفراد الأسرة بشكل قانوني.
ـ حماية الأطفال و رعايتهم إلى أن يصبحوا قادرين على العيش بشكل إيجابي في المجتمع.
ج / هناك تعريفات للأسرة من المهتمين بهذا المجال ، و على سبيل المثال و ليس الحصر، نجد تعريف بوجاردوس ، الذي يعرف الأسرة على أنها عبارة عن روابط عاطفية تجمع بين الوالدين وأطفالهما وهم جميعاً يعيشون في منزل واحد، أما الوظيفة الأساسية لها فتكون تربية الأطفال ليكونوا فاعلين بشكلٍ إيجابي في مجتمعاتهم.
و كذلك هناك تعريف وستر مارك الذي يرى أنّ الأسرة تتمثل في مجموعة من الأفراد يرتبطون معاً بروابط مادية ومعنوية ليُشكِّلوا أصغر وحدة اجتماعية في المجتمع.
إلى جانب تعريف ماكيفر الذي يرى أنّ الأسرة عبارة عن الروابط المعنويّة التي تربط كلاً من الوالدين مع أطفالهما والأقارب، وأنّها تبدأ بالعلاقات الغريزيّة بين الأب والأم.
و هناك تعريفات كثيرة جدا، و الذي يهمنا تقريب المفهوم بالدرجة الأولى، لمعالجة الإشكال.
2/ أنواع الأسر :
أ/ الأسر النووية و هي الأسر المتكونة من الأب والأم وأطفالهما.
ب/ الأسرة ذات ولّي أمر واحد، تتكون من أحد الوالدين مع الأطفال إما نتيجة الطلاق أو الموت ...
ت/ الأسرة المُمتدَّة و التي تتكوّن من الوالدين والأطفال إضافةً لأفرادٍ آخرين مثل الأجداد أو الأعمام أو الخالات...
ث/ الأسرة الخالية من الأطفال و التي تتكون من الأب والأم فقط بسب المرض أو بسبب اختيارات حياتية.
ج/ الأسرة البديلة و هي الأسرة المتكونة بعد حدوث طلاق بين الزوجين وزواج أحدهما من جديد وتأسيسه أسرة جديدة تتكوّن من الزوج وأطفاله وزوجة جديدة، أو من الزوجة وأطفالها مع زوج جديد.
د/ أسرة الأجداد و التي تتكون من الأجداد وأحفادهم، إذ يضطر الأحفاد للعيش مع أجدادهم بسبب وفاة الوالدين، أو هجرتهما.
بعد تحديد أنواع الأسر ، سنحدد وظائف الأسر و التي يمكن إجمالها في الوظائف التالية :
ـ الوظيفة البيولوجيّة ، الوظيفة الاجتماعيّة، الوظيفة الاقتصاديّة، الوظيفة الحضاريّة، الوظيفة العاطفيّة، الوظيفة النفسيّة، وظيفة المَكَانة، وظيفة الحماية، الوظيفة الدينيّة، الوظيفة الترفيهيّة، الوظيفة الإحصائيّة.
بعد هذا التحديد المفاهيمي و لو بشكل تعسفي سنحاول مقاربة إشكالية مؤسسة الأسرة و الحجر الصحي في إطار مجموعة من التصورات و المقاربات، و لعل أول سؤال يتبادر إلى الذهن ، ماذا حدث؟
الجواب يحملنا إلى اعتبار أن الحجر الصحي خلق إشكالا عميقا حول الحريات الفردية و الجماعية عندما دخل الجميع إلى البيوت، فأصبح الدخول يعني بالضرورة الاضطرار و الإكراه ، و نحن نعلم أن الطبيعة الإنسانية تميل إلى تمثل و تجسيد الحرية سلوكا و ممارسة، فهل هذه الطبيعة خضعت بشكل واع إلى الحجر الصحي الذي يعني السلب؟ أما أنها صامدة و تقاوم داخليا عوامل خارجية؟ ...
قبل تطبيق الحجر الصحي كانت الأسرة مفككة تعيش وضعا بنيويا خطيرا ، حيث نجد رب الأسرة إما مرتبطا بشكل كبير مع العمل و البحث عن الارتقاء الاجتماعي و توفير أقصى الطموحات المالية و الاجتماعية ، أو مرتبط بالمقاهي و الهاتف، و نفس الشيء بالنسبة للأم إما مرتبطة بالعمل الخارجي أو تمظهرات الحداثة منها الهاتف، باختصار ارتباط شبه كلي بالعالم الخارجي.
أما الأطفال فشبه غائبين عن الأسرة و فضاءاتها، اللهم وجبات الأكل و النوم، فأغلب الوقت يتوزع بين المدرسة و الدروس و اللعب الذي أصبح يتخذ مسافة مع إبداع و ملكات الأطفال.
ما يفرق الأسرة في تمظهرات عديدة هو نفسه الخيط الرابط في علاقات هذه الأسرة، حيث نجد الأسرة الواحدة، الأب منغمس في الهاتف في وسائل التواصل الاجتماعي، و كذلك الأم، و الأبناء الكبار و الأعمام أو الأخوال، أما الأطفال منغمسون في الألعاب الإلكترونية، لكن ماذا حدث؟...
بعد تطبيق الحجر الصحي، عاد الأفراد إلى مؤسسات الأسرة، و كأننا لأول مرة نتعرف على أسرنا و أبنائنا و أبائنا، فتغيرت المعطيات، و خلقت عدة أزمات، فأصبح الأطفال يشكلون بؤرة للإزعاج في وقت الإباء غير مؤهلين للتعامل مع هذه الظرفية، فوجد الآباء أنفسهم ملزمين بتحمل مسؤوليات داخل البيت ، فأصبحوا يقومون بدور مدير المدرسة و الحارس العام، و مدير السجن و التوجيه و التخطيط التربوي، إلى جانب الإشراف اليومي على برامج يجب أن يضعها الإباء، لكن في غياب فضاءات للعب و التنوع ، سقط الإباء في الروتين ، فاضطروا أحيانا لاستعمال العنف المادي و المعنوي، إما بين الأزواج أو بين الأبناء أو بين الآباء و الأبناء...
مشكلة الحجر الصحي هو في تدبير الزمن و تدبير المكان و تدبير الفضاء برمزيته، فالإشكال الحقيقي أن البيت الأسري قبل كورونا كان فارغا من الداخل، و عند مجيء كورونا أصبح مملوء عن آخره، فما الحل؟.
لا يمكن أن نقترح حلا في غياب وعي بالأسرة كمؤسسة اجتماعية متكاملة الأركان، و هي المنطلق و المنتهى، و هي دعوة صريحة من أجل أن نعيد الارتباط بأسرنا، و الوعي التام بأن الفضاءات الخارجية هي تكميلية و ليست أساسية، و أن تواجد أفراد الأسر فيما بينها لأكبر وقت ممكن هو الذي يعطي للأسرة حميميتها و وجودها الرمزي و المادي، فبمقدور الأسرة تحقيق الاكتفاء الذاتي على المستوى العاطفي و العقلي و المادي، إن حاولنا تقريب المسافات بين الأفراد و خلق المشترك داخل المنزل الواحد، فمن غير المعقول أن يرتبط الأفراد بشبكات التواصل على الانترنيت أكثر من شبكات التواصل الأسري و العائلي.
تراجيديا الحجر الصحي، هو درس للأفراد من أجل أن يعودوا إلى مؤسسة الأسرة بعد سنوات من الغياب القيمي، و التيه التقني، و الاستلاب الرقمي.



#الدير_عبد_الرزاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع القانون رقم 22.20 أو عندما جنت براقش على أهلها
- الحراك العربي بين وهم الجماهير و واقع المؤسسات
- ا-الفرقاء- تفرقوا و تركوا التلاميذ يديرون عقارب الساعة !
- المقدس و المدنس -رؤية مغايرة-
- على هامش التحالفات: فصل الخطاب عن سياسة كلها أعطاب
- ايبولا النقابة
- الطفلة -مريم- معنى مغايرا للموت
- أنين الذكرى
- سجلي اسمك -غزة-
- -بَنْكُ يَرَان- عفا الله عما سلف يناديكم: الوصايا الخمس لتكو ...
- شطحات سياسية (2):رفقا بتاريخ اتحاد كُتِبَ بدماء شهداء هذا ال ...
- شطحات سياسية: أبواق مستعارة
- خروج عن مألوف الأشياء في حضارة -الإنسان عبد و الشيء سيد-
- سؤال قضايا المرأة بين التصحيح و التجريح
- وفاء لذاكرة حبلى بداء -عمر-...*
- مأساة حقوق الإنسان في دواليب الاستهجان!!!
- القبلة الموقوتة
- هل سقطت .... أم أسقطوها؟ ........ قصة قصيرة
- على هامش أغنية الرحيل
- السينما المغربية و سؤال الفن


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - الدير عبد الرزاق - مؤسسة الأسرة و سؤال الحجر الصحي