أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - الدير عبد الرزاق - ايبولا النقابة















المزيد.....

ايبولا النقابة


الدير عبد الرزاق

الحوار المتمدن-العدد: 4651 - 2014 / 12 / 3 - 19:13
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


منذ البدء خيوط أفق الفعل النقابي بالمغرب تنصهر فوق مآسي الطبقة الشغيلة ، منسية في رفوف الدمع، مدفونة تحت ركام واقع يسير فوق نار مستعرة لبر لا استقرار ، و فعل نقابي ينشد "رباعيات الهشاشة الاجتماعية" في عمقه يقتل الحاضر بأمنيات لم تلح غيماتها بعد في سماء "الاستقرار المعيشي" الذي يحتاج "عدالة اجتماعية" و تغطيه الحكومة بمفاهيم عصية الفهم على عشاق منقبي المفاهيم الملتبسة، و أيادي جف ماؤها في انتظار "تنمية فعل نقابي" غارق في مغازلة الفعل السياسي حيث يقيم معه جِماعا سياسيا تحت و فوق سرير خيانة مصائر الكادحات و الكادحين حيث سينجب غدا قبائلا من المآسي، و ينتعش البعض بتقمص شخصية المخرج و البعض شخصية المهرج و البعض شخصية المتفرج، و البعض في برج عال يجثث و يجرح و يشرح واقعا على غير مقاس جراح اجتماعية تتوسع بفعل عوامل التعرية الحكومية.

مصير مجهول للمستقبل حيث الروح بدون روح و الحياة بدون حياة، مخطئ من يعتقد أن الحق في الحياة يعني فقط أن يكون الإنسان كائنا بيولوجيا فحسب، بل الحق في الحياة أكثر بكثير من تصورات تختزل الإنسان في ورقة ترتجف بين أصابع أضناها الشوق إلى مستقبل تحاصره أجوبة ميتافيزيقية، فنجد الواقع متعدد بتعدد الآهات، و عندما نقف مع الذات في فطرتها الأولى في وقفة تأمل نجد أن الماضي النقابي عنوانه العذاب، و الحاضر النقابي أرقام و حساب، و المستقبل إنصاف و عقاب.

ذاكرة فعل نقابي تجيء في ذيل كل سراب و ريح معفنة صادرت أحلام و تاريخ و هوية أكف مشدوهة للمعيش و اليومي بكل ما حوا من ألم بتعدد مشاربها و أنهارها، سرقت أفق عيون مرهقة تحلم في كنف أظافر مستقبل يضمن حياة ما بعد الموت الرمزي ، الآن ذات الفعل النقابي تنعي أفولها، منخورة في عمقها لم تسلم من ثلج موت بارد تزفه حكومة تخوض حربا شرسة ضد الشعب، تذوب فيه الطبقة الكادحة رغم الحرارة التي ترتدي نار " الأسعار" و الحنين إلى صدر ترابي يختزن صورة الوطن، و دفئ الوطن، وطن على مقاس أبناء هذا الشعب الذين يمنحونه عرقهم و دماءهم و شبابهم، وطن يختزن جميع ملامح طبقة أهلتها الطبيعة لتصنف "كادحة".

تنحني للانتظار، و تغني بحناجر مهشمة أغنية " دوام الحال من المحال"، تصبو بنشوة التغيير أن تترك حقائب جراحها خلف ظهورها، لكن البعض يأبى على نفسه إلا أن يحملها قنابل مسيلة للدموع و العرق و الدم.

حكومة تحمل حقائب إعدام للطبقة المتوسطة و الكادحة، و شعب يحمل حقائب من هواء قيل له أنها ستصير يوما نجوما، لكنها تتلاشى كلما لسعت حكومة بدون هوية لا سياسية و لا اقتصادية تجتمع فيها ألوان الطيف لتوقع على مآسينا الثلاثية، حربائية التكوين تتلون بلون المواقف المتحولة التي تسير فوقها.

السؤال بدعة في دواليب حكومة لا تعتقد شيئا في طقوس المعارضة، إن هو حاول أن يزيل الغبار عن أفواه الأموات حتى تتكلم، بدعة إن حاول تشريح الضمائر الغائبة في سياسات لا عمومية في واقع يختزل جميع ألوانه في اللون الأسود، لكن يصر السؤال على أن يظل سؤالا مقلقا و مزعجا و مستفزا و متوترا، ينطلق من حيث هو سؤال نحو أجوبة الواقع لتحاول خفافيش الظلام إخفاء وقعه و تأثيره.

ضبابية و غمام يعم مشهدا سياسيا و نقابيا اختلط فيه الفاعل بالمفعول به و بنيت الجملة الاجتماعية للمجهول و أصبح نائب الفاعل ينوب على الفاعل بحمل صفاته "السلطوية" بعدما كان مفعولا به، و اختلطت على الشعب قواعد لعبة لم يعد يعرف منها سوى حروف الزيادة المجتمعة في " زيد يا بن كيران ما بقى لينا أمان".

بين أزقة واقعنا الاجتماعي المنخور ينبعث صراخ التفقير من لا شيء إلى لا شيء، لا يدري العامل البسيط أكان هناك أم لا، لكن ما يذكره أنه كان سابحا بعد هدوء العاصفة إلى جزيرة الأمان و لم يعرف لها لا اسما و لا رسما، كان غارقا في أوهام " القطيعة مع الفساد"، جاريا إلى أضواء " مدينة العم تران"، يمشي حينا و يهرول حينا، حتى وصل إلى حيث ليس هو، يطلب جواز سفر واقع يحفظ كرامته و يضمن عيشا كريما، لكن حصل على ورقة الوأد الاجتماعي للشيخ و الشاب و المرأة و الولد في مقبرة حكومة حجبت كل الأوراق و أغرقت الأسواق بالشقاق و السحاق الاجتماعي، فقرر الشعب أن يعود لأزقة الحي حيث الإيمان بالمعجزات يتجاوز إيمان الرسل،في زمن تحاول فيه حكومة " ما بيع ما شاري ما كاري ما عندو دراري" تكذيب الواقع بأرقام استعصى على علماء الرياضيات حسابها و مطابقتها المادية مع الواقع.

واقع بمقاسات متعددة ينفتح على لحظة مفصلية في عمق التاريخ النقابي المغربي المعاصر من خلال محطة الإضراب الوطني الذي دعت إليه المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية بعد انقطاع حبل "الحوار" بين الحكومة و النقابة في وقت انتفت فيه أدواة التواصل التي لا تجيدها حكومة فيها رصيد الحزب الحاكم النضالي مختزل في "الحلقيات" و في " الجلسات الدعوية" فماذا ننتظر غير التنزيل و لغة التجليل.

ما يحز في النفس أن نجد "نقابة" موالية على طريقة الزوايا للحزب الحاكم ترفض الانخراط في الإضراب الوطني الذي دعت إليه المركزيات النقابية، هو إضراب مشروع يعبر عن إرادة نقابية للفعل الاجتماعي الذي مكانته الطبيعية فوق أي اعتبار سياسي بحكم طبيعته المطلبية الاجتماعية ، هذا يجعلنا نعيد النظر في البنية النقابية استجابة لضرورة ملحة لسؤال الديمقراطية المغيبة قسرا عن الفعل و الممارسة النقابية،و التي أصبحت حلقة مفرغة تدور في الهوامش المظلمة للاديمقراطية التي تسود تسييرها و تنظيمها، و يحيد الفعل النقابي عن جوهره و ماهيته المطلبية الاجتماعية، نحو شوارع السياسة بحثا عن التموقع و " الإرتزاق النقابي"، فاختلط النقابي بالسياسي مفهوما و ممارسة، و أصبحت النقابة قناعا مشفرا يلبسه السياسي، و الواقع النقابي بكل إشكالاته النضالية و المطلبية يقف على مشارف الفساد و الانتهازية التي تسطر أعمق التجذرات في الجسم النقابي، والجراح فتحها ضنك العيش و توسعت بفعل خذلان الزمن و خيبة الانتظار، و السير بشكل أفقي نحو المجهول سواء على المستوى التنظيمي أو على المستوى التشريعي، حتى فقدت النقابة الفعل المجتمعي الذي يؤسس لعلاقة مطلبية اجتماعية لصالح قوالب سياسية يُسْكَبُ فيها الفعل النقابي.

فإذا كانت اليوم "نقابة" تنتصر للفعل السياسي على حساب الفعل النقابي فإنه منعرج خطير في تاريخ النقابة ليس وطنيا فحسب و لكن عالميا، فمن غير المعقول أن تصطف "نقابة" تدعي دفاعها على العامل في صف "حزب" سياسي يقود الحكومة، كأننا أمام مجرم هو نفسه الضحية، فهل سنحاكم المجرم أم الضحية و في كلتا الحالتين الشخص نفسه ؟

و السؤال الشقي الأكثر إحراجا: هل بإمكان جهاز نقابي موالي للحكومة أن يدافع عن منخرطيه ضد الحكومة؟ و بأي وجه سيواجه الحكومة؟ أكيد سيكون موقف واحد ثابت و هو الإضراب عن الإضراب الوطني الذي دعت إليه المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية!!!

هذا الجو النقابي الذي لا يشرف النضالات النقابية التي خاضتها الطبقة الشغيلة لعقود من الزمن و راكمت رصيدا نقابيا جد مهم تحاول الحكومة اليوم و معها بعض من الجسم النقابي مصادرته و نسفه و إعدامه، فالنقابة ماهيتها مطلبية اجتماعية بعيدة كل البعد عن الممارسة السياسية و إن كانت تتقاطع معها في تحقيق المطالب لا غير، و الضغط على السياسي لتحقيق مطالب اجتماعية و ليس العكس.

ما كنا نخاف منه لمسناه و رأيناه بأم أعيننا و هو أن تكون "نقابة" موالية للحزب الحاكم، فتسقط في موقف محرج بين الدخول للصف النقابي أو الخروج للصف السياسي، و كلاهما موقفين محرجين، في الأول تكون ضد الحكومة الموالية لها، و في الثاني تكون ضد نفسها، هذا الموقف الأخير اختارته "نقابة"، علما أنها لو اصطفت في الصف النقابي رغم كل المبررات و الحسابات سيكون على الأقل انتصار للفعل النقابي و دفعة في اتجاه ترشيد و تعقيل الحكومة، لكن بموقفها الذي سيسجله التاريخ عليها تكون قد انتصرت للسياسي من عمق النقابي.

خلاصة القول في جسمنا النقابي و السياسي "ايبولا النقابة"، بعد 21 يوما ستظهر أعراضها في خبر سار سيذاع في "قفة الخضر"، و لمن يتسلى بجمع الأرقام هذه الحكمة من عمق اللقمة : " الخبز ثورة نأكلها كل يوم".



#الدير_عبد_الرزاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطفلة -مريم- معنى مغايرا للموت
- أنين الذكرى
- سجلي اسمك -غزة-
- -بَنْكُ يَرَان- عفا الله عما سلف يناديكم: الوصايا الخمس لتكو ...
- شطحات سياسية (2):رفقا بتاريخ اتحاد كُتِبَ بدماء شهداء هذا ال ...
- شطحات سياسية: أبواق مستعارة
- خروج عن مألوف الأشياء في حضارة -الإنسان عبد و الشيء سيد-
- سؤال قضايا المرأة بين التصحيح و التجريح
- وفاء لذاكرة حبلى بداء -عمر-...*
- مأساة حقوق الإنسان في دواليب الاستهجان!!!
- القبلة الموقوتة
- هل سقطت .... أم أسقطوها؟ ........ قصة قصيرة
- على هامش أغنية الرحيل
- السينما المغربية و سؤال الفن
- قراءة في تجربة حزب العدالة و التنمية في الممارسة السياسية في ...
- غول سياسي في مواسم -الدعارة- السياسية


المزيد.....




- موعد صرف رواتب المتقاعدين وكيفية الاستعلام عن رواتب التقاعد ...
- ” استعلم عن موعد الصرف واستفيد من الزيادة” الاستعلام عن روات ...
- “متاح الان” موقع التسجيل في منحة البطالة الكترونيا 2024 بالج ...
- بُشرى سارة للجميع زيادة رواتب الموظفين في العراق! 2.400.000 ...
- “عاجل بشرى سارة اتحدد أخيرا” موعد صرف رواتب المتقاعدين في ا ...
- مد سن المعاش لـ 65 لجميع موظفين الدولة بالقطاع الحكومي والخا ...
- زيادة الأجور تتصدر مطالب المغاربة قبيل عيد العمّال والنقابات ...
- حماس تدعو عمال العالم لأسبوع تضامن مع الشعب الفلسطيني
- “وزارة المالية 100 ألف دينار مصرف الرافدين“ موعد صرف رواتب ا ...
- جددها الان من هنا.. اليكم رابط تجديد منحة البطالة في الجزائر ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - الدير عبد الرزاق - ايبولا النقابة